
سياسة
15:00 08 ديسمبر, 2018
«جعجعة بغير طحين».. لماذا تفشل الأحزاب السياسية العراقية في كسب ثقة المواطن؟
مرت 15 عامًا على الغزو الأمريكي، ذلك الغزو الذي نقل العراق من نظام حكم الحزب الواحد إلى نظام الأحزاب المتعددة، وبعد مرور كل هي السنين يعتقد العراقيون أن جميع الأحزاب التي جاءت بعد ذلك التاريخ لم تنجح في إيصال العراق إلى بر الأمان، الأسطر التالية تقرأ في أسباب فشل هذه الأحزاب، رغم أن بعضها يمتد تاريخ تأسيسه إلى أكثر من 50 عامًا مضت، ضاربًا بجذوره عميقًا في التاريخ العراقي.
كم عدد الأحزاب السياسية في العراق؟
مع بدء العملية السياسية العراقية بعد الغزو الأمريكي في عام 2003، كان مجلس الحكم الانتقالي بمثابة الخطوة الأولى للتعددية الحزبية في البلاد، تعددية انبثقت عنها عدة أحزاب سياسية تبوأت المشهد طيلة فترة حكم المجلس الحكم الانتقالي، والتي استمرت سنة واحدة فقط؛ إذ كانت الشخصيات التي تبوأت مقاعد المجلس هي نواة تشكيل الأحزاب السياسية العراقية في الفترة اللاحقة وما تبعتها من سنوات.
ولا تكاد تقف قائمة الأحزاب السياسية في العراق عن الازدياد؛ فمع كل انتخابات تشريعية يزداد عديد هذه الأحزاب؛ حتى وصل العدد في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في 12 مايو (أيار) الماضي إلى 320 حزبًا وائتلافًا سياسيًا، وتشمل الأحزاب ذات التوجهات الدينية، والمذھبیة، والقومية، واليسارية، واللیبرالیة.
نوري المالكي وجلال الطالباني
وشهدت السنوات الماضية ظهور العديد من الأحزاب السياسية التي اختفت بُعيد خسارتها أو فوزها في الانتخابات، لكن وفي الوقت ذاته تبرز أحزاب عدة حافظت على تواجدها منذ عام 2003، وبحسب محمود القيسي الإعلامي والباحث العراقي فإن «الأحزاب الدينية هي أهم الأحزاب التي ظهرت بعد الاحتلال الأمريكي؛ وذلك لكونها أحزابا ذات تاريخ طويل يمتد لعقود، فكان الحزب الإسلامي التابع لفكر الإخوان المسلمين ممثلًا للسنة، ونظيره الفكري حزب الدعوة ممثلًا للشيعة، أما على مستوى الأحزاب الكردية فقد كان الحزبان الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني ممثلين عن الأكراد».
ويضيف القيسي أن «هذه الأحزاب تعد أبرز الأحزاب التي ظهرت عقب الغزو، إضافة إلى أحزاب أخرى كان لها بعد رمزي في العملية السياسية العراقية؛ نظرًا لقدمها، مثل الحزب الشيوعي العراقي الذي تأسس في ثلاثينات القرن الماضي، وحزب الوفاق الوطني بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي الذي تأسس في عام 1990 خارج العراق»، بحسب القيسي.
ما أسباب فشل الحالة الحزبية في العراق؟
تتعدد أسباب فشل الأحزاب السياسية في العراق، فالأسباب التي أفشلت الأحزاب الإسلامية غير تلك الأسباب التي أفشلت الأحزاب العلمانية واليسارية، ويرى الصحافي العراقي مروان الجبوري، في حديثه لـ«ساسة بوست»، أن سبب فشل الأحزاب السياسية في العراق، «يعود لعدم نشأتها في حالة طبيعية؛ إذ إن التعددية الحزبية في العراق كانت ممنوعة قبل الغزو، وبعد ذلك تحول الأمر إلى ما يشبه الفوضى السياسية في تأسيس الأحزاب، بسبب غياب قانون خاص للأحزاب، والذي تأخر إقراره لأكثر من 14 عامًا».
رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي
الجبوري أوضح أيضًا أن «هذه الأحزاب عملت في أجواء معقدة مليئة بالصراع والعنف والانقسام المذهبي والاجتماعي، ولم تستطع أن تقدم شيئًا ملموسًا للمواطنين، إذ إن غالبية هذه الأحزاب لا تملك برامج سياسية معتبرة وحقيقية، وإنما شعارات اتكأت على الدين والمذهب والقومية، وبدلًا عن أن تناقش هموم المواطنين وتسعى للتنافس على خدمتهم، فقد كان صوتها عاليًا في تأجيج الأوضاع وتعميق الشرخ الاجتماعي الذي شهده العراق، وما تبع ذلك من اقتتال مذهبي»، بحسبه.
ويعتقد الجبوري أن «أبرز الأسباب التي أفشلت الأحزاب السياسية الإسلامية هي الحالة المعيشية المتردية التي يعيشها المواطن العراقي، خاصة أن تلك الأحزاب الإسلامية تربعت على عرش السلطة لسنوات طويلة، ولم تفلح في انتشال العراقيين من البؤس الذي يعيشونه في الخدمات الأساسية، والبنى التحتية، وارتفاع معدلات البطالة».
ونتيجة لكل ذلك – بحسب الجبوري – «بات الشارع العراقي، بعيدًا عن تأثير تلك الأحزاب وشعاراتها الدينية؛ ما أفقدها هيبتها لدى العراقيين؛ الأمر الذي ظهر جليًا في استطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات، ثم في الانتخابات ذاتها».
الجمود الفكري والفساد أسقطا الأحزاب الإسلامية
البقاء على بعض الثوابت وعدم تطويرها أو إنضاجها، كان السبب في فشل الأحزاب الإسلامية، بحسب المفكر والعضو في الحزب الشيوعي العراقي مهدي العبودي، الذي أوضح أن «بقاء الأحزاب الإسلامية ضمن ثوابت الدين، وعدم تغييرها أو تطويرها، خاصة بعد تبوئها السلطة، أدى بهذه الأحزاب إلى الفشل في قيادة البلاد».
ويرى العبودي أن «الأحزاب الإسلامية كانت تعيش في حالة معارضة من الخارج، وعدّت نفسها بديلا للحكم السابق، في الوقت الذي لم تكن لديها القدرة على تولي زمام الحكم كقادة فعليين؛ ما جر البلاد إلى الحال الذي بات عليه الآن».
ويضرب العبودي مثالًا على أحزاب إسلامية استطاعت التكيف مع محيطها عند وصولها للسلطة؛ إذ يعتقد مثلًا أن « حزب العدالة والتنمية التركي – الذي يعده العبودي حزبًا إسلاميًا – غيّر من فكره وشعاراته عندما وصل إلى السلطة، وعمل بالقانون والدستور العلماني؛ الأمر الذي جعل من تركيا في طليعة البلدان السريعة النمو والتي تشهد تطورًا ملفتًا» وذلك بحسبه.
ويرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة «بيان» الدكتور علي بشار أن «أسبابًا عدة تقف وراء فشل الأحزاب السياسية في العراق، من بينها افتقار الأحزاب السياسية في العراق لرؤية واضحة ومنهجية العمل، وضعف الكوادر الحزبية، وارتباط قيادات تلك الأحزاب ببعض الدول؛ الأمر أدى إلى إفشال هذه الأحزاب مجتمعة».
ويعتقد بشار أن «تفرد تلك الأحزاب بالسلطة وحصر الوظائف العليا في الدولة بقيادات حزبية، دون مراعاة الكفاءة، أدى إلى تغيير نظرة المجتمع العراقي لتلك الأحزاب».
ويعتقد بشار في ختام حديثه لـ«ساسة بوست» أن «الشعب العراقي وعند مقارنته الوضع الحالي مع النظام السابق، أدرك أن المرحلة السابقة، ورغم كل ما بها من شوائب، إلا أنها كانت تدار من قبل (حزب البعث)، إلا أنه ومع التعدد الحزبي بعد الغزو، توسعت حالة الفساد المالي والإداري بتعدد الأحزاب؛ ما جعل الكثير من العراقيين ينظرون إلى هذه الحقبة على أنها أسوأ من التي سبقتها».
مظاهرات العراقيين في بغداد ضد الفساد والبطالة
ويرى المحلل السياسي العراقي رياض الزبيدي في حديثه لـ«ساسة بوست» أن «فشل الأحزاب الإسلامية في العراق جعل من الأخيرة تتجه لتغيير جلدها من خلال اتخاذها الخطابات المدنية غطاءً لها لتخرج من عباءة الأحزاب الإسلامية، وهذا ما حصل بالفعل مع شخصيات عديدة كانت قيادات في أحزابها الإسلامية، ثم تحولت بين ليلة وضحاها إلى التغني بشعارات المدنية».
وعن فشل الأحزاب الليبرالية والعلمانية أوضح الزبيدي: «هذه مسألة طبيعية في ظل انقطاعها لفترة طويلة عن العمل السياسي في العراق، ونتيجة لتغيُّر النظم السياسية في العالم، لم يعد للحزب الشيوعي العراقي قبول كبير عند الشارع العراقي، بعد أن سقط كثير من الأنظمة الشيوعية».
لافتًا إلى أن «بقية الأحزاب العلمانية لم تجد طريقها للسلطة بسبب الشعارات الدينية والمذهبية التي استغلتها الأحزاب الإسلامية، وما نتج عنها من تقسيم طائفي للعراقيين في السنوات السابقة؛ الأمر الذي أدى إلى تخندق العراقيين مذهبيًا وقوميًا، بعيدًا عن الشعارات العلمانية العابرة للدين، والقومية، والمذهبية»، بحسب قوله.
المقال كاملا من المصدر اضغط هنا
فريق العمل
from بانوراما – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2SB8tJC
via IFTTT
0 comments: