كانت عقارب الساعة تقارب الواحدة ليلاً، وحده السكون يملأ أرجاء منطقة جلّ الديب، يخرقه بين الحين والآخر أنين رجل خمسيني يصارع الموت في شقّته. ثوانٍ قليلة حتى استسلمت الروح لباريها، فيما القاتل يسرح وصديقه في المكان يبحثان عمّا خفّ حمله وسهل سرقته. يخرج السارقان من باب البيت قبل أن تُكتشف الجريمة ويملأ رجال الأمن والأدلة الجنائية المكان.
المغدور هو “ج.ك” (مواليد 1961) جثّة هامدة وجد ممدّداً على بطنه في غرفة الجلوس داخل شقّته في منطقة جلّ الديب. يرتدي بزّة رياضيّة، مكبّل اليدين والرجلين، كمّ فمه بربطة عنق وتعرّض للخنق بواسطة شريط للكومبيوتر تمّ شدّه حول رقبته. تحت الرأس بقعة دماء بقطر 15 سم ناتجة عن نزف لجرح عميق بطول 4 سم على الجهة اليسرى من الجبين . أمّا باب المنزل الرئيس فلم يتعرّض لكسر وخلع والأغراض في الداخل مبعثرة وتظهر آثار مقاومة.
استدعي ناطور البناء حيث يقيم المغدور، فأفاد أنّ الأخير كان يستقبل الزائرين من الرجال في منزله وهم من العمّال من جنسيّات غير لبنانيّة، وفي كلّ مرّة كان يحضر شخص واحد فقط، مشيرا الى أنّه لم يشاهد المجني عليه ليلة حصول الحادث.
بدراسة ومقارنة الاتصالات الواردة والصادرة الى ومن هاتف المغدور تبيّن أنّه اجرى إتصالا بعد منتصف الليل بالرقم (70-575…) تبين أنّه يعود للمتهم السوري “غازي.ح” وضبطت معه ثلاث بطاقات مصرفيّة عائدة للمغدور وأفاد أنّ المتهم “طه.ع” هو من أعطاه إيّاها، ورافق القوى الأمنيّة الى محلّة الرويسات وقام بدلالتها على منزله فتمّ توقيفه، وبتفتيش بيته عثر على عدّة ساعات يد وطاقم من الملاعق والشوك من الفضّة ومجموعة من الألبسة والعطور.
بالتحقيق مع الموقوفَين، أفاد “غازي” أنّه يعرف “طه” وأنّ الأخير أخبره أنّ صديقه “محمد.ط” على علاقة لواط بالمغدور، وأنّ “طه” و”محمد” قررا سرقة منزله وطلبا منه ملاقاتها الى المكان، الا أنّه عاد الى منزله ليتلقى إتصالا عند الساعة الثانية عشرة والدقيقة العشرين بعد منتصف الليل من رقم يجهله، حيث طلبا منه ملاقاتهما الى حديقة الحكمة في الجديدة، فالتقى بهما حيث أخبراه أنّهما كبّلا “ج.ك” وسلباه بطاقات مصرفية وبعضا من المسروقات، وألحّا عليه بإعطائه بعضا منها وكانت عبارة عن كنزة وزجاجة عطر وثلاث ساعات وهاتف نوع “نوكيا”.
أمّا المتهم “طه.ع” فأفاد أنّ المتهم الرئيسي في القضية وهو السوري “محمد.ط”، أخبرهما أنّه على علاقة لواط بالمغدور ويرغب بسرقة منزله وأنّه أقنعهما (هو وغازي) بمساندته في موضوع السرقة، وأنّه يوم الحادث اتصل به “طه” وطلب منه مرافقته الى البناء حيث يقيم المغدور، ولمّا وصلاه طلب منه الإنتظار عند مدخل البناء. صعد “طه” وحده الى الشقة وبعد حوالي نصف ساعة، إتصل به وطلب منه الصعود فدخل المنزل حيث وجد المغدور ممدا على الأرض، فسأل “طه” عما حدث فأجابه الأخير: ” شو بدّك في فوت جيب الأغراض من جوّا ، كلها ضربة خفيفة كلها ساعتين وبفيق”، فتوجّه الى غرفة النوم ووضب المسروقات بناء على طلب “طه” في حقيبة كبيرة، وتوجّها بعدها الى صراف آلي لسحب المال من إحدى البطاقات غير أنّ الصرّاف سحب البطاقة بعد تكرار المحاولة الفاشلة، ثمّ توجها نحو حديقة الحكمة حيث كان “محمد” قد طلب من “غازي” موافاتهما ، مشيراً الى أنّ “محمد” أعلمه أنّه ضرب المجني عليه بنرجيلة على جبينه ثم كبّله،. مضيفا أن مواطنه “محمد” قد غادر الى سوريا بعد وقوع الجريمة بأربعة أيام وخبّا المسروقات في منزل أحد أقربائه.
وقد أظهرت التحقيقات أنّ المتهمين من أصحاب الأسبقيات في سرقة الكنائس والأديرة.
وأمام المحكمة تراجع “طه” عن أقواله زاعما أنها انتزعت منه تحت الضرب وانه لا علاقة له بقتل المغدور، أما “غازي” فلم يستطع تفسير سبب إعطاء “محمد” له حصّة من المسروق عازياً السبب ربما لحضّه على السكوت.
محكمة الجنايات في جبل لبنان برئاسة القاضي عبد الرحيم حمود أنزلت عقوبة الإعدام بالمتهم الفار “محمد .ط” والأشغال الشاقة المؤقتة مدة عشرين عاما بالمتهم “طه.ع” والأشغال الشاقة ٩ سنوات بالمتهم “غازي.ح” مع إلزام المتهمين بالتكافل والتضامن أن يدفعوا للجهة المدعية مبلغ ١٥٠ مليون ليرة يقسم فيما بينهم بالتساوي.
سمر يموت – خاص “لبنان 24”
from تحقيقات – ملفات – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2BpAArE
via IFTTT
0 comments: