Thursday, September 6, 2018

السيسي سأل ترمب مفزوعاً: هل سيتم عزلك؟ صحافي أميركي يكشف تفاصيل اتصال بين الرئيس الأميركي ونظيره المصري، وماذا كان الرد

كشف الصحفي الأميركي بوب وودورد في كتابه الجديد كتاب الخوف عن تفاصيل اتصال بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بخصوص التحقيقات الجارية حول التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية وبعض الملفات الأخرى.

وقال الصحافي الأميركي في كتابه الجديد «Fear»، وفق ما نقلته صحيفة The Washington Post الأميركية، والذي يرسم صورةً مروعة لفترة ترمب الرئاسية، استناداً إلى مقابلاتٍ تناولت أدق التفاصيل أجراها مع موظفين في الإدارة ومسؤولين آخرين، إن السيسي كان قلقاً ومفزوعاً من مصير ترمب حتى إنه قال لترمب: «دونالد، أنا قلق بشأن التحقيق. هل ستظل في منصبك؟».

وبحسب وودورد، فقد أعاد ترمب هذا الحديث على مسامع محاميه الخاص جون دود، وأضاف أنَّ الحديث بدا مؤلماً، ووصف سؤال السيسي كما لو كان ضربة بين فخذيه.

كان جون دود مقتنعاً بأنَّ الرئيس ترمب سوف يرتكب جريمة الحنث باليمين إذا تحدث مع المحقق الخاص روبرت  مولر الثالث. ولذلك، في 27 يناير/كانون الثاني 2018، عندما كان يشغل منصب المحامي الخاص بالرئيس ترمب، أعدَّ جلسةً تدريبية في محاولةٍ لتوضيح وجهة نظره.

وفي مقر إقامته بالبيت الأبيض، انهال دود على ترمب بوابلٍ من التساؤلات حول التحقيق الخاص بتدخلات روسيا، محاولاً استفزازه بذكر الزلات والتناقضات والأكاذيب، حتى نجح أخيراً في إفقاده أعصابه.

«إنَّها خدعة لعينة»، بتلك الكلمات الغاضبة بدأ ترمب خطابه العصبي الذي استمر 30 دقيقة، وأنهاه بقوله: «أنا لا أرغب في الإدلاء بشهادتي بأي حالٍ من الأحوال».

يسرد بوب وودورد هذا المشهد الدرامي الذي لم يُروَ من قبل في كتابه «Fear»، أوضح وودورد أنَّه اعتمد في كتابه على مقابلاتٍ استغرقت مئات الساعات أجراها مع شركاء خاضوا التجربة وشهود على أساس نشر ما ورد فيها دون ذكر أسماء من أدلوا بها.

وتستند المعلومات الواردة في كتابه أيضاً إلى محاضر اجتماعات ومذكرات شخصية ووثائق حكومية.

بوب وودورد صحافي استقصائي يتقصى حياة الرئيس ترمب وأصدر كتاباً بذلك

وبوب وودورد صحافي تحقيقات أميركي، يعد مرجعاً في صحافة الاستقصاء بالعالم، عرف بأنه مفجر فضيحة «ووترغيت» التي دفعت الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون إلى الاستقالة عام 1974، وظل منذ ذلك الحين يكتب تباعاً عن جميع الرؤساء الأميركيين، حتى لقب بـ»حامل مفاتيح البيت الأبيض».

يصف وودورد في كتابه كيف أنَّ الغضب وجنون الارتياب بشأن التحقيق المتعلق بتدخلات روسيا يسيطران على ترمب بطريقة تؤدي في بعض الأحيان إلى إصابة العمل في الجناح الغربي للبيت الأبيض (الذي يضم المكتب البيضاوي) بالشلل التام.

فعندما علم ترمب بتعيين مولر، زمجر غاضباً: «كلهم يحاولون النيل مني». وهذه الحالة من الثورة التي انتابت ترمب وأثارت توتر مساعديه تشبه إلى حدٍ ما، حالة ريتشارد نيكسون في أيامه الأخيرة من رئاسته للولايات المتحدة.

وتمكنت صحيفة The Washington Post من الحصول على الكتاب المؤلف من 448 صفحة.

وسعى وودورد، وهو محرر مساعد في The Washington Post، إلى إجراء مقابلةٍ مع ترمب من خلال العديد من الوسطاء دون جدوى.

واتصل الرئيس بوودورد في أوائل شهر أغسطس/آب 2018، بعد اكتمال النسخة الأولية من الكتاب؛ لإخباره بأنَّه يريد الإدلاء برأيه.

وأوضح التسجيل الصوتي للمحادثة التي دارت بينهما أنَّ الرئيس قد احتج قائلاً إنَّ الكتاب سوف يكون «سيئاً»، وأجابه وودورد بقوله إنَّ الكتاب الذي ألفه سوف يكون «قاسياً»، لكنه مستند إلى تقارير وحقائق مادية.

وقال إن مقربين من ترمب يديرون مؤامرات خفية لكبح جماحه ومنع كوارث محتملة

عنوان الكتاب مستوحى من تعليقٍ أدلى به ترمب حين كان مرشحاً لمنصب الرئاسة، في مقابلةٍ صحافية مع وودورد وروبرت كوستا، الصحافي المختص بالشؤون السياسية في The Washington Post، عام 2016. فقد صرح ترمب: «القوة الحقيقية تكمن في -لا أعرف كيف أقولها- في الخوف».

وأحد الأفكار الرئيسية التي يدور حولها الكتاب هي المؤامرات الخفية التي يدبرها أقرب المقربين لترمب في محاولةٍ لكبح جماحه ومنع الكوارث التي قد يتسبب في حدوثها؛ وذلك حفاظاً على مصلحة الرئيس شخصياً والأمة التي انتُخِبَ لقيادتها.

يتحدث وودورد عن «الانقلاب الإداري» و»الانهيار العصبي» الذي أصاب أعضاء الفرع التنفيذي، حيثُ يتآمر كبار المساعدين لانتزاع أوراق رسمية من مكتب الرئيس؛ حتى لا يتمكن من رؤيتها أو التوقيع عليها.

 

ونقل عن وزير الدفاع الأميركي قوله إن ترمب يتصرف بعقلية طفل في العاشرة من عمره

ويروي وودورد مراراً وتكراراً ويستفيض في الحديث عن الاضطراب الذي شعر به فريق ترمب للأمن القومي، بسبب قصور معرفته بشؤون العالم وعدم رغبته في التعلم، واحتقاره الشديد للفكر السائد بين قادة الجيش والمخابرات.

ففي اجتماعٍ لمجلس الأمن القومي في 19 يناير/كانون الثاني 2018، تجاهل ترمب أهمية الوجود العسكري الأميركي الضخم في شبه الجزيرة الكورية، بما في ذلك عملية الاستخبارات الخاصة التي تُمكِّن الولايات المتحدة من كشف أي عملية إطلاق صاروخ من كوريا الشمالية في غضون 7 ثوانٍ مقابل 15 دقيقة من ألاسكا، بحسب ما ذكره وودورد في كتابه. وتساءل ترمب عن سبب إنفاق الحكومة لأيٍ من مواردها هناك

وأجابه وزير الدفاع جيمس ماتيس قائلاً: «إنَّنا نفعل هذا كي نمنع نشوب الحرب العالمية الثالثة».

وبعد أن غادر ترمب الاجتماع، يقول وودورد: «استشاط ماتيس غضباً وشعر بالانزعاج، وأخبر مساعديه المقربين بأنَّ ترمب يتصرف ويفكر بعقلية طفل فيالصف الخامس أو السادس».

وأن تصرفات ترمب تثير استياء المستشارين حتى إن أحدهم نعت ترمب بالمعتوه

ويخبرنا وودورد في كتابه بأنَّ تصرفات ترمب تثير استياء وسخط العديد من كبار المستشارين. وقال ماتيس لأصدقائه في وقتٍ من الأوقات: «وزراء الدفاع لا يملكون رفاهية اختيار الرئيس الذي يعملون لأجله»، ومما دفعهم للضحك قول ماتيس إنَّ ترمب يميل إلى الانتقال إلى الحديث عن مواضيع لا تمت بِصلة إلى ما نتحدث فيه مثل الهجرة ووسائل الإعلام.

وداخل البيت الأبيض، يتحدث وودورد عن تقلبات الرئيس المزاجية وتجاهله تقاليد الحكم، وحرصه على توبيخ أصحاب المناصب الرفيعة وإثارة أعصابهم والتقليل من شأنهم بصفةٍ يومية.

ويضيف وودورد في كتابه أنَّ رئيس موظفي البيت الأبيض، جون كيلي، قد فقد أعصابه مراراً، وقال لزملائه إنَّه يعتقد أنَّ الرئيس «معتوه».

وفي اجتماعٍ مصغر، قال كيلي عن ترمب: «إنَّه أحمق! ومن العبث محاولة إقناعه بفعل أي شيء. لقد فقد صوابه، وكاد يصيبنا بالجنون، أنا لا أعرف حتى ماذا يفعل أيٌ منا هنا. هذه أسوأ وظيفة شغلتها في حياتي».

وكان القلق يساور رينس بريبوس سلف كيلي، فقد كان يخشى أنَّه لا يستطيع فعل الكثير لمنع ترمب من إثارة الفوضى.

وقال إن غرفة النوم الرئاسية أصبح يطلع عليها ورشة عمل الشيطان

ويضيف وودورد أنَّ بريبوس أطلق على غرفة النوم الرئاسية، حيث يتابع ترمب القنوات الإخبارية بنهم وينشر تغريداته على «تويتر»، اسم «ورشة عمل الشيطان»، وقال إنَّ صبيحة كل يوم ومساء كل أحد، هما «التوقيت الشيطاني»، الذي غالباً ما يثير فيه الرئيس زوبعةً من التغريدات.

كان ترمب -على ما يبدو- يزدري بريبوس، وقد أمر في وقتٍ ما، سكرتير موظفي البيت الأبيض آنذاك، روب بورتر، بتجاهل بريبوس، مع أنَّ بورتر كان يعمل تحت إمرة رئيس موظفي البيت الأبيض، وقال ترمب إنَّ بريبوس كان «مثل الجرذ الحقير. فكل ما يفعله هو التجول جيئةً وذهاباً».

قليلون هم من يعملون مع ترمب ونجحوا في الإفلات من إهاناته. وكثيراً ما كان يسخر من مستشار الأمن القومي آنذاك هربرت ماكماستر في غيابه، فينفخ صدره ويتظاهر بأنَّه يتنفس بصعوبة مُقلِّداً الجنرال المتقاعد، وقال ذات مرة إنَّ ماكماستر يرتدي بذلاتٍ زهيدة الثمن «كما لو كان بائع جعة».

وأخبر ترمب وزير التجارة ويلبر روس، وهو أحد المستثمرين الأثرياء ويكبره بـ8 سنوات: «أنا لا أثق بك. لا أريدك أن تجري المزيد من المفاوضات… لقد أصبحت عجوزاً غير ذي جدوى».

وكتب وودورد أنَّ جيف سيشنز، وزير العدل، كان هدفاً شبه دائم لسهام الاتهامات الرئاسية المهينة. فقد أخبر ترمب بورتر بأنَّ سيشنز كان «خائناً» لأنَّه نأى بنفسه عن الإشراف على التحقيق الخاص بالتدخلات الروسية، وأضاف ساخراً من لكنة سيشنز: «هذا الرجل معاق ذهنياً. إنَّه ذلك الأحمق القادم من الجنوب… لم يستطع حتى أن يصبح محامياً ريفياً لشخصٍ واحد في ألاباما».

وقال إن جون ماكين لم يَسلم من نقد ترمب

وفي مأدبة عشاء مع ماتيس والجنرال جوزيف دنفورد جونيور، رئيس هيئة الأركان المشتركة، وآخرين، انتقد ترمب السيناتور جون ماكين (النائب الراحل الممثل عن الحزب الجمهوري في ولاية أريزونا) انتقاداً لاذعاً.

ووصف طيار البحرية السابق (ماكين) بأنَّه جبان، وزعم مخطئاً بأنَّه قد أُطلق سراحه في وقتٍ مبكر من معسكر أسرى الحرب في فيتنام بسبب مكانة والده العسكرية، ولم يبالِ بالآخرين.

وسارع ماتيس بتصحيح معلومات رئيسه قائلاً: «لا، سيدي الرئيس، أعتقد أن الأمر قد اختلط عليك». وأوضح وزير الدفاع أنَّ ماكين، الذي توفي في 25 أغسطس/آب 2018، قد رفض في واقع الأمر أن يُطلق سراحه مبكراً، وتعرض للتعذيب الوحشي خلال السنوات الخمس التي قضاها في «هانوي هيلتون».

وأجاب ترمب، كما يقول وودورد في كتابه: «أوه، حسناً».

ومع غضب ترمب كان على مستشاريه أن يحاولوا التعامل بحكمة معه

ومع استحالة احتواء غضب ترمب وثورته، تعلَّم أعضاء مجلس الوزراء ومسؤولون كبار آخرون أن يتصرفوا بحكمة.

ويصف وودورد نشوء تحالف بين أتباع ترمب التقليديين يضم ماتيس وغاري كوهين، كبير المستشارين الاقتصاديين الأسبق للرئيس، لإحباط ما يعتبرونه أفعالاً خطيرة.

ونقل عن بورتر قوله: «كان يلازمنا شعور بأنَّنا نسير على حافة الهاوية، وفي أحيانٍ أخرى نشعر بأنّنا سقطنا فيها وأنَّه لا بد من فعل شيء».

وبحسب ما أورده وودورد في كتابه، فقد اتصل ترمب بماتيس هاتفياً، بعد أن شن الرئيس السوري بشار الأسد هجوماً كيماوياً على المدنيين في أبريل/نيسان عام 2017، وقال إنَّه يريد اغتيال هذا الطاغية: «دعنا نقتل ذلك اللعين! فلنفعل ذلك. دعنا نقتل الكثير منهم».

أخبر ماتيس الرئيس بأنَّه سيمضي في الأمر. لكن بعد إنهاء المكالمة، أخبر أحد كبار مساعديه: «لن نفعل أياً من ذلك، سنكون أكثر حكمة في التعامل مع الأمور». وقدم فريق الأمن القومي خياراتٍ بديلة، منها الغارة الجوية التقليدية التي أمر ترمب بشنها.

وحاول كوهين، وهو أحد أبرز رجال الأعمال في وول ستريت، إخماد النزعة القومية الصارمة داخل ترمب فيما يتعلق بالتجارة.

وهو ما ظهر في كيفية تعامل مستشاريه مع محاولات ترمب الانسحاب من اتفاقية التجارة مع الكوريتين

ووفقاً لما قاله وودورد، فإنَّ كوهين «سرق خطاباً من مكتب ترمب» كان ينوي توقيعه ليعلن انسحاب الولايات المتحدة رسمياً من اتفاقية التجارة مع كوريا الجنوبية. وأخبر كوهين لاحقاً أحد مساعديه بأنَّه قد تخلص من الرسالة بهدف حماية الأمن القومي، وأنَّ ترمب لم يلاحظ اختفاءه.

وأدى كوهين لعبةً مماثلة لمنع ترمب من سحب الولايات المتحدة من اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية، وهو أمر هدد الرئيس بفعله مراراً.

وفي ربيع عام 2017، كان ترمب حريصاً على الانسحاب من اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية، وأخبر بورتر: «لم لا نفعل ذلك؟ قم بعملك، إنَّه شيء بسيط، تحرك، تحرك. افعل ما طلبته منك، أريد أن أفعل ذلك».

وبموجب أوامر الرئيس، كتب بورتر رسالة إخطار بالانسحاب من اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية. لكنَّه وغيره من المستشارين شعروا بالقلق من احتمال أن يؤدي ذلك إلى أزمةٍ في العلاقات الاقتصادية والخارجية. ولذا استشار بورتر كوهين، الذي أخبره، بحسب ما أورده وودورد: «يمكنني إيقاف هذا. سأسرق الورقة من مكتبه».

وعلى الرغم من تهديدات ترمب المتكررة، ظلت الولايات المتحدة في كلتا الاتفاقيتين. وتواصل الإدارة التفاوض بشأن وضع شروطٍ جديدة مع كوريا الجنوبية، وكذلك مع شريكيها في اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية، كندا والمكسيك.

اعتبر كوهين الرئيس «كاذباً محترفاً»، وهدد بالاستقالة في أغسطس/آب عام 2017؛ بسبب طريقة تعامله مع تظاهرة للقوميين البيض في شارلوتسفيل؛ إذ تأثر كوهين اليهودي الديانة تأثراً شديداً عندما عثرت إحدى بناته على صليبٍ معقوف في غرفتها بالمدينة الجامعية.

تعرض ترمب لانتقاداتٍ حادة؛ لقوله في البداية إنَّ «كلا الجانبين» مسؤولٌ عما حدث. لكنَّه، نزولاً على رغبة مستشاريه، شجب بعد ذلك ما فعله القوميون البيض والنازيون الجدد، وبعدها لم يلبث أن أخبر مساعديه: «اللعنة! لقد كان هذا أكبر خطأ ارتكبته» و»أسوأ خطاب ألقيته»، وفقاً لما أورده وودورد في كتابه.

وعندما التقى كوهين مع ترمب لتقديم خطاب استقالته بعد ما حدث في شارلوتسفيل، قال له الرئيس: «هذه خيانة»، وأقنع مستشاره الاقتصادي بالبقاء في منصبه. بعد ذلك أسرَّ كيلي إلى كوهين أنَّه يشاركه الشعور بالفزع من طريقة ترمب في معالجة تلك المأساة، وأنَّه يشاركه الشعور بالغضب من أفعال ترمب.

وقال كيلي في خضم حديثه مع كون: «أردتُ أن أتناول ورقة الاستقالة تلك وأدفعها في مؤخرته ست مرات». وهدد كيلي نفسه بتقديم استقالته عدة مرات، لكنَّه لم يفعل.

لكن حالة الرعب التي خلقها ترمب في محيط العمل أثرت سلباً على أداء الوزراء

يوضح وودورد كيف أن الرعب قد سيطر على جميع من يعملون مع ترمب على مدار السنة الأولى التي قضاها في المنصب؛ ما أدى إلى إرباك بعض الموظفين وأعضاء مجلس الوزراء بسبب قصور فهم الرئيس للكيفية التي تعمل بها الحكومة وعدم رغبته في التعلم.

وفي إحدى المرات، نُقل عن بورتر، الذي تخلى عن منصبه في فبراير/شباط 2018 إثر مزاعم بممارسته العنف المنزلي: » مع رجل كهذا، لم تعد الرئاسة رئاسة، ولم يعد البيت الأبيض بيتاً أبيض. إنَّه فقط يتصرف وفقاً لشخصيته».

لحظات الذعر تلك الواردة في الكتاب متكررة على مدار صفحاته، لكنَّها لا تمثل جوهر كتاب وودورد، الذي يركز في الغالب على القرارات الجوهرية والخلافات الداخلية، بما في ذلك التوترات مع كوريا الشمالية وكذلك مستقبل السياسة الأميركية في أفغانستان.

يتحدث وودورد في كتابه عن نوباتٍ متكررة من القلق تنتاب الحكومة بشأن تعامل ترمب مع تهديد كوريا الشمالية النووي. فبعد مرور شهر على رئاسته، طلب ترمب من دانفورد وضع خطة لشن ضربةٍ عسكرية وقائية ضد كوريا الشمالية، وهو الأمر الذي أثار قلق العسكري المخضرم.

وفي خريف عام 2017، عندما أشعل ترمب حرباً كلامية مع كيم جونغ أون طاغية كوريا الشمالية، واصفاً إياه بـ»رجل الصواريخ الصغير» في خطابٍ ألقاه لالأمم المتحدة، شعر مساعدوه بالقلق من استفزازه الصارخ لكيم.

لكنَّ ترمب، يذكر وودورد في كتابه، أخبر بورتر بأنَّه يعتبر أنَّ هذا الموقف عبارة عن صراع بين إرادتين: «هذا الأمر مواجهة بين زعيمين. رجل في مواجهة رجل. أنا في مواجهة كيم».

ويشرح الكتاب تفاصيل نفاد صبر ترمب من الحرب في أفغانستان، التي أصبحت أطول صراع خاضته الولايات المتحدة. ففي اجتماعٍ لمجلس الأمن القومي في يوليو/تموز عام 2017، وبَّخ ترمب جنرالاته وبعض مستشاريه 25 دقيقة، وقال متبرماً إنَّ الولايات المتحدة كانت طرفاً خاسراً في تلك الحرب، وفقاً لما ذكره وودورد في كتابه.

وتوجه ترمب إليهم بالقول: «كان بإمكان الجنود على الأرض أن يديروا الأمور بشكل أفضل بكثير مما تفعلون أنتم، يمكنهم القيام بعمل أفضل بكثير. لا أعرف ما الذي نفعله بحق الجحيم!». وواصل في تساؤل:» كم عدد الوفيات الذي نرغب فيه؟ كم عدد الأطراف المبتورة الذي سنصل إليه؟ إلى متى سنمكث هناك؟».

وكانت أسرة ترمب ظاهرة أيضاً في هذه التفاصيل المرعبة

ويؤدي أعضاء عائلة الرئيس دوراً ثانوياً في كتاب وودورد، حيث يظهرون بين فينةٍ وأخرى لإثارة الخصوم، رغم أنَّ الكتّاب الآخرين المهتمين بالكتابة عن ترمب يصفونهم في بعض الأحيان بأنَّهم مستشارون رئيسيون لترمب.

يروي وودورد عن مشادةٍ نشبت بين إيفانكا ترمب، الابنة الكبرى للرئيس وكبيرة مستشاريه، وستيف بانون، الذي شغل منصب كبير الخبراء الاستراتيجيين في البيت الأبيض، تبادلا فيها الشتائم.

فقد صاح بانون في وجهها: «أنتِ موظفة لعينة!»، مخبراً إياها بأنَّ عليها العمل من خلال بريبوس شأنها شأن أي مساعد آخر: «تتجولين في المكان كما لو كنتِ المسؤولة، ولكنكِ لستِ كذلك، أنتِ موظفة».

فأجابته إيفانكا، التي تحظى بمكانةٍ خاصة لدى الرئيس وكانت تتجاوز بريبوس، قائلةً: «أنا لستُ موظفة! لن أكون أبداً موظفة. أنا الابنة الأولى».

وثارت مشادات مماثلة  بين العديد من مستشاري ترمب الرئيسيين. ونُقِلَ عن بريبوس وصفه موظفي ترمب بأنَّهم ليسوا خصوماً؛ بل «حيوانات مفترسة».

يقول بريبوس: «عندما تضع ثعباناً وفأراً وصقراً وأرنباً وسمكة قرش وفقمة في حديقة حيوانات دون حواجز تفصل بينها، فحينئذٍ تنشب صراعات دموية بغيضة».

ويتناول الكتاب بوضوح، الجدال الدائر بين ترمب ومحاميه حول قبول الرئيس مقابلة مولر والمثول للاستجواب. وفي الخامس من مارس/آذار 2018، التقى دود وجاي سيكولو محامي ترمب  مع المحقق الخاص ونائبه جيمس كوارلس في مكتب مولر، حيث أعاد دود وسيكولو تمثيل جلسة استجواب ترمب التحضيرية في يناير/كانون الثاني 2018.

ثم أوضح دود لمولر وكوارلس آنذاك لماذا يحاول منع الرئيس من الإدلاء بشهادته: «لن أجلس هناك، وأدعه يبدو كالأحمق. ثم تنشرون نص ذلك الحوار؛ لأنَّ كل شيء يتسرب في واشنطن، وسيسخر الآخرون خارج البلاد بقولهم لقد أخبرناكم بأنَّه أحمق، لم علينا التعامل مع هذا الأحمق؟».

وهو ما عقب عليه مولر قائلاً: «أتفهم موقفك يا جون»، وفقاً لوودورد.

وفي وقتٍ لاحق من ذلك الشهر (سبتمبر/أيلول 2018)، قال دود لترمب: «لا تُدلِ بشهادتك. إما ذلك وإما الزي البرتقالي».

إلا أنَّ ترمب قرر خلاف ذلك، قلقاً مما قد يعنيه رفض الرئيس المثول للاستجواب والإدلاء بشهادته، ومقتنعاً بأنَّه سيتمكن من التعامل مع أسئلة مولر.

وقال لدود، بحسب ما أورد وودورد: «سأكون شاهداً جيداً».

ليجيب دود: «أنت لست شاهداً جيداً. سيدي الرئيس، أخشى أنَّني لن أتمكن من مساعدتك».

وصباح اليوم التالي، قدم دود استقالته.

عربي بوست



from ترجمات – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2wHykq2
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل