Monday, January 20, 2020

لماذا تتجاهل الدول الغربية انتهاكات حقوق الإنسان في مصر؟

منذ الانقلاب العسكري يقبع آلاف المعتقلين في السجون المصرية

منذ الانقلاب العسكري، في يوليو 2013، يقبع آلاف المعتقلين في السجون المصرية، في أوضاع تصفها المنظمات الحقوقية بـ”الصعبة للغاية وغير الإنسانية”، وهو ما أدى إلى وفاة المئات منهم نتيجة التعذيب أو الإهمال الطبي.

وبينما تواصل منظمات حقوقية مصرية ودولية توجيه انتقادات للنظام في مصر، مطالبة إياه بالإفراج عن المعتقلين أو توفير الحد الأدنى من ظروف الاحتجاز الإنسانية لهم، لا تكاد تتوقف الاعتقالات، وأحكام القضاء لا تزال تنهمر إعداماً وحبساً.

ولعل وفاة مواطن أمريكي من أصول مصرية، منتصف يناير الجاري، أعادت التساؤلات حول أسباب تجاهل المجتمع الدولي، وخصوصاً الولايات المتحدة وأوروبا، للانتهاكات التي يرتكبها نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وفاة أمريكي

في 13 يناير 2020، أكدت الولايات المتحدة وفاة مواطن أمريكي من أصل مصري في السجن بمصر، حيث كان محتجزاً منذ عام 2013، وتعهدت بمواصلة إثارة بواعث القلق بشأن سجل القاهرة في مجال حقوق الإنسان.

وقال ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، في بيان صحفي: “حزين بشدة لإبلاغي بوفاة المواطن الأمريكي مصطفى قاسم الذي كان مسجوناً في مصر”.

وعبر وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، عن غضبه إزاء وفاة السجين الأمريكي في مصر مصطفى قاسم، وذلك خلال لقائه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في 19 يناير، وأبلغه بغضبه إزاء الحادثة.

في حين طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، الجمعة، المشرّعين الأمريكيين بإصدار قانون يربط تقديم المساعدات العسكرية لمصر بسجلها الحقوقي.

كما أرسل العضوان من الحزب الديمقراطي بمجلس الشيوخ الأمريكي؛ كريستوفر فان هولن، وباتريك ج. ليهي، خطاباً إلى الرئيس دونالد ترامب يطالبانه فيه بفرض عقوبات وقيود على تأشيرات المسؤولين المصريين الذين يقع على عاتقهم مسؤولية احتجاز ووفاة مصطفى قاسم.

وحُكم بالسجن على قاسم، في سبتمبر 2018، مع عشرات آخرين؛ بسبب اعتصام “رابعة” في عام 2013، الذي انتهى بمقتل مئات المحتجين على أيدي قوات الأمن، حيث حكم عليه بـ15 عاماً.

ريجيني.. قضية مستمرة

ولم تكن وفاة المواطن الأمريكي هي الأولى لمواطن غربي، حيث لا تزال مصر تواجه اتهامات من قبل إيطاليا بقتل طالب دراسات عليا في جامعة كامبريدج، الإيطالي جوليو ريجيني، الذي اختفى في 25 يناير 2016، قبل أن يعثر على جثته بعد تسعة أيام.

وما زالت قضية مقتل ريجيني مستمرة، حيث استضافت النيابة العامة المصرية في القاهرة، في 14 يناير الجاري، فريقاً من المحققين الإيطاليين من الادعاء العام بروما، في مباحثات حول مستجدات التعاون القضائي في قضية مقتله.

وفي ديسمبر الماضي 2019، صعّد نائب المدعي العام الإيطالي، سيرجيو كولايوتشو، الضغط الإعلامي على عدد من أصدقاء ومعارف ريجيني الذين كانوا قريبين منه ومن تحركاته في مصر، ولم يتعاونوا من قبل مع المحققين الإيطاليين، فأبلغ البرلمان بمعلومات جديدة قال إن المحققين الإيطاليين توصلوا إليها، من دون مواجهة المشتبه فيهم بالتورط فيها.

وتتمثل في أن ثلاثة من أقرب معارفه؛ هم الباحثة نورا وهبي، وشريكه في السكن المحامي محمد السيد الصياد، فضلاً عن نقيب الباعة الجائلين محمد عبد الله، الذي اعترف من قبل وتفاخر بأنه سلّم ريجيني للأمن المصري بعدما تشكك في عمله لحساب جهة استخبارية أجنبية، وهو الوحيد الذي تحدّث بشكل صريح من بين الثلاثة.

وتم تعليق التنسيق بين البلدين تماماً، منذ ديسمبر 2018، عندما زار وفد إيطالي دبلوماسي قضائي مشترك القاهرة للتعرف على مصير الطلبات الإيطالية بتسليم التحقيقات الخاصة بقضية مقتل أفراد عصابة السرقة، قبل أن يعلن الطرفان المصري والإيطالي استحالة حدوث تلك الرواية وسقوطها من اعتبارات المحققين.

سجون للقتل

ويرى المحامي والناشط الحقوقي المصري علاء عبد المنصف، أن السجون المصرية بشكل عام تحولت إلى “سجون للقتل”، موضحاً بقوله: “في 2012، تحدث إبراهيم عبد الغفار، رئيس مصلحة السجون بقوله إن سجن العقرب بني وخُصص للسياسيين، وكل شخص يدخل إليه حياً لا يخرج إلا ميتاً”.

ويشير في حديثه لـ”الخليج أونلاين” إلى أنه في ظل غياب سيادة ودولة القانون وعدم وجود إشراف النيابة العامة على السجون بصفتها المسؤولة الرئيسة عن السجون، وفي ظل غياب فكرة المحاسبة والمحاكمة، “أصبحت الانتهاكات التي نراها بشكل يومي هي نتيجة غياب القانون”.

وأبدى استغرابه من سرعة اعتراف النظام المصري بوفاة المعتقل قاسم، وقال: “الغريب في قضايا وفاة المعتقلين ليس الصمت الأوروبي والأمريكي إزاء هذا الأمر؛ بل سرعة اعتراف النظام المصري بهذه الحادثة وتجاهل الحديث عن وفاة المعتقلين الآخرين الذين يموتون بذات الظروف”، مضيفاً: “في ذات الشهر هناك خمس حالات وفاة أيضاً، ولكن لم يعترف بها النظام المصري، والسبب يعود لجنسية المتوفى وتبعات هذه الحادثة، وليس إلى حقوق الإنسان أو ما شابه”.

واستطرد قائلاً: “النظام المصري يعرف أن هناك تبعات بالتأكيد ستطوله؛ سواء بالتعنيف من المسؤولين الغربيين، أو سعي مسؤولين آخرين في ظل الانتخابات القادمة لإلغاء المعونات أو تقليصها، ومن ثم هناك تأثير على النظام المصري والحكومة والمصرية فيما يتعلق بالمعونات أو العلاقات الثنائية”.

براغماتية مفرطة

ويؤكد الناشط والمحامي علاء عبد المنصف أن “الجميع يعرف وضع حقوق الإنسان في مصر ويتعامل على هذا الأساس، ويأخذ مصلحته من النظام في ظل تحرير عقود أسلحة بالمليارات”، لكنه يرى أن التجاهل “غير كامل بهذه الصورة، وليس تجاهلاً تاماً”.

أما الناشط السياسي المصري أحمد حسن فيخالف عبد المنصف فيما يتعلق بالتجاهل الجزئي لما يحدث بالسجون، ويقول: إن الغرب “يتعامل ببراغماتية مفرطة مع نظام السيسي ويتجاهل كلياً هذه الانتهاكات”.

ويوضح في حديثه لـ”الخليج أونلاين” أسباب ذلك التجاهل بقوله: “بسبب مكافحة مصر للهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب وشرائها للأسلحة يتم في المقابل التغاضي عن انتهاكات نظام السيسي الخطيرة لحقوق الإنسان وسحقه للديمقراطية وحرية التعبير”.

وأشار إلى أن نظام السيسي لن يتوقف عن تلك الانتهاكات “إلا إذا رأى الضغوط الدولية بشكل جدي”، مضيفاً: “ما تفعله القوى الدولية ما هو إلا قصر نظر بدعمها لنظام ديكتاتوري، وعلى المدى البعيد سيصبح الوضع كارثياً”.

أرقام وإحصائيات

وبين الحين والآخر تخرج منظمات دولية بدعوات لإجراء تحقيق دولي فيما أطلقت عليها “جرائم ضد الإنسانية”، وعمليات التعذيب والقتل داخل سجون النظام المصري.

ويؤكد تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”، نشرته في 27 سبتمبر 2016، أنه “بين عزل مرسي 31 يونيو 2013 حتى بداية 2015، اعتقلت السلطات المصرية 68 ألف شخص، على أقل تقدير”.

وأكد تقرير آخر للمنظمة نفسها أن نظام السيسي شيَّد وخطط لبناء 19 سجناً جديداً لاستيعاب أكثر من 60 ألف معتقل من المعارضين لحكمه. ونقلت المنظمة الدولية عن إبراهيم عبد الغفار، مأمور سابق لأحد السجون، قوله: “صُممت بحيث إن من يدخلها لا يخرج منها حياً.. صمموها للمعتقلين السياسيين.. إنها حياة القبور”.

وفي فبراير 2019، قرر وزير الداخلية المصري، اللواء محمود توفيق، إنشاء سجن مركزي جديد تحت اسم “السجن المركزي للمنطقة المركزية بأسيوط”، في محافظة أسيوط الواقعة بصعيد مصر جنوبي العاصمة القاهرة.

ويعد هذا القرار رقم 22 ضمن قرارات إنشاء السجون الجديدة التي تمت في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومنذ الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب محمد مرسي، في 3 يوليو 2013.

وحسب تقارير صادرة عن منظمات حقوقية مصرية فقد صدرت؛ خلال الفترة من يوليو 2013 وحتى يوليو 2017، قرارات قضت بإنشاء 21 سجناً جديداً، ليصل عدد السجون في البلاد إلى 66 سجناً، بحسب “الجزيرة نت”.

يأتي التوسع في إنشاء السجون في ظل تصاعُد إدانات المنظمات الحقوقية المحلية والدولية لانتهاكات حقوق الإنسان في مصر، وارتفاع عدد السجناء السياسيين، وتواتر شهادات الضحايا حول التعذيب داخل السجون، فضلاً عن تكدُّس المساجين داخل أقسام الشرطة، في حين تقول الحكومة المصرية إن هذه الأرقام مبالَغ فيها، وإن مصر ليس بها معتقلون، بل سجناء بأحكام قضائية أو ضمن قضايا منظورة.

ومنذ العام 2013، يتهم عدد من المنظمات الحقوقية العالمية القضاء المصري والقوات الأمنية بانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان؛ منها القتل العمد، وممارسة التعذيب ضد المعتقلين، والتصفيات الجسدية ضد المناوئين والمعارضين لحكومة السيسي، بطرق تُخفي كل معالم الجريمة.



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2Rati0I
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل