
هيام عيد – “ليبانون ديبايت”
إذا كانت الإجراءات الحكومية والالتزام الشبه تام للمواطنين في أوائل شهر نيسان بارشادات البقاء بالبيوت قد جنبت لبنان كارثة انتشار فيروس “كورونا” بشكل كبير، فان ما يسجل منذ أيام طرح تساؤلات حول المرحلة المقبلة مع بروز ملامح خطر جراء عودة أرقام الاصابات الى الارتفاع، خصوصاً في صفوف اللبنانيين العائدين من الخارج والمختلطين معهم، وظاهرة عدم الالتزام بالحجر المنزلي واضطرار الناس للخروج لقضاء حاجاتهم الضرورية وبعض العمل لان الحكومة لم تؤمن المساعدات و التعويضات لعدم قدرتها على ذلك.
ومع بدء إجراءات العودة التدريجية من التعبئة العامة والعزل وفق المراحل التي حددتها الحكومة وعدم التزام المواطنين باجراءات الوقاية يتنامى القلق في صفوف اللبنانيين من هذا الوباء، وهو ما يدفع برئيس قسم أمراض الدم والسرطان في الجامعة الأميركية في بيروت البروفسور ناجي الصغير، الى التحذير من خطورة تسجيل الموجة الثانية من الانتشار الوبائي وذلك على الرغم من أهمية الإجراءات الحكومية المتّخذة على هذا الصعيد والتي يعتبرها غير كافية.
ويؤكد البروفسور الصغير أن “العودة عن إجراءات البقاء في المنازل والرجوع الى العمل يجب أن يستمر بمنع التجمعات الكبيرة والتباعد المسافاتي والاجتماعي ويشمل ترتيبات وقاية تستطيع الدولة أن تظبطها وتراقبها، بالإضافة الى تأمين القدرة على فحص آلاف الموطنين المشتبه باصابتهم أو الذين هم معرضين للإصابة بالفيروس أكثر من غيرهم، بالاضافة الى متابعة دقيقة لاحصائيات لحالات الإصابة بالكورونا في سائر المناطق اللبنانية”.
ويشدد على أن “الانفتاح الآمن يتطلب توفير فحص “بي سي ار” وكذلك مسح وبائي بواسطة استعمال ما نسميه “الفحص السريع لمضادات الكورونا”، لأن هذا الفحص السريع يعلمنا من أصيب بالكورونا وتعافى منها ولقد تم اجراء هذا الفحص السريع على الاف القاطنين في نيويورك وتبين ان 19.9% عندهم مضادات مما يعني أن واحد من أصل كل خمسة نيويوركيين اصسب بفيروس الكورونا”.
وتابع، “هكذا تتم الإحصاءات وهذا ما يجب ان نفعله حتى نفتح يشكل آمن ، اذ أننا قد نعرف من هم الأكثر أماناً ويستطيعون الخروج من المنازل والعمل خاصة للطواقم الطبية والصيدلانية والعاملون في محلات الأسواق الغذائية ووسائل النقل والبنوك وغيرها التي تشهد الازدحامات”.
ويشير الصغير الى تنافس عالمي كبير للحصول على نوعية جيدة من هذا الفحص السريع ونتمنى أن تكون وزارة الصحة والحكومة تعمل على تأمينه لأنه ثابت علميًا، فاذا كانت المشكلة مادية فلقد سمعنا بتبرعات وأموال كثيرة فلماذا لا يتم استعمالها في هذا المجال أيضا؟!.
كذلك يشيد الصغير بالدور الإعلامي المتقدّم في الإضاءة على حجم الخطر المحدق بالمجتمع اللبناني، وذلك بالتوازي مع استكمال حال الاستنفار الصحي العام والخاص، موضحاً أن من أهم ما تم فعله في لبنان في المراحل الأولى هي حملات التوعية من قِبل وزارة الصحة والمستشفيات والأطباء المختصين، وحملات “خليك بالبيت” و”الزموا منازلكم” التي ابتدأتها وسائل الإعلام اللبناني وفرضتها وزارة الصحة والحكومة والتي أدت الى منع انتقال فيروس الكورونا وحالت دون حصول كارثة صحية في لبنان، بالإضافة الى تجهيز مستشفى رفيق الحريري الجامعي ومستشفيات حكومية أخرى وكذلك مبادرات المستشفيات الجامعية الخاصة التي امنت اقسام وعناية مركزة خاصة بالكورونا.
وأضاف، “من هنا من الضروري استمرار الاجراءات الاحترازية وعدم مخالفة الارشادات بالفحص والعزل والتباعد الشخصي والتباعد الإجتماعي، ومنع كل أشكال التجمّعات من مدارس وجامعات ومقاهٍ ومطاعم وسينما ومسرح ومناسبات اجتماعية، بالإضافة إلى توعية المواطنين وإخافتهم وفرض التزامهم بالإرشادات والإجراءات”.
ويرفض الصغير ما يتم تداوله عن أن “الذين يموتون هم أصحاب الأمراض المزمنة أو الكبار في السن”، مؤكداً أن “هذا التبرير قد يؤدي إلى الإستخفاف لدى المواطنين، ويدفعهم إلى قلة الإلتزام بإجراءات الوقاية”.
وفي هذا السياق، يعرب البروفسور الصغير، عن قلقه من خطورة عودة انتشار الوباء في سياق موجة ثانية في المرحلة المقبلة، وهو ما ظهرت دلالاته من خلال ظهور 34 حالة في يوم واحد بين الوافدين والمتخالطين معهم، بالاضافة الى حالات متفرقة في عكار هنا وهناك في المناطق وواحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في بعلبك، ومؤخرا في المحكمة العسكرية.
وأشار الى “عدم الالتزام الذي رأيناه مؤخرا، اذ ان الناس تحتاج للعمل لان الحكومة لا تؤمن لا أموال ولا حاجات، ما عدا ما يسمى بمساعدة العائلات المحتاجة من قبل وزارة الشوون الاجتماعية والجمعيات الاهلية والمؤسسات الإعلامية، وأيضا في المظاهرات المبررة لان الوضع الاجتماعي والمالي يستمر بالتدهور الكارثي ولكن يجب احترام التباعد المسافاتي والاجتماعي خلال التظاهر السلمي”.
ويخشى الصغير من “انتشار كبير أيضا بين عائلات وأصدقاء العائدين والمتخالطين معهم اذا ان إجراءات العزل المنزلي نادرا ما تكون كاملة حيث أن معظم اللبنانيين لا يملكون بيوتًا كبيرة وغرفاً منفردة مع حمام ولوازم العيش للمعزول”.
واضاف، “يجب أخذ العبرة من بلدان مثل الأردن الذي يفرض على العائدين اما الحجر في بيوت مؤقتة مجهزة أو في فنادق تتم فيها كل إجراءات العزل ويتم تأمين لهم كل احتياحاتهم”.
وبالنسبة إلى واقع الإصابة لدى مرضى السرطان، فيوضح البروفسور الصغير ، أن “مرضى السرطان الذين يتلقون العلاج في المستشفى، قد يكونون معرّضين أكثر من غيرهم نتيجة خروجهم من المنزل من جهة، وإلى احتمال أن تكون مناعتهم المنخفضة سبباً في اشتراكات ومشاكل صحية من جهة أخرى”.
وتابع، “لكننا نقوم بكل إجراءات الوقاية لهم وللمرضات والممرضين وللاطباء وكل العاملين في المستشفى والعيادات لكي يستمروا بالعلاج ونقلل من احتمال التقاط الكورونا اليهم”.
وحذر من “ضرورة عدم التقاعس والخوف وترك العوارض والامراض تتقدم وتتفشى في الجسم اذ يجب استشارة الأطباء إن في العيادات العادية أو العيادات الرقمية (virtual internet video clinics) . التي تم تأمينها في الجامعة الأميركية كما في مراكز أخرى”.
كما يشدد على وجوب مواصلة ودعم عمليات استيراد كافة المستلزمات الطبية لحماية الجسم الطبي الذي يعرّض نفسه وعائلاته لخطر الإصابة من أجل صحة الآخرين وتشجيع وتحفيز المعامل والمصانع المحلية لإنتاج ما يمكن، لأن أي اهمال أو لا مبالاة، قد يؤدي إلى ارتفاع متجدّد لعدد الإصابات في فترات لاحقة.
from وكالة نيوز https://ift.tt/3bjyE0n
via IFTTT
0 comments: