يواصل وكيل وزارة الخارجية الاميركية للشؤون السياسية، ديفيد هيل، زيارته بيروت في يومها الثاني، حيث من المتوقع أن يلتقي اليوم كلاً من وزير الخارجية جبران باسيل، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، بعد أن جال أمس على كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيسي مجلسي النواب والوزراء.
أجواء ايجابية
وعلمت “النهار” ان الاجواء الإيجابية سيطرت على لقاء هيل والرؤساء الثلاثة. وكشف أنه ينقل رسالة من وزير خارجية بلاده مايك بومبيو. وأكد دعم اللبنانيين للتوصل إلى حلول سريعة تخرجهم من ازماتهم، وشدّد على أن تعمل الحكومة بعد تشكيلها لتنفيذ جملة من الإصلاحات المطلوبة، إضافة إلى ضرورة الاستجابة لمطالب اللبنانيين الذين عبروا عنها في الشارع.
ووفق المعطيات التي توافرت لـ”النهار” ان هيل لم يتطرق الى مسألة توزير هذه الجهة أو تلك، كما لم يضع فيتو على أي فريق سياسي، بل دعا الى “حكومة شريكة للمجتمع الدولي وتلتزم الاصلاحات المستدامة ومكافحة الفساد ووقف الهدر وتنظيم الموازنة العامة على أسس صحيحة وواقعية وليست مضخمة ولا منفوخة . لان المؤسسات الدولية والعربية الراغبة في مساعدة لبنان تتطلع الى ممارسة الشفافية في اداء المسؤولين في الحكومة الجديدة واجهزة الدولة على اختلافها”.
وبحسب “اللواء” فان هيل حمَّل تصريحاته عند الرؤساء الثلاثة، رسالة بأبعاد ثلاثة:
1- تأليف حكومة لاجراء إصلاحات هادفة ومستدامة.
2- لا تمثيل للحزبيين فيها.
3- توحي بأشخاصها وبرامجها بالثقة للمجتمع الدولي.
من وجهة نظر الدبلوماسي الأميركي ان الشراكة بين بلاده ولبنان قائمة، لكن الالتزام بالاصلاحات الفورية من شأنه إعادة إخراج لبنان من النفق، والسير به إلى الاستقرار والأمن وحتى الازدهار.
ووصفت مصادر مواكبة للقاءات التي اجراها السفير هيل ان الرسالة التي اوصلها الى المسؤولين اللبنانيين انه من دون تاليف حكومة جديدة تلبي تطلعات ابناء الشعب اللبناني ولاسيما، منهم الذين نزلوا الى الشارع، وتعمل على القيام بالاصلاحات المطلوبة وتبدأ تنفيذها سريعا على الأرض، لا يمكن للولايات المتحدة والمجتمع الدولي ان يمد يده للمساعدة وتنفيذ ما نص عليه مؤتمر سيدر.
وقالت المصادر إنه لوحظ ان الموفد الأميركي كان على اطلاع على تطورات الأوضاع في لبنان، أن على صعيد التظاهرات أو مسار الحركة السياسية لجهة تشكيل الحكومة الجديدة ومن خلال استفساره عن العديد من النقاط والتفاصيل التي ادت الى تكليف حسان دياب لتشكيل الحكومة، وبدا مهتما بكل مايتعلق بخصوصها، في حين لم يوفر ملاحظات حكومته ورفضها للتعرض غيرالسلمي للمتظاهرين، ان كان من قبل قوى حزبية معروفة أو من خلال القوات الامنية حول المجلس النيابي، مكررا موقف بلاده الداعي لحماية المتظاهرين وعدم التعرض لهم.
الى ذلك، قالت مصادر مواكبة للزيارة لـ”الشرق الأوسط” بأن هيل كان حريصاً على عدم التدخل في مسار تشكيل الحكومة، ولا بأسماء الوزراء، وتحدث بحيادية مطلقة عن الوضع، مركزاً على ضرورة إجراء الإصلاحات لتكون استجابة لتطلعات الشعب اللبناني، وهي أساس كل شيء في هذه المرحلة، كما ركز على ضرورة مكافحة الفساد.
ولفتت المصادر إلى أن هيل لم يأتِ على ذكر العقوبات على “حزب الله” في لقاءاته، ودعا إلى ترك المصالح الحزبية جانبا والعمل من أجل المصلحة الوطنية ودفع عجلة الإصلاحات.
اطلالات هيل مقصودة
إلى ذلك، توقفت مصادر سياسية مطلعة عند إطلالة مساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية السفير ديفيد هيل من مقرات الرئاسات الثلاث، والخطوة المقصودة من ادلائه ببيان مكتوب من المنصة الإعلامية لهذه الرئاسات، اتسم بكثير من الواقعية والاتزان، واصفة مضمونه بالشامل والمطمئن، خصوصاً وانه خلا من نبرة تصعيدية، أو حتى إشارة إلى “حزب الله” الذي تصنفه الإدارة الأميركية بالارهابي، وإلى العقوبات الأميركية.
ولفتت المصادر لـ”اللواء” الى ان هيل اضاف الى بيانه كلمة كل شعب لبنان في اشارته الى تمني بلاده النجاح له مؤكدة ان في العبارات المنتقاة اكثر من رسالة ولا سيما قوله ان لا دور لبلاده في قول من يجب ان يترأس الحكومة وتشكيلها في الوقت الذي شجع فيه السياسيين على الاصلاحات المستدامة.
ولاحظت المصادر في الوقت نفسه حديثه عن قيام حكومة تلتزم بهذه الاصلاحات مشيرة الى انه لم يردد اللهجة الاميركية المتعارف عليها حيال فريق معين في لبنان وكأن المطلوب هو بعث ببعض الرسائل دون سواها حتى انه لم يأت على ذكر ترسيم الحدود.
وذكرت المصادر ان رسالة هيل كانت مشجعة وهو نقل رغبة اميركية بحكومة فاعلة ومنتجة تعمل على تحقيق مطالب الحراك المحقة انطلاقا من الاصلاحات ومكافحة الفساد والمقصود بالإصلاحات ايضا الإصلاحات المالية والنقدية وما شابه.
هيل في بعبدا
واذ وصف اجتماعه مع رئيس الجمهورية بـ”الجيد جداً”، كشفت المعلومات لـ”اللواء” ان الموفد الأميركي أكّد دعم بلاده للبنان، متمنياً التوفيق للرئيس المكلف في مهمته، لا سيما وأن الولايات المتحدة لا تتدخل في من يكون الرئيس أو الوزراء، وتدعم أي جهد لتحقيق الإصلاحات ومكافحة الفساد، وان واشنطن مستعدة لمساعدة لبنان في كل المجالات فور تشكيل الحكومة الجديدة.
هيل وبري والمعتصمين
ومن عين التينة أثار هيل مع الرئيس نبيه بري موضوع الاعتداءات على المعتصمين المطالبين بحقوقهم في الساحات من مجموعات حزبية، وتعريض قوى الأمن لامكان المواجهة مع الناس واضعافها.
وقال هيل: “نحن نعتقد أن الوقت قد حان لترك المصالح الحزبية جانبا، والعمل من أجل مصلحة لبنان، من خلال دفع عجلة الإصلاحات وتشكيل حكومة تستطيع إجراء تلك الإصلاحات والقيام بها. وكما قلت، الولايات المتحدة ليس لديها أي دور في تشكيل الحكومة، إن من يختار رئاسة الحكومة واعضاءها هو الشعب اللبناني”.
وأضاف: “إن الاحتجاجات الجامعة، وغير الطائفية، والسلمية إلى حد كبير طوال الأيام الـ65 الماضية، تعكس مطلب الشعب اللبناني الطويل الأمد في إصلاح اقتصادي ومؤسساتي، وحكم أفضل، ومن أجل وضع حد للفساد المستشري. أنا اشعر بالقلق بسبب ادلة على وجود مجموعات تسعى إلى تقويض هذا التعبير غير العنيف من خلال التهويل والهجمات الجسدية على المتظاهرين، فليس هناك مكان للعنف في الخطاب المدني”.
بري استعرض من جهته مرحلة ما قبل استقالة الحريري، مبدياً تأييده لمطالب الحراك بقيام الدولة المدنية والقانون الانتخابي على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة على أساس النسبية ومحاربة الفساد، عرض مرحلة الاستشارات وسعيه مرات عدة لعودة الحريري الذي أصر على الرفض، مؤكداً “أننا اليوم نمرّ بمسار تشكيل حكومة جديدة مع الرئيس المكلف حسان دياب، وأول واجباتها الإصلاحات ومحاربة الفساد، والشفافية والإصرار على اخضاع كافة التلزيمات عبر مناقصات شفافة”. وحول الوضع في الجنوب، شدّد رئيس المجلس على أن إسرائيل وحدها المسؤولة عن الخروقات للقرار الأممي 1701 وليس آخرها تحليق المسيرات فوق الضاحية الجنوبية”. هيل كرر في عين التينة ما قاله في بعبدا خلال لقائه الرئيس ميشال عون وهو أن على اللبنانيين “القيام بالإصلاحات المستدامة لدعم الاستقرار في لبنان”. وشدّد على أنّه “لا بدّ من وضع المصالح الحزبيّة والسياسيّة جانباً من أجل المضيّ قدماً بالإصلاحات”، مؤكّداً أنّه “ليس للولايات المتحدة دور في تحديد رئيس الوزراء أو الوزراء في الحقائب المختلفة”.
هيل في بيت الوسط
ومن بيت الوسط سمع هيل من الرئيس سعد الحريري تأكيده أن لبنان يعاني من أزمة كبيرة على الصعيدين المالي والاقتصادي والمعيشي، مركزاً على ضرورة أن يبادر المجتمع الدولي لمساعدة لبنان.
وأكد هيل بحسب “الشرق الأوسط” أن الولايات المتحدة “كانت شريكة للبنان منذ عقود، ونحن على استعداد لمساعدة لبنان على دخول فصلٍ جديد من ازدهارٍ اقتصادي يتميّز بالحكم الرشيد وخالٍ من الفساد. ولكننا وأصدقاء لبنان الآخرين يمكننا فعل ذلك فقط عندما يقوم قادة لبنان بالتزام صادق وواضح وظاهر بالإصلاح.”
وقال هيل “ما يهمنا جميعاً هو ما إذا كان قادة الأحزاب والمجتمعات اللبنانية سيوفون بالتزاماتهم لخدمة شعب لبنان عبر الاستجابة للحاجات والأصوات التي نسمعها. وعندها فقط يمكن للمجتمع الدولي أن يساعد اللبنانيين على تحقيق إمكاناتهم لتطوير هذا البلد”.
هدوء هيل فاجأ الجميع
واللافت في الزيارة، أن المسؤولين اللبنانيين فوجئوا بالنبرة “الهادئة” التي استعملها هيل أمس في جولته حيث إن تصريحاته المكتوبة خلت من أي ذكر لـ”حزب الله” وسلاحه. ونُقل عن أوساط مطلعة أن هيل “لم يعترض على تكليف حسّان دياب تشكيل حكومة جديدة” موضحا أن هذا “شأن داخلي لبناني”. وتوقفت المصادر عند “انتقاده بعنف” لما أسماه “الفساد المستشري”. وتوقفوا عند تكرار الموفد الأميركي استعمال عبارات “قوة الشراكة بين بلدينا”.
وأبدت أوساط سياسية استغرابها من “اللغة الهادئة التي تحدث بها هيل خلال لقاءاته المسؤولين”، وخصوصاً أنه “تحدث في الشأن اللبناني بشكل عام، مشدداً على الاستقرار والإصلاح”، فيما لم يأت على ذكر أي من الملفات الحساسة كترسيم الحدود كما كان متوقعاً.
from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2Q5UoEC
via IFTTT
0 comments: