Monday, December 17, 2018

منظمة الهاغاناة: القواعد الأمنية وتطبيقاتها

اهتمت منظمة الهاغاناة منذ بداية عملها بالإعداد الجيد لأعضائها، وكان من مجالات اهتمامها الجانب الأمني؛ لذلك وضعت شروطاً لا بد من توفرها في العناصر العاملين في مجال الأمني، وقامت بتدريبهم وتطوير قدراتهم، وطوّرت قيادة الهاغاناة آليات للاستفادة من المعلومات الأمنية الواردة للقيادة، كما ركزت على أساليب مواجهة الأعداء أمنياً، سواء كانوا من العرب أو الألمان أو البريطانيين أو المنظمات الصهيونية المعادية للهاغاناة.

استندت منظمة الهاغاناة إلى قواعد مهمة في العمل الأمني، التي إذا غاب أحدها أحدث شرخاً بالغاً فيها، ومن تلك القواعد:

أولاً: القواعد الأمنية المتبعة على مستوى العناصر:

اعتمدت منظمة الهاغاناة على العديد من القواعد الأمنية التي يجب أن تتوفر في العناصر، منها:

1) الرصد وجمع المعلومات:

اعتمدت منظمة الهاغاناة في عملها الأمني على جمع المعلومات من الشرطة البريطانية والقرى العربية ؛ فيذكر أفرايم ديكل: ” أمر زملاؤنا في الشرطة بالتنبّه الخاص لأمور السلاح، وطلب منهم جمع أية معلومة، أو قصاصة، أو وثيقة، أو ملف يتعلق بالسلاح الصهيوني، وإيصالها لهشاي، وقمنا بتصويرها حتى نقف على طريقة عمل التحري وإذا وصلت معلومة للشرطة عن سلاح، كان زملاؤنا في هشاي ورجال الشرطة الصهاينة يخبروننا عن ذلك الخطر قبل حدوثه، وكنا نتحرك لإنقاذ ذلك قبل وصول الشرطة، وحافظنا على سلاح الهاغاناة حفاظنا على حبات عيوننا؛ فالتحري كان يستخدم كل الوسائل لمعرفة أماكن خزن السلاح في المستوطنات وكانت مهمتها الكشف قبل الأوان عن أعمال للتحري البريطاني”(1 ).

اتضح من خلال المعلومات التي تم نقلها من رجال الشرطة إلى منظمة الهاغاناة أن أرقام ملفات التحقيق متسلسلة حيث إن كل شعبة تبدأ ملفاتها برقم معين، وتبدو تلك المعلومة إدارية بحتة، وأن لها أهمية كبيرة عند منظمة الهاغاناة التي كانت لديها معلومات مسبقة عنها، وبناء على رقم الملف وطبيعة المهمة التي ستوجه لأي صهيوني يتم استدعاؤه إلى الشرطة أو المحكمة أو أي مكتب حكومي(2 ).

وصلت إلى منظمة الهاغاناة بتاريخ 26 تشرين ثانٍ (نوفمبر) عام 1933م، معلومات موثوقة، تفيد بأن شرطة بتاح تكفا تلقت أمراً يقضي بإجراء تفتيش بدءاً من يوم 27 تشرين ثانٍ (نوفمبر) عام 1933م، لسيارات الحليب القادمة من تل أبيب من العفولة، ونقطة أخرى من الغور، وكان لدى الشرطة معلومات تفيد بأنه يتم نقل أسلحة في تلك السيارات، وقد وقع التقرير مع شخص صهيوني باسم مستعار تحت مسمى (العاد) في منطقة بتاح تكفا في الساعة الخامسة عشر وثلاثون دقيقة(3 )، وفي تقرير آخر وردت أسماء ثمانية أشخاص من الصهاينة مطلوبين للشرطة بتهمة أنهم شيوعيون، وقد وقع ذلك التقرير بتاريخ 28 تشرين ثانٍ (نوفمبر) عام 1933م، بيد شرطي صهيوني يعمل داخل الشرطة البريطانية(4 ).

ويتضح مما سبق أن منظمة الهاغاناة عملت ضمن سياسة تغلغل الصهاينة في كافة أوساط الشرطة في السجون أو المحطات التابعة لقيادة الشرطة، أو في قلب المدن وضواحيها، بهدف جمع المعلومات من المؤسسات الحكومية البريطانية.

كما سعت هشاي للتغلغل في الدوائر الحكومية البريطانية لجمع المعلومات التي تفيد الهاغاناة وقيادة اليشوف الصهيوني، فقد عمل موظف صهيوني في شعبة تسجيل الأراضي، كانت تجلب معلوماته الفائدة لسياسة الأراضي التابعة لليشوف الصهيوني، وكان يعمل مساحاً للأراضي يخرج مع مساعديه العرب إلى زوايا متروكة في فلسطين لم تطأها قدم صهيوني، ومن خلال صلاته مع الفلاحين البدو، وأصحاب الأراضي وقف على ما يدور في الأماكن العربية البعيدة جداً، وكان صهيوني آخر يعمل في حكومة الانتداب في المدن العربية، كان متنبهاً دائماً للمقاهي المجاورة له(5 ).

بدأ دور جهاز معلومات منظمة الهاغاناة (هشاي) منذ اليوم الأول للثورة الفلسطينية عام 1936م، فقد سارعت سيارة تقل أعضاء من عناصر هشاي إلى يافا، لكنها رجمت بالحجارة واضطرت للعودة إلى تل أبيب( 6)، وبسبب تلاقي المصالح الصهيونية والبريطانية تم الاتصال بين استخبارات الهاغاناة والمخابرات البريطانية، لكن تلك الاستخبارات تأثرت سلباً بالثورة الفلسطينية، حيث قطعت العلاقات والاتصالات بين العرب والصهاينة، فقلّت المعلومات، وكان العرب أحياناً يسربون معلومات خاطئة للصهاينة(7 )، لكن الإضراب العربي والمقاطعة الاقتصادية أديا إلى تضرر الاقتصاد العربي، فاستغل دانين ذلك، وقام بتجنيد بعض ضعاف النفوس كعملاء خاصة وأن قيادة الهاغاناة قررت زيادة ميزانية هشاي في ذلك الفرع(8 )، وتنبه الثوار العرب لذلك؛ فقاموا بقتل بعض العملاء فتوقفت أية صلة بالصهاينة، وبذلك أقفلت مصادر المعلومات، وانقطعت أخبار العملاء العرب(9 ).

يتضح مما سبق أن جهاز المعلومات في منظمة الهاغاناة(هشاي) لم يحقق الدور المطلوب منه في تجنيد العرب كعملاء، وذلك يسجل نجاحا أمنياً مهماً للثورة الفلسطينية.

لجأت هشاي لجمع معلومات من السجناء الصهاينة الذين كانوا يعرفون الكثير عما يجري بين العرب، وكانت المعلومات تصل إلى هشاي من خلال زيارة السجناء وعبر الحراس الصهاينة(10 )؛ فنجحت هشاي في إحباط العديد من عمليات الثوار العرب ضد المستوطنات الصهيونية، وتم إلقاء القبض على بعض الثوار وهم في طريقهم إلى تل أبيب، وقد قام بجمع المادة الأمنية مخاتير المستوطنات، وحراس الحقول، ورجال الهاغاناة وآخرون كانت لهم علاقة مع القرى العربية، وقد عرفوهم شخصياً وأقاموا علاقات (صداقة)، واعتادوا لقاءاتهم، والقدوم للمضافة وللمقاهي العربية، والجلوس والحديث عن المحاصيل الزراعية، كما وأجرؤ الحديث في الشئون السياسية وشتى الوشايات(11 ).

كان عناصر هشاي يعودون من تلك اللقاءات مسجلين ما سمعوه ويقدمونه خطياً والنظرة فيه تكشف المزاج في الوسط العربي والمتوقع أن يحدث بينهم، وكانت حالات يدور فيها أحاديث (ودية)، أثبتت حاجة عاجلة لعملية سريعة لمنع اعتداءات على الصهاينة أو للتصدي لهجمات(12 ).

كان من المقرر افتتاح مهرجان الشرق في اليوم 30 من نيسان(أبريل) عام 1936م، فخرجت إشاعة بوجود متفجرات ستلقى في المكان، فشغل (هشاي) عملائه العرب لفحص حقيقة الإشاعات عن المتفجرات من الثوار، وتم وضع وتأمين أرض المهرجان في الداخل والخارج، واعتقال عدد من المشبوهين وتم الاحتفال دون وقوع أي من التفجيرات(13 ) (14 ) .

أعدت الدائرة العربية لهشاي ملفاً خاصاً لكل قرية عربية، يتضمن خارطة تفصيلية، وهيكلية القرية، ومعلومات عن خلايا الجوّالة، وأيه بيانات حول القرية تفيد هشاي في عملها؛ وخاصة في مجال نشاط الثوار وشراء الأسلحة وتهريبها(15 ) (16 ) .

قامت الهاغاناة بمواصلة جمع معلوماتها عن القرى العربية بعد توقف في الثورة الفلسطينية حيث أعطي دانين أوامر لمواصلة إعداد ملف القرية العربية، وعلى الأرضية التي وضعها يعقوب شمعوني(17 )في تنظيم المعلومات في أرشيف المكتب، وتم إعداد استمارة جيدة أكثر وضوحاً للهدف المطلوب، ولم تتضمن الاستمارة تفاصيل يمكن الحصول عليها بصورة أفضل من المصادر العلنية، وقد تم توحيد الأسئلة والإجابات وصياغتها بمصطلحات موحدة، من أجل تسهيل عملية التوثيق(18 )( 19)، وتم تقسيم البطاقات المطبوعة إلى شعب، ووضعت داخل الملف استمارة مفصلة، وبدأت تصبح تحدث تدريجياً، ويتم إثراؤها بالمعلومات بصورة مكثفة عبر التقارير التي كانت تتدفق على مكتب (هشاي)(20 ).

تم جمع معلومات مفصلة عن 600 قرية عربية من أصل 800 قرية، ولم تكن قيمة المعلومات الموجودة في الملفات موحدة، وتراوحت ما بين جيد جداً ومشكوك فيها، وكانت منطقة الشمال تُغطى بصورة أفضل من الجنوب، ويعود ذلك إلى الانتشار الجغرافي لليشوف الصهيوني، واتضح أن بعض العملاء البدو كانوا يختلقون المعلومات التي يجلبونها رغبة منهم في الحصول على المقابل المادي دون تعريض أنفسهم للخطر، حيث كان يُدفع لكل عميل عربي يجلب معلومات 3 جنيهات(21 ).

قامت هشاي بدور مهم في إنجاح الصناعة العسكرية للهاغاناة (تعس)، فكانت هشاي تتابع تفاصيل الحصول على ترخيص أي مصنع جديد، دون دخول المسئولين للمكان، وكان على هشاي فحص مدى صلاحية المكان لإنشاء مصنع فيه، وتابع عناصر معنيون من هشاي التفريغ، والتحميل لمصانع تعس، وحركة السيارات التابعة لها، وقام عناصر هشاي العاملين في الشرطة بحراسة المصانع، وعمليات تهم الصناعة العسكرية، والتلصص على تقارير التحري عن تعس، تفادياً لأي خطر قد تتعرض له، كما كانت هشاي ترسل أعضاء تابعين لها للعمل في مناطق المصانع، كباحثين اجتماعيين للتعرف على ما يذاع بين الناس، وفهم ما لديهم عن المعامل المجاورة لهم، كما توسطت هشاي عند أثرياء يهود ليساهموا بأموال للعمل في الصناعة العسكرية(22 ).

من كل ما سبق يتضح أن هشاي اهتمت كثيراً بالرصد وجمع المعلومات؛ لأنها الوسيلة الأهم في نجاح العمل الأمني.

2) الخدعة والدهاء:

حدثت في حزيران (يونيو) عام 1943م، كارثة في معمل يهودا للتصنيع العسكري لمنظمة الهاغاناة، حيث كانت الغرفة مشبعة بالكحول، وبدأ انفجار الزجاجة تلو الأخرى وهرب عدد من العمال، لكن موشيه بلاوٍ، وماير ايسيستر قتلا، وأصيبت الفتيات نيحاما، وأدنورا، وبانيا، وقد ماتت بانيا لاحقاً في مستشفى تل أبيب، خوفاً من تحقيقات الشرطة، قيادة الهاغاناة أخبرت (هشاي) أنه يجب نقل الجثث حسب الأصول فلم تستطع قيادة (هشاي) إخراج الأوراق الرسمية لإخراج الجثث من المستشفى، فلم يبق مفر لقيادة (هشاي) إلا سرقة استمارات من دفتر المستشفى لتعبئتها، بمساعدة طبيب من رجال (هشاي) للبيانات المطلوبة والتوقيع عليها، ومع الطبيب الحكومي، وموظفي وزارة الصحة المحسوبين مع مساعدي (هشاي) رتب الأمر على ألا يكثروا الأسئلة وهم يتسلموا شهادة الوفاة دون تحقيق زائد، وفي ليلة الانفجار وصل رجال الشرطة، ووحدة البالماخ، ورجال هشاي لتغطية الحادثة، والتمويه وإبعاد الآلات من المكان(23 ).

3) القيام بمهمات خاصة:

كان كتريئيك ك(24 )، يمكث خارج فلسطين، ويرسل أسبوعياً حقيبتين أو ثلاث حقائب فيها سلاح، وكل حقيبة تكون متوسط وزنها حوالي 30 كيلو جراماً، وتحتوي على مسدسات مع طلقات، توضع عليها إشارات متفق عليها، وحملت في سفن القادمين المبحرة إلى فلسطين، وضعت في السفن في مكان مناسب، حتى يتمكن أحد المسافرين الموثوقين من الإشراف عليها دون أن يأخذ على عاتقه ملكيتها وقت السفر في البحر أو عند وصول السفينة إلى الميناء، وفي كل مرة كانت حمولة كتلك تغادر إلى فلسطين، وكانت ترسل برقية من ميناء الإبحار وفيها الإشارات المتفق عليها، ومن تلك البرقيات تعرف عن الإرسالية التي في الطريق، أول اثنين يصعدان للسفينة لرعاية القادمين هما: مدير مكتب الهجرة في الوكالة اليهودية، وممثل اتحاد مهاجري بولندا، بينما قائد (هشاي) كان يظل في الجمارك يتحدث مع الشرطة اليهود والعرب ينتظر الحقائب التي تأتي من السفينة، كانت السفن تأتي إلى الرصيف تنقل حمولتها في القوارب، وأحد العتالة الصهاينة العاملين في الجمارك أحد عناصر (هشاي) وكان يأخذ الحقائب ذات الإشارة الخاصة ويعرضها أمام شرطي الجمارك الذي يعرف أيضاً أن الحقائب التي في يد ذلك الحمال يجب ألا تفتح بل يؤشر عليها بإشارة بالطباشير التي تفسح الطريق لإخراجها من منطقة الميناء دون تفتيش آخر، في مثل تلك الحالات كان يجب على قائد (هشاي) اللوائي أن يأخذ على عاتقه المعالجة المباشرة عند التنفيذ، فقد كان منهمكاً في تنمية علاقاته مع مؤسسات حكومية، مع الشرطة، وما إلى ذلك والإشراف على القنوات المعلوماتية لتعمل كما يجب، وإجراء الاتصالات مع الموظفين والضباط والشرطة(25 ).

كانت الرغبة التي كانت عند منظمة الهاغاناة في تهريب السلاح، تؤدي في بعض الأحيان إلى حدوث أخطاء، ففي أحد الحوادث تحطمت الحقائب، واندلق ما بداخلها خارجاً، حدث ذلك داخل مخازن الجمارك بين جمع من الشرطة والعرب، والكثير من العرب داخل الجمارك، لكن السلاح كان ملفوفاً زيادة في الأمن بمفرش داخل الحقيبة؛ فالحمال الصهيوني الذي كان يتوجب عليه إخراج الحقيبة عن طريق البوابة غطى فوراً الحقيبة بأطراف المفرش واستخدم الحبال التي في يديه لإصلاحها ثانية، لكنه خشي القدوم بتلك الربطة المفككة إلى موظف الجمرك، توقف وأشر بنفس العلامة بالطباشير وأسرع بالانصراف دون أن يثير شكاً، وصلت الحمولة للهاغاناة دون أية مشاكل(26 ).

أثناء أحداث ثورة عام 1936-1939م، كانت منظمة الهاغاناة تقوم بعمل حراسات للسلاح، وكلفت هشاي بتلك المهمة، لمخبأ السلاح المتواجد في المستوطنات الصهيونية، وفي ذات المرات اضطرت الهاغاناة أن تخبئ السلاح في مقر الشرطة البريطانية نفسها(27 ).

ويتضح مما سبق أن منظمة الهاغاناة سعت لامتلاك السلاح والذخائر بكافة الطرق الممكنة؛ فقامت بتهريب كميات من الأسلحة عبر البحر في سفن المهاجرين، وسفن الشحن، وسفن الحمولة الصغيرة.

وصل يهودا أرزي(28)إلى بولندا في أيلول (سبتمبر) عام 1936م، واشترى مصنعاً لإنتاج الرصاص، بثمن زهيد، حيث وزنت الآلات كخردة، ثم وصل إلى دارسو يحزقيئيل برعم لفحص الآلات، فوجدها غير صالحة للاستعمال، وتقرر إصلاحها، فاتصل أرزي بخبراء يعملون في مصنع حكومي للذخيرة، وتم إصلاحها دون علم الحكومة البولندية، وتم تجميع 12 آلة في صناديق خشبية كبيرة، وأرسلت بحراً لتصل إلى فلسطين، وأثناء إبحار السفينة، وصلت للهاغاناة معلومات عن معرفة البريطانيين بالصفقة، التي ستصل لميناء حيفا، فقام أرزي بالتنسيق مع ضابط بولندي لتغيير المكان الذي سترسل إليه الصفقة، وتم إنزالها في بيروت باسم الشركة اللبنانية التي كانت على ارتباط وثيق بالهاغاناة، وتم الاحتفاظ بها في بيروت، وفي عام 1941م تم تهريبها إلى فلسطين(29 ).

هربت خلايا الهاغاناة داخل كتيبة النقل رقم (402) في الجيش البريطاني العاملة في الحرب العالمية الثانية، الأسلحة من إيطاليا التي كانت ترسانة أسلحة الجيشين الألماني والإيطالي المهزومين، وعملت تلك الوحدة في تجميع الأسلحة في فيلا في ضواحي ميلانو، واستمر ذلك العمل عدة أشهر إلى أن اكتشفت الشرطة العسكرية البريطانية ذلك بعد تهريب كميات من الأسلحة المجمعة إلى فلسطين( 30).

استغلت منظمة الهاغاناة الجيش البريطاني للحصول على مواد متفجرة، صنعت في منطقة وادي الصرار، وكان يعمل في ذلك المصنع عمال صهاينة، استطاعوا جلب نسخة مفاتيح بوابة المعسكر، وفي الليل تم التسلل وملئت شاحنة بالألغام والصواعق، ونقلت إلى كفار مناحيم، وكان يتم إخراج مادة (TNT ) من الألغام وتوضع في مخازن (تعس) لاستخدامها فيما يلزم( 31)، لكن إحدى عمليات السرقة فشلت، وتابعت السلطات المجموعة، وحاصرت مستوطنة بيت شيمن، وبدأ هدم جدران وخلع أرضيات حسب خرائط برفقة الشرطة، وعثرت على مخزن أسلحة للهاغاناة، وسيطرت على 300 بندقية، و5 رشاشات، وآلاف الطلقات، وأجهزة إذاعة، وممتلكات أخرى للهاغاناة، وذلك كان في عام 1940م(32 ).

بعد رفض الصهاينة تصريح (بيفن)(33 )وزير خارجية بريطانيا عام 1945م، قاموا بمظاهرات، أحرقوا خلالها مكاتب الحكومة، وتمكّن رجال الإطفاء من الدخول للمباني المشتعلة، فلبس رجال هشاي زي رجال الإطفاء، ودخلوا المباني، وبحثوا عن وثائق ومستندات، وسرقوها، وأرسلوها إلى قيادة الهاغاناة؛ ففي فترة العصيان العبري، عملت هشاي على الكشف عن خطط السلطات، وحصلت على شهادات ووثائق سرية جداً، فيها أسماء هاغاناة معروفين للسلطات، وأماكن مخابئ السلاح المقرر كشفها، وخطط التفتيشات والاعتقالات(34 ).

نشطت مجموعات شراء السلاح التابعة للهاغاناة في أوروبا، خلال عامي 1946-1947م، ففي ايطاليا تمكن يهودا أرزي من شراء كميات كبيرة من الأسلحة، وهربها إلى ميناء حيفا، ووصلت إلى فلسطين خلال ست إرساليات(35 )،وتم شراء آلة خاصة من تشيكوسلوفاكيا لصب قنابل الراجمات ووصلت تلك الآلة إلى فلسطين باسم (مجموعة شيلر) ووضعت في غرفة خاصة( 36).

من كل ما سبق يتضح أن عناصر هشاي قاموا بمهمات خاصة في مجال تهريب الأسلحة والذخائر وآلات تصنيع الأسلحة، وحفظ المخازن.

4) الغطاء الأمني:

اعتمدت منظمة الهاغاناة في عملها الأمني على قاعدة الغطاء الأمني فمثلاً: تم استغلال الشرطة البريطانية، فقد كانت تدعم جهاز المعلومات (هشاي) على صعيد جمع المعلومات عن العرب، من خلال الاحتكاك معهم(37 )، وسعت هشاي للاستفادة من كل وسيلة يمكن أن تساهم في جلب مهاجرين جدد، فاستغلت التصاريح بعض أصحاب المزارع المسموح لهم بجلب عمال للعمل، فتم استخدام التصاريح عدة مرات، واستغلت العلاقة مع بعض الضباط البريطانيين للحصول على بطاقة هوية لمهاجرين، واطلعت هشاي على تقارير التحري فور صدورها عبر عملاؤها ومساعديها(38 ).

كانت الهاغاناة تهاجم الثكنات والمواقع والقوافل والمخافر العسكرية البريطانية للحصول على السلاح والذخيرة، كما قامت بسرقتها من المستودعات( 39)، وساهمت خلية الهاغاناة المتواجدة في تل أبيب في نقل تلك الأسلحة للهاغاناة مستخدمة سيارات الشرطة البريطانية(40 ).

سعت منظمة الهاغاناة منذ نهاية عام 1921م، لتهريب السلاح والذخائر؛ فاهتمت مجموعة هكيبوتس(41 ) (داخل الهاغاناة) بشراء الأسلحة، وتهريبها، فقد أقامت مخزناً كبيراً على عمق خمسة أمتار، وعلى مساحة ثلاثين متراً مربعاً، ووضع فيه 300 بندقية، وعشرات المسدسات، و6 رشاشات، وآلاف الرصاصات، وكان ذلك في كفار جلعادي( 42).

لجأ الصهاينة في فلسطين إلى عدة طرق لخداع لسلطات البريطانية لإدخال أعداد إضافية من الصهاينة، فانتحلوا صفة القرابة لعدد من الأطفال والأشخاص الذين يمكن (إعالتهم)ليُسمح لهم بالدخول إلى فلسطين، ولجأوا إلى الزواج الصوري من فتيات يهوديات ليتم إدخالهن، وقد بلغت حالات الطلاق 509 حالة في كل ألف زواج عام 1936م.(43 ).

كانت السياحة من وسائل الهجرة السرية، حيث يصل إلى فلسطين يهود كسائحين، ويبقون فيها، بدون تصاريح رسمية( 44)،وكانت تعقد دورات الألعاب الرياضية (مكابي) تعقد مرة كل عامين، ويدخل بواسطتها آلاف الصهاينة، وكان أغلبية القادمين لا يغادرون فلسطين، بينما في الأعوام التي كانت لا تعقد فيها دورات المكابي، كانت تقام معارض تل أبيب لتحصل الهجرة السرية سنوياً، وكانوا يدخلون تحت ستار المشاركة في المعارض، أو مشاهدتها، آلاف المهاجرين السريين(45 ).

كانت الهاغاناة تستخدم طرقاً عدة لتهجير يهود العراق ولبنان، وقد تمت بوسيلتين الأولى: عبر الحدود وبطرق (غير شرعية)، والثانية: بتزوير جوازات السفر، وكانت تتم عبر الحدود من خلال محور بغداد، الرمادي، الرطبة، جرش، عمان، ثم إلى فلسطين، ومحور ثاني بغداد، الموصل، القامشلي، حلب، دمشق، ثم فلسطين( 46).

قام الصهاينة باستخدام كل الأساليب الممكنة لتهريب المهاجرين سراً، وقد اكتُشفت قافلة هجرة سرية في 3أيار(مايو)عام 1935م، عندما حاولت اجتياز الحدود اللبنانية قرب الناقورة، بمساعدة بعض السماسرة العرب، وتم القبض عليهم، وفي 17آب(أغسطس)عام1935م، تم كشف عملية تهريب عند نقطة الخفر في الناقورة، حيث عثر على المهاجرين سراً في مقاعد كبيرة (كنب)في شاحنة كبيرة(47 ).

وفي عام 1938م، تم نقل مصنع الأسلحة من خزان المياه إلى مصنع جلود على شاطئ البحر بتل أبيب، واختير المكان؛ ليغطي صخب البحر على صوت الآلات، ولتنفر روائح تعفن الجلود من المكان، وتم تجهيز مخبأ وشبكة إنذار حديثة، حيث كان الحارس يفتح صنبور المياه إذا شعر بالخطر فتصبح دائرة كهربائية تؤدي إلى تشغيل المراوح داخل المصنع فيشعر العاملون بوجود خطر، فيهربون من باب خلفي سري، يفتح بواسطة الضغط على مسمار في الجدار المقابل فتنغلق الدائرة الكهربائية، فيفتح الباب وبعد الهرب يتم إغلاق الباب من الخلف( 48).

وصل في 25 تشرين أول(أكتوبر) عام 1945م، حاييم سلفن(49 ) الولايات المتحدة، حيث استعان بمهندس صهيوني فيليب ألبير، الذي تابع ما يُنْشر عن بيع آلات وتصنيع السلاح، وعندما بدأ بيع تلك الآلات على أنها خردة، طلب سلفن ميزانية بلغت مليوني دولار، لكن تم الموافقة على صرف 600 ألف دولار، تصرف على دفعات شهرية (50 )، وبدأ بشراء الأسلحة، وأسس سلفن أربع شركات وهمية، خرج باسمها لشراء الآلات من بين 200-300 تاجر جلبتهم الأرباح من وراء تلك التجارة(51 ).

اشترى سلفن مخزناً كبيراً في نيويورك، وجمع فيه خلال عام، ألفي آلة تقريباً من أنواع مختلفة، فاستعان بفتاتين للقيام بإعداد بطاقات، ووضع علامات لكل قطعة عند تفكيك الآلات ليتم شحنها من أمريكا إلى فلسطين، وخلال أيام أعدت الفتاتان آلاف البطاقات وكانت كل إرسالية من قطع الآلات، توضع فيها قطعها وبطاقاتها، ووصلت جميع الآلات إلى ميناء حيفا، وسلمت لمخازن الهاغاناة في تل أبيب(52 ).

يرى الباحث أن جهاز الأمن في منظمة الهاغاناة استغل الظروف بشكل جيد وقام بتهريب آلات تصنيع السلاح والذخائر إلى فلسطين بغطاء أمني ناجح، مع مراعاة الانحياز البريطاني للصهاينة.

5) الحس الأمني:

يذكر أفرايم ديكل فيقول: ” بعد منتصف إحدى الليالي رن هاتف في منزل قائد (هشاي) في لواء الجنوب(يقصد نفسه)، تحدث الضابط جولدمان، وطلب أن يحضروا فوراً إلى بيته لأن عنده معلومة لا تحتمل التأجيل، وقال لهم أنه وصلت إخبارية بأن سيارتين أو ثلاث شاحنات ستصل وفيها سلاح مهرب عبر الحدود ، ولتأمين نجاح ضبط السلاح قررت الشرطة إرسال وحدة من منطقة المركز وعدم تكليف شرطة الضواحي، وضم جولدمان باعتباره يعرف المناطق منذ زمن في خدمته في سلاح الحدود، ويستطيع أن يكون دليلاً لهم في الطريق يقول ديكل: توجه إلينا وقال: “هل السلاح لنا يقصد الهاغاناة”، وعندما رأى حيرتنا قال “في الواقع غير مهم” أسرع وأخبر من تخبره، الأمر جديٌ للغاية، فتم الاتصال فوراً مع قيادة الهاغاناة، ومن ردهم على قولنا فهمنا أنه لولا يقظة الضابط جولدمان كانت ستحدث كارثة، واتخذت فوراً إجراءات خاصة لتأخير قدوم سيارات السلاح وتأجيل مجيئها لتاريخ آخر، وأعدت السلطات البريطانية كميناً استمر لساعات طويلة للحصول على كمية السلاح المهربة، لكن دون جدوى”(53 ).

يتضح مما سبق أن قوة المعلومة الأمنية، تصنع قراراً صحيحاً؛ فتأخذ الإجراءات اللازمة للوقاية من الكمائن.

كان جهاز الأمن (هشاي) شريكاً أساسياً في إنزال السلاح من السفن وإحضاره إلى مكان آمن، واستمرت عملية النقل عامين، حيث جرت بشكل منسق ومتتالي، وفيها أدخلت إلى فلسطين آلاف المسدسات وذخائرها(54 )،وأورد تقرير حكومي بريطاني عن تهريب الأسلحة لمنظمة الهاغاناة عام 1947م، أنه: فيما يتعلق بالهاغاناة، فهناك دلائل كافية عن تهريب مدبر ومستمر للسلاح بكل الوسائل، وأثبت الصهاينة قدرتهم الغير مسبوقة في التهريب”(55 ).

6) قوة الملاحظة:

من المواقف لحاييم سلفن مدير (تعس) أنه في أحد زياراته لإحدى المصانع رأى برغياً على الأرض، ودون أن ينتبه له أحد، رفعه ووضعه في جيبه، ووضع في مكانه قطعة نقود، فرآها أحد العمال، وسأل عن صاحبها، فأخرج سلفن البرغي من جيبه، ولوّح به أمام الجميع، وقال: لقد كان البرغي ملقىً على الأرض، ولم يرفعه منكم أحد، إنه نقود أيضاً(56 ).

في 15 تموز(يوليو)عام 1947م، اكتشف البريطانيون مصنع (سنسيف) حين رأى رجال الشرطة البريطانية أضواء غير عادية، وتم التفتيش السريع، دون العثور على شيء بسبب دقة التمويه في المصنع، وفي صباح اليوم التالي تم تهريب كل المنتجات والآلات التي يمكن الشك فيها، وفي الساعة 7:30 صباحاً، وصلت قوات الشرطة، وبدأ التفتيش الدقيق، وضبطت بعض الأشياء الممنوعة التي لم يتم تهريبها، واعتقلت الشرطة 24 عاملاً وفي اليوم التالي أفرج عن العمال وظل مدير المصنع (الوهمي) معتقلاً لمدة أسبوعين ثم أفرج عنه(57 ).

7) قوة الإدارة:

لما تولى حاييم سلفن، إدارة التصنيع العسكري استحدث مركزاً أمنياً عاماً لجميع المصانع لدراسة التنبيهات التي يرسلها جهاز أمن الهاغاناة (هشاي)، وأوجد في المركز كشوف أسماء رمزية للعمال ومرتباتهم، وأسعار المواد، وكمياتها، وكان مفتاح الرمز سرياً محفوظاً في رأس مدير المكتب، وكانت أوراق الحسابات تخفى في الحائط(58 ).

8) معرفة البيئة التي يتحرك فيها العناصر:

أقيمت في حيفا عام 1942م، الدائرة الألمانية عندما كانت القوات الألمانية تهدد فلسطين من جهة مصر، وكان الهدف تحضير قوة يهودية من ذوي الشعر الأشقر والعيون الزرقاء ومجيدي اللغة الألمانية، كأنهم جنود ألمان وإعدادهم للانخراط في صفوف الألمان إذا احتلوا فلسطين؛ ليتمكنوا من النيل منهم، وكان وراء الفكرة يتسحاق سادية وموشيه ديان، وواجهت الوحدة صعوبة التجنيد لها لأن الذين تتوفر فيهم شروط العضوية، كانوا قد عانوا من النازيين، ويصعب عليهم إعادة تلك التجربة ثانية إذا ما انكشف أمرهم(59 ).

كان يمنع منعاً باتاً الحديث بغير الألمانية في المعسكر، وكل ما في المعسكر كان ألمانياً؛ الخيام والرموز والأعلام والرايات والملابس العسكرية والإدارة والتدريبات، فكان الاختبار الأول للوحدة إدخال عناصر منها لمعسكر اعتقال ألماني في مصر، ليكونوا على اطلاع مباشر(60 ).

9) السرية:

عممت منظمة الهاغاناة على عناصرها عندما كان يتم تصنيع المواد المتفجرة في البيوت، والبيارات(61 )،أنه يجب على العاملين في التصنيع العسكري إخفاء الأمر، والعمل بسرية حتى أمام أبناء عائلاتهم، وخوفهم على معاملهم وولاؤهم لها كان مطلقاً، حتى أن أحد رجال الهاغاناة قال لزملائه في (تعس): ” إنكم تبتلعون أطناناً من الصمت، ومع مرور الوقت سوف تنسون الكلام”( 62).

من كل ما سبق، يتضح أن جهاز الأمن في الهاغاناة (هشاي)اهتم بإعداد عناصره إعداداً أمنياً جيداً شمل كل ما رآه ضرورياً لنجاح مهامه الأمنية.

ثانياً: القواعد الأمنية المتبعة على مستوى القيادة:

استندت منظمة الهاغاناة على العديد من القواعد الأمنية لحماية التنظيم، ومن تلك القواعد:

1) توضيح المهام للعناصر:

قامت منظمة الهاغاناة بالشرح لكل موظف صهيوني يعمل في حكومة الاحتلال البريطاني أنه مندوب لمنظمة الهاغاناة، حتى ولو لم يُرسل من قبلها في الخدمة، وإن ذلك يكون نابع من إحساسه بخدمة المشروع الصهيوني، حيث لم تدفع قيادة (هشاي) مبالغ مالية لهم مقابل خدماتهم المعلوماتية، فتعلم أعضاء الهاغاناة أن تزويد المعلومات يكون بدافع الواجب والعرفان لمنظمة الهاغاناة (63 ).

2) التثبت ودراسة المعلومات:

كان دانين أحد المتمرسين في التعاون الاستخباري مع البريطانيين والتعاون في تبادل المعلومات حول الجماعات العربية المسلحة، واكتشاف أماكنها ومقدراتها، حتى أن البريطانيين كانوا يعرضون ما يحصلون عليه من معلومات من مصادرهم الخاصة على دانين لإبداء الرأي، وتوثيق المعلومات لقناعتهم بقدرات دانين ومجموعاته وعملائه في ذلك المجال، وفوق ذلك تمكن من الحصول على مجموعة كبيرة من الوثائق ضبطتها القوات البريطانية أثناء ملاحقة الثوار العرب وسلمتها لدانين للتأكد من صحة ما جاء فيها من معلومات(64 ).

يقول دانين:” أن ثورة عام 1936-1939م، جعلت اهتمام منظمة الهاغاناة بالوضع الأمني، وتكليف وتوجيه هشاي نحو احتياجات الهاغاناة ومطالبها في المنطقة العربية، فقد حدد دانين مهام المخابرات في تلك الفترة بقوله: قامت السياسة الاستخبارية على الافتراض القائل:” أن المهمة الأولى والأساسية لجهاز المخابرات تتمثل في الإدراك الصحيح للمسارات واتجاهات التطور للعرب، وأهدافهم الميدانية، ومخططاتهم الخاصة بالصدام السياسي والعسكري معاً”(65 ).

ويتضح من خلال ذلك أن جهاز الأمن في منظمة الهاغاناة اهتم بفهم وتحليل العناصر الأساسية للقوة العربية مثل: منظماتها العسكرية، أو شبه العسكرية، مشاكل الأسلحة، حشودها، مخازنها، ظاهرة تنظيم مجموعات ثورية، ومعنويات، واستعداد للتضحية.

ولذلك السبب لم يعتمد جهاز المخابرات على المعلومات العارضة، وحرص على تغطية أهداف بتيارات ثابتة من المعلومات، وقام دانين بدراسة المعلومات العارضة في محاولة لملائمتها مع المسارات العامة، أو اعتبارها دلائل، تشير إلى وجود تغييرات في الاتجاه( 66).

يتضح مما سبق أن الوصف الذي أورده دانين في حقيقة الأمر، وصف للمجال المسمى (الأبحاث الاستخبارية)، وهناك عدة خطوات اتخذت في الأربعينيات داخل الشعبة العربية في (هشاي) للقيام بأبحاث، وأن تلك الأبحاث لم تتطور، واتسمت أعمال ونشاطات الشعبة بتخزين معلومات قليلة والتحقيق في قضايا محددة.

تم إصدار مجلة أسبوعية عن الأحوال العربية يسمح بالاطلاع عليها للقيادة العليا في المخابرات (هشاي) والوكالة اليهودية، وحملت اسم (الجماهير العربية) وكانت توزع مرة واحدة أسبوعياً، وزعت على أنها سرية للغاية، رغم أن المعلومات التي كانت تشكل منها، ليست سرية، ولكن مصادر تلك المعلومات سرية( 67).

3)حماية العناصر:

عملت هشاي على إفشال كمائن الشرطة البريطانية لصفقات الأسلحة التي كانت الهاغاناة تحاول شرائها، وإذا تم إلقاء القبض على الأشخاص بتهمة شراء أسلحة، كانت هشاي تتحرك لتبرئتهم، أو متابعة المرافعة، والعمل على تخفيف أحكامهم، وساهمت هشاي في تبرئة المؤسسة التابعة للهستدروت من عملية سرقة صفائح الرصاص من مخازن الجيش البريطاني، ونقلها لصالح تعس، وحوّلت القضية ضد السائق، وتمكنت من التلاعب حتى صدر حكم بالسجن(68 ).

وصلت ليلة 21آب(أغسطس)عام1939م، إلى شاطئ تل أبيب سفينة(فارينا)، وعلى متنها 850 مهاجراً، وهرع رجال الهاغاناة وهشاي للمساعدة في إنزال المتسللين، وفي اليوم التالي تحركت الشرطة في حملة تفتيشات على البيوت، لكن عملاء هشاي، العاملين في الشرطة أبلغوا قادتهم بذلك، فتم إخفاء المتسللين(69 ).

ساهمت منظمة الهاغاناة، في عمليات إنزال المهاجرين وتعلّم عدد من عناصر هشاي في دورات مختصة حول الإشارات التي تستخدمها الشرطة البريطانية للاستعانة بسلاح الجو البريطاني في مواجهة (هجرة سرية)(70 )، وكان عملاء هشاي في الشرطة يحذرون من عمليات التفتيش، وأسماء المطلوبين كمهاجرين سراً، وبذلك يتم إبلاغهم فيتغيبون عن البيوت، وإذا وصلت هجرة فردية أو جماعية غير منسقة، كانت الأخبار تصل هشاي، فتصل إليهم، وتنقلهم لئلا يقعوا في يد السلطات البريطانية(71 ).

أرسلت مجموعة من البالماخ لتفجير قارب شرطة في حيفا، لكن العملية لم تنفذ وتبين أن التحري في القدس اكتشف الأمر، وحذر الشرطة في ميناء حيفا، وقد وصلت المعلومة لهشاي فخرج أفرايم ديكل شخصياً لوقف العملية للحفاظ على عناصر البالماخ، وبالفعل تمكن من اللحاق بهم وأعادهم في اللحظات الأخيرة( 72).

4) توفير عناصر لأداء المهمات:

ساهمت هشاي بشكل كبير في عملية 20 شباط (فبراير) عام 1946م، حينما دخلت قوة من البالماخ معسكراً للجيش البريطاني على جبل الكرمل في حيفا، ونسفت محطة الرادار التي تقوم بالكشف عن المهاجرين سراً(73 )، وقامت الهاغاناة بتخريب قوارب الشرطة وأجهزة الرادار في سيّدنا على بيافا(74 ).

لجأت الهاغاناة أحياناً لاستخدام القوة لمواجهة المساعي البريطانية لمنع سياسة الهجرة الصهيونية، ففي ليلة 25 آذار (مارس) عام 1946م، جندت هشاي 200 عنصر، إلى جانب عناصر الهاغاناة للعمل على إنزال 248 مهاجراً وصلوا للساحل في سفينة (وينغيت)، وتم تحطيم أنوار الشارع وتلغيم الطرق، ومع ذلك فشلت الهاغاناة وأجبرت السفينة على المغادرة دون إنزال ركابها(75 ).

بعد عمليات تفجير القوارب التابعة للشرطة البريطانية، اتخذت السلطات البريطانية تدابير أمن مشددة حول الموانئ وآلية طرد سفن الهجرة السرية، لمن تسلل من الصهاينة المسلحين المتنكرين كجنود بريطانيين ويستخدمون المواصلات البريطانية للتخريب في الموانئ(76 ).

5) تدريب العناصر:

عقدت منظمة الهاغاناة في عام 1934م، أول دورة ضباط مخابرات، ويرجع ذلك إلى مهمة (هشاي) في جمع المعلومات العسكرية لتزود الهاغاناة بها، وقد تم التركيز في الدورة على الثوار العرب، وكانت الدورة ذات طابع عسكري، ودرس المشاركون خلال الدورة الكثير حول السكان العرب من حيث: المنطقة، السكان، والقرية العربية والتي تعتبر قاعدة الانطلاق لأعمال الثوار العرب، والزعامة العربية، والتناقضات القائمة في أوساطها، كما درس المشاركون وسائل فنية تستخدم خلالها أعمال المخابرات، مثل التصوير، ورسم الخرائط للمناطق، والقيام بجولات راجلة في المناطق العربية(77 ).

6) تصنيف المعلومات

تم إيكال أمر أرشيف (هشاي) إلى يعقوب شمعوني، في أيلول(سبتمبر)عام 1941م، وكان يتوجب عليه تصنيف المعلومات التي تصل إلى الشعبة العربية شفهياً وكتابياً، وإرسال المعلومات الضرورية، وتوحيد الفروع بشأن المعلومات الأخرى، وقد عثر شمعوني في الملفات الموجودة في الأرشيف على مواد بيليوغرافية على مستوى رفيع، حول الثوار العرب، وكان قد تم إعدادها من المعلومات والشائعات التي يسمعها حراس الحقول، والمخاتير والتجار الذين كانوا يحصلون على تلك المعلومات من عملائهم العرب، حيث واجهته مشكلة كيفية تشخيص الأشخاص وفقاً لأسمائهم؛ لأن غالبية مسئولي الجهات الاستخبارية، لا يجيدون اللغة العربية، وكانوا يكتبون أسماء الثوار العرب وفقاً لما ينطقها القرويون، الأمر الذي خلق صعوبة بالغة على صعيد تصنيف أسمائهم تصنيفاً أبجدياً، وقد أخذ شمعوني تلك الملفات إلى منزله في (بات يام) وعكف على إعدادها وتصنيفها عدة أشهر حتى نجح في ذلك(78 ).

في بداية عام 1943م، عاد الأرشيف العربي إلى مكاتب (هشاي)، وهو يضم آلاف البطاقات وكانت هشاي تحتفظ بالأرشيف أثناء الليل في منزل المعلم موشيه بركاي، وتنقله صباحاً إلى مكاتبها(79 )،وقد بدأت صفحات ذلك الأرشيف تتضخم مع مرور الأيام، وخصوصاً في أعقاب فرض شمعوني قراءة الصحف العربية، وقد اكتشف فيها كنزاً خفياً، ويقول شمعوني: “أشعر بخجل للاعتراف بأنه لم يخطر ببالي أو ببال عيزرا دانين من قبل، مدى ضرورة قراءة الصحف العربية، حيث سأله إلياهو ساسون ذات يوم: هل تستغلون الصحف العربية؟ هل تقرؤونها؟ وبذلك بدأت متابعة صحيفة فلسطين والدفاع( 80).

من خلال قراءة الصحف العربية تمكن شمعوني من تصحيح الشخصيات العربية نظراً لورودها في الصحف بصورتها الصحيحة، كما أصبح بالإمكان توجيه رجال المخابرات الميدانيين نحو الأهداف التكتيكية، نظراً لإمكانية العثور على التصريحات السياسية التي تطلقها الشخصيات المختلفة في الصحف، وبصورة دقيقة( 81)، وكانت الصحف العربية في تلك الفترة غنية بالمعلومات التي تنشرها، لقد واجه شمعوني والذي لم يكن يعرف اللغة العربية، ولم يسبق له التعامل مع العرب، تعاملاً عدائياً من الميدانيين الاستخباريين، عندما بدأ يوجه الأسئلة، رغم ذلك فقد أصر على ضرورة تقديم تقارير منظمة، فقد كُتبت جميع المعلومات الواردة عن العرب، على قصاصات صغيرة، وكي يحسن وضعها تجول شمعوني مع دانين وفلمون في العديد من الأماكن، واجتمع بالعديد من ضباط الارتباط الاستخباريين وشرح لهم تطلعاته بشأن التقارير الأمنية (82 ).

من كل ما سبق يتضح أن جهاز الأمن في الهاغاناة (هشاي)اهتم بالمجالات المطلوبة من قيادة الجهاز لتحسين أداء عناصره وحمايتهم وتطوّير أدائهم الأمني.

ثالثاً: القواعد الأمنية المتبعة على مستوى الجهة المعادية:

استخدمت منظمة الهاغاناة العديد من القواعد الأمنية اتجاه بريطانيا والعرب والتنظيمات الصهيونية الأخرى، ومن تلك القواعد:

1) التجنيد:

قامت الهاغاناة باستغلال الموظفين ورجال الشرطة الذين لم يكونوا أعضاء رسميين في منظمة الهاغاناة، وقدموا المساعدة لجهاز المعلومات (هشاي) ليس بأقل من الأعضاء المقسمين لليمين(83 )، ويعود ذلك إلى مواقعهم التي يعملون فيها داخل مؤسسات الحكومة البريطانية.

تحققت معظم انجازات جهاز المعلومات (هشاي) بسبب؛ أعضائه ومسانديه في أوساط الشرطة البريطانية، والذين عملوا في الحكومة البريطانية، حيث تلاشى ولاؤهم لوظائفهم وهم يشاهدون أفعالاً ليست لصالح الصهاينة، والذي بدأ لهم كشفها مفيداً لجهاز المعلومات (هشاي)(84 ).

وذكر موظف صهيوني يعمل في الحكومة البريطانية قائلاً: “أنني غير معتاد على قراءة رسائل ليست لي ولا حتى لابنتي ابنة الحادية عشر، ولكن عندما أرى رسالة حكومية تحمل ختماً سرياً، فلا أستطيع الهدوء حتى أقرأها، فأجد ذريعة؛ فمثلاً أعمل ساعات إضافية، وأصبحت نشيطاً حتى في الليل لكي أصل لقراءة الرسالة، وذلك المرض أصابني يوم انضمامي لمنظمة الهاغاناة”(85 ).

ويتضح مما سبق أنه ليس الفضول هو الذي حرك الموظف ومثله من موظفين لقراءة الرسائل السرية، والتفتيش في الأدراج والتنصت على أحاديث الانجليز المسئولين عنهم، وإنما إحساسهم بضرورة خدمة المشروع الصهيوني الذي عملت قيادة هشاي على إثارته لمصلحة منظمة الهاغاناة.

التحق في عام 1923م، بالشرطة البريطانية الصهيوني أفرايم ديكل، لأنه كان ذو حس أمني متميز، فقد بدأ بتنظيم رجال الشرطة الصهاينة في العديد من الأماكن، وقد ركز اهتمامه في البداية على شرطة تل أبيب ويافا، الذين كانوا يعملون تحت إطار منظمة الهاغاناة، ويرسلون المعلومات التي يحصلون عليها إلى دوف هوز وإلياهو غولومب القياديين في منظمة الهاغاناة(86 ).

كان من بين الصهاينة المجندين يهودا أرزي، كان شجاعاً ولا يخيفه شيء، فقد اعتاد الاطلاع على الملفات الموجودة في الشرطة، ونقل المعلومات اللازمة لقيادته، حيث زودهم بمعلومات قيمة كبيرةً جداً حول العرب، وحول الوشاة الصهاينة، وحول الأسلحة التي بدأت تصل إلى الهاغاناة، ونشاطات الشيوعيين اليهود والمناوئين للصهيونية (87 )، وتلقي عناصر الشرطة أوامر من منظمة الهاغاناة تنص على ضرورة الإصغاء، وتقديم التقارير حول جميع المسائل ذات المهمة لليشوف الصهيوني والحفاظ على كرامته(88 ).

يرى الباحث ضرورة تعزيز مفهوم الصمت والإصغاء وتسجيل الأحداث بهدوء لدى رجال الأمن، كما فعل رجال الشرطة الذين كانوا ينقلون المعلومات من المراكز الشرطية التابعة لحكومة الاحتلال إلى منظمة الهاغاناة.

عمل أفرايم ديكل على زرع الصهاينة في كثير من الدوائر الحكومية بما في ذلك البريد، والهاتف، فجند في بريد تل أبيب الحنان بن يهوداه(89 )، وطلب منه أن ينظم شبكة هشاي في البريد وشعبة البرقيات، وأن ينقل إليه جميع المواد المهمة والمشبوهة كالرسائل الموجهة إلى السكرتير البريطاني الأول في القدس، أو الشرطة البريطانية والمباحث، وكانت تلك الرسائل تعاد إلى البريد بعد أن يتم الاطلاع على فحواها(90 )، وقام ديكل بتجنيد موظف آخر في السنترال المركزي للهواتف في شارع الملك جورج في يافا؛ لجمع المعلومات عن طريق الإصغاء والتنصت على المحادثات الهاتفية (91 ).

رغم التهديدات التي أطلقتها الثورة في التعامل مع الذين يخونون أبناء شعبهم، إلا أن هشاي استطاعت تجنيد عملاء عرب، حيث تم إسقاط عناصر من الذين كانوا يعملون في ميناء يافا وأماكن أخرى، وكان يتم التعامل من قبل العملاء حسب القطعة (أي حسب المعلومة التي يحضرونها لهشاي)، والمعلومة مقابل أجر من المال، بأولئك العملاء وصلت بعض أخبار الثوار العرب، ورغم ذلك لم تؤمن الهاغاناة للعملاء العرب، فعملت على استخدام وسائل الحيطة والحذر في اللقاء مع أولئك العملاء، حيث كانت تجري المقابلات في أماكن معزولة بين القرى العربية، وفي الكثبان الرملية، وكان يتم أخذ كافة الاحتياطات في مقابلة العملاء العرب وذلك على قاعدة “اسخر منه وخوفه” وعلى قاعدة “خذ الوشاية، أما الواشي فاكرهه”، لأنه خائن لأبناء شعبه وبائعهم مقابل حفنة من المال( 92).

عملت هشاي على تجنيد الشرطي الذي تسميه الهاغاناة (مخبر بشيلينين) حيث كان مسئولاً عن دفاتر السجن وعن كل الشهادات والوثائق المتعلقة بالسجناء، هو الذي حرر المحاضر وعرف كل ما جرى بين جدران السجن، كما عرف سبب الحبس وعن سلوك كل سجين، كان يتصرف بشفقة مع السجناء، وكان يوزع السجائر على محدودي القدرة من السجناء، لطيبة قلبه التي أكسبته صداقة السجناء فهو لم يقمعهم أبداً، كان معتاداً على زيارتهم في غرفتهم وتبادل الحديث معهم، حيث يقوم السجناء يسردون بمعاناتهم لأنهم يعرفون أنه لن يستخدم ما سمعه للإساءة بهم، ويذكر أفرايم فيقول:” أن ذلك العميل كان يقوم بنسخ المحاضر وتفاصيل المحادثات وما شابه وقالوا له:” أن معلوماته تنشر في الصحف ، ولكنه طلب مقابل ذلك شيلنين يومياً، مبلغ قليل مقابل من المعلومات التي قدمها لهشاي، كان ذلك العميل ينسخ كل ما يسمعه من السجناء وكانت المعلومات طازجة تصل لهشاي عن قيادة الثورة والتي سببت بإلقاء القبض على بعضهم، وكما قام بتدوين كل ما يسمعه، وانهمك في مهمة الكتابة عن القيادات العربية، وعن الصراعات والمحاكمات التي تقيمها الثورة، وكانت الهاغاناة تستوضح منه عن معلومات من خلال السجناء لطرح بعض الأسئلة ليجب عليها من خلال السجناء( 93).

أحد العملاء لهشاي رجل من مصر جاء لفلسطين وانخرط في صفوف الحركة الوطنية، كان في أحداث الثورة يعمل سكرتيراً لنادي الشبيبة، ويعمل ضد الصهاينة، وعلمت هشاي عن طريق العملاء أنه يوجد صراع بين المصري ورئيس النادي، فسعت هشاي إلى استغلال ذلك الحدث والعمل من خلاله على تجنيد ذلك المصري، حيث تم اختياره لاعتبارات نفسية، وكذلك كان لا بد من هشاي تجنيد سكرتير الشبيبة لتأكيد صحة المعلومات التي كانت تصل لهم، فكان يجب التأكد من صحتها من خلال تجنيد السكرتير( 94).

فبدأ الاهتمام به والتطلع إلى أفعاله لإمكانيات الاتصال معه، من خلال استغلال علاقته المتأزمة بينه وبين رئيس النادي، فقررت هشاي استغلال ذلك من خلال نقل معلومات لهشاي عن المصري عن طريق العملاء، وبالذات تصرفاته اتجاه رئيس النادي فقدموا له المساعدة في التنافس مع رئيس النادي، لما اشتد الصدام بينهما، فقررت هشاي دعمه من خلال تقديم مساعدات له لكي يقدمها إلى النادي ليدلل على وطنيته وخيانة رئيس النادي، وأنه رغم قلة مصادره يدعمه النادي، مما قوى من أمره لدى الأعضاء والتشكيك في رئيس النادي، وبعد فترة انكب المصري في التعامل مع العملاء من خلال دعمه فوجد نفسه مضطراً للتعامل معهم وتقديم المعلومات اللازمة لهم، حيث عمل على نقل المعلومات عن الشبيبة الوطنية، وينقل لها أخبار وسلوك القادة العرب حيث يعتقدون أنهم فاسدين، مدعياً حسب قول ديكل أنه يرجو السوء لهم حتى يتوقفوا عن جلب الكارثة على شعبهم، حماسته قلبت تفكيره، لدرجة أنه أراد مساعدة هشاي لعزل رئيس النادي من منصبه وأن يعين مكانه، ويقول أفرايم ديكل عن المخبر المصري أنه قدم كثير من المعلومات عن الحركة الوطنية، ويدعمها بالوثائق ليؤكد صحتها(95 ).

كان بعض العرب الذين يعاملون مع الصهاينة كعملاء ضد أبناء شعبهم، ومنهم العميل رشيد، الذي قدم المعلومات لهشاي لعدم تقلده منصباً في الثورة بدافع الحصول على امتيازات من الصهاينة فنقل أسماء نشطاء الثوار في المدن والقرى، أين يتجولون؟، أين يتقابلون؟، وكيف يتنكرون؟، وكواحد من رواد القيادة الرئيسة علم مسبقاً عن مخططات الاغتيالات، أين ومتى توضع الألغام؟، أين تنفذ العمليات المسلحة؟،وكان يؤكد معلومات بتسهيل مهام الصهاينة عبر البطاقات ؛ بسبب ذلك تعطلت مهام الثورة الفلسطينية لكشفها من قبل الهاغاناة ووضع الكمائن للثوار(96 ).

عملت هشاي على زرع يهود صهاينة في السلطات البريطانية في القرى العربية، وكانوا ينقلون ما يسمعونه من أخبار وقصص ومواقف في مكاتبهم أو من المراجعين العرب، وتمكنت هشاي من سرقة ما تجمعه المخابرات والشرطة البريطانية عن العرب، وتم تحويل تلك المعلومات إلى الدائرة العربية(97 )،واهتمت هشاي بمدى تأثير سير العلميات العسكرية في الحرب العالمية الثانية على عرب فلسطين، ومدى استعداهم للوقوف إلى جانب ألمانيا حال وصول قوتها لفلسطين(98 ).

عمل دانين على مساعدة البريطانيين في تصفية جماعة القاوقجي(99 ) بعد أن استعان ببائع خضروات متجول للتعرف على مواقعهم وتحركاتهم، ويذكر دانين ذلك فيقول: ” كنا نرسله يومياً إلى المعسكر، ومعه صناديق الخضروات، وبعد 6-8 ساعات من مراقبته لما يحدث أصبحنا على علم بما يحدث داخل المعسكر، والاستعدادات التي يقوم بها القاوقجي للقيام بعمليات ما، لأنه لم يكن يتوخى السرية في استعداداته، وقد حصلنا على معلومات شاملة من المصدر، توطئة للإعداد للمعركة الحاسمة مع القاوقجي”(100 )، والجدير بالذكر أن دانين لم يدفع للمصدر سوى ثمن صناديق الخضروات، فكانت المعلومات سبباً في قتل مائة من مجموعة القاوقجي وخروجه من فلسطين( 101).

قامت منظمة الهاغاناة بتعاون مع عصابات تهريب السلاح في الدول العربية؛ فتم التركيز على سوريا ولبنان لتهريب السلاح إلى فلسطين، ففي كانون ثانٍ (يناير)عام1938م، زار شيلواح برفقة إلياهو ساسون(102 )سوريا، وزار شيلواح عصابات تهريب السلاح، وأمدها بالمال، وحصل منها على معلومات عن الثوّار، وأعدادهم، وأسلحتهم، وتم التنسيق بعد ذلك مع بريطانيا للعمل المشترك ضد الثوّار(103 )، وفي نسيان (أبريل)عام 1938م،زار سوريا ثانيةً والتقى بشخصيات عربية تعمل في تهريب السلاح، وحاول خلق شرخ بين رجال عوني عبد الهادي(104 )ورجال الحسيني وطالب شيلواح القنصل البريطاني في سوريا بصرف رواتب لرجال عبد الهادي لإضعاف رجال المفتي( 105)،تم التركيز على العراق ؛ فزار إلياهو ساسون وإلياهو إيلات العراق لربط علاقات مع الساسة العراقيين، والتعرف على مواقفهم مع العرب والصهاينة، وأقيمت شبكة تجسس في العراق مع صهيونيي العراق( 106).

كانت هشاي تقوم بعدة خطوات لضمان ناجح زرع المستعرب في المناطق العربية، أهمها:

  • الذهاب إلى البلد التي سيقوم بالمكوث فيها، ثم السكن لفترة قصيرة في مكان مجاور وقريب للمدينة المستهدفة لأجل الاندماج.
  • الحصول على الوثائق الحقيقية التي ستغطي شخصيته.
  • ينقل للمدينة (الهدف) بعد حصوله على الوثائق ويبحث عن عمل.
  • يشتري أملاك ويستأجر شقة للسكن.
  • يقوم بنسج علاقات اجتماعية مع الجيران، ويدخل في الحياة الشعبية، المنظمات، الاتحادات.

بعد ذلك كله يبدأ في العمل الأمني المنوط به والمرسل من أجله(107 ).

كانت عملية إعداد الوثائق المزيفة مهمة صعبة؛ فالقسم السوري من وحدات البالماخ، قام بتجنيد عدد كبير من الموظفين داخل الوزارات والمكاتب الحكومية من الصهاينة والعرب والبريطانيين لذلك الهدف، ومن خلال أولئك الموظفين تم الحصول على البطاقات المزورة، والنماذج الفارغة، وإعطائهم صوراً لاستصدار بطاقات هوية لأعضاء (هشاحر) قبل ذهابهم للمهمات(108 ).

تخوف اليشوف الصهيوني مع اقتراب الجيش الألماني من المنطقة، من غزو الجيش النازي لفلسطين، فتم إعداد خطة دفاعية تحسباً لذلك الغزو (سميت الخطة السورية) ووضعت لاختراق عدة أعضاء من الهاغاناة وبالتحديد البالماخ والمستعربين، لأراضي سوريا ولبنان، من أجل تنفيذ مهمات تخريب في أهداف ألمانية، وجمع المعلومات عنهم وأماكن تواجدهم وأعدادهم وإجراء عدة هجمات تكتيكية بسيطة ؛ قامت الهاغاناة بإرسال وحدة من رجال البالماخ من متكلمي اللغة العربية وبالتحديد من أولئك الذين أصولهم من سوريا، لدراسة الوضع العام وردود فعل الرأي العام تجاه الحرب، والألمان، ومن أجل القضاء على العملاء الألمان، وشراء السلاح، ومعرفة تحركات الجيش، وأماكن مواقعه العسكرية(109 )، ويذكر دايفيد كوهن: ” أن مسئول المجموعة كان اسمه توقيا أرزي، والذي سمى نفسه توفيق أبو يوسف، وهناك جمع حوله عدداً كبيراً من العملاء ، خصوصاً من الصحافيين وموظفي الدوائر الحكومية، وأخذ معظمهم رواتب مقابل خدماتهم” (110 ).

2) التنصت على الاتصالات الهاتفية:

تم تفريغ أفرايم ديكل عام 1923م، من جميع مهامه، وتكليفه بالعمل الاستخباري حيث عمل من خلال غرفة خاصة له في تل أبيب على التنصت على المكالمات الهاتفية سواء على قادة عرب أو انجليز أنفسهم للحصول على معلومات، ومنذ بدأت سلطات الاحتلال البريطاني باستخدام التيلكس كوسيلة اتصال بين مراكز الشرطة والمركز الرئيسي، نقلت معلومات مهمة إلى منظمة الهاغاناة، ذلك أن قسماً من موظفي الاتصال الذين تم تأهيلهم للعمل على التيلكس كان رجال الشرطة الصهاينة، ذلك رغم أن التنصت على هذا النوع من الاتصالات كان يواجهه بصعوبة كبيرة، نظراً لأن إدارة الشرطة كانت تعمد إلى استخدام الشيفرة في إرسال المعلومات المهمة، وتقوم بتغيير تلك الشيفرة أسبوعياً(111 ).

لما تم تركيب شبكة هاتف أوتوماتيكية في تل أبيب في عام 1938م، حرص العمال الصهاينة على ترتيب إمكانية التنصت على المحادثات الهاتفية للشرطة والجيش البريطاني، والمحادثات الدولية، وقاموا بسحب خطوط فرعية من خط الهواتف الرئيسي إلى غرفة في (بيت هدار) الواقعة على طريق يافا- بتاح تكفا بالقرب من محطة القطار، وكانت طواقم التنصت تعمل في تلك الغرفة، طيلة الأربع والعشرين ساعة لمدة ثماني سنوات(112 )؛ونتيجة لذلك تمكنت (هشاي) من اصطياد محادثات هاتفية قيمة وثمينة، خاصة بالمباحث وقائد الجيش الأعلى، وموظفين آخرين رفيعي المستوى، وقد تم توثيق جميع المعلومات وحفظها، وعندما اكتشف الجيش البريطاني الغرفة، تم نقل جميع المعلومات إلى شقة ديكل الخاصة في نفس الشارع(113 ).

وقد تم تشكيل أول وحدة تعمل في مجال التنصت لاسلكية، وأطلق عليها الوحدة (181) في عام 1939م، على يد مردخاي الموج، وكانت تلك الوحدة تعمل في مجال التنصت على شبكات اللاسلكي البريطانية طيلة 24 ساعة، حيث عمل فيها عدد من الخبراء والأذكياء(114 ).

في فترات التوتر، وتوقع وصول سفن المهاجرين الصهاينة، ولم يكن طاقم الوحدة يجد صعوبة في تسجيل نص الرسائل المرسلة، لكن المشكلة كانت تكمن في الرسائل المشفرة، والتي كانت تُحل في بعض الأحيان، بوقوع المفتاح الشيفري بأيدي أعضاء الوحدة(115 )، وجدت الوحدة نفسها، بحاجة إلى تشكيل جهاز قادر على حل الرموز التشفيرية، وعليه قام ديكل بتشكيل طاقم من الرجال والنساء ممن يجيدون الانجليزية، ويتميزون بالقدرة على حل الألغاز الرياضية في محاولة لحل لغز الشيفرات المرسلة، كان ذلك الطاقم بحاجة إلى رسائل تشفيرية، وصورة محلولة لإحداها كي يصبح بالإمكان حل الرسائل الباقية، وذلك لما قام رجال الشرطة الصهاينة العاملون في المجال الهاتفي بتزويد الطاقم بين الفينة والأخرى برسائل تشفيرية محلولة، رغم ذلك بقي عمل الطاقم صعباً في فك رموز الشيفرة، حيث كان يستغرق وقتاً طويلاً، لدرجة أن المعلومة تصبح قديمة، أو أن استخدامها ليس عملياً، فلم تحل المشكلة إلا في سنوات الأربعينيات عندما نجح جهاز (هشاي) في الحصول على مفاتيح الشيفرة بصورة دائمة من جهات بريطانية( 116).

كان مركز دائرة التحقيقات الجنائية للتسجيل الهاتفي في القدس مصدراً هاماً للمعلومات حيث يقوم ثمانية عشر من رجال الشرطة البريطانية بالعمل على مدار الساعة بمراقبة وتسجيل لخمسة عشر من القيادات العربية البارزة ولخمسة من موظفي الوكالة اليهودية، ثم ينقل واحد التسجيلات للمحادثات ويسلمها لقيادة هشاي بشكل يومي (117 ).

كانت هشاي تتابع إذاعة (صوت إسرائيل)،خاصة وأن تحري الشرطة البريطانية كان يحاول الإمساك بالإذاعة، فاضطرت هشاي للتنصت على محادثات التحري، فتبين أن السلطة تنظر بجدية كبيرة للمحطة، وأنها أحضرت أجهزة حديثة ومطوّرة لتحديد الموجات ؛ لتحديد مكانها، والعمل على ضبطها، فقام رجال هشاي العاملون في الشرطة بنقل أوصاف رجال التحري، وتحركاتهم، وأرقام السيارات التي يتحركون بها، وكانت تلك المعلومات تُنقل إلى وحدة الحماية المكونة من أعضاء البالماخ، وتمكنت هشاي من سرقة خارطة من إحدى سيارات جيب المراقبة في ريشون ليتْسيون، وقد حُدّدت عليها المواقع التي عملت فيها محطة الإذاعة في الأسبوع الماضي، وكانت صحيحة، فسُلّمت الخارطة لقائد المحطة، وزاد من تدابير الحذر، ونُقلت المحطة من المنطقة المشبوهة، كما بثت الإذاعة أحياناً من سيارات متحركة، أو مزارع، فكانت تُسمع أصوات الدجاج والحيوانات أثناء البث، وعندما فشلت السلطات البريطانية في الكشف عن المحطة، كما بدأت هشاي التشويش على إذاعة (صوت القدس) التابعة للسلطات البريطانية(118 ).

بعد قدوم اللجنة الأنجلو أمريكية عام 1946م(119 )، لسماع أقوال الفلسطينيين والصهاينة، سعت قيادة الهاغاناة على استغلال اللجنة ومعرفة ما سيدور في أروقة الغرف الخاصة والاجتماعات فعمدت إلى تنفيذ عملية التنصت بالشكل التالية:

      • العمل على زرع الميكروفونات في فندق بلاس المقرر انعقاد اجتماعات اللجنة فيه، فتم زرع ميكرفون بغرفة الاجتماعات وآخر في غرفة رئيس اللجنة، كما زرعت ميكروفوناً في غرفة الاجتماعات الداخلية الخاصة من خلال تركيب خط تليفون بسلكين بخط تليفون شاريت الخاص به في البيت، بصورة دائمة، وذلك من خلال عنصر من هشاي الذي كان يعمل في بداله تلفونات، حيث توجه شاريت إلى دائرة البريد وطلب منهم قطع الخط مدعياً أنه مسافر خارج فلسطين، وبذلك أصبح يتنصت على كل المحادثات الداخلية الخاصة باللجنة.
      • استضافة أعضاء اللجنة بعد فترة من وصولهم إلى فلسطين، ضمن العلاقات الاجتماعية والتعرف على توجهاتهم تجاه القضية، والتأثير عليهم بشكل مباشر.
      • التعاون مع السكرتيرة الأولى وإقناعها بتسليم هشاي مسودات الاجتماعات والشهادات والمراسلات التي يتم تداولها داخل أروقة اللجنة.
      • استخدم أحد حراس الفندق وعمال النظافة فيه للحصول على مخلفات الأوراق المستخدمة والقصاصات التي كان يستغني عنها أعضاء اللجنة، وقد عمل فريق من المساعدين على تجميع تلك الأوراق والقصاصات للاستفادة منها من معلوماتها، واتضح لاحقا فائدة المعلومات التي كانت في تلك القصاصات(120 ).

قامت هشاي بالتنصت على الأوامر الصادرة ضد الهجرة السرية، ورصد حركة القوارب التي ترصد الهجرة وتمنع وصولها وهي (لورنا، وسي وولف، ومورنا، وشارك، وسي ليون)، وتعرفت على سرعتها وأرقام محطات إرسالها(121 )،وكثيراً ما أبطأت هشاي حركة البريطانيين وعرقلت عملهم، حتى تتمكن فرق أخرى من إنزال المهاجرين سراً، وكانت أحياناً تلجأ إلى إلهاء الضباط والجنود البريطانيين بحفلات الخمر لإنجاز مهام الهجرة(122 ).

في نهاية عام 1947م،طُرحت فكرة التنصت على كابل الهواتف المار بالقدس عبر يافا في طريقه إلى مصر، فقامت الهاغاناة بجلب خارطة الكابل من السنترال، حيث اتضح أنه مدفون على عمق بسيط إلى جانب طريق القدس، وتبين من خلال الدراسة أن أفضل مكان لربط الخط بجهاز التنصت هو قطع الطريق الواقع بجوار مدرسة (مكفيه إسرائيل)،وسمح ببناء كوخ صغير بجوار المدرسة، وتم إخفاء الجهاز في الأشجار النامية على طول سور المدرسة، وفي مطلع شباط(فبراير) عام 1948م،تم وصل أجهزة تنصت به، وسحبوا الأسلاك إلى الكوخ الذي تحول إلى غرفة تنصت، وكان عملاء(هشاي)،الذين يجيدون اللغة العربية، يتنصتون على الكابل على مدار الساعة، ويسجلون المحادثات، وتم التقاط محادثات كثيرة ومنها محادثات بين رؤساء جماعات فلسطينية والسياسيين عرب(123 ).

3) الاختراق:

اهتمت هشاي منذ عام 1942م، بزيادة العلاقة مع ضباط كبار في القوات البريطانية أمثال غولدمان، الذي كان ينقل المعلومات لهشاي ليل نهار(124 )، وسربت هشاي معلومات مضللة للقوات البريطانية حول قوة الهاغاناة العظمية من أجل تخويف السلطات وترويعها، وأن الهاغاناة تبلغ 70ألف عضو(125 ).

أقامت هشاي في أيار (مايو)عام 1946م،علاقات قوية مع جوهان سميث(126 )،وفي أحد الأيام أبلغ هشاي بوجود ملف كبير عن الهاغاناة والبالماخ، وأنه تحت رعاية خاصة ومشددة، ولا يُسمح لأي شخص سوى القادة الكبار جداً بالدخول للغرفة التي يوجد فيها الملف، فتقرر في قيادة هشاي إخراج الملف، ونقله لتصويره وإعادته إلى مكانه خلال ساعات قليلة ؛فوافق جوهان سميث على المساعدة، وقام بإخراج الملف الكبير على أن يعاد سريعاً(127 )، ويقول أفرايم: “أعددنا عدداً من آلات التصوير الخاصة، وصناديق تصوير آلية، وأجهزة تصوير ووسائل كيماوية، وقفّازات مطاطية حتى لا تظهر بصمات، وأدوات لفتح المظاريف، ونقلنا كل ذلك إلى مستوطنة، ووُضعت تحت تصرفنا خمس غرف، وبدأ التصوير، وبعد الانتهاء أعيد الملف ليد جوهان، قبل انتهاء دوامه بعشر دقائق”(128 )، وبلغت عدد الصفحات المصوّرة 500 صفحة، وتم تفريغ البيانات عن هيكلية الهاغاناة والبالماخ، واقتضى ذلك تغيير المنازل والوثائق الشخصية، وتغيير الشكل والملابس، والاختباء والتخفي(129 ).

حصلت هشاي على آلة تصوير من الوكالة اليهودية، وتم تصوير الملفات الحكومية والشرطية بمساعدة موظفين تابعين لهشاي، وتم إرجاعها لأماكنها بسرعة، كما جُلب ملف دليل الشيفرة الذي يستخدم لتبادل البرقيات بين لندن والقدس وباقي أنحاء الإمبراطورية البريطانية، وتم تصويره كاملاً، وكان عبارة عن 450صفحة، حيث أقامت هشاي وحدة تصوير واستنساخ بطاقات هوية لتسهيل مهام عناصر هشاي(130 ).

اهتمت الهاغاناة بتقوية علاقاتها مع بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية، وخاصة في مجال الاستخبارات ضد الدول الأوروبية ومنها ألمانيا، كنوع من المساعدة في المجهود الحربي البريطاني، وبدأ ذلك التعاون بين قيادات صهيونية في الفترة ما بين عام(1940-1945م)، في إقامة شبكة استخبارات؛ للتعاون في وقف إمداد ألمانيا بالنفط عن طريق رومانيا، وتفجير كل السفن التي تنقل النفط لألمانيا عن طريق نهر الدانوب، وتخريب الأهداف الألمانية في دول شرق أوروبا(131 ).

أثبتت وثيقة صادرة عن جهاز الأمن الألماني بتاريخ 16 حزيران(يونيو) عام 1937م، وجود علاقة بين ألمانيا والهاغاناة وأن أحد قادة الهاغاناة زار برلين ما بين 26 شباط (فبراير) و2 آذار (مارس) عام 1937م، وبترتيب مندوب هيئة الاستخبارات الألمانية في فلسطين، الدكتور رايخارات، وأنه اتصل في برلين مع جهاز الأمن الألماني عن طريق ضابط الاتصال أدولف رايخمان، وأنه استعد لتزويد الألمان بمعلومات مهمة عن التطورات في فلسطين(132 )، وقد تم الاتفاق على إطلاق سراح معتقلي الهاغاناة في ألمانيا، ودفع مبالغ مالية، والعمل على السماح للصهاينة بالهجرة إلى فلسطين(133 )، ثم زار رايخمان يافا وأنشأ مكتباً سرياً لتنظيم الهجرة التابعة للهاغاناة في برلين، ولم يتمكن رايخمان من مقابلة قائد الهاغاناة واتجه للقاهرة، ولحق به واجتمعا في القاهرة في 11 تشرين أول (أكتوبر) 1937م، وقدم قائد الهاغاناة لإيخمان معلومات استخبارية عن مصر وإيطاليا ورومانيا وبلدان أخرى(134 )، وفي صيف 1938م وصل إلى ألمانيا موفد عن الهاغاناة لتنظيم الهجرة من ألمانيا إلى فلسطين وقام بالتنسيق مع رايخمان(135 ).

تلقت قيادة شرطة الجنوب في 19 آذار (مارس) عام 1939م، رسالة تفيد أن العرب ينوون في الأيام القريبة إنزال سلاح وذخيرة قرب وأدى روبين وغزة، وسيدربون الشباب على السلاح، وأن المدربين من الألمان، وأن ألمانيا خصصت لتلك المهمة نصف مليون ليرة( 136)، وفي 3 حزيران (يونيو) عام 1939م صدرت رسالة عن قائد لواء تحري يافا تفيد أن عشرين ألمانياً سيخرجون من يافا في قارب إلى وادي روبين وعلى قارب الشرطة مراقبة أفعالهم(137 ).

4) الاختطاف والاعتقال:

بعد انشقاق شتيرن(138 ) وأنصاره عن منظمة إتسل في حزيران (يونيو) عام 1940م، قامت الهاغاناة بعمليات ضد إتسل في فلسطين، فخطفت عدداً من عناصرها وحققت معهم وساعدت في اكتشاف مستودع أسلحة، والمطبعة والإذاعة السرية لها( 139).

طُلب من مصلحة المعلومات (هشاي) القيام بعمل ضد إتسل وليحي كمنشقين، خاصة بعد سرقة أسلحة من مخزن الهاغاناة في هرتسيليا، وكلفت هيئة الأركان موشيه بار- أون بمساعدة يسرائيل عمير في الكشف عن السارقين، وبعد التحقيقات اعترف رجال إتسل كتابياً بالسرقة، ومما زاد من أهمية شعبة المنشقين، واتضح فيما أن مصلحة المعلومات التابعة لإتسل تعمل في التجسس ضد الهاغاناة وسلاحها(140 ).

قامت منظمة الهاغاناة في 20 تشرين ثانٍ (نوفمبر) عام 1944م، بمشروع اضطهاد لإتسل والسعي للقضاء على نشاطهم باسم موسم المطاردة؛ أي (السيزون)، وتم تقديم خطة تقضي بتواصل العمل ضد إتسل لشلها عن طريق المتابعة والتعقب وجمع المعلومات والاعتقال؛ فتقرر تجنيد عناصر لعملية طوعياً من الهاغاناة بزعامة يتسحاق سادية، وبلغ عدد المجندين 300 عنصر منهم حوالي 180 عنصر من البالماخ، والباقون من هشاي ومتطوعين آخرين، وتم تقسيمهم إلى خلايا تضم كل واحدة أربعة أو خمسة أفراد ووزعوا على ثلاثة فروع هي المتابعة والتجسس، والحماية، والاختطاف والاعتقال(141 )، وسلمت قائمة بأسماء 1500 عنصر من إتسل من قبل الهاغاناة للسلطات البريطانية(142 ).

اعتقلت الهاغاناة في 27 شباط (فبراير) عام 1945م، يعكوف تفين مسئول جهاز الاستخبارات في إتسل، ونقل مكبلاً لأحد الكيبوتسات، وأخضع للتحقيق وحكم عليه بالإعدام، ولكن الحكم لم ينفذ وتم اعتقاله في حظيرة حيوانات ستة أشهر( 143).

في أيلول (سبتمبر) عام 1947م شهدت مدينة القدس عمليات خطف متبادلة حتى أن إتسل اختطفت قائد هشاي في المدينة، فاختطفت الهاغاناة مسئول مخابرات إتسل، واستولت على مستودع أسلحة ومطبعة ووثائق سرية، فاستولت إتسل على أسلحة ومستندات سرية من منزل أحد قادة الهاغاناة، ليتم التبادل بين التنظيمين(144 ).

وصف مناحيم بيغن(145 ) قائد إتسل تلك المرحلة فكتب: ” سيارة تطارد سيارة، وهاتف يرن، وإشارات تعطى، ومخابرات تظهر، ومتخفون يظهرون (146 ).

فشلت شركة الكهرباء في منع عمليات نسف أعمدة الكهرباء قرب القرى العربية، بمساعدة عملاء عرب يعملون لصالح الشركة بأجر، وتبين أن العملاء أنفسهم يساهمون في النسف، فاضطرت الشركة للاستعانة برجال هشاي، وأوصلت هشاي معلومات عن أماكن يتم فيها تخزين ألغام للثوار العرب قرب يافا، وفي قرية يازور ضواحي تل أبيب جنوباً، قامت وحدات النواطريم ورجال الهاغاناة وهم يلبسون زي الهاغاناة بمهاجمة المكانين، والسيطرة عليهما( 147)،وساهمت هشاي في إلقاء القبض على ثوار هاجموا أحد سماسرة الأراضي العرب في يافا حسب وشاية وصلت للجهاز(148 ).

من أهم أعمال اللواء اليهودي بعد الحرب العالمية الثانية القيام بعمليات انتقام ضد الألمان، فبعد وصول معلومات لهم عن طريق استخبارات الحلفاء، يتم الخطف والاعتقال، وذكر رئيس وحدة الانتقام يسرائيل كارمي أن وحدته أجرت تحقيقات في المستشفيات ومعسكرات الاعتقال، وفي أماكن أخرى، وذكر أحد أفراد وحدة الانتقام:” استعلمنا سيارة عسكرية مزيفة، ولبسنا ملابس البريطانيين، وعندما كنا نعثر على المطلوب من النازيين، كنا نأخذه بحجة أن عليه توقيع بعض المستندات في القيادة المجاورة، وفي الطريق كنا نقرأ عليه الجرائم التي ارتكبها ثم نخبره أنه في الطريق للإعدام على (يد الشعب اليهودي)،وكان يتم تطبيق حكم الإعدام داخل السيارة(149 ).

من كل ما سبق يتضح أن جهاز الأمن في منظمة الهاغاناة قام بوضع قواعد أمنية على مستويات متعددة في العمل الأمني الصهيوني الخاص بجهاز الأمن هشاي؛ فعلى مستوي العناصر قام بتجنيد عناصر لديهم القدرة على جمع المعلومات والحس الأمني وقوة الملاحظة ويتمتعون بصفة السرية والكتمان، ويتصفون بالخدعة والدهاء، واتقان المهارات الأمنية كتعقب والتخفي والغطاء الأمني، كما واتبع العديد من القواعد الأمنية على مستوي المنظمة من الإجراءات الأمنية المتبعة في حماية العناصر، ودراسة المعلومات الواردة إليه والتحقق منها، وعمل أرشيف خاص بها وفق المعايير الأمنية، أما على مستوى الجهات المعادية قام بتجنيد عناصر له في المؤسسات السلطات البريطانية ؛ لمعرفة كافة التحركات البريطانية كما ونشط جهاز أمن في التنصت على المحادثات الهاتفية، وجمع المعلومات عن المنظمات العربية المجاهدة على أرض فلسطين، واستطاع اختراق الشخصيات البريطانية التي توصل من خلالها التوصل لمعلومات مهمة وخطيرة عن البريطانيين، واتبع جهاز الأمن اسلوب الخطف والاعتقال ضد التنظيمات المعارضة لمنظمة الهاغاناة (150 ).


الهامش

1 ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص17-19؛ السنوار، زكريا: منظمة الهاغاناة، ص138.

2  لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص23.

3  ديكل ، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص11.

4  لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص23.

5  ديكل ، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص169.

6 ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص144.

7 تلمي، أفرايم: مَنْ وما؛ في الدفاع والصراع (بالعبرية)، ص354؛ لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص65.

8 بدر، حمدان: مخابرات الهاغاناة، ص65؛ لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص65؛ ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص151.

9 تلمي، أفرايم: مَنْ وما؛ في الدفاع والصراع (بالعبرية)، ص354؛ ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص151-151.

10 ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص160.

11 ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص53،140.

12 سلوتسكي، يهودا : الثورة العربية الكبرى، (الرواية الإسرائيلية الرسمية)، ص 123.

13  هرئيل ، أيسر: الأمن والديمقراطية (بالعبرية)، ص80.

14 وهنا لابد من توضيح أن 80% من الأراضي الفلسطينية كانت مناطق محررة تابعة لديوان الثورة وقياداتها، وذلك يدلل على محدودية الأجهزة الأمنية الصهيونية والبريطانية، وخاصة ما بين عامي 1937-1938م، عندما دخلت الثورة لمرحلة الذروة والعلو في العمل الأمني والعسكري ضد البريطانيين والصهاينة.

15 للمزيد انظر: ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص138- 141؛ السنوار، زكريا: منظمة الهاغاناة، ص294.

16انظر ملحق رقم (5).

17 يعقوب شموني: من مواليد برلين عام 1915م، قدم إلى فلسطين عام 1935م، كان مهتماً بالوسط العربي، تعلم اللغة العربية بجهد ذاتي، باستخدام كتب تعليم ألمانية للغة العربية. (لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص90).

18 انظر ملحق رقم (6)

19  . ) www.hagana.co.il ملف إعداد القرى) (بالعبرية).

20  لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص92.

21. ) www.hagana.co.il ملف إعداد القرى) (بالعبرية)؛ آشر، حاجي: مؤسسة رجل واحد (بالعبرية)، ص50.

22 ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص25-30، 61-63.

23 ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص64-65؛ لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص136-139.

24 كتريئيك ك: أحد رجال منظمة الهاغاناة، كان يدرس في الخارج، مهمته إرسال حقائب محملة بالسلاح من الخارج. (ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص44).

25  ديكل ، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص44-45.

26  ديكل ، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص126.

27 بن يهودا، ب، شوحط، ي: الصراع من أجل الأمن والاستقلال (بالعبرية)، ص 107؛ سلوتسكي، يهودا : الثورة العربية الكبرى، (الرواية الإسرائيلية الرسمية)، ص415.

28 يهودا أرزي: ولد في بولندا عام 1907م، قدم إلى فلسطين مع وليه عام 1924م، درس في مدارس هرتسليا، وإكمال في كلية الحقوق في القدس، في عام 1926م، التحق بالهاغاناة، ثم عمل في الدائرة السياسية، وفي عام 1930م، ترقي في الشرطة البريطانية إلى درجة ضابط، توفي عام 1950م. (موسوعة اليىشوف وبناته، إلياهو كروز (بالعبريـــة)، ج5، ص2260www.tidhar.tourolib.org). ).

29 دينور، بن تسيون، وآخرون: تاريخ منظمة الهاغاناة (بالعبرية)، ج3، ص980،981.

30 عمار، نزار: الاستخبارات الإسرائيلية، ص47؛ السنوار، زكريا: منظمة الهاغاناة، ص284.

31 بن يهودا، شوحط: النضال من أجل الأمن(بالعبرية)، ص129؛ السنوار، زكريا: منظمة الهاغاناة، ص284.

32  ديكل ، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص41-42.

33 تصريح بيفن يقوم على أساس استمرار الانتداب خمسة أعوام أخرى، تنشأ خلالها حكومات ومجالس محلية عربية ويهودية ذات استقلال ذاتي مع حصر الهجرة اليهودية في (المنطقة اليهودية) بحسب قاعدة (الاستيعاب الاقتصادي)، على أن يعاد درس الموقف بعد انقضاء الأعوام الخمسة، فرفض العرب المشروع الذي يحرمهم حق تقرير المصير، ومنددين بسوء الأثر الذي يحدثه استمرار الهجرة اليهودية. (مؤسسة الدراسات الفلسطينية: فلسطين تاريخها وقضيتها، ص97).

34 ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبريــــة)، ص75، 89-90.

35  السنوار، زكريا: منظمة الهاغاناة، ص378.

36 السنوار، زكريا: منظمة الهاغاناة، ص210.

37 أرون، الحنان: أحداث 1936-1939(بالعبرية)، ص54؛ تلمي، أفرايم: مَنْ وما؛ في الدفاع والصراع (بالعبرية)، ص83.

38 إلياب، يعكوف: جرائم الأرغون وليحي، ص252.

39 ربابعة، غازي: الاستراتيجية الإسرائيلية، ص60-61؛ سويد، ياسين: الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، ص490.

40  بدر، حمدان: المخابرات الإسرائيلية، ص65.

41  مجموعة هكيبوتس: هي امتداد لمنظمة هاشومير وانضم أعضائها للمنظمة الهاغاناة. (السنوار، زكريا: منظمة الهاغاناة، ص71).

42 ليف –عامي، شلومو: في النضال والتمرد(بالعبرية)، ص21-22؛ ابن حور، إلياهو: الخروج من الجدار(بالعبرية)، ص35-36.

43 خلة، كامل: فلسطين والانتداب، ص205؛ السنوار، زكريا: منظمة الهاغاناة، ص140؛ بن يهودا، وشوحط: الصراع على شكل الدولة(بالعبرية)، ص59؛ طبهوب، فائق: الحركة العمالية، ص332.

44 بن يهودا، وشوحط: الصراع على شكل الدولة(بالعبرية)، ص59؛ ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص204؛ السفري، عيسى: فلسطين العربية، ص217.

45 عبد العزيز، هشام: النشاط الصهيوني في العراق، ص56؛ خلة، كامل: فلسطين والانتداب، ص789-790؛ ناؤور، مردخاي: الهجرة ب (بالعبرية)، ص31؛

Dunner,Joseph :The Republic Of Israel,p.57.

46عبد العزيز، هشام: النشاط الصهيوني في العراق، ص64.

47 الصغير، زياد: ثورة فلسطين 1936-1939م، ص49؛ خلة، كامل: فلسطين والانتداب، ص546-547؛ السنوار ، زكريا: منظمة الهاغاناة،ص142.

48 تلمي، أفرايم: مَنْ وما؛ في الدفاع والصراع (بالعبرية)، ص380.

49 حاييم سلفن: ولد في روسيا عام 1902، عمل في مصنع سري شيوعي، قدم إلى فلسطين عام 1924م، عمل في الشركة الكهرباء، أنتج قنابل مصنعة من قطع السباكة، ثم عمل بعد في ريدنج في تل أبيب، وعُرف عن أنه مهندس موهوب، في عام 1939م، طُلب منه يترك عمل في ريدنج، ويتولى مسؤولية التصنع العسكري (تعس) في منظمة الهاغاناة، واستمر في المنصب حتى عام 1944م، توفي عام 1980م. (السنوار، زكريا، منظمة الهاغاناة،285).

50 عفرون، يوسف: الصناعة العسكرية في إسرائيل (بالعبرية)، ص79.

51 دينور، بن تسيون، وآخرون: تاريخ منظمة الهاغاناة(بالعبرية)، ج2، ص1236-1237؛ عفرون، يوسف: الصناعة العسكرية في إسرائيل (بالعبرية)، ص79.

52  السنوار، زكريا: منظمة الهاغاناة، ص379.

53  ديكل ، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص23

54  ديكل ، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص44

55 السنوار، زكريا: منظمة الهاغاناة، ص376؛ ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص37.

56 السنوار، زكريا: منظمة الهاغاناة، ص286.

57 ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص66-69.

58  السنوار، زكريا: منظمة الهاغاناة، ص286.

59 كتسبورغ، نتنال، وآخرون أرض الاستيعاب الموحد (بالعبرية): ج7،ص61؛المسيري ،عبد الوهاب : اليهود واليهودية والصهيونية، ج7،ص144.

60 كتسبورغ، نتنال، وآخرون: أرض الاستيعاب الموحد(بالعبرية)، ج7، ص63؛ السنوار، زكريا: منظمة الهاغاناة، ص 278.

61Loring, Nancy:Female Soldiers –Combatants,p142.

62 ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص55.

63  ديكل ، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص8.

64 لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص26.

65 لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص59.

66  لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص60.

67 مركوفسكي، ي: الوحدات القارية الخاصة للبلماخ(بالعبرية)، ص24.

68 ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص25-3-،61-63.

69 ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات(هشاي)(بالعبرية)، ص212؛ السنوار، زكريا: منظمة الهاغاناة، ص 300.

70 ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص205-206

71 محارب، عبد الحفيظ: هاغاناة، إتسل، ليحي، ص280.

72 ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)،ص88-89.

73 إلياب، يعكوف: جرائم الأرغون وليحي، ص251.

74 ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص241.

75 بيغن، مناحيم: التمرد(بالعبرية)، ص208؛ إلياب، يعكوف: جرائم الأرغون وليحي، ص252-253؛ محارب، عبد الحفيظ: هاغاناة، إتسل، ليحي، ص283.

76 السنوار، زكريا: منظمة الهاغاناة، ص 340.

77 ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص60.

78  لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص90؛ آشر، حاجي: مؤسسة رجل واحد (بالعبرية)، ص49.

79 بلاك، ايان، موريس، بيتي: حروب إسرائيل السرية، ص66؛ لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص90.

80 لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص91؛ ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص115.

81 لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص91.

82  . ) www.hagana.co.il ملف إعداد القرى) (بالعبرية).

83  ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص7.

84  لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص22.

85  هرئيل ، أيسر: الأمن والديمقراطية (بالعبرية)، ص75؛ ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص7.

86  لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص23.

87  لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص24؛ محارب، عبد الحفيظ: هاغاناة، إتسل، ليحي، ص 123.

88  أبو عرفة، عبد الرحمن: الاستيطان والتطبيق العملي للصهيونية، ص86.

89  الحنان بن يهوداه: انضم لمنظمة الهاغاناة عام 1923م، وكان يعمل في بريد تل أبيب، حيث عمل مع ديكل في جهاز المعلومات (هشاي) في عام 1935م. (لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص25).

90  لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص 28.

91  محارب, عبد الحفيظ: هاغاناة، إتسل، ليحي، ص125.

92  ديكل ، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص165.

93 ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المخابرات (هشاي)(بالعبرية)، ص160.

94 بلاك، ايان، موريس، بيتي: حروب إسرائيل السرية، ص70.

95 ديكل، افرايم: نشاطات جهاز المخابرات (هشاي)(بالعبرية)، ص 161-164.

96 بلاك، ايان، موريس، بيتي: حروب إسرائيل السرية، ص 69.

97غيلبر، يوآف: مساداة؛ خطط الدفاع عن أرض إسرائيل (بالعبرية)، ص21-22؛ ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص178-189.

98غيلبر، يوآف: مساداة؛ خطط الدفاع عن أرض إسرائيل (بالعبرية)، ص24-25.

99 فوزري القاوقجي (1890-1977): ضابط سوري، ولد في طرابلس (في لبنان اليوم)، درس في المدرسة الحربية في الأستانة (إسطنبول)، وتخرج ضابطاً في سلاح الخيالة العثماني عام 1912، عمل في الموصل بالعراق، وشارك في المعارك ضد الإنجليز خلال الحرب العالمية الأولى في العراق عام 1914م،وفلسطين عام 1916م، لكن النقطة البارزة في حياته كانت توليه قيادة جيش الإنقاذ في فلسطين عام 1947.( ar.wikipedia.org ).

100  لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص 100..

101  لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص101.

102 إلياهو ساسون: ولد عام 1902م، في دمشق، كان مندوب الجالية اليهودية السورية في المؤتمر القومي السوري، وفد إلى فلسطين في مطلع الثلاثينات وانضم للقسم السياسي في الوكالة اليهودية، تولي في الفترة ما بين 1933-1948م، القسم العربي في الوكالة اليهودية، وأقام علاقات صداقة مع كثير من الزعماء القياديين العرب في مختلف أقطار الشرق الأوسط. (منصور، جوني: معجم الأعلام والمصطلحات الصهيونية، ص263).

103آشر، حابي: مؤسسة رجل واحد(بالعبرية)، ص56-57.

104 عوني عبد الهادي: رجل سياسي قومي عربي ولد في نابلس عام 1882م، وتوفي في القاهرة عام 1970م، سافر إلى إستانبول للدراسة فيها، ومن ثم إلى جامعة السربون في باريس، أسس مع عدد من زملائه الجمعية العربية الفتاة، كما كان أحد أعضاء اللجنة التي دعت إلى عقد المؤتمر العربي الأول الذي عقد في باريس برئاسة عبد الحميد الزهراوي، بالتعاون مع حزب اللامركزية الإدارية في القاهرة الذي كان يتزعمه رفيق العظم ،التقى عام 1918 بالأمير فيصل بن الحسين في باريس؛ فبقي معه ولازمه خصوصا في الفترة التي تولى فيها الأمير حكم سورية.( ar.wikipedia.org ).

105 آشر، حابي: مؤسسة رجل واحد(بالعبرية)، ص56-57.

106عبد العزيز، هشام: النشاط الصهيوني في العراق، ص67-69.

107  درور، تسفيكا: مستعربين البالماخ (بالعبرية)، ص77؛ بدر، حمدان: مخابرات الهاغاناة، ص80.

108 درور، تسفيكا: مستعربين البالماخ (بالعبرية)، ص72؛ هرئيل، أيسر: الأمن والديمقراطية (بالعبرية)، ص77.

109  هرئيل ، أيسر: الأمن والديمقراطية (بالعبرية)، ص77.

110  موكوفتسكي، يعكوف: الوحدات البرية الخاصة للبلماخ (بالعبرية)، ص22.

111  بلاك، ايان، موريس، بيتي: حروب إسرائيل السرية، ص62.

112  ديكل ، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص 120.

113  بلاك، ايان، موريس، بيتي: حروب إسرائيل السرية، ص62؛ لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص26.

114  ديكل ، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص 122.

115  لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص34.

116  سلوتسكي، يهودا : الثورة العربية الكبرى، (الرواية الإسرائيلية الرسمية)، ص431، ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص127.

117 بلاك، ايان، موريس، بيتي: حروب إسرائيل السرية، ص62-63.

118  ديكل ، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص78-82.

119 اللجنة الأنجلو –أمريكية :اقترحت الحكومة البريطانية في 19 تشرين الأول (أكتوبر)عام 1945م،تشكيل لجنة تحقيق أنجلو أمريكية ،لعلها تلطف الضغوط الأمريكية على بريطانيا ،وباشرت اللجنة عملها  في 4كانون الثاني (يناير)عام 1946م،وتتألف من ستة بريطانيين ، وستة أمريكيين ،وعليها أن تقدم تقريرها في غضون 120يوماً،باشرت العمل في الولايات المتحدة الأمريكية ، ثم انتقلت إلى بريطانيا، وعدد من البلدان ألأوروبية ،ثم جاءت لفلسطين، وأجرت عدداً كبيراً من اللقاءات ،وفي نيسان (أبريل)عام 1946م,قدّمت اللجنة تقريرها.(الأحمد، نجيب: فلسين تاريخاً ونضالاً،ص313-314؛

Kimche,Jon:Seven Fallars Pillars,p.157).

120 لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص136-139؛ هرئيل، أيسر: الأمن والديمقراطية (بالعبرية)، ص77.

121  ديكل ، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص220-222.

122  ديكل ، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص218.

123 لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص198.

124 السنوار، زكريا: منظمة الهاغاناة، ص 296.

125 بدر، حمدان: المخابرات الإسرائيلية، ص67.

126جوهان سميث: قائد بريطاني متعاطف مع الصهاينة، كان يعمل في حفظ المعلومات السرية جداً في السلطة البريطاني. (السنوار، زكريا: منظمة الهاغاناة، ص386).

127 السنوار، زكريا: منظمة الهاغاناة، ص386؛ ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي) (بالعبرية)، ص99-100.

128 ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص101-102.

129 السنوار، زكريا: منظمة الهاغاناة، ص386.

130 ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص178؛ لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة، ص86-87.

131  موكوفتسكي، يعكوف: الوحدات البرية الخاصة للبالماخ(بالعبرية)، ص18.

132  السعدي، غازي: من ملفات الإرهاب الصهيوني في فلسطين، ص22-24.

133 السنوار، زكريا: منظمة الهاغاناة، ص215.

134 السعدي، غازي: من ملفات الإرهاب الصهيوني في فلسطين، ص25-26.

135 السعدي، غازي: من ملفات الإرهاب الصهيوني في فلسطين، ص21.

136 ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص183-184.

137 هرئيل، أيسر: الأمن والديمقراطية (بالعبرية)، ص76؛ ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص184.

138 أبراهام شتيرن (1907-1942):ولد في بولندا ، وتعلم العبرية فيها، وفد إلى فلسطين عام 1925م، ودرس في الجامعة العبرية بالقدس، انضم للهاغاناة وشارك في أحداث عام 1929م، وترك الهاغاناة وأسس منظمة إتسل ، وسافر لبولندا لاستجلاب الدعم الحكومي لإتسل، اعتقلته سلطات الانتداب ومكث عدة أشهر في السجن ، ثم أطلق سراحه مع مجموعة من القيادات الصهيونية بعد الاتفاق مع البريطانيين على الاشتراك معاً في محاربة النازيين، لم يلتزم بالاتفاق وواصل عملياته ضد البريطانيين ، ونصب له كمين مسلح من قبل البوليس البريطاني وقتل رمياً برصاص .( عيلام ، يغآل: ألف يهودي في التاريخ الحديث ،ص492).

139 محارب، عبد الحفيظ: هاغاناة، إتسل، ليحي، ص 126؛

Kimehe,Jon:Seven Fallen Pillars;The Middle East 1945-1952,P.153.

140 بدر، حمدان: مخابرات الهاغاناة، ص66؛ لفن، أسا: هشاي؛ مخابرات الهاغاناة،70.

141 محارب، عبد الحفيظ: هاغاناة، إتسل، ليحي، ص191-192؛

Lapidot,Yehuda:The Hunting Season,www.us-Israel.org.

142 بيغن، مناحيم: التمرد(بالعبرية)، ص203.

143 محارب، عبد الحفيظ: هاغاناة، إتسل، ليحي، ص196.

144 بدر، حمدان: دور الهاغاناة في إنشاء إسرائيل، ص94.

145 مناحيم بيغن (1913-1992): ولد في مدنية بريست ليتوفسكي البولندية، أكمل تعليمه في القانون من جامعة وارسو، منذ صغره انضم إلى منظمة (الحارس الصغير)، تم تجنيده في الجيش البولندي على يد الروس عام 1941م، وفد إلى فلسطين عام 1942م، بعد تسريحه من الجيش البولندي، وصار على الفور قائداً عاماً لمنظمة إتسل، ويعتبر سادس رئيس وزراء (لدولة إسرائيل)عام 1977، قدم استقالته وهو في ذروة عمله السياسي مما شكل مفاجأة الجميع عام 1983م.(عيلام، يغآل: ألف يهودي في التاريخ الحديث،ص71-73).

146 بيغن، مناحيم: في العمل السري (بالعبرية)، ج1، ص221-222.

147 ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص 166-167،170-171.

148 ديكل، أفرايم: نشاطات جهاز المعلومات (هشاي)(بالعبرية)، ص156.

149 كتسبورغ، نتنال، وآخرون: أرض الاستيعاب الموحدة (بالعبرية)، ج7، ص38.

150 الآراء الواردة تعبر عن كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات

المقال كاملا من المصدر اضغط هنا

عبد العزيز أبو عليان



from بانوراما – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2CiijLm
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل