اندريه قصاص- لبنان 24
أيًّا تكن المواصفات التي يتحّلى بها الرئيس المكّلف الجديد الدكتور حسّان دياب، وأيًّا تكن المعطيات المحلية التي أوجبت تسميته من بين كثيرين من أبناء الطائفة السنّية، الذين يتمتعون بالمواصفات نفسها، إن لم يكن أكثر، فإن الواقع الجديد المفروض بقوة الأمر الواقع الناتج عن تحالف العهد ومعه “التيار الوطني الحر” مع الثنائي الشيعي، وهم معًا يشكّلون وحلفاؤهم الأكثرية النيابية، لا يتخطّى الخطوط المرسومة بدقة من قبل من هم الأقوى بلغة الأرقام وبلغة التحالفات الإقليمية، مع ما يُرتقب من تطورات داهمة تتمثّل بالحرب الباردة أحيانًا والحامية أحيانًا أخرى بين الولايات المتحدة الأميركية وبين إيران، وقد يكون الخيار المتاح حاليًا، والذي أستعجلت الظروف الإقليمية إنضاجه على نار حامية، قد وضع في طريق الموفد الأميركي دايفيد هيل، الذي بدأ زيارته للبنان، وهو الذي يحمل معه أكثر من رسالة إلى المسؤولين اللبنانيين، وقد بدت لهجته، بعد التكليف، أكثر ليونة مما كان يتوقعه البعض، على رغم أن واشنطن ترى في تكليف الدكتور دياب خيارًا حتميًا لمنظومة “حزب الله”، الذي ستحمّله الإدارة الأميركية تبعات ما قد يحصل على الساحة اللبنانية من تطورات تفوق بحجمها وخطورتها إمكانات فرد أو جماعات.
وإستنادًا إلى هذه القراءة يمكن فهم إستعجال “حزب الله” ومعه حلفاؤه بتكليف دياب مهمة تشكيل حكومة ستكون على أغلب الظنّ حكومة اللون الواحد، في حال رفض الرئيس سعد الحريري المشاركة فيها من خلال أخصائيين، أي حكومة “حزب الله” بإمتياز، وهذا ما سيجعل من مهمة واشنطن سهلة في حربها الإقليمية، ومن ضمنها يأتي “حزب الله” في أولوية الإستهدافات الأميركية، التي قد تسقط من حساباتها نتائج ما يمكن أن تفضي إليه هذه التطورات القائمة على “إستثمار” ما في الواقع اللبناني من تناقضات قد لا تصبّ في النهاية في مصلحة لبنان عمومًا، وهو الغارق حتى أذنيه في سلسلة من الأزمات الإقتصادية والمالية، التي يصعب الخروج من دوامتها من دون مساعدة خارجية، وأن أي لجوء إلى خيارات خارجية غير تلك المعتمدة منذ زمن طويل قد تفضي إلى إدخال لبنان، غصبًا عنه، في محور الممانعة، أي في محور مناصبة العداء للولايات المتحدة الأميركية، وبذلك ينتقل لبنان من صفوف المتفرجين إلى حلبة الصراع، الذي لا يُستبعد بأن يكون داميًا، وذلك إستتباعًا لما يحصل في العراق من تطورات، وما يمكن أن تُربط به بيروت ببغداد، وهما العاصمتان من بين أربعة دول سبق لإيران أن قالت عنها بأنها تشكّل قواعد لها في المنطقة، بغض النظر عمًا يحصل في سوريا واليمن من تطورات.
من هنا يصبح السؤال المطروح في ظل كل هذه المعطيات أمرًا مشروعًا، وهو يوضع برسم الرئيس المكّلف الجديد، الذي سيتكشف مع الوقت أنه الحلقة الأضعف بين حلفاء مفترضين هم الأقوى في بيئاتهم، وهو أمر يتخطّى الإمكانات المتواضعة والنية الحسنة والإرادة الطيبة.
وقد يكون لبعض الدول العربية دور محوري في نهج الممانعة، الذي سيصبغ حكومة دياب، خصوصًا إذا فشل “حزب الله” في إقناع الحريري بالإنضمام إلى الحكومة من خلال بعض الأسماء الذين يعتبرون تكنوقراط، وبذلك يكون “حزب الله” قد نجح في تأمين الحماية الضرورية للحكومة، والتي لم تتوفر في عملية التكليف، على أن يبقى السؤال الأهم الذي يتردّد على لسان أكثر من مسؤول عن سبب اللهجة اللينة التي إستخدمها هيل في مخاطبته اللبنانيين هو محور المرحلة التي ستلي التكليف تمهيدًا لتأليف حمومة يعتقد البعض أنها ستكون سهلة نسبيًا، على رغم ما يوضع في طريقها من عراقيل، وما يلاقيه تكليف دياب من إعتراض في الشارع، الذي بدأ ينحو مناحي خطرة قد تهدّد السلم الأهلي في حال لم توضع له ضوابط سياسية وأمنية معًا.
from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2EEN919
via IFTTT
0 comments: