
“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني
على عكسِ النتائج التي كان يتوقعها أو يأملها البعض، تحديدًا حلف “المقاومة” في المنطقة، جاءت الانتخابات التشريعية الإسرائيلية الثالثة لتؤكد قوّة الرجل في الداخل الإسرائيلي وضعف خصومه خصوصًا بعد الضعف الذي أظهره رئيس الكيان الإسرائيلي رؤوفين ريفلين في تكليف شخصيةٍ لتأليف حكومة جديدة أكان في الاستحقاق الأول أو الثاني، لتبرز وسط هذا المشهد المُتجدّد مجموعة أسئلة تتعلق بالقرارات المصيرية السياسية والاقتصادية التي ستتخذها الحكومة، وأبرزها تلك المتعلقة بمواجهةِ الأخطار والتهديدات المحدقة ببلاده، ولاسيّما الشق المتعلق بالمواجهة مع حزب الله.
قبل الذهاب إلى الإنتخابات التشريعية الأولى راج الحديث عن احتمال اتخاذ نتنياهو قرار الدخول في حربٍ مع لبنان من أجل تلميعِ صورتهِ في الداخل وذلك بعد مجموعةِ اخفاقاتٍ سياسيّةٍ على الصعيدِ العام وعسكريّة بعد كسر شوكته في غزّة ومالية لها علاقة بتهم فسادٍ على خلفية اتهامه بالرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال في قضية “شركة بيزك- موقع واللا” المعروفة بإسم “الملف 4000″، لكن تلك الحرب عادت ودخلت في مرحلةِ تجميدٍ مؤقت بطلبٍ أميركيٍّ من باب أنّ العقوبات المالية ضد الحزب وإيران، ستكون ذات منفعة وسيكون لها نتائج فاعلة أكثر من الدخول في الحرب.
لعبة العصا والجزرة الأميركية ـ الإسرائيلية هذه مع حزب الله، واجهها الاخير بعد فترةٍ صغيرةٍ خلال إحدى إطلالات أمينه العام السيد حسن نصرالله الأخيرة، على شاشات التلفزة إذ قام بعرضِ مجموعةِ خرائطٍ ميدانية لأهدافٍ إسرائيلية أكد أنها أصبحت في مرمى صواريخ “الحزب”، ولعلّ أبرز هذه الأهداف المتعلق بمفاعل نووية يُمكن أن “يؤدي استهدافها الى مقتل العديد من الإسرائيليين”. وبعد أقلِّ من 24 ساعة على تهديدات نصرالله، خرجت تسريبات إعلامية من الداخل الاسرائيلي تحدثت عن تحصيناتٍ داخليةٍ هدفها حماية ما يزيد عن 20 منشأة استراتيجية من بينها، مفاعل “ديمونا” ومنشآت شركة الكهرباء وشركة خطوط الغاز الطبيعي.
وفي الإطلالة نفسها، تحدث نصرالله عن احتمالاتِ وقوع حربٍ في المنطقة تحديدًا بين أميركا وإيران وذلك قبل أن يدخلَ من باب الاحتمال هذا إلى تأكيدِ أنّ “إسرائيل لن تكون بمنأى في حال اندلاع حربٍ كهذه وبأنّ إيران قادرة على قصفِ الدولة العبرية بشراسةٍ وقوة”. في تلك الإطلالة، حذّر نصرالله من أنّ “كل دولة تشارك في الحرب على إيران ستدفع الثمن”، غامزًا من قناة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
اليوم، يكثر الحديث عن فائضِ قوّة عند نتنياهو سواء من خلال فوزه في الانتخابات، أو الدعم الأميركي له، أو حتّى من خلال تنامي حالة العداء بين كل محور “المقاومة” والعديد من الدول العربية والأوروبية لأسبابٍ لم تعد خفية على أحدٍ، حتى أنّ البعض يتوقّع قيام نتنياهو بصرفِ هذه القوّة في الميدان العسكري من خلال فتحِ جبهةِ حربٍ مع لبنان عبر نافذةِ حزب الله وذلك بهدفِ ضرب مجموعةِ أهدافٍ أبرزها: تدفق السلاح الصاروخي الى لبنان، واستهداف مواقع عسكرية لـ”الحزب” يُقال أنها باتت في مرمى سلاح الجو الاسرائيلي بالإضافة إلى تسريباتٍ تتعلق بتدفق ضباطٍ وعناصر من الحرس الثوري الايراني الى لبنان عبر معابرٍ خاصة.
مصادرٌ مقرَّبة من حزب الله، ترى أنّ نتنياهو أعجز اليوم من الدخول في أي حربٍ وهو الذي لم يبلع بعد انتكاسته في غزّة، هذا بالإضافة إلى أن فوزه في الإنتخابات الأخيرة وضعه على المحك خصوصًا في ظل التصاعد الملحوظ لعرب “48” داخل الكنيست وهذا بحدّ ذاته يُشكّل نكسة للهيود الاسرائيليين ربما هي الأولى من نوعها منذ نشأة الكيان الصهيوني.
وعن الرد المتوقع لـ”الحزب” تُجيب المصادر، “بكل تأكيد فإنّ فتحَ جبهة مع لبنان يعني أنّ الحرب ستتجاوز الساحة اللبنانية وقد سبق لنصرالله أن أكَّدَ بأنّ كل محور “المقاومة” في المنطقةِ سيكون معنيًا بحربٍ كهذه، وقد تكون الحدود السورية – الإسرائيلية هي الساحة الثانية، طبعًا من دون أن ننسى غزّة.
وتشير المصادر إلى أنّ فعالية القدرات الهجومية للقوات البرية التي باتت المقاومة تملكها، بدأت تثير نقزة كبيرة في الداخل الاسرائيلي وحجم هذه القوّة يُضاف اليها خبرات عسكرية عالية اكتسبها حزب الله في الحرب الدفاعية التي يخوضها في سوريا ما مكَّنه من بناءِ عنصرٍ قتاليٍّ اقتحاميٍّ فاعلٍ في البرِّ قادرٌ على الهجوم والاقتحام في أصعبِ الظروفِ.
في المقابل، يُشدِّد خصوم “الحزب” على أنّ قرارَ الحرب والسلم في لبنان هو بيد الدولة اللبنانية والجيش اللبناني حصرًا وبالتالي لا يحق لأي طرف أن يتفرَّدَ بأيّ قرار بعيدًا أو بمعزل عن المكوناتِ السياسية الأخرى. وحزب الله مكوّنٌ اساسيٌّ ومشاركٌ في الحكومة والمجلس النيابي وأيّ قرار من هذا النوع لا يستطيع أن يأخذه بعيدًا من القرار الحكومي الواضح.
ويؤكد هؤلاء أن لا علاقة للبنان بالمواجهةِ القائمة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، حيث أنّ مصلحة لبنان هي بالتمسك بسياسةِ النأي بالنفسِ وتطبيقها وبالتالي على حزب الله أن يلتزمَ بالسقفِ والموقف اللبناني الذي تمثله الحكومة اللبنانية. ويشدد الخصوم، على أنّ أي مواجهةٍ يُمكن أن يخوضها لبنان، لا بد أن تكون بقيادة الجيش اللبناني ولا يُمكن أن يصارَ إلى استخدام لبنان أو الساحة اللبنانية كمنصّةٍ لاطلاق الصواريخ خدمة لإيران أو غيرها، وذلك انطلاقًا من التمسّكِ بسياسةِ النأي بالنفسِ وسيادة لبنان وبمرجعيّةِ الدولة اللبنانية وحدها لا غير.
ويعتبرون، أنّ المطلوب من حزب الله الإبتعاد عن سياسةِ المحاور فضلًا عن أنّ لبنان في ظلِّ وضعه الإقتصادي الدقيق لا يحتمل أيّ إنتكاسةٍ من هذا النوع يُمكن أن تؤدّيَ إلى إنهياره التام والكامل.
from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/339RlRW
via IFTTT
0 comments: