
“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح
“المضبطة الاتهامية” التي أذاعها رئيس الحكومة حسان دياب على مسمع “الكتيبة الوزارية” في جلسة الثلاثاء، “فضفاضة”. صحيح أنه ذكر أمامهم معطيات حول وجود مسؤول سياسي وآخر حزبي يتوليان أعمال الوشاية بحق الحكومة ورئيسها لدى دول إقليمية، لكن الصحيح أيضاً أن هناك ثلة من الأشخاص الآخرين من فصيلة مسؤولين وموظفين ضالعين في الملف ذاته.
والقضاء الذي يقع على عاتقه واجب التحرّك واعتبار ما ورد في مطالعة رئيس الحكومة في مستهل جلسة رسمية بمحضر مفتوح بمثابة إخبار، نام في سباتٍ عميق شأنه شأن مختلف “الأعيرة السياسية” التي انطلقت تقصف “مضبطة دياب” بوصفها “اتهامات فارغة” في محاولةٍ منها لتفريغ الاتهام الأصلي من مضمونه. وها هي ٢٤ ساعة كاملة مرّت، فلا من سميع ولا من مجيب. أحيلت القضية على سجن النسيان، أما النفوذ السياسي فتكفل بجعل المجرمين ضحايا، موقّعاً قرارات إخلاء سبيلهم قبل التوقيف كما هي العادة، شأن ذلك شأن ما يدور من هنا وهناك.
وحسان دياب، “كاظم الغيظ” عن قضايا أكبر وأكثر ألماً، لم يعد محباً للصمت بعد ما رآه من طعونٍ تكاد توازي في ظرف حساس كالذي نعيشه الخيانة العظمى، متخذاً قرار البدء بالهجوم، ولو أنه هذه المرة قد قرر تمرير الاشارة بأقل خسائر ممكنة، لكن لا شيء يضمن الا يقدم في المرة المقبلة على ما هو اسوأ من ذلك.
وزيارة اللواء عباس إبراهيم إلى الكويت تشهد على اسلوب الغدر ذاته، تكاد تعطي صورة عن نهج التخريب المتبع من قبل البعض. وصورة الحرتقة “محلية الصنع” التي طالت السنتها حسان دياب لم تستقل عن ملازمة عباس إبراهيم في زيارته، او ربما سبقته إلى الكويت، التي لم تأتِ نتائجها على قدر ما رسم لها في بيروت اعلامياً، بشهادة مصادر سياسية مواكبة أسفت في حديث لـ”ليبانون ديبايت” أن تتحول الزيارة إلى “مادة خلاف بين المستويات السياسية”، بين من يقول بفشلها وتسبّبها بإستياء “أميري كويتي” لكون الموفد وعلى أهميته يُعد من الطينة الأمنية لا السياسية الوزارية التي يجب ان تكون وسيلة التخاطب المعتمدة بين رجالات الدول، ما أدى إلى عدم توفير لقاء مع أمير البلاد، وبين من رأى أنها زيارة فيها الكثير من النجاح بدليل حصول إبراهيم على وعود “نفطية” على شكل تمديد عقود النفط المبرمة بين البلدين والتي تستحق نهاية العام الجاري مع اتاحة بند إضافي يوفر تسهيلات بالدفع لا تلزم لبنان لا بفوائد ولا بعقوبات.
لكن ذلك كله لم يحجب أهمية كلام دياب “الاتهامي” سياسياً ولو شاء البعض أن يلقي ظلالاً من الشك حوله، ولو ان دياب نفسه تجنب الخوض في التسميات، ليس لشيء سوى لحث “المستهدفين” في كلامه عن الاستقالة من تأدية أدوار التفرقة.
واتهامات دياب وفي حالة التدقيق بها، ليست من النوع الصعب اكتشافه أو أنها احجية يصعبُ تفكيكها، والاشخاص الذين استهدفهم بكلامه مرئيون، يمارسون الحرتقة المتنوعة منذ ان حطت أقدام الرجل في السراي، كأن أحجار القصر دائمة لهم أو مطوّبة بأسمائهم.
وللمفارقة، فالمحرتقين هؤلاء، سواء في الداخل أو في محضر سفراء عرب أشقاء، هم من طينة رجال الدولة المفترضين، رؤساء حكومات سابقون، فضلوا ان يكونوا “مجلس نميمة” بدل ان يكونوا مجلس مستشارين يعاونون دياب في مهمة لا يجب ان تكون محصورة بشخصه. وعلى ذمة مصادر سياسية، كل أعضاء نادي رؤساء الحكومات المتقاعدين، تلزم أعمال الحرتقة في اتجاه. فأحدهم ويُفاخر أنه على رأس الناجحين السُنّة، تواصلَ سابقاً مع مسؤولين في سلطنة عُمان لحثهم على عدم التجاوب مع مطالب رئيس حكومة لبنان بوصفه لا يمثل “السُنّة الأقحاح” بعدما جرى انتزاع ميوله الطوائفية عنه، وثانٍ يُتهم بالتفريط في أموال الخزينة العامة واستخدامها في أغراض انتخابية، تولى حث السعودية على عدم الاستجابة لدياب أو لمطالبه، وقد بلغ الأمر به حد توسل الرياض عدم إرسال سفيرها إلى السراي، بل وضع ساكنه الجديد في قفص المقاطعة، وثالث برتبة معتقل إقليمي سابق تكفل بالجبهة الاماراتية التي لا بد ان تتقاطع في الموقف السياسي من الملف اللبناني مع جارتها السعودية، عداك عن مصر وغيرها. والادوار نفسها وزعت على الدول الخليجية الاخرى، وبدل ان تستثمر العلاقات في مد لبنان بالاوكسجين، مد حسان دياب بالمقاطعة.
وعلى قائمة أهداف دياب آخر من وزن رئيس حزب، على الأرجح وبحسب المصادر، هو رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي تقاسم الأدوار التخريبية مع رؤساء الحكومات السابقين في الوشاية بحق رئيس حكومته، ومن غير الممكن اعفاؤه سنداً إلى تجارب مماثلة سابقة غير بعيدة. وهناك آخرين من وزن موظفين، من الطائفة السنية المحسوبين في الادارة على حصن رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، الذين وبشهادة أكثر من وزير، من الاتصالات وغيرها، لا يتعاونون كما يجب مع الوزارات الوصية عليهم، وهذا الاجماع على الحرتقة من قبلهم لا يمكن ان يكون بريئاً سنداً إلى ميولهم السياسية.
مع ذلك، لا يُمكن إعفاء حسان دياب من المسؤولية عن نطق اسمائهم كما هي، ولما لا المضي بإتجاه القضاء ولو أنه صامت، في سبيل وضع البعض عند حدودهم وتعقيلهم لمصلحة لبنان.
from وكالة نيوز https://ift.tt/2WoASqQ
via IFTTT
0 comments: