يكاد يكون من المستحيل الحديث مع “حزب الله” بشكل تفصيلي عن علاقته بحليفه الشيعي، أو الحصول على تصريح أو تسريب رسمي أو غير رسمي من أي مسؤول أو كادر من الحزب في هذا الشأن، كل ما يمكن الحصول عليه هو تأكيده أن “العلاقة متينة كما كانت دائماً، وأن الخلاف ممنوع”.
سابقاً، كان الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله أعطى بُعداً دينياً للعلاقة مع “أمل” وأخرجها من التفسير السياسي الإجتماعي البحت، لكن الأسابيع الماضية شهدت بعض ما يمكن ملاحظته في إطار العلاقة بين الطرفين، خصوصاً بعد تصريحات النائب جميل السيد وأزمة الباخرة التركية، إذ ظهر أن هناك تمايز تكتيكي بين الحزب والحركة في عدّة ملفات، ونأى هذا الفريق بنفسه عن مسؤولية يتحملها الفريق الآخر في أكثر من موقف، بل وأكثر من ذلك، لم يتدخل “حزب الله” بشكل حاسم بإيقاف الإشتباك الإفتراضي بين مناصريه ومناصري “أمل” لحظة الخلاف على الباخرة التركية تاركاً “الناس تعبّر”…
لا يريد “حزب الله” إشكالاً مع “أمل” ولا حتى خلافاً حقيقياً، بل على العكس من ذلك، يريد العلاقة كما هي عليه، لكن في الوقت نفسه، إستفاد الحزب من “الصوت المرتفع” لجمهوره في إيصال رسائل لحركة “أمل”، أو الأصح تطوير نوعي للعلاقة مع الحركة وفق المتغيرات الشعبية المستجدة، من هنا يطرح السؤال: ماذا يريد “حزب الله” الجديد من حركة “أمل” حليفه العضوي والأساسي في لبنان؟
في الواقع، قد لا يريد الحزب أية مكاسب مادية أو سياسية من “أمل”، فكل ما يحتاجه، بحسب المراقبين، هو أن تشعر قيادة الحركة بالمتغيّر الشعبي الذي يعيشه الشارع الشيعي، والذي يرغب بالحصول على مكاسب إجتماعية – خدماتية بعد الحرب السورية التي يعتبر نفسه إنتصر فيها، إذ إن شعور “أمل” بخطورة تطور الوضعية الشعبية الشيعية سيؤدي حتماً إلى تسهيل عمل “حزب الله” ونقل التعاون السياسي مع “أمل” إلى تعاون على المستوى الإنمائي اللصيق بالمجتمع والبيئة الحاضنة..
هكذا، شعر بعض المراقبين أن “حزب الله” يتعاطى بأسلوب جديد في خطابات مسؤوليه أثناء تناول حركة “أمل” من دون المسّ بالتحالف الإستراتيجي العضوي معها، حيث بدأ قياديو الحزب يقولون “حاسبونا نحن، ولا تحملونا مسؤولية الآخرين”…
يمكن التعرف على “حزب الله” الجديد أيضاً من خلال تعاطيه مع الملفات الداخلية الأخرى، فهو الذي يريد الدخول إلى حدّ كبير في تفاصيل السلطة التنفذية والتقريرية في لبنان، غير أنه في الوقت نفسه قرر تخفيف أعباء تحالفية كبيرة عن كاهله، مثلاً: لا يبدو الحزب في موقع خوض معركة حكومية كبيرة من أجل أي من حلفائه في قوى الثامن من آذار، حتى أن توجهه الحالي – والمقبل – هو عدم وضع فيتوهات على تمثيل القوى المعارضة له، إذ سيقف إلى جانب مطالب حلفائه لكنه لن يخوض معاركهم، وهذا ينطبق على الجميع من دون إستثناء.
حتى أن الحزب يوحي للكثير من اللصيقين به، بأنه ليس في وارد تعطيل الحكومات، أو الإستقالة منها أو حتى الإعتكاف كما جرت العادة منذ العام 2005 حتى اليوم، بل إن إستمرارية العمل الحكومي بالنسبة له، ستكون أساسية في المرحلة المقبلة، وسيعارض داخل الحكومة إذا تطلب الأمر وسيحاول الحصول على ما يريد من خلال الضغط الجدي عبر وزرائه.
تفاصيل كثيرة قد تطرأ على أداء “حزب الله” السياسي، لن يكون من الصعب ملاحظتها، ستوحي بأن هذا الحزب بدل من سلوكه في الداخل اللبناني، تصلباً حيناً وليونةً في الكثير من الأحيان، وهذا ما يشمل حتماً تعاطيه مع أهم الملفات والإستحقاقات: الإنتخابات الرئاسية المقبلة مثالاً.
علي منتش – خاص “لبنان 24”
from تحقيقات – ملفات – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2MnHsds
via IFTTT
0 comments: