
“ليبانون ديبايت” – صفاء درويش
منذ بدء الحديث عن نية الحكومة والأحزاب الفاعلة فيها البحث عن بدائل اقتصادية تخرج لبنان من أزمته الحالية، تحرّكت عدد من الدول الفاعلة والراغبة بطرح ما لديها من مشاريع استثمارية انقاذية تضخ الحياة من جديد في الإقتصاد اللبناني وتعيد التوازن نوعًا ما للعملة المحلية والتي بتغيّر سعر صرفها ضربت معظم القطاعات ما ألحق الضرر بكل شرائح المجتمع.
الصين والعراق هما الدولتان التي أعلن بالفعل عن مساعيهما مع الحكومة اللبنانية لبحث أُطر التعاون المشترك، فيما تشير المعلومات أنّ دولًا أخرى، قد لا تكون تنتمي لنفس المحور السياسي، قد طرحت تعاونًا في ذات الإطار، ما يعني أن حلولًا تتفتّح في الأفق القريب، ولو أريد لها النجاح لنجحت.
في هذا الإطار كان مستغربًا الصمت الروسي حيال كل ما يحصل، لا سيما وأن روسيا تعتبر في مقدمة وقيادة المحور المناوئ للسياسات الغربية في العالم والمنطقة، وهي عادت إلى المشهد من البوابة السورية المحاذية للبنان بعد سنوات من الغياب استعادت فيها أنفاسها بعد الحرب الباردة.
الصمت الروسي ليس وليد الصدفة، ولكن للجهاز الدبلوماسي في الخارجية الروسية أسلوبه المتمايز عن كل خارجيات العالم، وتحديدًا الدول العظمى، أكان لجهة قراءته ومقاربته للمجريات من جهة، أو من خلال شكل ردود فعله المفاجئة، وربّما الصادمة أحيانًا.
منذ 17 تشرين، لم ير الجانب الروسي في ما يحصل في بيروت أي داع للذهاب نحو تبدل في التعاطي مع المشهد اللبناني، كون قراءته لما يحصل تقول أن لا ثورة حقيقية في لبنان، بل حراك سياسي موجّه سيكون تأثيره محدودًا. منذ حينه ويتعاطى الروسي مع الأمر ببروده تامة، كعادته. عدم وقوع أي تغيير سياسي بالنسبة له يعني في الإطار نفسه أن أي تعديل في الوجهة والسياسة الإقتصادية للنظام اللبناني لن تنجح دون تغيّر جذري يحصل. هذا الأمر، وببرودة أيضًا، ينقله الضالعون بالملف الروسي إلى الحكومة اللبنانية والأفرقاء السياسيين.
هذا الجو الروسي لا يعني أن روسيا لا ترحب بالتعاون مع لبنان، ولكن أجواءها في بيروت تتململ من عدم حماس معظم الوزراء الحاليين والسابقين للتعاون معها، ولكنها في الوقت عينه لم توقف المساعي بعيدًا عن الإعلام، وعليه علم “ليبانون ديبايت” أن دعوة روسية رسمية وصلت إلى وزير الصناعة لزيارة موسكو آواخر شهر تموز الحالي بهدف بحث أطر التعاون المشترك.
الجو غير المتفائل روسيًا، مرده إلى عدم شعور الروس بجدية صينية، حيث تؤكد الأجواء لديهم أن الصيني لن يقدّم تسهيلات للدولة اللبنانية على غرار ما يشاع من أجواء، بل أن تعامله مع اللبنانيين سيكون شبيهًا لتعاونه مع الحكومة السورية والتي منذ عامين وحتّى الآن لم تلمس نتائج مبشّرة.
الكلام الروسي يتماهى مع نصائح تلقتها جهات لبنانية من عدد من المسؤولين السوريين الذين يرون أن التعاون مع الصين متعب ومكلف ودونه عقبات، فيما الروسي قد يكون في منزلة الداعم لا التاجر والمتعهّد، وهناك فرق كبير بين النموذجين.
الواقعية الروسية قد تكون محطّمة لآمال الساعين نحو تعاون مع الصين، وقد تكون صائبة ربّما وقد لا تصيب، ولكن واقع الحال يكشف أن الروسي المتمهّل ينتظر شيئًا ما ليحط رحاله على خط الحلول بشكل فعلي، إذ إن السياسة الروسية تاريخيًا تدرس كل العوامل والظروف بدقّة، ولكن دقّتها تتجلى بإختيار التوقيت المناسب. فهل تكون زيارة وزير الصناعة، إن حصلت، هي مقدمة دخول روسيا على خط الحلول الإقتصادية في لبنان؟
from وكالة نيوز https://ift.tt/3foPCgA
via IFTTT
0 comments: