Monday, January 20, 2020

عن ثورةِ روبِ المُحامي المُسِنّْ

“ليبانون ديبايت” – روني ألفا

عن الثورةِ إذا استمعت. الآن وقد بتنا نقرأُ عن ثورةٍ خلعت مراهقَتَها ولبسَت ثوبَ حريرٍ مِن سنّ الرُّشد. باتت جاهزة لعرضِ حجارتِها الكريمة .قبضتُها مِن دون مولوتوف وأصابعُها مِن دون فرّاعات وزنودُها من دون فؤوس.

ثوارٌ جدد نراهم قادمين في سفنِ الوَجَع . أصواتُهم أشرِعةُ التغيير. هُم بحّارةُ الزَّبَد الخلاصيّ. يأتونَ بوصفةٍ جديدة : آن أوانُ تفكيكِ النظام بتعطيل الشيفَرة. بإثارةِ الشَّغبِ بين لحمِه وعظمِه. ببثِ الفِتنةِ بين فِقْراتِ عمودِهِ الفِقْري. من دون إطلاقِ النارِ عليه. من دون بترِ أطرافِه ولا قطعِ أصابِعه ولا اقتلاعِ عينيه. فقط تسليطُ خلاياه السليمةِ على خلاياه المسرطنة. ثوارٌ
يكتشفونَ أنَّ لائحةَ الشرفاءِ في كوادِر القطاعِ العام طويلة. إعلانٌ مفاجئٌ ربما إنما واقعيٌّ لا يكذب. يدهشُنا أولئكَ الذين وسطَ الفسادِ العابِقِ في أرجاءِ الدولة ما زالوا يرددونَ على مسامِعنا: الدولةُ ملاذُنا. الدولةُ ملاذُنا.

من نوافل الحِكمة ما يلي: جنونٌ تحوٌُلُ الثوّار إلى كتائبَ وسرايا. إلى أتباعِ رومل الصحراء وجنودٍ في فيلقِ التخريب. قدسيةُ البقاءِ في خانةِ الضحايا. الجلوسُ على مقاعِدِ الآخ. كَمْ جميلٌ انتصارُ الضحيةِ على جلّادِها. الثورةُ تتألمُ أو لا تكون. عندما ترسُمُ خططاً للإنتشار والإحتلال تتعسكر. تصبحُ هدفاً مشروعاً لمسيِّلاتِ الدُّموع والخراطيم. بهاءٌ بلا نرجسيّةٍ أن نرى ثورةً بريئةً على لحمِها آثارُ أنيابِ الذئاب. وحدها ثورةٌ مماثلةٌ تنزِلُنا من ” البلاكين “. لا نحتاجُ إلى مُخمَّسٍ مَردود ولا إلى مكبّراتِ صوت. مشاهدُ خرابِ ” البَصرَة ” في بيروت تبقينا في البيوت. تجلدُنا من دونِ ” باسيج “. مِن دون نهيٍ عن المُنكَر. لا تأمرُنا بالمَعروف. الثورةُ يُعتَدى عليها أو لا تكون. عندما يتعدّى عددُ ضحايا الشرطة عددَ ضحايا الثوار تصبح السلطةُ ثورةً نتعاطفُ معها والثورةُ سلطةً لا نعطفُ عليها. تفقدُ الثورةُ والحالةُ هذه أغلى ما لديها: شرف المعاناة من الظّلم. أجملُ ما في الثورة ضعفُها. أقبحُ ما فيها بأسُها، عنفُها وقدرتُها على إلحاق الأذى.

ملحم خلف. أعطى معنىً جديداً لروبِ المحاماة. أَحدَثَ هزّةَ ضمير قبل هزّةٍ أرضية. إعادةُ محامٍ مُستَضعَفٍ ومظلومٍ إلى قاعةِ المحكمة. بعدها تكرُّ السُّبحة. الجسمُ القضائيُّ سيبدأ بحفلةِ التنظيف. صابونٌ إصلاحيٌ بدأَ يَرغب على هذا الجسم المشتاقِ الى النظافة. المطلوب مظلوم أولاً. موقفٌ ثانياً. عنفٌ مِن دون عنف.إزعاجُ النظام وإقلاقُ راحته. منعُهُ من الإستجمام في حَمامات السياسيين. محامٍ مُسِنّ غلبَ قاضٍ شابّ جالساً على يمين القوس. من دون مولوتوف. مِن دون تحويلِ أعمدةِ المدينة إلى قذائف. سرُّ الخَلطة السحرية؟ أن يكونَ الكلامُ مُختَصَراً والفعلُ متمدِّداً. ملحم خلف تفوّه بجُمَل مختَصَرة مفيدة. يبقى أنه ألبسَ زميلَه الروب. أدخَلَه القاعة. صارَ صوتُهُ مسموعاً. ليس فعلَ إيمانٍ فحسب. فعلُ حياة. تماماً مثل الصلاة. فارغةٌ دائماً على شَفَتيّ راسبوتين. حيّةٌ ترزَق دائماً على شَفَتيّ الأم تيريزا.

إصطيادُ الرّسُل. تماماً كما أصطادَهُم السيّدُ المسيح. بحّارةٌ وصيادو سَمَك كانوا جيشَ التحرير من عبودية الإنسان القديم. يجب أن يشعرَ كلٌّ منا نحن سَكنى بيوتِنا الخَمولة أننا سمكٌ جاهزٌ لابتلاعِ الطُّعم. يجب اجتِذاب شهيَّتِنا للحرية. من دون ذلك سنسبحُ بعيداً. نحنُ سمكُ الحرية. ننتظرُ أن تصطادَنا سواعدُ الثوارِ في شوارعِ الوطن فليسَ بالحجارةِ وحدَها يحيا الثوار.



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2G9PwtC
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل