Tuesday, June 12, 2018

مَن مع جبران ومَن ضده؟

إذا أردنا أن نميّز بين جوهر الموقف الذي اتخذه جبران باسيل بصفته وزيرًا للخارجية حيال موضوع عودة النازحين السوريين، وبين شكل هذا الموقف، نرى أن ثمة إنقسامًا عموديًا وأفقيًا بين اللبنانيين، مع العلم أنها ليست المرّة الأولى التي يثير باسيل بمواقفه المتعددة الكثير من الجدل، ويعتقد البعض أن في ذلك بعضًا من الصحّة في الحياة السياسية غير الروتينية وغير الخاضعة لموازين المعادلات المبسطة والرتابة، التي تُعتبر بمثابة تراجع إلى الوراء أكثر منها جمودًا.

لا يختلف إثنان على أن قضية النازحين السوريّين هي همٌّ لبنانيٌّ مشترك يَستلزم حلًا سريعًا غير قابل للماطلة والتسويف والتأجيل، وغير خاضع للمساومات والمماحكات السياسية، التي تدخل على خطّها الحسابات الشخصية ولعبة المحاور. وهذا الحل يسلتزم سرعة وليس تسرعًا في التوافق على كيفية مقاربة جوانبه حتى ولو اضطرَّ لبنان إلى اتّخاذ قرارات إعادتِـهم من جانب واحد من دون الأخذ في الإعتبار ردات فعل المجتمعِ الدولي، الذي لن يتحرّكَ، وفق “النظرية الباسيلية”، إلا إذا َوضعته الدولة اللبنانيّة أمام الأمر الواقع. ويقال في هذا المجال أنه ما أن يبدأ لبنان بجمعِ النازحين وترحيلهم إلى بلادهم بسلطة القانون وليس بمنطق إعتباطي وإستفزازي، حتّى تهرع الدول إلى استلحاق حالها ومجاراة الخطّة اللبنانيّة، فتستقبلَهم في سوريا عوض أن تثـبِّـتَهم في لبنان. ويُنقل عن الوزير باسيل والمحيطين به أن الدول لا تمشي سوى مع القوي ومع من يعرف متى وكيف تُتخذ القرارات، “وغير هيْك ما بتمشي” .

في المبدأ قد نجد كثيرين من اللبنانيين يوافقون على هذه النظرية، وهم يجدون أنفسهم منساقين تلقائيًا تأييدًا لموقف الوزير باسيل، وهم يرون أن الضغطُ على المفوضيّةِ العليا للنازحين جاء في محله كتعبير سياسي وكرسالة توجّهها الدولةُ إلى المجتمعِ الدولي والدولِ المانحة، ولكن وعوضًا من أن يُحدث هذا الضغطُ صدمة إيجابيّة لدى المجتمع الدولي وفي المحافل المهتمة بقضية النازحين نرى أنها أحدَثت ردة فعل داخليّة سلبيّة بسبب غياب التضامن الحكوميّ أولًا، وبسبب الطريقة التي أتخذت به هذه المواقف، والتي أتت في الشكل مستفزّة لرئاسة الحكومة ولمكونات حكومة تصريف الأعمال، وقد أعتبرها كثيرون من السياسيين أنها تجاوزت صلاحيات رئاسة الحكومة والإجماع الحكومي، بإعتبار أن مثل هكذا خطوة على هذا القدر من الأهمية تفرض الحدّ الأدنى من التنسيق والتضامن بين مكونات الحكومة، خصوصًا أنها أتت بعد الخضّة التي اثيرت حول مرسوم التجنيس واللغط الذي رافقه بعد ورود أسماء مشكوك فيها.

ولأن هذا التضامن الوطني مطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى في ظل الغموض الذي يكتنف عملية تأليف الحكومة العتيدة جاءت ردود الفعل على تفرّد الوزير باسيل، من حيث الشكل، متفاوتة بحدّيتها، وبالأخص أن ثمة من يقول أن الرئيس سعد الحريري يقدّم تنازلات كثيرة في ما خصّ صلاحياته كرئيس للحكومة، وهذا ما يتعارض مع ميثاقية توازن السلطات.

في المحصلة النهائية، ووفق القراءات الهادئة، يذهب البعض إلى تأييد خطوة وزير الخارجية من حيث المضمون والجوهر، فيما يعتبر آخرون أنه أخطأ في الشكل والأسلوب.

 

اندريه قصاص



from تحقيقات – ملفات – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2LJVj9Q
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل