“فول” الأجواء التفاؤلية التي بُثّت على الساحة الداخلية اللبنانية في ما يتعلّق بموضوع الحكومة، لم تصل الى “مكيول” التأليف، كونها بقيت الى حدّ غير مطابقة للواقع في ظل استمرار العراقيل على حالها، خصوصاً أن الاجتماع المرتقب بين الرئيس المكلف سعد الحريري وبين رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في إطار المشاورات التي يجريها لتفكيك العقد الحكومية لم يعقد لسفر باسيل الى موسكو، وتوجه الحريري غداً الى اسبانيا.
وأشارت المعلومات لصحيفة “الحياة” الى وجود فترة سماح، لا تتجاوز الأسبوع، لكسر حلقة الجمود المحيطة بعملية تأليف الحكومة، خصوصاً وان الرئيس الحريري مزمع على السفر الى اسبانيا الثلاثاء المقبل، حيث سيلتقي نظيره رئيس الحكومة، ويلقي محاضرة في إحدى جامعات مدريد على ان يعود بعدها الى بيروت مع صورة مبلورة أكثر للحكومة ضمن معادلة جديدة تتدارسها قوى 8 آذار والتيار الوطني الحر، قوامها ان لا تكليف بلا عمل، ولا انتظار إلى ما نهاية.
أما على المقلب الآخر، فان الرئيس عون يكاد صبره ينفذ، وهو يريد ترجمة عملية للتكليف، وانه يدرس الخيارات الدستورية الممكنة لمواجهة حالة الستاتيكو القائمة في البلاد: إذ لا تقدّم على أي مسار، فالعقد على حالها، ورفع سقف المطالب سيّد المشهد.
آخر الصيغ المتداولة
ووفقا لمعلومات متداولة، فإنه في آخر الصيغ التي طالب بها رئيس التيار الوطني الحر: 7 وزراء للتيار و4 وزراء لرئيس الجمهورية، بما في ذلك الوزير الدرزي، على ان تكون حصة التيار وحلفاؤه 20 وزيراً، وهذا ما يُفاقم الأزمة، وسط تخوف مصدر معني قال لـ”اللواء”: هذا يؤدي إلى أزمة مفتوحة.
وأشارت صحيفة “الأخبار” الى ان الحريري ثابت في تبنيه لموقف جنبلاط المتمسك بثلاثة مقاعد درزية من حصته، وإذا أراد رئيس الجمهورية حل العقدة الدرزية فلا مانع من توزير أربعة وزراء دروز، ثلاثة من حصة جنبلاط ومقعد درزي من حصة رئيس الجمهورية بدلاً من مقعد مسيحي، أما بالنسبة إلى العقدة القواتية، فقد تبنى الحريري، بالتفاهم الكامل مع جعجع، إعطاء القوات اللبنانية أربع حقائب، واحدة سيادية من حصة المسيحيين بناء على اتفاق معراب وثانية أساسية. وهذا الاتفاق لا رجوع عنه، في مقابل تسهيل القوات عمل الحريري لتشكيل الحكومة.
لا تقدّم في المفاوضات
وقالت مصادر مطبخ التأليف لـ”الجمهورية” انها “لم تلمس اي أفكار ومعطيات جدّية تُبشّر بولادة حكومية قريبة، خصوصاً انّ الاطراف ما زالت متمترسة خلف شروطها ومطالبها ورغباتها التي لا يمكن الاستجابة لها”.
وفي وقت ينتظر رئيس الجمهورية ميشال عون ما سيحمله إليه الحريري، أكدت أوساط الاخير لـ”الجمهورية” مضيّه في ما هو بصدده بوتيرة سريعة، ولن يكلّ في السعي لبلوغ صيغة حكومية في وقت قريب، تحظى بالقدر الأوسع من التوافق حولها.
بدوره، قال مرجع سياسي لـ”الجمهورية” انه يتفهّم موقف الحريري، لكنّ هذا التفهم لا يلغي انّ الواجب الاول والاخير عليه هو تدوير الزوايا ومعرفة كيف تُدَوّر بما يراعي كل الاطراف، لا ان ترجّح كفّة زاوية على زاوية بما يشعر طرف بأنه مغبون وطرف بأنه محظوظ. وفي أي حال، ليست المسؤولية فقط على الحريري بل على القوى السياسية التي عليها فتح كل النوافذ أمام التأليف، لا وَضع العقبات. فالبلد أمام فرصة للنهوض بحكومة تُنقذ ما يمكن إنقاذه، وكلما تأخّرنا تصبح الامكانية أصعب والعقد اكثر تعقيداً.
وفي وقت كانت الاتصالات غائبة، في عطلة نهاية الأسبوع، عن بيت الوسط، أوضحت مصادر مطلعة لـ”اللواء” ان أي معطى جديد على صعيد الملفات الحكومي لم يسجل، مشيرة إلى ان اللقاءات التي عقدت في الساعات الماضية لم تكن رئيسية، إذ اقتصرت على طرف واحد من كلا طرفي العقدتين المسيحية والدرزية، أي رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، من دون ان يتم لقاء بين الرئيس المكلف وبين الطرفين الآخرين، أي الوزير باسيل والنائب طلال أرسلان، وهو ما يُشير إلى تصلب الفريق العوني، بانتظار حصول اللقاء بين الحريري وباسيل، على أمل إيجاد مخرج ما، مما يُمكن ان يصدر عن اللقاء من نتائج يُؤكّد فشل أو نجاح المساعي.
وقالت هذه المصادر ان التواصل بين الرئيسين عون والحريري وارد في أي وقت، مشيرة إلى انه من الخطأ بمكان الحديث عن تباين بين الرئيسين، خصوصا وان الرئيس المكلف لم يعرض صيغة جديدة، وبالتالي لا يُمكن استباق أي تحليل أو استنتاج قبل وجود هذه الصيغة.
وفي هذا السياق، أشارت صحيفة “الأخبار” الى ان الحريري سيقدّم تشكيلة حكومية “غير رسمية” على الورق، والكلمة الأخيرة ستكون لرئيس الجمهورية بالموافقة أو عدمها. وأي خطوة حاسمة في هذا الإطار ستؤدي إلى خلق مشكلة جدية. والاثنان يتصرفان حالياً وكأنهما لن يقدما على ما قد يفجر الوضع بينهما ويساهم في اللعب بمصير الحكومة والوضع الداخلي. علماً أن مطلعين على موقف رئيس الجمهورية توقفوا عن نقل أجواء إيجابية منه تجاه الرئيس المكلف كما جرت العادة وكما حصل منذ التكليف الأول وحتى الأيام الأخيرة.
وكانت تواترت معلومات في الساعات الماضية عن اقتراح بأن يتولى الرئيس عون تسمية الوزير القواتي- الرابع والوزير الدرزي الثالث، لكن مصادر “القوات” والحزب التقدمي الاشتراكي أكدت ان مثل هذا الاقتراح غير وارد بالمطلق، لأن صلاحية التسمية هي من مسؤولية الحزبين، علماً ان الاقتراح يعني ان الرئيس عون ما زال مصراً على ان يكون للقوات ثلاثة وزراء، وان يسمي هو الوزير الدرزي الثالث، وبالتالي فإننا ما زلنا في مكاننا، ولم تحدث أية زحزحة، وإذا لم يكن هناك من جديد فلا ضرورة للقاء الحريري- باسيل، لأنه قد يزيد الأمور تعقيداً إذا أصرّ “التيار” على مواقفه.
وذكّر مصدر عبر صحيفة “الحياة” أن الرئيس عون سبق أن رفض إعطاء الرئيس ميشال سليمان حق تسمية وزراء في الحكومة وكانت حجته أن ليست لديه كتلة نيابية كي يحصل على حق تسمية وزراء في الحكومة، وأن هذا الحق ليس وارداً في الدستور، ومن هنا، وبحسب المصدر، يجب الدمج بين حصة الوزراء من “التيار” وبين حصة الرئيس في حصة واحدة، وفي هذه الحال فإن حصة “التيار” هي الحصول على ضعف عدد وزراء “القوات”، ما يعني إنه إذا كانت الأخيرة ستحصل على 4 وزراء كما اقترح الرئيس المكلف سعد الحريري في تصوره للحصص، فإن كتلة نواب “التيار الحر” التي هي في الوقت نفسه كتلة رئيس الجمهورية، يفترض أن تحصل على 8 وزراء طالما أن رئيس “التيار” جبران باسيل يعتبر أن عدد نواب تكتله هو ضعف عدد نواب “القوات”.
باسيل على مواقفه
الاّ ان كل ما سيقّدمه الحريري لن يحظى بموافقة التيار الوطني الحرّ بحسب “النهار”، والتي تحدّث اليها نائب سابق في قوى 14 آذار، مشيراً الى ان التيار الوطني الحرّ يسعى الى:
- اضعاف موقع رئيس الوزراء ودوره في عملية التأليف، وهو ما دفع الى اجتماع رؤساء الحكومات السابقين بعدما شعروا بهذا التوجه.
-
تطويق “القوات اللبنانية” وعدم التزام مضمون اتفاق معراب بحجج واهية منها انها لم تدعم العهد، علماً انه لولا هذا الدعم لما بلغ رئيس الجمهورية قصر بعبدا.
-
تحجيم الحزب التقدمي الاشتراكي، علماً ان النائب طلال ارسلان لم يحصل على مقعده النيابي زمناً طويلاً لو عمد رئيس الاشتراكي الى ترشيح منافس له.
-
ثمة اصرار لدى “حزب الله” على تمثيل النواب السنة من خارج “تيار المستقبل” وهم حلفاء الحزب ومن خلاله دمشق.
-
رفض عوني لتمثيل حزب الكتائب في الحكومة المقبلة.
وفي هذا الاطار، قالت مصادر كتائبية لـ”الجمهورية” أن “ما يرافق تشكيل الحكومة من سجالات عقيمة وصراعات تحاصصية على تَناتُش السلطة وكأنها “قالب جبنة”، في وقت يجتاز لبنان أخطر مراحل تاريخه سياسياً واقتصادياً، لا يَدلّ على إدراك المتصارعين ما وصلت اليه خزينة الدولة وما يعانيه اللبنانيون من فقر وبطالة”.
وأضافت: “كنّا على استعداد للمساهمة في فريق عمل مُتفانٍ يَصل الليل بالنهار لتنفيذ الإصلاحات، التي من دونها لا إنقاذ للبنان من أزماته. لكن من المؤسف أنّ أحداً لم يُظهر نيّة جدية للخروج من العقلية والنهج السابقين، ولم يَتّعظ من مخاطر استمرار الأداء الحالي، ما يعرّض السفينة للغرق بمَن فيها ويستدعي مواجهة من يتسبّبون بغرقها بكل السبل الديموقراطية المُتاحة لمنعهم من المضيّ قُدماً في إغراقها”.
from أخبار رئيسية – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2L2Uk92
via IFTTT
0 comments: