Friday, December 21, 2018

الخروج العاجل للقوات الأمريكية من سوريا والأهداف المخفية لترامب

الوقت- تشهد الساحة السورية تحولات سياسية متسارعة بشكل كبير، تنعكس هذه التحولات بشكل تلقائي على الأوضاع الميدانية لهذا البلد، وجميعنا شهد تحركات سياسية نشطة داخل سوريا وخارجها هدفها التقرب من الحكومة السورية إن كان من أطراف عربية أو غربية على اعتبار أن الرئيس الأسد أصبح بحكم المنتصر أو “منتصر سلفاً” ومن هنا اكتسبت زيارة رئيس السودان عمر البشير إلى سوريا اهميتها، ليسبقها خلال الأسبوع الفائت تحضيرات في الجولة الحادية عشر من آستانا لتشكيل اللجنة الدستورية السورية بحضور الدول الضامنة ومبعوث الأمم المتحدة، ليتبعها حديث لمبعوث ترامب الخاص إلى سوريا جيمس جيفري أعلن فيه أن واشنطن لم تعد تبحث عن التخلص من الأسد، ليأتي بعدها الإعلان الصادم لترامب بأنه خلال الأيام المقبلة “أقصى حد 100 يوم” ستخرج القوات الأمريكية من سوريا.

استراتيجية أمريكا الفاشلة في سوريا

على الرغم من اننا سنقرأ ونسمع وبشكل مستمر خلال المرحلة المقبلة ادعاءات لواشنطن بأنها حققت أهدافها في سوريا، إلا أن تصريحات ترامب والناطق باسم البيت الأبيض بخصوص سوريا توضح وبشكل جلي اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بفشل استراتيجيتها في سوريا كما فشلت سابقا في العراق.

بعد مرور سبع سنوات من اتباع سياسة “الفوضى الخلاقة” في سوريا من قبل الغرب بقيادة “الولايات المتحدة الأمريكية” وحلفائهم العرب، من خلال الدعم السياسي والعسكري والمالي والإستخباراتي للإرهابيين وتقديم مليارات الدولارات لهؤلاء المرتزقة ومن ثم الاحتلال غير الشرعي لأجزاء من البلاد تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، نجد أن هذه الدول جميعها تقف امام حقيقة واضحة تتمثل بـ”فشل مشروعها وخططها السياسية والعسكرية” في سوريا، وبعد أن كانت هذه الدول تطالب ليل نهار برحيل الأسد وتحرض عبر منصاتها الاعلامية ضد الجيش السوري والعمل على تفكيكه وتمزيقه من الداخل على غرار “العراق وليبيا”، اصبحت تقول صراحة وعلانية أنها لم تعد تريد رحيل الأسد وأكثر من ذلك تعمل حاليا على خلق قنوات غير مباشرة للحوار معه وسنشهد الكثير من هذه التحركات في الايام المقبلة. ومن هنا يمكن القول بأن اعلان انسحاب القوات الأمريكية من سوريا ما هو إلا تسليم بالأمر الواقع وقبول خسارة التحدي أمام المنافسين الآخرين في سوريا.

بعبارة أخرى واشنطن تعلم ان بقائها في سوريا “لا شرعي” ومحفوف بالمخاطر ولا يمكن أن يستمر في ظل تقدم الجيش السوري وحلفائه وسيطرتهم على غالبية اراضي، فضلا عن اعتبار دمشق ان القوات الأمريكي “قوات محتلة” ويجب التعامل معها على هذا الاساس، وتواجد أمريكا في شرق سوريا لا يحظى فقط بمعارضة سوريا بل الأمر ذاته تشترك به كل من “روسيا، العراق، ايران، تركيا وحتى الصين” ولكل من هذه الدول رؤيته الخاصة لكنهم يجتمعون على رفض بقاء واشنطن في سوريا تحت أي ذريعة، وبالتالي خروج القوات الأمريكية بقرار أمريكي خير لهم من أن يخرجوا بطريقة مذلة على غرار ما حصل معهم في العراق، على اعتبار أنهم تعلموا من التاريخ القريب، الذي يقول وبكل صراحة أن أبناء هذه المنطقة لا يرحبون بالأمريكي ولا يتفقون معه.

أهدف ترامب من اعلان الانسحاب؟

على الرغم من أن ترامب “مُجبر ضمنا” على سحب قواته لأسباب آنفة الذكر، إلا أنه يرواغ قدر الإمكان ويحاول استغلال جميع الظروف لصالحه، لذلك وجدناه لا ينفك يبرر خروج القوات بالقول أن هذا الانسحاب هو لصالح الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، إلا أن الاسرائيليون قلقون من هذا الانسحاب لكونه يخفف الضغط على أعداء “اسرائيل” وفور اعلان ترامب الانسحاب وجهوا سهامهم نحو ايران وبدأوا بمحاولة البحث عن أساليب جديدة للضغط على طهران ومنعها من التلذذ بسلسة انتصاراتها في الاقتصاد والسياسة والعسكر، ولكن حقيقةً ما أسباب إعلان الانسحاب بهذا الشكل السريع بعد أن كان ترامب وطاقمه يصرحون مرارا وتكرارا بان قواتهم باقة لاجل غير مسمى؟.

بطبيعة الحال ، فإن الانسحاب الفوري للقوات الأمريكية من سوريا، والذي رافقه معارضة لأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، لن يكون بدون تكلفة.

الأكراد ضحية جديدة لسياسة واشطن؛ قدمتهم على طبق من فضة للاتراك في عفرين، وهاهي تكرر الأمر ذاته شرق الفرات، وقد اعترف الأكراد بأن ما فعلته واشنطن كان بمثابة طعنة في الظهر، وعلى اثر القرار الامريكي تعهدت “قوات سوريا الديمقراطية”، بأن تقاتل “حتى الموت” الجيش التركي الذي يستعد لشن عملية كبيرة ضد المسلحين الأكراد بشرق الفرات، ومع ذلك نعتقد أن فرصها ستكون ضئيلة في مواجهة الجيش التركي نظرا لإمكانيات الأخير الكبيرة وكشف الغطاء عن الأكراد من قبل الامريكي، ولكون الأكراد في سوريا والعراق تعرضوا لسلسة طعنات موجعة من واشنطن سنجدهم في المستقبل القريب يتجهون للتحالف مع موسكو على اعتبار أنها قوة كبيرة مؤثرة وفاعلة في المنطقة.

وبطبيعة الحال سنجد تودد أكبر من قبل الأكراد نحو دمشق وسيسهل انسحاب واشنطن من تسريع العلاقات بين الاكراد والحكومة المركزية في دمشق، وهذا لن يكون محط اعجاب “الاسرائيليين والاماراتيين والسعوديين” على اعتبار أن هؤلاء لايريدون لدمشق أن تخرج قوية من هذه الحرب وتعلن انتصارها بعد دفع كل هذه المليارات، ولا يريدون في الوقت نفسه لتركيا أن يتعاظم نفوذها في سوريا أو يخف الضغط عليها من قبل الأكراد، لكن على ما يبدو لا حل امام واشنطن سوى الانسحاب ولو كره حلفائها ذلك.

لكن لحظة!!

واشنطن لم تعطي برنامج واضح لانسحابها من سوريا، ونظرا لطبيعة ترامب الازدواجية والتي تشبه بلاده إلى حد كبير، لا نستغرب ان يتراجع ترامب في أي لحظة عن هذا القرار، على اعتبار انه كرر ذلك في السابق، ويمكن أن يكون ترامب يبحث عن المزيد من الاموال من الدول الخليجية وما قراره سوى استفزاز جديد للسعودية والامارات لدفع المزيد من الأموال، وفي نفس الوقت يريد ترامب أن يرضي تركيا ويمتص غضبها تجاهه لكونه يمول الأكراد وهم اعداء أردوغان ولذلك يمكن القول ان ترامب يحاول أن يصطاد عدة عصافير في حجرة واحدة، وهذه الحجرة ستوجع فقط الأكراد على أقل تقدير، فهل سيتعلم الأكراد من هذا الدرس أم للحكاية تتمة؟.



from بانوراما – شبكة وكالة نيوز http://bit.ly/2EC2XCM
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل