يبدو أن الخلاف السياسي بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل على أشده. غاب الوئام والتفاهم عن علاقة الشيخ سعد والنائب البتروني من دون أن يعني ذلك حتى الساعة الانقلاب النهائي من الطرفين على التفاهم البرتقالي – الأزرق.
ثمة ظن في بعض الأوساط العونية أن توزيع أدوار يحصل بين أصحاب العراقيل الداخلية (القوات – الحزب الاشتراكي)، التي ما إن يجد بعضها طريقه إلى الحل حتى يشتد البعض الاخر تعقيداً.
تقول أوساط سياسية بارزة لـ”لبنان24″ إن “الرئيس المكلف، أصبح على اقتناع بأن أية حكومة وفق المعيار الواحد تأسيساً على نتائج الانتخابات النيابية التي أتت بأكثرية موصوفة لصالح الثنائي الشيعي وحلفائهما والتيار الوطني الحر، متعذرة عليه”. وبحسب الأوساط نفسها “لو أراد الحريري لأقدم، لأن عمر الحكومة أو أية حكومة هو بيده؛ فإذا استقال، اعتبرت مستقيلة وشل قدرتها الفعلية على الانتاج إن عكسته في أمور كثيرة يعتبرها من قبيل المسائل الوجودية بالنسبة إليه ولحلفائه؛ كحال الموقف من ملف النزوح ومن العلاقة مع سوريا بمعنى الانفتاح الاقتصادي والتجاري والسياسي عليها، لا سيما أن معبر نصيب ليس مجرد معبر تجاري، بل يفترض حكما لكي يصبح كذلك فتح الشرايين السياسية على دمشق فضلا عن أن المشاركة في إعادة الإعمار تفرض التلازم الاقتصادي – السياسي بين البلدين”.
الاوساط ذاتها يسودها اعتقاد آخر بأن الحريري قارىء جيد للتطورات في المنطقة. ولا بد أنه قرأ سيطرة الجيش السوري على ثلثي الأرض وأن عناصر داعش والنصرة والمجموعات المسلحة الأخرى أصبحوا إما في البيداء وإما في ادلب ولم يعد لهم موطئ قدم في الداخل. وقرأ أيضا الانتشار السوري على تخوم الجولان المحتل دون إعاقة من أحد، بالاضافة إلى الهجوم السوري على الجنوب والمفاوضات مع قسد، واتفاق هلسنكي والدور الروسي في عودة النازحين إلى ديارهم، ومؤتمرات استانا وجنيف لجهة التحضير لوضع دستور جديد لسوريا مما يعني التسليم ببقاء الرئيس بشار الاسد حتى العام 2021، وصولا الى الانفتاح الاميركي المستجد على ايران تحت شعار ان واشنطن مستعدة للتباحث مع طهران في الملف النووي وملفات اخرى.
وعلى هذا الأساس، تلمح الأوساط إلى مجرد اعتقاد ان ثمة رأي خارجي يقول إن لا مصلحة للحريري بتأليف حكومة في ضوء هذه التطورات بانتظار ما قد تفضي اليه من الامور من مستجدات في المنطقة، طالما أنه رئيس مكلف ولا مهلة له التأليف، وطالما أن من شأن ذلك أن ياخذ من رصيد العهد وبالتالي من رصيد الأكثرية النيابية التي افرزتها الانتخابات النيابية.
وإذا كان هذا الاعتقاد صحيحا فالأمر يتطلب، بحسب الأوساط نفسها، معالجة من نوع آخر طالما أن العقد لم تعد داخلية بحتة. الأمر الذي سيدفع الرئيس عون إلى المبادرة في الوقت المناسب، اذا استمرت الأمور على هذا المنوال بعيداً عن تحميل موقفه أي تهديد أو وعيد او ضرب من ضروب المناورة، فهو “حارس الهيكل” ولن يتفرج على اكل الحريري في السياسية، علما أن الأمور ستؤول إلى مضمار آخر إذا قرر الحريري انتهاج سياسة مناقضة للتسوية.
لدى الرئيس عون، وفق مصادره الحلول. فكل شيء متاح له وفق الدستور، لكنه لن يطرح افكاره إلا في الوقت المناسب، علما أن الزمن المستقطع لم يتجاوز بعد المهلة المقبولة على ما قال رئيس تكتل لبنان القوي. وبالتالي يمكن القول بحسب المصادر العونية إن هدأة باسيل في هذه الأيام وترويه وكلامه من كفرذبيان “أن ما تمكنا من الحصول عليه بالنضال لن نخسره اليوم، ليس إلا مقدمة لما سوف يأتي في حال لم تحترم نتائج 6 أيار الماضي.
يبقى الثابت أن الرئيس عون لا يرغب بالخروج من التسوية الرئاسية الكبرى التي أوصلته إلى رئاسة الجمهورية والحريري إلى الحكومة والثنائي الشيعي إلى رئاسة المجلس والحكومة كعبور جدي إلى الدولة جل مظاهره العنوان الجديد لحزب الله المتمثل بمقاومة الفساد وانهاض مشروع الدولة. وتؤكد مصادر بعبدا أن الرئيس عون سيبقى محافظا على التسوية، بقدر ما يحافظ عليها الأطراف كافة. ولا تعتقد المصادر أن هناك من يريد إسقاط التسوية، بيد أن المطلوب التحرر من الطموحات السلطوية واعتماد معيار واحد والتنكر لأية تعليمات خارجية، فأي أمر عمليات خارجي من أي دولة كانت، هو هدام كمعول يضرب موجعا في جسد وطن يصارع أزمات كثيرة .
تقول بعبدا: “نعم للانتظار بهدف التأليف المتجانس لحكومة قوية غير منقسمة على ذاتها، قادرة على درء الأخطار ومواجهة التحديات. فالرئاسة القوية وفق معايير التمثيل الشعبي والسياسي، ليست مجرد رئاسة شجاعة بمفهوم الاقدام فقط، بل هي رئاسة شجاعة بمفهوم الصبر ومقاومة الترغيب والترهيب الخارجي وبمفهوم انهاض البلد من كبوته. وبالتالي فإن الرئيس عون سيوفق بين التحديات وما تتطلبه والحرج عند الرئيس الحريري لأي سبب كان وشغف السلطة عند البعض كي ياتي بحكومة متجانسة. وربما قد يلجأ إلى القول إن الامر له ليس بالمفهوم العسكري أو الاقصائي بل بمفهوم إنقاذ البلد عملاً بأحكام الدستور، وأخذا بعين الاعتبار كل الاحتمالات”.
هتاف دهام – خاص “لبنان 24”
from تحقيقات – ملفات – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2AYQ7P5
via IFTTT
0 comments: