Tuesday, August 28, 2018

“محاكم تفتيش” سعودية في لبنان

 

 

بدأت السعودية تنتهج عصراً جديداً من السياسات الدبلوماسية في لبنان
يدور حديث داخل مجالس حول تقرب السفارة السعودية من السلك القضائي
الهدف من وراء ذلك كما يقولون ضبط ومحاسبة منتقدي المملكة
يتردد ان السفارة تعد العدة للبدء بورشة دعاوى قانونية ضد منتقديها
ويبدو انها تعمل على التقرب من قضاة من اجل تأمين افضل عبور لتلك الدعاوى

تتدرّج سفارة المملكة العربية السعودية في لبنان باختلاق المسوغات التي تتيح لها فرض نفوذ يتجاوز البعد السياسي. طبعاً لدى الرياض قدرات هائلة تتيح لها التحرّك كمثل الاموال المردودة عن بيع النفط والخبرة المجمعة من المتاجرة بسلعة الوهابية وطبعاً اعداد أكلة “الكبسة” الشهيرة. بالإضافة الى ذلك، لديها نخبة صحافية هائلة، ولديها ايضاً وليد بخاري كوزير مفوض قائم بأعمال سفارتها في بيروت.
بخاري بحد ذاته إكتشاف يطوّب للدبلوماسية السعودية. الرجل “صاحب كَيف”. يستهوي العصرية والحداثة والهواتف الذكية لدرجة انه بات حبيس موقع “تويتر” مخصصاً له معظم وقته، ودائماً بحسب مطلعين على اجواء السفارة، لجرد مواقف المؤيدين والمعارضين لحكومته وتوزيع المهام للرد عليهم.
من وجهة نظر بعض المتابعين للاستراتيجية السعودية الجديدة المتبعة في لبنان، يسود اعتقاد ان الرياض قررت مؤخراً استبدال الاعتماد على المتطرفين مقابل الاستثمار في المغردين من خلال “جيش الكتروني” بدأت تباشيره الاولى بالظهور.
يسجل للبخاري انه ادخل هندسة فذة على الدبلوماسية السعودية في بيروت، نعم! انتقلت من ركوب الإبل الى الهارلي دايفتسون ومن احتساء القهوة في الصحراء الى شربها تحت المكيفات. والآن وبعد فلتاته في المضمار الاجتماعي قرر الانتقال الى حلبة أخرى. يتردّد ان فريق عمل السفارة أعد تقريراً تضمن خطة عمل خصيصاً لبيروت تحمل بين سطورها طابع المواجهة. جاء ذلك بعد ملاحظة ارتفاع نسبة العداء للمملكة لبنانياً.
وعلى عكس الدول الاخرى التي تتبع اساليب أكثر جدوة وتبتكر طرقاً للتخفيف من المشاعر العدائية نحوها، قرّرت السعودية أن تمارس ما يشبه عملية وضع اليد على القضاء اللبناني بغية تأمين قدرة على اسكات معارضيها.
يتردّد لدى مجالس خاصة نافذة انها اطلعت على تقرير يحمل بصمات بخاري وشارك بإعداده رسامون للسياسة السعودية ارسلت نسخة منه الى الرياض، اقترح ان تبدأ السفارة في بيروت برسم خط بياني لبناء علاقة مع السلك القضائي وذلك ضمن مستويين: الأول التقرب من محامين ورجال قانون ووضعهم على الـ “payroll” مع توصية بمنحهم تقديمات شرط ان تتوفر فيهم معايير تستسيغها المملكة، ومستوى ثانٍ يأتي بعد الاول قوامه التقرّب من قضاة لبنانيين محددين ونسج علاقة ثقة معهم تكون على محمل شخصي.
المستويان يبدو انهما يخدمان اطاراً واضحاً تعمل عليه السفارة، وهو استخدام سلاح القضاء اللبناني في اسكات مجموعة معارضين باتوا يزعجون المملكة بكتاباتهم.
المثير للاهتمام ان هؤلاء لا ينحصرون ضمن الدائرة الاعلامية بل يتعداها الى السياسية، بحيث ان السفارة ستتولى مهمة تحريك المحامين من اجل الادعاء على كل من يكتب بشكل لا يتطابق ومزاج او سياسات الباب العالي، او سياسي يمكن ان ينطق بعبارات ينتقد فيها المملكة او يتعرض للعائلة الحاكمة السعودية، من الملك وجرّ، وهذا يسري مثلاً على خطابات الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
هذا الكلام الذي جرى تناقله لدى المجالس قبل فترة وجيزة، بدأت تظهر مراسم تطبيقه بشكل أوضح. قبل عشرة أيام نشر قاضي التحقيق في الشمال داني الزعنّي عبر حسابه على انستغرام صورة تجمعه ببخاري علماً ان موقع الزعنّي كقاضٍ لا يسمح له بممارسة هوايات سياسية ساطعة. وما يعد لافتاً فيها، ان بخاري تخلى عن زيه السعودي المعهود وارتدى ثياباً رياضية الى حد مكن من اخفاء ملامحه مما اطفى على اللقاء بعداً خاصاً.
ويبدو في الظاهر ان الزعنّي تقصد نشر الصورة وتعميمها، وفي الباطن ثمة من رأى انها تحوي رسالة ما ربما وجد الزعنّي ضرورةً في تمريرها، لكن غاب عنه انه قاضٍ وليس سياسياً يجدر به بحكم موقعه المستقل ان ينأى بنفسه عن الاهواء السياسية والدبلوماسية وتركها لرجالاتها، وإما ما الدافع للقائه بممثل دبلوماسي لدولة هو على علم بأدوارها في لبنان؟؟
وسط ذلك تبدو وزارتي العدل والخارجية غائبتان عن السمع والنطق. فالأولى الاجدر بها سؤال قاضيها عن ما وراء لقائه بسفير دولة اجنبية وهل نال الاذن بذلك، والثانية عن اسباب امتناعها الدائم عن استدعاء القائم بالأعمال السعودي وسؤاله عن نشاطاته الملتوية.
مثال آخر يصلح لاختبار النوايا السعودية في ما خص “ترويض القضاء”، كتسطير فرع المعلومات استدعاءً للصحفي في قناة العالم حسين مرتضى استتبعت بلبوس سياسي وفر بتغريدة النائب السابق فارس سعيد الذي دعا الى “وضع حدّ لشتيمة السعودية في لبنان يتمّ عبر استدعاء سياسي للمسؤولين..” ما يثبت ان الاجواء مهيئة لانتقال السفارة من اسلوب الاعداد الى التنفيذ وهو منحى خطير ستسلكه في قادم الايام.
الجميع يعلم والسفارة السعودية تعلم ان الاجهزة الامنية لا يمكنها تسطير بلاغ استدعاء دون الرجوع الى القضاء ونيل اشارته، لذا من التوصيات ان يقوم بخاري بالتقرب من الجهاز القضائي قد يتسنى له فرض رزمة الثانية من السياسات السعودية في لبنان يصبح بعدها على اللبناني ان يحسب ألف حساب قبل التفوه بعبارة اعتراض واحدة بحق السعودية.

عبدالله قمح



from تحقيقات – ملفات – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2Np9yC1
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل