دخلت معضلة تأليف الحكومة مخاض شهرها الرابع وسط ضبابية وغموض ما بعده غموض في انتظار ما يمكن أن يحمله الاسبوع الطالع من إتصالات ولقاءات لا تزال محكومة بسقوف عالية من الشروط والشروط المضادة، بعدما تمترس كل فريق بمواقف، على ما يبدو، محكومة بإستحقاقات طويلة الأمد قد تمتدّ مفاعيلها إلى مرحلة تحديد الأحجام الحقيقية لكل من “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية، في عملية كباش لمعرفة كلمة السر، التي ستعطى لهذا الفريق أو ذاك، والتي على اساسها ستتبلور إلى حدّ ما معالم المعركة الرئاسية التي فتحت نوافذها باكرًا، وهو أمر لم يكن من أدبيات السلوك السياسي قبل إستقطاب الثنائية المسيحية مجمل الأصوات المسيحية التي توزعت بينهما، والتي تمخّضت عنها الإنتخابات النيابية الأخيرة، والتي أظهرت تقاربًا على المستوى الشعبي، حيث حصدت “القوات” ما يعادل حصة “التيار” (150 الف صوت لـ”القوات” مقابل 153 لـ”التيار”).
وفيما تنتهي عطلة الأعياد بعودة الرئيس المكلف من إجازته العائلية في السعودية، وبعودة الوزير جبران باسيل إلى بيروت، من المتوقع أن تعود الحرارة إلى خطوط التوتر العالي، التي يرجّح أن تزيد من كهربة الجو السياسي، وسط غموض واضح حول ما يمكن أن تؤدي إليه خطوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي سيلجأ إلى صلاحياته الدستورية بتوجيه رسالة إلى البرلمان النيابي لشرح دقة المرحلة وما تتطلبه من تحرك إستثنائي يتناسب مع خطورة الأوضاع التي تعيشها البلاد في ظل الجمود القاتل.
ولأن ثمة إصرارًا من قبل الوزير باسيل على أن تتمثل القوى السياسية وفق أحجامها الحقيقية سيعود الحديث إلى بداياته، خصوصًا أن موقف جعجع بالنسبة إلى الأحجام كان واضحًا ولا يحتمل لا التأويل ولا الإجتهاد، وهو الذي يرفض أن يتمثل تكتل “لبنان القوي” بحجمين مضاعفين لحجم كتلة “العهد”، والتي تحت هذا المسمى خيضت الإنتخابات النيابية، وهذا الأمر، في رأي “القوات” ينطبق في شكل أساسي على حلفاء “التيار الوطني”، المحسوبين على رئيس الجمهورية كونه “بي الكل” أكثر مما هم محسوبون على “التيار الباسيلي”، وبذلك يكون تمثيل تكتل “لبنان القوي”، بما فيه الحصة المحسوبة على رئيس الجمهورية حجمًا عادّيا وغير مدوبل كما يحاول فرضه الوزير باسيل لتصل حصّة “التيار” مع حصة الرئيس عون إلى 11 وزيرًأ، أي الثلث المعطّل، وهذا ما لا يقبل به لا الرئيس المكلف ولا “القوات” ولا الحزب التقدمي الإشتراكي ولا الرئيس نبيه بري، ولا حتى “حزب الله”.
وعلى رغم أنّ الإتصالات لم تنقطع بين عون والحريري، فإن عودة الرئيس المكلف ستُطلق حركة الإتصالات من جديد على اكثر من مستوى، مع تمييز لا لبس فيه بين علاقة الحريري برئيس الجمهورية غير المهتزّة وبين علاقته بباسيل، خصوصًا أن زيارته الأخيرة لروسيا تركت ذيولًا غير مستحبة لدى تيار “المستقبل”، لما أعتبره البعض تجاوزًا لصلاحيات رئيس الحكومة، وإن كانت بحكم تصريف الأعمال.
ولا يستبعد مقربون من الرئيس المكلف أن يعلن موقفًا غير قابل للمساومة على صلاحيات الرئاسة الثالثة، وذلك خلال اجتماع كتلة “المستقبل”، من دون إستبعاد قيامه بمبادرة تسبق الأول من ايلول من خلال طرحه تشكيلة متكاملة بالحصص والحقائب وربما بالاسماء ايضًا كتشكيلة امر واقع على رئيس الجمهورية في محاولة منه لرمي الكرة في الملعب الرئاسي ورد تهمة تأخيره تشكيل الحكومة.
اندريه قصاص
from تحقيقات – ملفات – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2PF7Hum
via IFTTT
0 comments: