ميرفت ملحم
بالرغم من احتفاظ منصات التغريد على حدّيتها لجهة تغريدات اقطاب القوى المتصارعة لاسيما واشنطن وطهران، وبالرغم من استمرار واشنطن عبر رئيسها دونالد ترامب في استفزاز الانظمة العربية وآخرها كان عبر “الطعن” بهويتها باعلانه عن صفقة القرن، لاغياً بذلك “المبادرة العربية” وكل المواثيق الدولية التي ترعى القضية الفلسطينية، الا أنه لا يمكن القول الاّ أن تلك الاجواء المحيطة بالمنطقة لا توحي بعد بانطلاق صفارة انذار المواجهة المباشرة والحرب. وربما الردود والمواقف المصاحبة للاستفزازات الاميركية خير دليل على أن ما في النفوس لا يتطابق والخطب والنصوص التي يطلقها ممثلو الدول المستفَزة وعلى رأسها الدول العربية، التي مازالت تتأبط الدبلوماسية في عباراتها ومواقفها من دون الارتقاء بمواقفها الى ترجمات جدية رافضة لما يخاط للقضية الفلسطينية عبر المقاطعة أو عبر تعليق الاتفاقيات أو غيرها من الاجراءات العملية الرادعة. الامر عينه قد لا يكون على افضل حال بالنسبة لايران التي تتكىء على حلفائها في المنطقة لفرض معادلات تضمن لها مساحة نفوذ مريحة من دون أن تتجاوز في تدخلاتها ساحة العدو لتحصيل حقوق القدس وأهله.
ولكن على ذلك لا يمكن غض النظر ايضاً عن دخول الدول العربية في مرحلة قضم ممنهج لقدرتها على التأثير في القرارات الدولية وامعان في اضعاف مناعتها امام مروحة من المغريات في ظل ما خلفته الثورات العربية من تداعيات، وفي ظل ما تعيشيه مجتمعاتها من تردٍ نتيجة تبديد ثرواتها وفشل حكامها في ادارتها، الامر الذي يجعل من بعضها بيئة خصبة وقابلة لفتح بزار التفاوض معها بشكل مريح مقابل “نفعية” على عدة مستويات، وربما هذا ما يدخل في السياق عينه الذي يسعى اليه العدو الاسرائيلي، والذي عبّر عنه رئيس وزرائه نتنياهو مؤخرا من خلال اعتباره أن مفتاح الحل مع الفلسطنيين سينطلق مع فتح باب العالم العربي من خلال الابتكارات التكنولوجية الاسرائيلية التي تشكل حاجة للعالم العربي ليس على المستوى الامني فقط وانما على المستوى المدني ايضا.
اذاً هو شكل جديد من التفاوض، أروقته السوق العربي في ظل الابقاء على “ستاتيكو” المنطقة على حاله حتى يعيل صبر أي من الاقطاب المتصارعة ويقلب الطاولة. ولكن امام هذا الواقع لا بد من العودة الى الساحة اللبنانية التي ترزح تحت ضائقة اقتصادية ومالية واجتماعية صعبة يجعل منها الخاصرة الاضعف، وفي نفس الوقت الصيد الاثمن لاعتبارات عدة، الامر الذي يطرح تساؤلاً كبيرا عن مدى قدرة لبنان على المحافظة على تماسكه والنأي به عن فخ “النفعية” المريبة الذي يجري نصبه.
كل ما يمكن قوله في هذا الاطار أن الحكومة الحالية ليست سوى “منطاد” اسقطته الرياح الخارجية في لحظة “تخلٍ” احد أضلع التسوية التي جاءت بالجنرال ميشال عون رئيسا للجمهورية، والمطلوب من هذه الحكومة منع انحراف “الستاتيكو” الداخلي وتجميد عجلة الانهيار الاقتصادي. من هنا فإن الفشل في أي من المهمتين قد يكون له انعكاسات خطرة على صورة لبنان ووضعه دولياً، وقد يشرع الابواب جدياً نحو وضعه تحت فصل سابع من بوابة العجز المالي والاقتصادي.
لبنان 24
from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/3bkt8vG
via IFTTT
0 comments: