اليوم أصبح دونالد ترمب ثالث رئيس في التاريخ الأميركي يسائله مجلس النواب. في بنود لائحة الاتهام المتعلقة بالمساءلة والتي صدرت في وقت سابق من هذا الشهر، بالإضافة إلى جلسات الاستماع المثيرة للجدل في أغلبها قبل ذلك، عرض الديمقراطيون في مجلس النواب قضية عزل رئيس الولايات المتحدة من منصبه بسبب إساءة استخدام السلطة وعرقلة الكونغرس. والمساءلة أخطر السلطات التي يمنحها دستورنا للجهاز التشريعي.
ومساء أمس، من مدينة آن آربر بولاية ميشيغان إلى ساراسوتا في فلوريدا ثم سبوكان في ولاية واشنطن، خرج الأميركيون إلى الشوارع للتعبير عن دعمهم للمحاكمة. ومن دواعي الأسف أن البعض قاموا باستنساخ شعار “اسجنها” لأنصار ترمب ضد هيلاري كلينتون في عام 2016. لقد كانوا يعبرون عن رغبتهم الجماعية ليس فقط في رؤية عزل دونالد من منصبه، ولكن أيضا وضعه خلف القضبان، كما لو أنهم نسوا أننا في هذا البلد لا نحبس خصومنا السياسيين. لقد كانوا سعداء ومتحمسين.
غير أنني لا أشارك يساريين كثر الابتهاج هذا. بل أشعر بحزن لا يوصف – لأن دونالد ترمب ربما يكون قد عرّض الأمن القومي للخطر في محاولته التأثير على انتخابات عام 2020، ولأنه لم يستطع إدراك خطئه (بناءً على رسالته الفظة إلى رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي)، على خلاف ريتشارد نيكسون الذي استقال من منصبه وبيل كلينتون الذي رضخ. أشعر بالإحباط لأن أشد مناصريه، سواء في الكونغرس أو في جميع أنحاء البلاد، يعجزون أو يرفضون الاعتراف عندما يخطئ الرئيس.
وكذل، أشعر بالأسى أمام بعض اليساريين مما حصل. إن أسلوب باحات المدارس “لقد حذرتك” غير مجدٍ، وما يحدث ليس جديرا بالاحتفال، على الرغم من أنني أرى أن عمل الضوابط والتوازنات المنصوص عليها في دستورنا، ولو على أقل تقدير، يستحق التقدير.
إن اليوم هو يوم مشهود له، يوم حزين، للديمقراطية الأميركية، حيث أن الرئيس الذي لم يفز بالتصويت الشعبي ولكنه فاز بالانتخابات بطريقة مشروعة، والذي أبدى مراراً ازدراءه بالمنصب الجليل للرئاسة، يُحاكم على أساس حزبي – وهو ما لم يكن يرغبه أبداً من وضعوا الدستور الأميركي. لن يُقال الرئيس من منصبه، لأن – على قول ميتش ماكونيل وليندسي غراهام – الجمهوريين حسموا أمرهم سلفاً في مجلس الشيوخ. يجب أن تكون هناك عملية لإجراءات العزل – وإذا لم ترقَ الادعاءات بمحاولة رشوة حكومة أجنبية للتحقيق مع خصم سياسي إلى مستوى الجرائم الكبيرة والجنح، فأنا لست متأكدا ما قد يرقى إلى ذلك – لكن من المحزن رؤية الطريقه التي تتكشف بها العملية.
ستمرمغ البلاد في الوحول أثناء هذه العملية، مع العلم أن لا شيء سيحدث بعدها – على الأقل من حيث نتيجتها على هذا الرئيس الذي يلوّح بالمحاكمة باعتبارها شارة شرف ويستخدمها لجمع التبرعات وفي حملته الانتخابية حتى خلال وقت التصويت – وهو أمر مروع. لقد كنا سلفاً منقسمين للغاية، وغاضبين جداً من بعضنا البعض، وهذا لن يؤدي إلا إلى تفاقم الانقسام والغضب.
لم يكن من الخيار عدم محاكمة الرئيس، لكن المساءلة في هذه الظروف كانت خياراً سيئاً. أود أن أقول إن الديمقراطيين في مجلس النواب قد وقعوا بين نارَين، وإذا كان الاستطلاع الحالي حول شعبية المحاكمة يحمل أية إشارة، فهي إشارة إلى أن النار الثانية هي نار المد الجمهوري.
وليس هناك جانب مشرق في سحابة هذه الأزمة، ولا قوس قزح بعد المطر. وسيواصل الديمقراطيون اعتبار دونالد ترمب أسوأ شيء ألم بالبيت الأبيض منذ أن أحرقه البريطانيون. وفي المقابل سيواصل الجمهوريون الدفاع عما لا يمكن الدفاع عنه. وسوف يستمر الأميركيون في كره بعضهم بعضاً.
وفي خضم هذا الوضع، لن يفوز أحد باستثناء ترمب، الذي يستمتع بهذا النوع من الدراما السياسية و – لنكن صريحين – بلفت الانتباه. سوف يواصل حياته كالمعتاد. هنيئاً له، أظن. وبالنسبة للشعب الأميركي، طبعاً، أنا حزين جدا. فالبلاد أكثر انقساماً من أي وقت منذ الحرب الأهلية، وكانت إجراءات العزل وستبقى أكثر إثارة للجدل. وستكون انتخابات 2020 أكثر إثارة للجدل منها، وفي حال كان موعد الانتخابات أقرب من المحاكمة، فذلك سيفاقم حدة الاحتقان.
وجليّ أننا لن نصحو من هذا الكابوس الوطني الطويل في القريب العاجل.
© The Independent- سكايلر بيكر- جوردان
from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2rjFa6w
via IFTTT
0 comments: