Wednesday, July 29, 2020

“زودة للجيش” في يوبيله الماسيّ؟

“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح

في “يوبيله الماسي” وبدل تكريمه والاحتفاء به، تريد الدولة تحويل الجيش اللبناني إلى مؤسسة أشبه بـ”دار عجزة”، جيش على هواها يشبه حالتها المتداعية من غير ان تقوى على تطوير ذاتها، بل ولم يكفِه طغيان الدولة بكافة فروعها، وانعدام الرؤى لديها لناحية تحديثه ومدّه بوسائل القوة، حتى أتته جائحة “كورونا” لتنغّصَ عليه عيشته وتفرض عليه نمطها.

منذ أكثر من عام وهيكلية الجيش مهددة بأزمات صريحة بفعل القرار الصادر عن الدولة عام ٢٠١٨ القاضي بوقف التوظيف ومن ضمنه التطوع في الاسلاك العسكرية. لم يعد سراً أن قيادة الجيش تشعر بمرارة القرار، وقد عملت على محاولة فتح قنوات إتصال عدّة وفي مختلف الجهات وفي أكثر من مناسبة من أجل إبعاد شبح القرار عنها، شأنها بذلك شأن قوى الأمن الداخلي التي ما برحَ مديرها اللواء عماد عثمان يشكو حال “صف العسكر” لديه مطالباً بفتح باب التطوع وإستثناء العسكر والأمن من قرارات منع التوظيف، لكن الجواب يأتي دوماً بـ”لا قدرة للدولة على التحمل”.

العسكريون في سرّهم كما قيادتهم على الأرجح، ممتعضون غاضبون، لسان حالهم يقول: “نعمل باللحم الحي، أخذوا اللحم ومعه العظم وما تركوا لنا شيئًا”.

المفارقة، ان الجيش اللبناني وخلفه قوى الأمن وسائر القطع المماثلة، وكأنه مفروض عليهم أن يتحملوا بلاء الدولة وإبتلائها، بسياساتها ومهاتراتها، بينما هي غير مستعدة ولو لمرة واحدة لحمل وزر المسؤولية. تترك المؤسسة العسكرية في حالها وحيدةً تواجه أعباء ما يترتب عن قرارات الدولة وأتعاب الحياة.

والجيش كاظم الغيظ، لم يكفِ أنه “منزوع القدرة” على تجديد الدم في عروقه، حتى نالت من رواتبه لعنة الصرف والصرف المضاد، لينهش “سوس الدولار”ما بقيَ له من رمق، كأننا برواتبه تقطعها سكاكين الصرافين وفلتان السوق، بالكاد تكفي حاجات جنود وضعوا دمائهم على أكفهم ولم تضع لهم الدولة قرشاً زيادة على أكتافهم بل زادتهم أعباءً.

انتظر العسكريون مبادرة من الدولة في عيدهم، يشعرون من خلالها أنهم على رأس لوائح الاتهام. دغدغة مشاعرهم أنباء عن “زودة دعم” على المعاشات قيل إنها عبارة عن ٤٠٠ ألف ليرة، حتى لهجت الالسنة بذكرها. صحيح أن المبلغ المذكور خجول قياساً مع حاجاتهم، لكن وفي اوقات كهذه، تكاد “بحصة أن تسند خابية”. وعلى الرغم من ان استطلاع اجواء المؤسسة يؤكد ان ما ينشر ما هو إلا شائعات نتثر في الهواء لتزيد من الم العسكريين الماً واحباطاً، تشير معلومات خاصة بـ”ليبانون ديبايت”، أن معنيين بشؤون المؤسسات العسكرية، يتداولون منذ فترة باقتراح “معجل” يرفع إلى مجلس الوزراء، عبارة عن منح زيادات استثنائية لأفراد الجيش اللبناني ومختلف أجهزة الأمن، على سبيل الدعم. والصيغة المقترحة، تأخذ في طبيعة الحال المهام الملقاة على عاتق الجيش والآخرين، والحالة الاستثنائية التي تشهدها البلاد، على ان لا يجري إدخال “الزودة” في أصل الراتب، بل أن توقّع قرارات صرفها شهرياً بقرار من مجلس الوزراء والوزراء المعنيين حتى يقضي الله امراً كان مفعولاً.

وبينما يحتشد المدافعون عن العسكر خلف القرار وسط تكوين “لوبي” صريح لدعمه، تأتي جائحة كورونا لتسلب الفرح من عيون العسكر، وتفرض وقعها على البلاد، وتدفع القائمين على الاحتفال الى الغائه وإخلاء الساحة أمام إحتفالات خاصة متروكة لتقدير الضباط المتخرجين، الذين استثنوا من قرارات منع التوظيف بقدرة حاجة المؤسسة، وحفاظاً على سلمها الاعلى.

هؤلاء الذين انهوا تدريباتهم منذ مدة، كان لهم ترتيباتهم الخاصة للعيد بين الأهل والزملاء، ترتيبات استثنائية تتصل بذكرى استثنائية. صحيح أن جائحة كورونا فرضت على المؤسسة “ترشيد الحضور” الذي بلغ قبل قرار الإلغاء نحو ٦٠٠ شخص مقارنة مع أكثر من ١٢٠٠ كان يدعى الى احتفالات مماثلة، اي بالسماح لكل ضابط بدعوة شخصين إلى جانب تكفل المؤسسة بدعوة “الصف الأول” على المستوى السياسي، لكن الصحيح أكثر أن الضباط المتخرجين تميزوا هذا العام بتزامن دورتهم مع إحتفالات الجيش بـ”اليوبيل الماسي”، فنالوا شرف حمل الاسم والجهة، ويكاد ذلك يعوضهم عما سلف.

وفق معلومات “ليبانون ديبايت”، بلغ عدد الضباط المتخرجين هذا العام ١٧٨ ضابطاً سيتوزعون على الشكل التالي:

– ١١٤ الجيش اللبناني
– ٤٣ قوى الأمن الداخلي
– ١٣ مديرية عامة للأمن العام
– ٤ مديرية الجمارك
– ٤ المديرية العامة لأمن الدولة

والجيش، الذي يعلم ما ينتظره في “يوبيله الماسي”، يكاد يكون هذا العام أصعب من سابقاته، نظراً لازدحام ليس المخاطر فحسب، بل الاختبارات على صعيد الوطن ككل، الرازح تحت أزمة لم يشهدها منذ ١٠٠ عام، يزيد من إصراره “يوبيله” على صون السلم الأهلي ولو كلفه ذلك دفع الأثمان من جيبه الخاص.



from وكالة نيوز https://ift.tt/33l93Ef
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل