فيما يتصاعد جدال سياسي ودستوري بشأن جلسات مناقشة موازنة الـ2020 المقررة في 27 و28 يناير الجاري، بين مؤيد لحضور الحكومة هذه الجلسات قبل نيل الثقة، وبين معارض لهذه الخطوة لعدم دستوريتها، تابعت اللجنة الوزارية المكلفة إعداد البيان الوزاري لحكومة حسان دياب، اجتماعاتها في السرايا الحكومية، أمس، سعياً لإنجاز مهمتها في وقت قريب، لتقديم البيان إلى مجلس النواب، لنيل الثقة على أساسه.
وإذ عمد الوزراء الأعضاء الحفاظ على سرية المناقشات، عُلم أن توجيهات دياب هي بالاختصار والهروب من التعابير الانشائية وتضمين البيان كل ما يمكن تطبيقه، وسط ترقب داخلي للمواقف العربية والدولية من هذه الحكومة التي يعلم الجميع أن لـ”حزب الله” دوراً أساسياً في تكوينها، وهذا ما يضاعف المخاوف من أن يواجه لبنان مزيداً من العزلة العربية والدولية، في ظل الشروط القاسية التي تضعها الدول المانحة لمساعدته للخروج من أزمته.
ويظهر بوضوح، كما أكدت أوساط ديبلوماسية لـ”السياسة”، أن تأكيد الأميركيين والأوروبيين بأن لا مساعدات للبنان، إذا لم تنفذ حكومته الجديدة ما هو مطلوب منها، وتحديداً على صعيد الإصلاحات ومكافحة الفساد، يدل على أن هذه الحكومة تخضع لمراقبة مشددة من جانب المانحين، حيث أن الرعاة الدوليين لديهم شكوك بقدرة لبنان على الالتزام بتعهداته الإصلاحية للحصول على مساعدات خارجية، مشددة على أن مواقف الدول العربية تجاه هذه الحكومة التي يديرها “حزب الله”، لا تبشر بالخير، ما يعطي انطباعاً أن الدول العربية، وتحديداً الخليجية، لن تكون مستعدة لتقديم مساعدات للبنان في الوقت الراهن، أو استقبال رئيس حكومة “حزب الله” الذي يرغب في زيارتها .
وفي الخصوص، أعلن مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش في بيان، أنه سمع من رئيس الحكومة رسائل إيجابية وقوية وجدية، بما في ذلك التطلع إلى أن يعكس البيان الحكومي مطالب الناس واحتياجاتهم، من أجل استعادة ثقتهم في الدولة، والالتزام بدعم التظاهرات السلمية وحمايتها، مع التصدي للذين يلجأون إلى العنف ويخرقون القانون والنظام العام”.
وأعاد المنسق الخاص التأكيد على دعم الأمم المتحدة للحكومة في تطبيق الإصلاحات الضرورية والتزامها استقرار لبنان وأمنه وسيادته وسلامة اراضيه واستقلاله السياسي”.
إلى ذلك، استمرت حركة الاحتجاجات التي يقوم بها الثوار، حيث حاول المتظاهرون اقتحام أبواب السراي الحكومي أمس، ونظموا 5 مسيرات حاشدة من أكثر من منطقة في بيروت، تلاقت جميعها في وسط بيروت، مطالبة بإسقاط الحكومة وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، وسط انتشار كثيف للقوى الامنية.
ورفع المشاركون بالمسيرات لافتات كتب عليها:”لا ثقة… لن ندفع الثمن”، في رسالة رفض أرادوا إيصالها إلى الحكومة الجديدة، بالتزامن مع انعقاد جلسة صياغة البيان الوزاري.
وردد المتظاهرون شعارات منددة بالتعاطي مع مطالبهم وتجاهلها عبر تشكيل حكومة محاصصة لم تحظ بما نادوا به منذ بداية الإحتجاجات، وأبرزها تشكيل حكومة من الاختصاصيين بعيداً من منطق المحاصصة و المصالح الحزبية.
وفي طرابلس، نظمت مسيرة إلى ساحة النور، تحت عنوان “الغليان”، بدعوة من مجموعات ناشطة “لمناسبة مئوية 17 تشرين الأول”.
وارتدى المحتجون الملابس الداكنة، “حدادا على ضمير الطبقة السياسية”.
وجابت المسيرة عدداً من شوارع المدينة، وردد المحتجون هتافات تعلن “عدم إعطاء الثقة لحكومة المحاصصة”.
وأشارت الأمينة العامّة لحزب سبعة الإعلاميّة غادة عيد، إلى “اتجاهين للمعركة اليوم مع السلطة”.
وقالت، “الاول، المجلس النيابي لعدم اعطاء الثقة للحكومة سعيًا الى حكومة مستقلين حقيقيين وانتخابات نيابية مبكرة، والثاني جمعية المصارف المدعومة من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة”.
واعتبرت عيد ان “الاتجاه الثاني لا يقل اهمية عن الاول”، مشيرة الى ان “السلطة نهبت الاموال العامة، والمصارف بتغطية من مصرف لبنان والسلطة نهبوا اموال المودعين”.
وفي موقف تصعيدي، استباقاً لجلسة مناقشة الموازنة، اعتبر رئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميل أن “الحكومة السابقة هي حكومة محاصصة، والحكومة الحالية هي محاصصة ايضًا”،مشيراً الى أنَّ “الحكومة السابقة وضعت موازنة الغرائب”، فيما الحكومة الحالية “تتبنى موازنة الغرائب”.
ورأى الجميل أنّ “مجلس النواب يتمترس وراء جدار العار”، قائلًا: “جدار العار يرتفع ولبنان ينتفض”.
وشدد على أنَّ “الإنتخابات النيابية المبكرة هي الحل ليستعيد الشعب القرار والمبادرة عبر المؤسسات”.
وفي الإطار، أكد الأمين العام لـ”تيار المستقبل” أحمد الحريري أن ” كتلة المستقبل ستجتمع وتقرر الموقف المناسب من مسألة الثقة بالحكومة”، مشيراً إلى أن “الاهم هي ثقة الناس والتحركات الشعبية التي من دونها لا تكفي ثقة المجلس النيابي”، واضعاً موقف الرئيس سعد الحريري الأخير حول حاجة البلاد لالتقاط الانفاس بعد تشكيل الحكومة، “في سياق التجانس مع قناعاتنا، ومع مواقف الرئيس الشهيد رفيق الحريري التي اتخذها بعد تشكيل حكومتي الرئيس سليم الحص في العام 1998 والرئيس الراحل عمر كرامي في العام 2004”.
وإذ رأى “أن كل الحكومات التي شُكلت بعد اتفاق الطائف لم تكن حكومات للعمل بل حكومات للتعطيل، في ظل وجود الثلث المعطل”، أبدى اعتقاده “أن هذا الشكل من الحكومات ذهب إلى غير رجعة، وأننا لن نشارك فيها بعد اليوم، لأنها مضيعة للوقت”، كاشفاً عن “أن الرئيس سعد الحريري في صدد مراجعة كاملة لكل المرحلة الماضية، وتحديداً لمرحلة التسوية، وسيكون له مواقف متدرجة، وصولاً إلى موقف مركزي في الذكرى ال 15 لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري”.
وقال الحريري “إن البلد بحاجة إلى فرصة، وسنرى ما إذا كانت هذه الحكومة ستعمل على ذلك أم أنها ستذهب إلى التشفي والكيدية، وفي حال ذهبت إلى ذلك، تكون اختارت المواجهة المبكرة معها من موقعنا كمعارضة، ولكن أي معارضة اليوم ستكون معارضة سياسية، بعيداً عن محاولات البعض لتأجيج الواقع المذهبي، وواجبنا أن نواجه هؤلاء ونمنعهم من تأجيج الفتنة السنية – الشيعية”، مشيراً إلى أن “من يريد إشعال الفتنة مرتهن لأجندات خارجية، والثورة اليوم اغلقت الباب على أي شكل من أشكال المذهبية”.
وفي سياق الجهود التي تقوم بها الحكومة الجديدة، للحصول على مساعدات خارجية، لإنهاض لبنان من أزمته المالية، التقى وزير المالية غازي وزني نائب مدير المكتب التنفيذي للدول العربية في صندوق النقد الدولي سامي جدع الذي هنأ وزني بتشكيل الحكومة، وكان بحث في الأوضاع العامة.
وأكد رئيس لجنة المال والموارنة النائب ابراهيم كنعان، ان موازنة العام 2020 سجّلت بداية خطة الإنقاذ.
ولفت الى ان المطلوب من الحكومة تطبيق الاصلاحات مشيرا الى ان هذه الحكومة اكثر تجانسا، ولن تشهد صراعات بين مكوناتها السياسية من احزاب وتيارات.
َواذ خفضت لجنة المال المشروع المحال من الحكومة بما يفوق الـ800 مليار ليرة، اوضح كنعان ان الايرادات انخفضت منذ 17 تشرين الاول 2019، واليوم نحاول الخروج من هذا الوضع، وما يمكن ان نطمح اليه يتطلب وقتا لاتضاح الصورة بشكل كامل.
وذكر كنعان بسلسلة اجراءات تتضمنها الموازنة ويستفيد منها اللبنانيون ومنها رفع ضمان الودائع من 5 الى 75 مليونا وهو ما يستفيد منه 86 بالمئة من المودعين، واسقاط المهل 6 اشهر للمتعثرين في القروض السكانية والزراعية والصناعية والسياحية والبيئية، وتمديد المهل 6 اشهر للاعفاءات الضريبية، كما تتضمن تحويل عائدات شركتي الخلوي والمرفأ مباشرة الى الخزينة، وهي خطوة ستخفض موازناتها التشغيلية.
من جانبه، كشف النائب جورج عقيص أنّه تلقى، “معلوماتٍ مؤكدة” بأنَّ النظام المعلوماتي الذي تذرَّعت به الحكومة كسببٍ لعدم القدرة على تلقي المعلومات من المصارف السويسرية، قد تمَّ إنشاؤه فعليًّا في وزارة المال.
وأكد عقيص، أن منظمة “OECD” كشفت ووافقت على هذا النظام المعلوماتي.
ولفت الى أن هناك “قرارًا سياسيًا لا يزالُ يمنعُ تلقّي تلكَ المعلومات، على الرغم من الحاجة الماسّةِ اليها”.
وفي وقتٍ سابق، منح البرلمان السويسري الحق لـ 18 بلدًا منها لبنان، بالاطلاع على بيانات ومعلومات الأرصدة لدى مصارفها.
وكان عقيص قد كشف في وقتٍ سابق أن “الدولة السويسرية فتحت المجال للبنان بالاطلاع على الحسابات المصرفية لديها اعتبارًا من 1-1-2020”.
واعتبر أن ذلك “فضيحة كبرى، في وقت نتلهّى بلعبة الحقائب والحصص”.
السياسة
from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2RSPfAn
via IFTTT
0 comments: