

خرجت قضية ضابط الاستخبارات السعودي السابق سعد الجبري للعلن قبل أيام، للمرة الأولى منذ نحو ثلاث سنوات، وذلك بعد تصريحات أدلى بها نجله خالد.
الطبيب خالد الجبري، الذي يقيم في كندا حيث والده، كشف أن السلطات تعتقل شقيقيه عمر (21 سنة) وسارة (20 سنة) لابتزاز والده من أجل العودة.
وبدأت حسابات سعودية موالية للحكومة بدأت أيضا بالتفاعل مع قضية الجبري، عبر الترويج لعدة اتهامات له، تدور أبرزها حول “اختلاسات مالية، وعلاقة مع قطر”.
فيما روّجت حسابات بدرجة أقل لتهم مثل دور لعبه الجبري في تضخيم وجود الإرهاب في السعودية، مستدلّين على ذلك باختفاء أي عمل إرهابي منذ عزله عن منصبه في أيلول/ سبتمبر 2015.
وقال حساب محمد الجبير أن الجبري كان شديد الارتباط بالنظام القطري ، وهو الذي اصر على انشاء مجلس التنسيق السعودي القطري بعدما ازدادت الحملات الفاضحة لسياسة قطر العبثية ضدنا ودعمها للإرهاب ، ولكن المجلس فشل بعد سنة من تحقيق التقارب الذي يطمح له الجبري لإستمرار مشروعه الممول من اليسار في الغرب والمرتبط بقطر.
واضاف:” الجبري كان اكبر اختراق لمؤسساتنا الامنية ولكن قرار المقاطعة مع قطر جعله كما جعل غيره في خطر شديد،فتعذر بالمرض والعلاج في الخارج وزار تركيا قبل ذهابه لكندا،وفي تركيا من قابل وماذا حصل وعلى ماذا خطط؟ كل هذا لا يهم الان لان المشروع برمته سقط وسقط رعاته الكبار وتفاصيله الصغيرة لا تهم”.
وتابع الجبير تغريداته قائلاً:” الذي يلاحظ اختفاء الارهاب من السعودية بسرعة منذ ٢٠١٧ تقريباً منذ ان لم يعد الخائن الجبري من خارج البلاد،وارتباط اختفاء الارهاب بالجبري كرابط اختفاء الارهاب بمقاطعة قطر تماما،فالملفين مرتبطين بل وارتباط الملفين بالاستخبارات الاجنبية ثابت والتي كانت تدير الملف لتضخيم خطر الارهابيين وبالتالي تضخيم امر مكافحة الارهاب ، وهذه فكرة ومقترح الجبري الذي اختار الخط الخسيس هذا لصناعة سمعة وهمية في باب مكافحة الارهاب والذي وسبحان الله توقف منذ ان خرج هو ومن معه من العملية الامنية ..!!!”.
صحيفة “واشنطن بوست”، في تقرير مطوّل عن الجبري، تضمن مقابلة مع نجله خالد، كشفت عن وجود دور إماراتي محتمل في القضية.
ونقلت الصحيفة عن مصادر سعودية وبريطانية، قولها إن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد كان يشكّ في دور الجبري، وعندما زار محمد بن سلمان أبو ظبي في نيسان/ أبريل 2015، تم تحذيره من أن الجبري قد يكون له علاقات سرية بجماعة الإخوان المسلمين.
تقول الصحيفة في تقريرها إنه في صيف 2015، كان الملك سلمان يقضي إجازة بالمغرب، وكان ولي عهده محمد بن نايف يتصرف كأنه ملك البلاد، وفي تلك الفترة، وتحديدا بالثاني من تموز/ يوليو من نفس العام، التقى سعد الجبري بالمدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية جون برينان في مقر الوكالة بضاحية لانغلي بواشنطن.
وبعد ذلك زار الجبري لندن، والتقى وزير الخارجية حينها فيليب هاموند، وهو ما دفع ابن سلمان للتفكير بأن الجبري كان يخطط مع ابن نايف لشيء ما.
وأوضحت الصحيفة أن الجبري ناقش في الشهر التالي تطورات الحرب على اليمن في البيت الأبيض، وكان يرافقه الأمير خالد بن سلمان (ملحق عسكري بواشنطن حينها)، وبعد ذلك التقى الجنرال بالجيش الأمريكي لويد ج. أوستن الثالث، وقادة آخرين, وبعد عودته إلى الرياض وإطلاعه القيادة على تفاصيل مباحثاته في لندن وواشنطن، لم يرق الأمر لمحمد بن سلمان، الذي أصدر قرارا بعزله في أيلول/ سبتمبر 2015، في وقت كان فيه والده الملك سلمان عائدا من زيارة إلى واشنطن.
خالد الجبري، أوضح لواشنطن بوست أن والده بقي مستشارا لمحمد بن نايف مدة عامين، وخرج من المملكة في 2017 متوجها إلى تركيا، ومنها إلى كندا. وأكد أن الرياض طلبت تسليمه بحجة وجود قضايا فساد مالي لديه، إلا أن ذلك لم يتم, ولهذا السبب يقول خالد الجبري، إن ابن سلمان يعتبر شقيقيه عمر وسارة فدية مقابل تسلّم والدهم سعد.
وكشف خالد الجبري أن ابن سلمان عرض على والده العودة لتسلم وظيفة أفضل مما كان عليه بالرياض، موضحا أن والده وافق على أن يعود في غضون أسبوعين.
وتابع بأن هذا التواصل كان قبل يومين فقط من انقلاب محمد بن سلمان على محمد بن نايف بـ21 حزيران/ يونيو 2017، وعندها رغب الجبري بجلب جميع أبنائه الثمانية إليه، إلا أن سارة وعمر تم منعهما من السفر.
وفي أيلول/ سبتمبر من نفس العام، وبعد نشر الجبري مقالا عن المواجهة مع إيران، في مركز “بيلفر” للعلوم والشؤون الدولية، راسله ابن سلمان، إلا أن المسؤول السابق كان حريصا بضرورة السماح لابنيه بالمجيء إليه، وهو ما رفضه ابن سلمان.
في السادس من آذار/ مارس الماضي، وصلت معلومات تفيد باعتقال محمد بن نايف، وعندها قال الجبري إن طفليه سيكونان التاليين، وهو ما تم بالفعل بعد ثلاثة أيام، إذ استدعيا إلى مكتب أمن الدولة، وتم استجوابهما ساعة ونصف، أبلغا من خلالهما بضرورة إقناع والدهما بالعودة.
بعد ذلك بعشرة أيام، داهم العشرات من ضباط الأمن منزل الجبري شمالي شرق الرياض، وتم اقتياد عمر وسارة إلى مكان مجهول، لغاية الآن.
يقول خالد الجبري: “نعلم أن هذا الحديث قد يأتي بنتائج سلبية، لكن ماذا نفعل عندما تبدو الولايات المتحدة صديقنا السابق غير قادرة على المساعدة؟”.
تعاطف بريطاني أمريكي
تقول واشنطن بوست، إن ضباط مخابرات سابقين في الولايات المتحدة، وبريطانيا، يشعرون الآن بخيبة أمل كبيرة، وتأنيب ضمير، لعجزهم عن مساعدة الجبري، الذي كان له الفضل الكبير في الحرب على الإرهاب فكبار مسؤولي المخابرات والتجسس في واشنطن ولندن يقولون إن الجبري قدّم مساعدات للغرب “لا تقدّر بثمن”.
مسؤول بريطاني سابق قال إنه: “من منظور أخلاقي، يجب علينا مساعدة الجبري في وقت محنته”، بحسب واشنطن بوست.
مايكل موريل، المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية في عهد أوباما، قال إن ما يحدث لأسرة الجبري أمر خاطئ، متابعا: “لقد أنقذ عمله حياة مواطنيه ومواطنينا في المملكة وخارجها”, وأضاف: “كنت أثق به وهو مؤتمن، لا أفهم كيف يتم اتهامه بالتآمر ضد بلده”.
فيما قال جورج تينيت، الذي شغل المنصب ذاته في عهدي بيل كلينتون وجورج بوش، إن الجبري كان قويّا للغاية, وأضاف أنهما عملا معا منذ 2003 لبناء منظومة أمنية سعودية لمحاربة واختراق تنظيم القاعدة في اليمن.
وبحسب مسؤولي الاستخبارات الأمريكية، فإن الجبري له الفضل في اكتشاف مؤامرة الطرود المفخخة بالعام 2010 إذ تعودد تفاصيل هذه القضية إلى العثور على طردين يحتوي كل منهما على قنبلة تتكون من 300 إلى 400 جرام من المتفجرات البلاستيكية مع جهاز تفعيل المتفجرات، وقد تم نقل القنابل على متن طائرتي شحن مختلفتين، وكشفت هذه المؤامرة من قبل عميل تابع للاستخبارات السعودية، حيث كانت وجهة الطرود المفخخة من اليمن إلى الولايات المتحدة.
رفض حرب اليمن
يقول خالد الجبري إن والده أبلغه مبكّرا ببعض المشاكل الحاصلة الآن، ومنها حرب اليمن التي كان يرفضها بشدة.
وبحسب “واشنطن بوست”، فإن “لعبة العروش Game of Thrones” مطبّقة بالفعل في السعودية، في إشارة إلى أن كل ملك يموت يذهب وراءه مجموعة من رجالاته.
وأوضحت أن سعد الجبري كان متنبّها لهذا الأمر، ورغب بالابتعاد عن المناصب بعد وفاة الملك عبد الله ووصول الملك سلمان.
مستودع أسرار
المعارض المقيم في كندا، عمر الزهراني، قال إنه يعتقد أن الجبري لديه الكثير من الملفات السرية الحساسة في حال أراد الحديث.
وقال الزهراني في فيديو، إن الجبري هو أخطر شخص موجود خارج المملكة، وهو بمثابة “حامل أسرار الدولة”.
بدوره، قال حساب “العهد الجديد”أن سعد الجبري رجل دولة، وصل إلى المنصب بجهده، فهو متعلم ومثقف، يحمل ثلاث شهادات، ودكتوراه في الذكاء الاصطناعي، بمعنى هو ليس مثل “الدشارة” مستشاري محمد بن سلمان، وليس مثل الهويريني الذي نال المنصب بقصة اخترعها، ليصل أو ليُزرع في المنصب (سوف نتكلم لاحقا عن قصة صعود الهويريني)
وأوضح أن الجبري،الجبري من قبائل حائل المعروفة، التي ليس لها احتكاك بالسلطة، ورغم ذلك هو ظل ابن نايف، استأمنه على حياته، حتى عند دخوله الحمام كان ينتظره عند الباب، ولقربه منه إضافة إلى خدمته الطويلة في وزارة الداخلية والتي تجاوزت الثلاثة عقود، نال شعبية كبيرة فيها تنافس شعبية المتزلف الهويريني.
واضاف: يمتلك سعد الجبري ملفات أمنية ومالية حساسة وخطيرة تدين الملك سلمان شخصياً وتعرّيه حينما كان ولياً للعهد، إضافة إلى أسرار وملفات عن الأسرة (سجون آل سعود، اختلاساتهم، الفساد الأخلاقي، قصص التآمر فيما بينهم، إلخ) وعرف عنه حسن السلوك، يحسب على التيار المحافظ، تربطه بـ سعد البريك علاقة نسب، وله تواصل مع رموز الصحوة، مثل سلمان العودة، عوض القرني، ناصر العمر، وغيرهم. وأحدث وجوده شيئا من التوازن، وكان يرى أن وجوده في السلطة خدمة للوطن، ومحاولة لتخفيف الأزمات والمظالم (أتحفظ بشدة على هذا الرأي).
وتابع : كان الجبري شاهداً صامتاً على انتهاكات ابن نايف المروّعة بحق البلد وابنائه، الحقوقية والإجرامية، كما كان له دور في تخفيف بعض ظلم وزارة الداخلية وتعسُفها، ويذكر أنه كان يعيش صراعاً داخلياً وتردد في تقديم استقالته أكثر من مرة!
وبوصول ابن سلمان إلى السلطة، وتعيينه ولياً لولي العهد، شعر الجبري بالقلق البالغ، وكان دائما ما يُحذّر ابن نايف منه، ولكن لضعف الأخير ومراهنته الكاملة على الأمريكان، لم يحرك ساكناً، حتى بدأت أولى خطوات شلّه بإقالة الجبري بإيعاز من أبو ظبي والهويريني.
وكشف العهد الجديد ان الجبري كان برفقة ابن نايف في رحلة قنص حينما علم بخبر إقالته، قرر بعدها الخروج من البلد، مدركاً أنه لن يسلم، إما أن يكون في صف ابن سلمان، وإما أن يكون مصيره مشابه لمصير اللواء القحطاني الذي قتل في وقت لاحق فلدى الجبري أسرار حقد عيال زايد الدفين على البلد، وفضائح تبعيتهم للنظام وتوسلهم بإبن نايف ووالده، لذلك كانوا هم وسعوديو الإمارات أول من احتفى بخبر إقالته. (منصور النقيدان أنموذجاً)
وتابع “العهد الجديد” موضحاً طريقة و خط سير خروج الجبري من المملكة قائلاً:”خرج الجبري من البلد بالتنسيق مع ابن نايف، ذهب إلى (إحدى الدول)، جلس فيها ما يقارب الشهر، وبعد الانقلاب غادر إلى أمريكا، وبسبب الضغوط من كوشنر وفريق ترامب لتسليمه، الذين فاوضوه بشكل مطول وحاولوا إقناعه بتقديم تعهدات (مشابهة للتعهدات البريطانية التي قدمت للأمير أحمد)، غادر إلى كندا.
وأضاف: شخصية ابن سلمان الحمقى والمتعجرفة لا تقبل أي شخص لا يسلك في مساره، فهو غير متصور أن هناك شخص تحداه، ولهذا فإن الملك بنفسه اتصل على ترامب وطلب تسليم الجبري، ثم اتصل لاحقا على جاستن ترودو وطلب تسليمه أيضا!
ويخشى ابن سلمان من التحركات الغربية ضده واستخدام الجبري، ليس لعودة ابن نايف فقط إنما للتخلص منه أيضا (حين يأتي وقت ذلك)، ولهذا تم تهديد الجبري في وقت سابق، بتصفيته إن مارس أي نشاط سياسي أو إعلامي.
ويخشى ابن سلمان ايضاً من لعب الجبري دور المستشار لدى الأمريكان إن حان وقت التخلص منه، خصوصا أن لدى الجبري علاقات قوية مع ضباط ورجال الداخلية، فهو يعرفهم واحداً واحدا، وله القدرة على المشاركة في توجيه أي تحرك داخلي.
لكن يتساءل العهد الجديد هل سوف يتحرك سعد الجبري؟
حالياً، لا أتوقع منه القيام بعمل يخدم البلاد، لأنه جلس طوال فترة اعتقال أبنائه وأخيه صامتا، حتى انقطع الاتصال بهم، فأخرج ابنه يتحدث بدلا عنه!
وأضاف موجهاً النصيحة للواء الجبري: لن ينفعك السكوت، وأنت تعرف أن الملك بنفسه اتصل بالرؤساء وطلب تسليمك، ولا تتوقع من أنظمة غربية تسلطوا على شحنة كمامات أن يستمروا بحمايتك! أمامك فرصة لتنهي تأنيب الضمير الذي تعيشه سابقا والآن، فحرقة اعتقال أبناءك تشعر بها مئات العوائل ومنذ سنوات.
سيرة ذاتية
سعد الجبري (61 عاما) ينحدر من منطقة حائل شمال الرياض، حاصل على درجة الماجستير في هندسة الكمبيوتر، وهو عالم برمجيات بارع، أسس منظومة سيبرانية في كلية الملك فهد الأمنية بالرياض.
حصل الجبري على شهادات في اللغتين العربية والإنجليزية من جامعات سعودية، قبل أن يتوجه إلى إسكتلندا، ويحصل على شهادة الدكتوراه من قسم الذكاء الاصطناعي بجامعة أدنبرة.
كان طموح الجبري عند عودته بشهادة الدكتوراه عام 1997 العمل في أرامكو، إلا أن وزير الداخلية حينها الأمير نايف بن عبد العزيز استقطبه لإعطاء دورات أمنية، ومنذ ذلك الوقت تطورت علاقته بمحمد بن نايف، ليصبح ساعده الأيمن لحين عزله.
اعتمدت وزارة الداخلية السعودية على الجبري في الحرب ضد تنظيم القاعدة بدءا من العام 2003، وكان له دور في جمع معلومات عن أعضائهم بالتعاون مع أجهزة استخبارات دولية، إضافة إلى زرعه جواسيس بينهم.
يقول خالد، إن والده سعد الجبري تعرض لمحاولتي اغتيال من قبل “القاعدة”، الأولى في 2005 وأحبطت عند اكتشاف بعض المخططين وهم يغيرون بلوحات إحدى السيارات، والثانية في 2009 عندما تم استهداف محمد بن نايف بقصره من قبل عنصر بالقاعدة زعم أنه يريد مقابلته.
وبحسب نجل الجبري، فإن محاولتي اغتيال والده تدحضان أي اتهام له بالعلاقة بالإرهاب، أو جماعة الإخوان المسلمين.
وللجبري دور أساسي في إنشاء ما يعرف بـ”مركز المناصحة”، الذي ينقل إليه عناصر الجماعات “الإرهابية” لإقناعهم بتغيير أفكارهم.
المصدر: الواقع السعودي
from وكالة نيوز https://ift.tt/3cidVKU
via IFTTT
0 comments: