
البداية بالدراجات النارية
ومع توسع رقعة الاحتجاجات المتنقلة، سارعت المتاجر الغذائية لإغلاق أبوابها، بعد تناقل أخبار عن احتمال الهجوم عليها من قبل بعد المتظاهرين، احتجاجًا على الغلاء الفاحش بالأسعار، واتهام التجار باستغلال الظروف والفوضى، لجني الأرباح الطائلة عبر تبديل الأسعار كل يوم وكل ساعة، كلما تدهورت الليرة أمام الدولار.
عند الساعة الرابعة عصرًا، اشتدت حركة الدرجات النارية في المدينة، وبدأت الدعوات لنزول الناس إلى الأرض. وبالتوازي، بدأ المحتجون بقطع مختلف الطرقات الرئيسة والفرعية، عند دوار السلام وساحة النور وجسر البالما وشارع عزمي ودوار أبو علي وباب التبانة وأمام فرع مصرف لبنان، حيث حاول محتجون اقتحامه، قبل تدخل عناصر الجيش لمنعهم عن فعل ذلك. وقام آخرون بحرق الإطارات ومستوعبات النفايات عند نقاط مختلفة، ما أدى إلى شلل حركة السير في المدينة بالكامل. ولاحقاً، حاول المحتجون اقتحام فرع المصرف المركزي، فيما رمى أحدهم قنبلة مولوتوف على المبنى.
وعمد عناصر الجيش اللبناني إلى إطلاق القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين أمام مصرف لبنان، بعدما حاولوا اقتحام المصرف واشتبكوا مع عناصر الجيش والقوى الأمنية، ما أدى إلى إصابة 8 أشخاص بجروح ورضوض عديدة. وقد عمل جهاز الطوارئ والإغاثة في الجمعية الطبية الإسلامية على إسعافهم جميعاً، ونقل 4 منهم إلى مستشفيات النيني، المظلوم والإسلامي للمعالجة.
ملاحقة 45 ناشطاً
واللافت كان بحركة الواسعة لمجموعة الناشط ربيع الزين، وأنصار “المنتدى السياسي والاقتصادي والاجتماعي” المدعوم من بهاء الحريري وحزب سبعة وآخرين من مجموعات 17 تشرين. وكان عدد كبير من المحتجين نزلوا إلى الشارع استنكارًا لمذكرة الاستدعاء التي سطرتها النيابة العامة في طرابلس بحق نحو 45 ناشطًا بتهمة إحراق المصارف وإثارة أعمال الشغب في الأحداث الأخيرة التي شهدتها طرابلس.
ليلًا، شهد جسر البالما تحركًا غاضبًا لمئات المحتجين الذين أحرقوا الإطارات ورددوا الهتافات ضد السلطة وحكومة حسان دياب والقضاء اللبناني الذي اتهموه بالفساد. خالد الديك (30 عاما)، وهو أحد “المطلوبين”، كان يشارك في تظاهرة البالما قال لـ”المدن”: “بكل وقاحة يقومون باستدعائنا للتحقيق، من دون أن ينظروا لوجعنا، بل يستمرون في سياسة القمع والاستقواء”. وكان خالد يعمل مع شقيقة في شركة جهاد العرب في قيادة الشاحنات، لكنه خسر عمله بعد أن طرده العرب من عمله مع شقيقه، وله في ذمته مليوني ليرة ولشقيقه 4 ملايين، لم يقم العرب بستديدها لهما، وفقه تصريحه. وأضاف: “هذا الفاسد أكل حقوقنا، وهو وجه من أوجه الدولة الفاسدة التي لا تتوقف عن نهبنا وتدمير مستقبلنا ومستقبل أولادنا، بينما نحن لا نطلب سوى العيش بكرامة وتأمين لقمة عيش أولادنا وطبابتهم وتعليهم”. يقاطعه متظاهر آخر بالقول غاضبًا: “لا نزال سلميين في تحركاتنا (بالحرف: “كتير سبور”)، ونتوعد السلطة وكل القيادات السياسية بالمفاجآت الكبرى في خطواتنا التصعيدية المقبلة”.
وقال المتظاهر مصطفى بارودي (40 عامًا): “أنا مع كل ثائر ينزل إلى الأرض، ومن المعيب أن يبقى أحد في منزله بعد اليوم، ولم يعد لدي ما أخسره مع أولادي، بعد أن أجبرت على إغلاق معملي الصغير نتيجة الخسائر الكبيرة التي تكبدتها بفعل تدهور الليرة والغلاء في الأسعار”.
بيان التجّار
وفي سياق متصل، أصدرت الخميس جمعية تجار طرابلس بيانا جاء فيه: “لم يعد ممكنًا لدى الزملاء التجار تحمّل أعباء الكساد الكبير والتضخم، وانهيار القدرة الشرائيّة، والإجراءات المصرفيّة الجائرة، في ظل التراكمات الكارثيّة المعروفة التي فاقمت مشاكل التجار ودفعت العديد منهم إلى الإقفال التام. ومن تبقى منهم يواجه أعنف تحديات الصمود باللحم الحيّ، ليضاف إليها اضطراباً كارثياً في السوق السوداء، أدى إلى هبوط سعر صرف العملة اللبنانيّة مقابل سعر صرف الدولار، ليلامس عتبة الستة ألاف ليرة وبوتيرة متسارعة، والتي تحمّل التاجر والمواطن المزيد من الخسائر الجسيمة على حدٍ سواء”. وتابع البيان: “تدعو جمعيّة تجار طرابلس الى إضراب عام واقفال المحال التجاريّة والمؤسّسات يوم الجمعة 12 حزيران استنكاراً لما آلت إليه الأوضاع، مناشدين كافة المعنيّين بضرورة الإنكباب على إيجاد الحلول والمعالجات الفوريّة”.
هذا، وتوازيًا مع التحركات في بيروت ومختلف المناطق اللبنانية، من المنتظر أن تشهد طرابلس اليوم الجمعة تحركات واسعة النطاق توعد بها جميع المتظاهرين، الذين أكدوا أنّ شرارة الغضب قد انطلقت بوجه السلطة ولم يعد بالامكان إخمادها.
from وكالة نيوز https://ift.tt/2AvlxwJ
via IFTTT
0 comments: