Thursday, August 30, 2018

زاسيبكين لـ”لبنان24″: نحن على وشك الانتصار

يرسم المعنيون بالأزمة السورية الترتيبات النهائية لعملية إدلب، في ضوء طلب السلطات التركية من القيادة السورية عبر الجانب الروسي التمهل حتى الرابع من أيلول المقبل من أجل إقناع هيئة تحرير الشام بحل نفسها، أو تحمل عبء إطلاق الجيش السوري عمليته العسكرية المرتقبة لتحرير محافظة إدلب من سيطرة المجموعات الإرهابية المسلحة. ويتزامن ذلك مع تصريحات وزارة الدفاع الروسية حول معلومات مؤكدة عن “تحضير الجماعات الإرهابية المسلحة لهجوم كيميائي في مناطق جنوبي إدلب، يرمي لاستدعاء العدوان الغربي على سوريا”.

تكمن أهمية إدلب بالنسبة ل‍روسيا، لكونها محافظة كبرى، وأصبحت المأوى الأخير للآلاف من المسلحين الذين رحلوا إليها عقب رفضهم المصالحات في المدن السورية التي جرت تسوية أوضاعها وفق اتفاق خفض التصعيد.

لكن كيف سيتطور الوضع في هذه المدينة؟

من الصعب جداً التكهن بمآل الأحداث في إدلب. فالتطورات مرتبطة بقرارات المجمتع الدولي، يقول السفير الروسي الكسندر زاسيبكين لـ”لبنان24″. لدى موسكو معلومات حول تحضير الإرهابيين التحضير لهجوم كيماوي في المحافظة بهدف تحميل دمشق المسؤولية عنه واستخدامه كمبرر للقوى الغربية لضرب أهداف حكومية في سوريا. ولذلك جاء اقتراحها عقد جلسة لمجلس الامن الدولي شرح ممثلها خلالها لممثلي الدول الاعضاء، الاخطار التي قد تنجم عن الضربة العسكرية، مع تأكيد زاسيبكين، أن التعاطي الاميركي ضد سورية، بدأ خلال عهد الرئيس الأميركي السابق باراك اوباما ومستمر خلال عهد الرئيس الحالي دونالد ترامب، علما أن المشاورات اليوم مع الجانب الأميركي أصعب من السابق لأسباب عدة ابرزها، الاختلاف في سياسة ترامب حيال ملفات عدة عن موقف الدولة العميقة الاميركية، وبالتالي فإن أي تفاهم مع ترامب قد يقابل بردة فعل سلبية من منها.

ومع الإعداد لإطلاق العملية العسكرية ضد المجموعات الارهابية، تتشاور موسكو مع أنقرة من أجل الفصل بين المعارضين الراغبين بالانضمام إلى العملية السياسية وبين مسلحي جبهة النصرة وغيرها من التنظيمات الارهابية. فلا يمكن للستاتيكو الحالي أن يستمر، يقول السفير الروسي. فأداء هذه المجموعات المسلحة بات معروفاً لجهة التوسع كلما أتيحت لهم الفرصة، وهم على على استعداد لشن هجوم ضد الجيش السوري في إدلب بتنسيق مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.

وسط ما تقدم، تبحث موسكو وأنقرة في إطار مسار استانة. وتقوم بمشاورات واتصالات بغض النظر عن علاقة تركيا بالمجموعات المسلحة. فهي تدعو أنقرة إلى التمييز بين الارهابيين والمعارضة، وتحثها على لعب دور في التسوية السياسية في ما خص اللجنة الدستورية، مع تشديد زاسيبكين على أن هم روسيا يتمثل بتحقيق الاستقرار في سورية. ومن أجل تحقيق ذلك تبدي استعدادا للتعاون مع جميع الأطراف باستثناء الارهابيين، لا سيما ان القرار الدولي 2254 هو القاسم المشترك بين جميع الدول المعنية بالأزمة السورية، والذي تجاوزته الولايات المتحدة.

وعلى هذا الأساس، تسعى روسيا مع تركيا وإيران لإيجاد حل بأقل ضرر ممكن، مع تأكيد زاسيبكين أن التعاون الروسي – التركي يتطور بشكل جيد في المجالات كافة وبشكل خاص في موضوع سوريا، انطلاقا من القواسم المشتركة. فالهموم التركية معروفة، وأبرزها المسألة الكردية، ولذلك فإن عودة الاستقرار إلى المناطق السورية يصب في مصلحة تركيا.

وبينما تصر قوات التحالف الدولي على البقاء في سوريا لغاية إنهاء التنظيمات الارهابية ووجود القوات الإيرانية، بالتوازي مع دعمهما ل‍مؤتمر جنيف لإيجاد حلٍّ سياسي، تصعب المقارنة بين الوجود الاميركي المشبوه لجهة تحريض الاكراد ودعم الارهاب، وبين الوجود الايراني والروسي الذي تم بطلب من الحكومة الشرعية، يقول زاسيبكين. وبالتالي فإن انسحاب الولايات المتحدة من سوريا ضروري، على عكس الجمهورية الاسلامية المتواجدة بطلب من الحكومة السورية، الامر الذي لا يعطي روسيا الحق في التدخل لدى سوريا في شان الوجود الايراني لكونها طرف ثالث.

أما في ما خص إسرائيل والجنوب السوري، فروسيا لا تريد نزاعا في مثلث “إسرائيل” – سوريا – لبنان. فهي بذلت، بحسب زاسيبكين، الجهود من أجل تهدئة الوضع، خاصة في المنطقة الجنوبية الغربية، وحققت نجاحاً تمثل بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل العام 2011. وهذا الامر لا يمكن اعتباره تثبيتا لأي واقع جديد. المعطيات لا تزال نفسها بالنسبة للنزاع العربي – “الإسرائيلي” وضرورة حله عبر عملية السلام والعودة اليها في الوقت المناسب، مع تشديده على أن هدف موسكو الأساسي هو إعادة سيادة سورية على كل أراضيها.

وعليه، يمكن القول، إن روسيا نجحت في تحقيق أهدافها في سوريا وفقاً لمصالحها ومصالح سوريا والمصالح الدولية، والثابت أنها ستستكمل جهودها لتحرير الأراضي السورية كافة من الوجود الارهابي من أجل الانطلاق نحو إعادة الاعمار وإيجاد الحلول الاقتصادية والاجتماعية تمهيدا لعودة النازحين.

إعادة الإعمار

لكن هل ستتوفرالامكانيات لتحقيق الاهداف؟

قد يكون الواقع سهلا في حال نجحت روسيا في اشراك المجتمع الدولي في إعادة الاعمار، لكن إذا لم تشارك الدول الغربية، فإن روسيا ستبذل الجهود بالتعاون مع الاطراف التي ترغب بالمشاركة لإنجاز ذلك. فلا يجوز، بحسب زاسيبكين التلطي وراء الأوهام. فالغرب رغم تعديله لبعض مواقفه لن يتخلى عن أطماعه.

ورغم ذلك، لقد حان الوقت، بحسب زاسيبكين لطرح ملف عودة النازحين، لما لذلك من انعكاس ايجابي على صعيد مصلحة الشعب السوري والشعوب المجاورة بعيدا عن الموقف الأميركي الذي يربط إعادة الإعمار وعودة النازحين بالحل السياسي وبتسوية تقضي بانتقال السلطة من النظام الى المعارضة بطريقة غير شرعية وغير ديمقراطية، مع تشديده على أن واشنطن تعتمد ازدواجية المعايير في تعاطيها مع إعادة الاعمار، فهي تؤيد ذلك بمناطق المعارضة في محاولة جديدة لفرض الإرادة الخارجية على الشعب السوري، بيد أنها تعرقل الامر نفسه في مناطق سيطرة الدولة السورية.

وسط ما تقدم، لا تزال سوريا تشهد ميدانيا تحركاً لمعسكرين: معسكر ضعيف تمثله المجموعات الارهابية التي تحظى بتأييد واشنطن وحلفائها ومعسكر قوي تمثله سورية وحلفائها (روسيا وايران وحزب الله). وبالتالي من الخطأ الحديث عن ضرورة خروج حزب الله وإيران من الأراضي السورية قبل بلورة الحلول المنشودة، مع تأكيده أن سوريا في صلب “محور المقاومة” منذ ما قبل أزمتها ولها الكلمة الفصل بذلك، بمعزل عن تفاهم موسكو – طهران لمواجهة الارهاب. وبالتالي، فإن زاسيبكين يؤكد، ردا على سؤال عن تخوف بلاده من توسع النفوذ الايراني في سوريا، أن من السابق لأوانه الحديث حول ما سيجري في المستقبل قبل الانتصار على الارهاب، مع إشارته إلى أن الكلام عن أطماع إيرانية في المنطقة يأتي في سياق تشويه واستهداف الدول المقاومة للإرهاب ويأتي في سياق اتهام الولايات المتحدة روسيا بأن لديها أطماع امبراطورية وعدوانية. فمحور المقاومة في موقع المقاوم ضد القوى المعتدية. ونحن في سورية على وشك الانتصار الذي لم يستكمل بعد.

ملف النازحين

وتأسيسا على ما تقدم، وضعت روسيا ملف النازحين على السكة الصحيحة. طرحت مبادرة من شأنها أن تعالج الأزمة، وتخفف العبء عن الدول المضيفة. ولهذه الغاية، تواصلت، بحسب زاسيبكين، مع الدول المعنية كافة بما فيها لبنان للمساعدة انطلاقا من قدراتها الذاتية وعلاقتها مع سوريا. فالنقطة الجوهرية عند الروس، تتمثل بأن السلطات السورية هي صاحبة القرار.

وانطلاقا مما سبق، تنسق موسكو عبر سفيرها المعتمد في بيروت مع السلطات والاحزاب المشاركة في الحكومة، بيد أن المفارقة تكمن بأن الفرقاء المعنيين يرحبون بالمبادرة الروسية لكنهم يتمايزون في مواقفهم حيال التنسيق مع سوريا. الامر الذي لا تتوقف عنده موسكو كثيرا. فهي بحسب زاسيبكين، تحترم خصوصية لبنان ولا تستطيع المبالغة في المطالب، وتكتفي بتقديم النصائح للمعنيين بعيدا عن اي ضغوطات، مع ثقة زاسيبكين أن التعاون اللبناني – السوري سيتطور في مرحلة مقبلة. فعودة النازحين وإعادة الاعمار وتعزيز التجارة، كلها أمور تصب في مصلحة لبنان ومصلحة سوريا على السواء، مع تأكيده أن موقف بلاده مبدئي بضرورة التواصل المباشر بين الحكومتين السورية واللبنانية، من دون التدخل في مستوى التنسيق.

وسط هذا المشهد، يبدو أن روسيا تسعى إلى تطويرعلاقتها مع لبنان في المرحلة المقبلة، من دون أن يعني ذلك أنه أصبح تحت مظلتها كما يروج البعض. فموسكو، بحسب زاسيبكين، تعي جيدا ان لبنان بلد التوازنات وتحترم ذلك، ولا تريد احتكار العلاقة معه، ويجب أن تربطه علاقات جيدة مع الدول الاقليمية والدولية (السعودية وايران واميركا وفرنسا وروسيا)، مع تشديد السفير الروسي على أن موسكو على اتم الاستعداد لتطوير التعاون العسكري الفني، وهناك اتجاه الى توقيع اتفاق في هذا الشأن بعد تاليف الحكومة، من دون أن يعني ذلك صداما روسيا – أميركيا في لبنان، فموسكو لا تعارض الدعم الأميركي للجيش.

مقالات لبنان24 –هتاف دهام



from تحقيقات – ملفات – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2Nvocrv
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل