
شفقنا- بيروت-
انتقدت جل افتتاحيات ومقالات الرأي بالصحف الأميركية اليوم إعلان الرئيس دونالد ترامب انسحاب القوات الأميركية من سوريا باستثناء واحدة.
فبينما قال مقال في نيويورك تايمز للبروفيسور جوشوا جلتسر (المدير السابق لمجلس الأمن القومي لمكافحة الإرهاب) إن الولايات المتحدة معرضة لخطر لحظة أخرى من عبارة “المهمة تمت” عندما أعلن ترامب أمس مغردا “لقد هزمنا تنظيم الدولة في سوريا الذي كان سببي الوحيد للبقاء هناك خلال رئاسة ترامب”.
وعقب جلتسر بأن تنظيم الدولة لم “يُهزم” وأن مهمة أميركا في سوريا لم تكتمل تماما، مشيرا إلى الهجوم الإرهابي الأخير على سوق الكريسماس بمدينة ستراسبورغ في فرنسا الذي خلف خمسة قتلى وجرح العشرات بأنه يأتي بمثابة تذكير حي بأن تهديد التنظيم لا يزال قائما.
وقال إن تجريد التنظيم من الأراضي وحتى المقاتلين لا يماثل النجاح في دحره، لأنه إذا طرد من معقل فسيعاود الظهور في مناطق أخرى، ولكن بأشكال أكثر فتكا، ولذلك “ليس هذا الوقت المناسب لإنهاء المهمة لئلا نجد أنفسنا في مواجهة خصم متجدد أشد بأسا”.
”
قرار الانسحاب مفاجئ وخطير ومنفصل عن أي سياق إستراتيجي أوسع أو أي سبب منطقي، وزرع شكا جديدا بشأن التزام أميركا بالشرق الأوسط واستعدادها لأن تصبح قائدا عالميا ودور ترامب كقائد أعلى
نيويورك تايمز
”
واعتبرت افتتاحية الصحيفة أيضا أن قرار الانسحاب مثير للقلق وأن هذه ليست المرة الأولى التي بعثت فيها إدارة ترامب رسائل مختلطة. وأشارت في ذلك إلى ما أعلنه مستشار الأمن القومي جون بولتون قبل أقل من ثلاثة أشهر عن هدف موسع لقواته بسوريا، وأن الهدف ليس فقط هزيمة تنظيم الدولة ولكن أيضا ضمان مغادرة القوات الإيرانية للبلاد، فيما بدا وكأنه بيان موثوق من السياسة الرسمية.
فالقرار مفاجئ وخطير -حسب وصف الصحيفة- ومنفصل عن أي سياق إستراتيجي أوسع أو أي سبب منطقي، وأنه زرع شكا جديدا بشأن التزام أميركا في الشرق الأوسط واستعدادها لأن تصبح قائدا عالميا ودور ترامب كقائد أعلى.
وقالت الصحيفة إن إرسال أوامر متضاربة إلى الجنود بساحة القتال -كما يفعل ترامب وإدارته الآن- لا يشوش فقط المعنويات ويقوض قوى الحلفاء مثل الأكراد السوريين، بل قد يخاطر بقتل الجنود الأميركيين أو جرحهم بسبب الأهداف التي تخلى عنها قادتهم.
وأضافت أنه من المرجح أن يقلق هذا الانسحاب إسرائيل أيضا التي تشعر بالقلق من الوجود العسكري الإيراني القوي في سوريا، وكذلك الأردن التي تتحمل عبئا كبيرا من اللاجئين السوريين الذين فروا من القتال عبر الحدود.
وختمت نيويورك تايمز افتتاحيتها بالقول: من الصعب ألا نتساءل ما إذا كان ترامب قد أعلن مرة أخرى خطوة دراماتيكية كوسيلة لتحويل الانتباه عن الأخبار السيئة، المتمثلة في سيل الأحكام القانونية التي تشدد الخناق القانوني حوله. وإذا كان الأمر كذلك فسيكون هذا أسوأ سبب منطقي لزعيم كبير أقسم على حماية الأمة واحترام كل من يرتدي الزي العسكري.
”
ترامب يقدم بقراره هذا هدية ضخمة بمناسبة العام الجديد لكل من الرئيس بشار الأسد وتنظيم الدولة والكرملين وطهران، ويضمن أيضا التضحية بالمكاسب العسكرية الأميركية هناك
واشنطن بوست
”
واستهجنت واشنطن بوست -في مقالها الافتتاحي- إعلان انسحاب القوات الأميركية وعنونته “بتغريدة واحدة ترامب يدمر السياسة الأميركية بالشرق الأوسط”. وقالت إنه بقراره هذا يقدم هدية ضخمة بمناسبة العام الجديد إلى الرئيس بشار الأسد وتنظيم الدولة والكرملين وطهران، ويضمن أيضا التضحية بالمكاسب العسكرية الأميركية هناك، ويبطل أي تأثير قد يكون لدى وزير الخارجية مايك بومبيو ومبعوثه الخاص لسوريا جيمس جيفري لتحفيز تسوية دبلوماسية تلبي أهداف الإدارة نفسها لإبقاء تنظيم الدولة بعيدا.
وأضافت أن الأهم من ذلك أن يسقط ترامب في نفس الفخ الذي سقط فيه الرئيس باراك أوباما عندما سحب جميع القوات من العراق عام 2011. كما أن هذا القرار يكفل فعليا زيادة تفكك الأمن أكثر وصعود تنظيم الدولة وإيران مرة أخرى، وأن تضطر الولايات المتحدة للعودة إلى سوريا بتكلفة عسكرية أكبر وفي ظروف أقل ملاءمة مما لو بقيت هناك.
أما بلومبيرغ فقد اعتبرت “انسحاب ترامب خطأ فادحا” له عواقب وخيمة محتملة وأنه بذلك يقول للحلفاء كبيرهم وصغيرهم “يمكنكم أن تثقوا في أميركا لتخذلكم” وقالت الوكالة إنه يجب على ترامب أن يتراجع عن قراره.
ناشونال إنترست كان لها رأي آخر، فقد خالفت التوجه السائد لجل الصحف الأميركية بأن “البقاء في سوريا لم يعد منطقيا” وأن مخاطر بقاء القوات الأميركية هناك كبيرة جدا وتفوق أي فوائد مرجوة.
”
ترامب محق في قوله بضرورة انسحاب القوات من سوريا وإن الوقت قد حان لكي يتجاوز الرئيس تدخلات واشنطن بهذا الأمر والعمل على تحقيق مصالح الجنود ووضع مصالح أميركا أولا
ناشونال إنترست
” وقالت إن ترامب محق في قوله بضرورة انسحاب القوات من سوريا، وإن الوقت قد حان لكي يتجاوز الرئيس تدخلات واشنطن بهذا الأمر، والعمل على تحقيق مصالح الجنود ووضع مصالح أميركا أولا.
وهناك أدلة كثيرة في صالحه -تقول الصحيفة- منها على سبيل المثال أنه لا يوجد تهديد لأمن أميركا يبرر نشر قوة عسكرية فتاكة، لكن هناك خطرا إستراتيجيا كبيرا على أميركا بسبب الحرب الأهلية التي لا تزال مشتعلة هناك.
وعلاوة على ذلك -تقول الصحيفة- وبنفس القدر من الأهمية، لم يؤذن الكونغرس أبدا بالتدخل الأميركي. ومن المهم ملاحظة أن القوات في سوريا قد أرسلت إلى هناك أصلا من قبل إدارة أوباما لمساعدة “قوات سوريا الديمقراطية” التي يقودها الأكراد من أجل طرد تنظيم الدولة من عاصمته المزعومة “الرقة”.
واعتبرت ناشونال إنترست أن المهمة انتهت بنجاح في أكتوبر/تشرين الثاني 2017، “وكان يجب بكل القوانين والشرائع إعادة نشر القوات، ولكن بدلا من إعادة القوات إلى الوطن بدا المسؤولين وكأنهم يبحثون عن شيء جديد للقوات لتفعله”.
المصدر : الصحافة الأميركية
المقال كاملا من المصدر اضغط هنا
malak
from بانوراما – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2R8av77
via IFTTT
0 comments: