أدهم مناصرة
المصدر : موقع المدن
اعتصام للفلسطينين أمام مركز الأونروا في بيروت (Getty – أرشيف)
“لم يكن قراراً مفاجئاً، لكنه قرارٌ معيبٌ ومستغربٌ”.. هكذا اختصر الناطق باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) سامي مشعشع، تعليقه على قرار الإدارة الأميركية قطع كامل مساعداتها المقدمة للوكالة الدولية.
مشعشع أوضح في حديث لـ”المدن”، أن خطوة واشنطن مستغربة لأن الإدارات الأميركية المتعاقبة على مدى ستة عقود وحتى 2017 كانت تشيد في كل منبر بخدمات وكالة الغوث وبكونها عنصر استقرار للمنطقة، وبنزاهتها وحياديتها وتجاوبها مع الإصلاح، بل ورفدت موقفها هذا بدعم مالي كبير، إذ كانت واشنطن حتى نهاية العام الماضي أكثر جهة داعِمة للمنظمة.
ويقول مشعشع “أن تتغير الصورة بين ليلة وضحاها وتقول الناطقة بإسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت إن (الوكالة لديها عيوباً لا تُشفى منها)، فهذا يعني أنه تصريح سياسي بامتياز ليس له صلة بحقيقة عمل الوكالة ونجاعة خدماتها”.
بيدَ أن الخطوة الأميركية بمجرد الإعلان عنها يضع وكالة الغوث، التي تعاني من أزمة مالية خانقة في السنوات الأخيرة، على المحك، لكن مشعشع يشدد على أن “هذه المحاولات الممجوجة للغمز واللمز والتشكيك بوكالة الأونروا تعكس قرارا سياسيا بامتياز.. غير أنه لن ينهي الوكالة، بناء على قرار من هذه الدولة أو تلك”.
ويضيف مشعشع “هناك 167 دولة تقف وراء الوكالة ومنذ تخفيض أميركا مساعداتها بدءاً من مطلع العام الحالي (والذي أثر كماً ونوعاً وكيفاً على خدمات الطوارئ المقدمة للاجئين)، سارعت دول عديدة للتحرك وقدمت دعماً غير مسبوق للأونروا، كما أن السويد والمانيا ودول أخرى صرحت بعد قرار واشنطن الأخير والرامي إلى وقف دعم الوكالة بشكل كامل، بأنها ستنظر في مستوى مساعداتها وستعمل على زيادتها”.
الخطوة الأميركية فتحت تساؤلات عديدة حول مستقبل الوكالة. في هذا السياق، يقول مشعشع، إن خطوات عديدة تواصل الوكالة القيام بها على هذا الصعيد، وتتمثل في هذه الأثناء بلقاء وخطاب مرتقب للمفوض العام بيير كرينبول أمام جامعة الدول العربية، التي تلتئم على مستوى وزراء الخارجية وبمشاركة تركيا في 11 أيلول/ سبتمبر الحالي لنقاش تعزيز الوضع المالي للوكالة بعد القرار الأميركي، وللبناء على التبرعات غير المسبوقة التي قدمتها مؤخراً كل من قطر والسعودية والإمارات والكويت.وسيُنظر في القضية ذاتها خلال لقاءات على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في الرابع والعشرين من الشهر الحالي.
مشعشع عبّر عن أمله بأن يكون اجتماع وزراء الخارجية العرب بعد أكثر من اسبوع بمثابة رافعة كبيرة، حتى يكون مستوى التبرعات العربية ضمن النسبة المرجوة، وليس لمرة واحدة وإنما بشكل ثابت، كي “يتسنى لنا أن نحدد سياساتنا التمويلية وبرامجنا الخدماتية بناء على تمويل ثابت ومتوقع كل عام وهذا هدفنا الرئيس في نهاية المطاف”.
وحول مدى تمكن الوكالة من تحقيق هدفها، أكد مشعشع “أن الوكالة بدأت العام الجاري بعجز قارب نصف بليون دولار من اصل ميزانية بقيمة بليون و200 مليون دولار. ولو كانت مؤسسة اخرى بنفس الوضع لهبطت وهُزمت”. ويعود ذلك إلى حملة دولية أطلقتها وكالة الغوث تحت اسم “الكرامة لا تقدر بثمن” للبحث عن مصادر تمويل، بالتوازي مع انتهاجها سياسة تمويلية “شرسة” و”متفاعلة”، بحسب تعبير مشعشع، حيث أكد أنه بسبب ذلك “استطعنا خلال اشهر قليلة ان نحصل على 238 مليون دولار من اصل عجز وصل نصف بليون، في ظل تحد مالي بقيمة 217 مليوناً”.
ويتابع مشعشع “نحن نثق بأننا سنصل لمبتغانا.. الوكالة لست للبيع ووقف الدعم الأميركي ليس النهاية، فالوكالة لديها ولاية قوية وبالرغم من التحديات المالية فتحنا ابواب مدارسنا للاجئين.. وسنستمر بعملنا”. ويضيف “الأهم أن نعمل مع الدول المضيفة والمتبرعة والصديقة والشركاء الآخرين في رسم سياسات تمويلية ثابتة لعام 2019 والأعوام التي تليه”.
وبينما ينظر مراقبون إلى وقف أميركا مساعداتها للأونروا، كمقدمة للدفع باتجاه مخطط “التوطين” للاجئين الفلسطينيين في البلدان المضيفة لإخراج القضية من طاولة التفاوض، أسوة بالقدس، تشدد قيادة السلطة في رام الله على أن قضية اللاجئين ليست خاضعة لقرار أميركي وإنما للشرعية الدولية، مشيرة إلى حراك دولي تبذله لسد العجز التمويلي لوكالة الغوث.
مصدر من دائرة الرئاسة الفلسطينية، كشف لـ”المدن”، عن ضغوط تمارسها الإدارة الأميركية في هذه الاثناء على الدول العربية المضيفة للاجئين الفلسطينيين، لوقف مساعداتها للأونروا بغية إضعاف الوكالة كلياً.. كما تسعى واشنطن مع البلدان العربية لتقدم للاجئين المبلغ ذاته الذي كانت تقدمها للأونروا، مقابل إلغاء خدمات الأخيرة، لتقوم هذه الدول المضيفة للاجئين بخدمات مباشرة لهم كبديل للوكالة مثل التعليم والصحة، تمهيداً لتوطينهم في ما بعد.
لكن المصدر يعود ويؤكد أنه من الصعب جداً قبول الدول العربية بمسألة التوطين؛ ذلك أن هذا سيؤدي إلى انفجار الأمور ويخلق اوضاعاً ديموغرافية واقتصادية معينة في كل بلد من البلدان المضيفة للاجئين. ناهيك أن قضية اللاجئين لا تتعلق فقط بالقرار الأميركي، كما أن الكونغرس ليس بديلاً عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ولا الشرعية الدولية.
ويؤكد المصدر أن “السلطة وبالتعاون مع الأردن تسعى مع البلدان الصديقة لتعويض وسد الفجوة التمويلية لوكالة الأونروا.. لكن لا توجد دولة واحدة قادرة على سد كل العجز، وانما مجموعة من الدول في حال التزمت مثل السويد التي اعلنت تبرعها للوكالة عن السنوات الأربعة القادمة بقيمة 209 مليون دولار، ناهيك عن مساعدات استثنائية قدمت من قطر والسعودية والامارات وغيرها. المانيا أيضاً اعلنت انها ستزيد مساعداتها بشكل ملموس وكذلك الصين”.
from إسرائيليات – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2MPLZWX
via IFTTT
0 comments: