Thursday, August 9, 2018

التشكيلة الحكومية.. تتأرجح ما بين السماء والارض!

يبدو أن الخطوات التي تسارعت في الآونة الأخيرة باتجاه التشكيل عادت لتتعثّر من جديد، وكل اللقاءات والمشاورات بين القوى السياسية لم تزل في صندوق الاحلام، فلا بوادر حلحلة للعقد التي تعرقل مسار التأليف، ولا بصيص نور لمخاض الحكومة!

وإذ طال الانتظار، حيث ان التكليف قد شارف على شهره الثالث، فإن الأطراف المتنازعة حول الحصص الوزارية تبدو غير مستعدة لتقديم أي نوع من التنازلات في سبيل المصلحة الوطنية، وأن كل العبارات الرنّانة التي أنهكت مسامعنا منذ ولادة “الجمهورية القوية” ما لبثت تبقى شعارات واهية غير قابلة للتطبيق في الوقت الراهن.

وبالعودة الى العقد التي تشكّل عقبات أمام الرئيس المكلف وتمنعه من المضيّ بحزم نحو التأليف، فإن الخلاف حول الحصص الوزارية قد يكون احد الأسباب الأساسية الا انه ليس الوحيد، إذ أن ملفّ النازحين السوريين يتصدّر قائمة العراقيل التي تواجه الحريري، وإصرار الحكومة السورية على التنسيق المباشر لضمان عودتهم بشكل آمن الى بلادهم، يبدو شرطاً رئيسياً لا رجوع عنه، وأمام رفض الرئيس المكلف لهذا الطرح “مهما تكن النتائج” يزداد “الطين بلّة”، لا سيّما وأن الوزير السابق وئام وهاب كان قد صرّح بأنّ الحكومة لا يمكن أن تتشكل بدون موافقة سوريا، معلّلا ذلك بأن “سوريا لديها مصالح سياسية وجيوسياسيّة مع حلفائها في لبنان” الأمر الذي اعتبره البعض تصريحاً خطيرا قد يشكّل ورقة ضغط على الحريري لتوريطه.

وقد كشفت مصادر مطّلعة بأن جميع التشكيلات الوزارية التي عرضها الرئيس الحريري على رئيس الجمهورية ميشال عون جوبهت بالرفض احيانا وبالتعديل في احيان اخرى، الا ان المشكلة الحقيقية تكمن في هذا التعديل، حيث أنه رغم عدم اعتراض عون أن تُمنح “القوات اللبنانية” حقيبة سيادية، الا انه اشترط في المقابل الإبقاء على حجم حصة الرئاسة الاولى من حيث الكمّ والنوع، الأمر الذي بدا محسوما أيضاً لدى “الثنائي الشيعي” وذلك في محاولة لإحراج الحريري في رغبته بتشكيل حكومة وفاق وطني وإصراره على تمثيل وازن “للقوات”!

من جهة أخرى، فإن تشبّث الوزير جبران باسيل بتوزير النائب طلال أرسلان، يبدو سلاحا من العيار الثقيل في معركته مع رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط ورغم أن “عون” كان قد شدّد على أهمية العدل والإنصاف في طرح الصيغة الحكومية، الا أن بعض الأوساط السياسية تحدثت عن “نفخة” غير مسبوقة للوزير جبران باسيل في خطابه الأخير قبل اول أمس في ذكرى 7 آب، حيث توجّه الى جمهوره بالقول “عليهم أن يفهموا أننا لم ولن نتنازل عن حقوقكم”، مشيراً الى ان الحقيبة السيادية يعطيها الرئيس المكلف، أما التيار فله حق الاعتراض!

وإذ عُقد اجتماع مغلقٌ في اليومين الماضيين، دعا اليه الوزير وائل بو فاعور وضمّ كل من الوزيرين غطاس خوري وملحم رياشي للتباحث فيما آلت اليه الأمور في هذه المرحلة، حيث أن الفتور الذي ضرب علاقة الوزير جبران باسيل بالرئيس الحريري بات يعكس اجواء سلبية توحي بأن التشكيل يبدو شبه مستحيل على المدى المنظور، ورغم جميع المساعي الدولية والاقليمية الدافعة نحو التأليف، فإن ذلك لم يخفف من وطأة الضعوطات “العونية” على الرئيس الحريري، الذي بدوره لن يخضع لحكومة الأمر الواقع، ولا يزال يصرّ على استكمال مشوار “الأخد والردّ” الى حين ايجاد الحلول التي من شأنها ان ترضي جميع الأفرقاء، وتحافظ على مبدأ الوحدة الوطنية مهما تأخّر موعد الإعلان الرسمي لولادة الحكومة، إذ أنّ جلّ ما يخشاه الرئيس المكلّف حكومة تكون فيها الغلبة للاكثرية من المقلب السياسي الآخر، ليتحوّل معها كرسي رئاسة الحكومة الى صورة شكلية تحفظ للذكرى في أرشيف الحكومات اللبنانية!

ما لا شكّ فيه أن الرئيس المكلّف بات يستشعر القلق حيال العثرات التي تقف عائقاً في طريقه وتمنعه من التشكيل، لا سيّما وأن “الحلف المستجدّ” دخل لعبة “تصفية الحسابات” السياسية، والتي يدفع ثمنها الحريري الواقف في المنتصف، فلا يملك القدرة للتقدم نحو الأمام ولا الحق بالرجوع، فأرجوحة الحكومة المعلقة ما بين الارض والسماء، تنذر باستمرار حال المراوحة، إضافة الى تحسّس الأخير للخطر المحدق الذي سيستتبع المرحلة المقبلة وسط سيطرة مُحكمة على معابر التشكيل الأمر الذي سيجعله بحسب مصادر متابعة للملف الحكومي ينزلق في هوّة الاعتكاف وهذا كلّ ما يتمناه التيار “الصديق” فهل مُنحت الصداقة حقاً لمن يستحق!؟

 

 

ايناس كريمة



from تحقيقات – ملفات – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2vuRoYY
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل