شجرة الميلاد صنعها الثوار هذا العام (Getty)
في وقت بدأت بعض المجموعات المجهرية تنفذ تحركات لحرف الأنظار عن أصل المشكلة، المتمثلة في تشكيل حكومة مواجهة، ومن لون واحد، تحت مسمى “حكومة اختصاصيين”، لن تأتي إلا بالبلاء على الشعب اللبناني، كما حصل اليوم أمام مرفأ بيروت.. يواصل الناشطون والمجموعات الفاعلة في تنفيذ تحركات مطلبية، لتحريض المواطنين على عدم دفع الضرائب لتمويل الدولة والسلطة التي ستتشكل في الأيام المقبلة.
الرسالة وعنوانها
فتحت ذريعة التصويب على ملفات الفساد في المرفأ، وهذا أمر محق ويستدعي التحرك في شأنه، نفذ عدد من الناشطين في “حركة الشعب” وبعض “القوميين” السابقين، تحركاً أمام مرفأ بيروت، لكن ما بدر من كلام عن الناشطين لمنح الفرصة لحكومة الرئيس المكلف حسان دياب، لاقى رفضاً من قبل المجموعات الناشطة الأخرى، خصوصاً أن المسألة في لبنان ليست في إعطاء فرصة من عدمها. فرسالة دياب وحكومته بالطريقة التي عين فيها تُقرأ من عنوانها. هي حكومة إشهار إفلاس لبنان، لا تدارك الأزمة التي تحتاج لمستقلين غير معينين من أحزاب السلطة. فكيف إذا كانت أحزاب الثامن من آذار، التي تستأنس بالخراب بذريعة المواجهة والتحدي والصمود؟
هذه المواقف الرافضة للحكومة المقبلة التي ستأتي بغطاء الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر، برزت في التحرك المسائي أمام مؤسسة كهرباء لبنان في مار مخايل، الذي دعا إليه الناشطون تحت عنوان “مش دافعين”. ولفت الناشطون إلى أن تحرك بعض المجموعات المقربة من حزب الله، يهدف إلى التنطح للتوزير في البازار الذي فتحته قوى السلطة لتمثيل “الحراك” في الحكومة المقبلة، إذ وعدت بعض المجموعات المجهرية بوزراء.
الحثّ على العصيان
يأتي هذا التحرك ضمن الأنشطة التي بدأتها المجموعات لحث المواطنين على عدم دفع الضرائب كنوع من عصيان مدني متدرج إلى حين الحصول على الخدمات الأساسية، التي تجبي لها الدولة الضرائب، من دون حصول المواطن على الخدمات. فإسوة بتحريض اللبنانيين على عدم دفع القروض السكنية والشخصية للمصارف التي تحتجز أموال اللبنانيين، أتى الاعتصام أمام مؤسسة كهرباء لبنان للقول “ما رح ندفع فاتورتين للكهربا”، واحدة لمولدات الكهرباء الخاصة وأخرى للدولة.
وإلى الهتافات المنددة بالسلطة السياسية والسياسات المالية والمصارف، ردد المعتصمون هتافات من وحي المناسبة “مش دافعين، مش دافعين ضرايبكم مش دافعين. ومش دافعين ومش دافعين مش رح ندفع حق الدين. ومش دافعين ومش دافعين حق فسادكم مش دافعين. ويا دولة المصايب مش دافع الضرائب، وكل ما الحرامي فلتان رح منكفي بالعصيان. وبكرا العصيان يشهد لبنان”.
ورفع المعتصمون لافتة كبيرة كتبوا عليها “بدنا رئيس حكومة إنقاذ، مش حكومة مجاعة”، وأخرى كتبوا عليها “لا لرئيس حكومة مواجهة”، للتعبير عن رفضهم لترؤس دياب الحكومة المقبلة التي ستأتي بالكوارث على اللبنانيين، ولرفض حكومة اللون الواحد التي فرضها فريق 8 آذار. ولافتات صغيرة مثل “ضد دفع فاتورة الظلام”. كما ردد المعتصمون هتافات ضد الحكومة “بدنا حكومة مستقلة ومش كراسي طائفية، يالله ثوري يا بيروت”، للتنديد بالطرق المعتمدة لتشكيل حكومات التحاصص الطائفي.
بيان رفض الحكومة
وتزامن هذا التحرك مع تحركات في المناطق على فروع مؤسسات الكهرباء من الجنوب إلى الشمال والبقاع وجبل لبنان. وألقى المعتصمون بياناً جاء فيه: رغم مرور 65 يوماً على نزول الناس إلى الشوارع تمعن قوى السلطة بتجاهلها للناس واستمرار نهج المحاصصة والمحسوبيات والمحاور.
وأضاف البيان لقد خرجت قوى السلطة علينا بمناورات عدة عبر التداول بأسماء وزراء هدفها تأمين عودة الحريري الآمنة للحكومة، فأخرجت بعض قوى السلطة ورقة أسوأ الحكومات التي مرت في تاريخ لبنان أي حكومة حسان دياب. وتابع، لقد طالبنا بحكومة بوجوه مستقلة من خارج الطبقة السياسية، لكنهم أتوا بوزير سابق هو جزء من الطبقة السياسية التي رفضتها الناس في 17 تشرين وعادوا إلى منطق المحاور والانقسام العامودي.
كما جاء في البيان، من هنا، من أمام شركة الكهرباء وهي واحدة من أكبر مزاريب الهدر جئنا لنقول انه ابتداء من اليوم ندعو الشعب اللبناني، الذي عانى من فسادكم، أن يمتنع عن تسديد فاتورة الكهرباء، إلى حين تشكيل حكومة من المستقلين تلبي مطالب الناس وتحظى بثقتهم وقادرة على وضع خطة إنقاذية. فالمواطن اللبناني يدفع فاتورة مزدوجة هي من الأغلى في العالم لتسديد العجز، وذلك بعد ثلاثين سنة على انتهاء الحرب الأهلية في لبنان. وقطاع الكهرباء يستنزف الحصة الأكبر من الموازنة العامة، ونسبة الهدر غير الفني تصل إلى 21 في المئة، وسببها المخالفات والتعديات والتي لم تتمكن الشركة من إزالتها، كما 58 في المئة من الفواتير غير المستوفاة – بقيمة 1800 مليار ليرة تعود الى الإدارات العامة ومصالح المياه. وأعلنوا أنهم سيستكملون الخطوة في التمنع عن دفع القروض للمصارف.
مسيرة وإضاءة شجرة
وسار المعتصمون الذين فاق عددهم مئتي شخص، في تظاهرة باتجاه ساحة الشهداء لإضاءة شجرة الميلاد التي صنعها الثوار هذا العام بعكس الأشجار والزينة التي كانت تتكلف عليها بلدية بيروت ملايين الدولارت من جيوب المواطنين. وهتفوا ضد حكومة دياب وضد الحريري “كلن يعني كلن دياب واحد منن والحريري واحد منن”. ونحنا الثورة الشعبية وانتوا الحرب الأهلية. وهتافات تدعوا المواطنين لعدم دفع الضرائب.
وبدا لافتا تجاوب المواطنين في سياراتهم مع المتظاهرين في شارع الجميزة. فرغم زحمة السير التي أحدثتها المسيرة في ذاك الشارع الضيق لم يتذمر السائقون بل على العكس راحوا يطلقون أبواق السيارات مصفقين لهم. واخذوا قصاصات لاصقة لتعليقها على الزجاج كتب عليها مش دافعين، وزعها المتظاهرون على المارة.
وهتف المتظاهرون “يا حسان اسمع اسمع من الشارع ما رح نطلع”. كما طالت الهتافات رئيس الجمهورية “رئيس الجمهورية بالقصر مزهرية”.
وأضاء المتظاهرون شجرة الميلاد التي زينوها بكلمات ثورة وبيروت وحرية، بحضور فنانين لبنانيين. وأطلقوا حملة مش دافعين رسمياً، إذ سيصار إلى دعوة جميع المواطنين للتوقف عن دفع الضرائب كنوع من العصيان المدني حتى تحقيق المطالب.
from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2rencCe
via IFTTT
0 comments: