ما يحصل في “الأردن” هام لجهة عناوين متعدّدة، أهمّا أنّ هناك مطالب لأهلنا هناك ذات معاني مهمة ومفهومة، لها علاقة بحياة الشعب في أكثر من مستوى وصعيد، وبالتالي فإنّ ما يطالبون به صحيح لجهة إحساسهم به، خاصة عندما تتعلق الأمور بمفردات الحياة الطبيعية ومتطلباتها بالنسبة لهم..
غير أنّ هناك أبعاداً أخرى يحمّل عليها هذا “الحراك”، وهي ابعاد ليست مفصولة عمّا يحصل على مستوى الاقليم بما وصل إليه، خاصة بعد صمود وثبات الدولة السورية في مواجهة تسونامي الفوضى الذي شكّل اداة عدوان لسحب سورية إلى موقع آخر يناسب تطلعات المشروع الامريكي خلال فترة ما سمّي “الربيع العربيّ”..
لم تستطع الادارة الامريكية أخذ سورية أو خطفها للمكان الذي كانت تتطلع له، والذي كان يمكن أن يمنحها إمكانية إعادة إنتاج سيطرتها المطلقة على الاقليم، وفق خرائط كانت تعمل عليها..
لم يصل “الربيع العربيّ” الى “الاردن” خلال مرحلته الماضية، علماً أنّ قراءة بسيطة لواقع المنطقة وما حصل بها، تؤكّد أنّ هذا “الربيع” لو كان كما تمّ التسويق له، من قبل أطراف العدوان، لكان بالضرورة سيطرق أبواب “الأردنيين”، وهذا يؤكد للمرة الألف على أنّ “ربيعهم” لم يكن كذلك!!!..
لكن ما الذي يحصل الآن في “الأردن” إذن، باعتبار أنّ هناك “حراكاً” ساخنا يحاكي فعلا من الماضي حكم المشهد السوري وبعض أجزاء من العالم العربي، ولكنّ توقيته كان هاماً لجهة فهمه بشكل أو بآخر..
لم يتأخر النظام الأردني من أن يكون في عربة العدوان على سورية منذ مطلع العدوان عليها، خاصة عندما وضع بصورة تفاصيل هذا العدوان وأهدافه، ولم تتردّد الاستخبارات الاردنية في أن تكون في مقدمة من مارسوا الذبح المباشر في شوارع مدينة “درعا” كي تدفع “الحراك” في سورية كي يكون في المكان الذي أرادته اطراف العدوان أن تكون فيه، وهو ما لم يستطع فهمه أو التقاطه الكثيرون..
كما أن النظام الأردني لم يتردّد في القيام بدور آخر من خلال فتح الحدود بشكل كبير لهجرة السوريين واستعمالهم كأداة ضاغطة سياسيّاً على الدولة السورية وتصوريها أنّها تمارس دوراً كان يتم التسويق له بشكل خطير وكبير جدّاً، الأمر الذي سيقود أخيرا الى صناعة رأي عام يمهّد لتدخل خارجي من قبل أطراف العدوان ذاتها..
فشل العدوان في أهدافه، وتفكّك في أهم مفاصله، وهذا واضح تماماً، وهو ما ينطبق على النظام الأردنيّ أيضاً، خاصة وأن الادارة الأمريكية تحاول تأمين ذاتها إقليميّاً في معزل عن حسابات مكونات أو أطراف إقليمية كانت شريكة في العدوان، وهو الأمر الذي دفع النظام الأردني للبحث عن تأمين مصالحه الذاتية، ومصالحه الذاتية مصالح خاصة ببقائه واستمراريته..
إنّ بقاء النظام الأردني، وتحديدا “العرش الهاشميّ”، أضحى يتناقض مع مصالح آنية وتكتيكية للادارة الأمريكية، تماما كما حصل بين الادارة الامريكية ونظام “أردوغان” في اكثر من عنوان وفي أكثر من مفصل..
إنّ بقاء “العرش الهاشميّ” فوق جغرافيا الأردن يعني أن تتراجع الادارة الامريكية عن مجموعة من الخطوات التي قامت بها لتأمين الحدّ الأدنى من مصالحها أقليميّاً، كذلك بالنسبة لسيناريو الجنوب السوريّ المرتقب، والذي يعني عودة سيطرة الدولة على المناطق التي تسيطر عليها المجموعات الارهابية، وهو سيناريو دفع النظام الاردني نحو ملاقاة السوري لتمرير سيطرته على هذه الجغرافيا، والاستعانة بالحلف الذي لم يسمح للادارة الأمريكية ان تفرض مشروعها، بمعنى انّ النظام الأردني اضحى ينظر شمالا فيرى استقرار الدولة السورية، مما دفعه للتلويح باستفادته من هذا الاستقرار، خاصة عندما دخل الروسي وضمن له خارطة الدولة السورية المستقرة والآمنة..
في هذه اللحظة نظر النظام الأردني فوجد عربة العدوان شبه خالية، خاصة من الاهداف التي قام العدوان من اجلها على سورية، وهو بالتالي يريد الاستفادة من خرائط صاعدة تؤمّن له “عرشه”، خاصة في ظلّ تفهّم كامل من “حلف المقاومة” لمصالح هذا النظام!!!..
لقد وقع النظام الأردني في المحظور الأمريكي – “الاسرائيلي”، حين بدأ يرتّب أوراقه من جديد للتعامل والتعايش مع واقع موضوعي يقول بأنّ هناك دولا صاعدة ترسم خرائط المنطقة، وهو بحاجة للحفاظ على هذا “العرش” ضمن هذه الخرائط..
كلّ ما يحصل في “الأردن” الشقيق هو ضغطٌ أمريكيّ – “إسرائيلي” يريد من النظام فيها أن يبقى ضمن الحظيرة الامريكية – “الإسرائيلية”، ويمنعه من الذهاب وحيداً للاستقواء بمعادل استقرار المنطقة الصاعد الذي يضمن فيها بقاء “العرش الهاشمي”، وهنا يكون السؤال: هل سينجح النظام الاردني في إنقاذ “عرشه الهاشمي” من خلال “حلف المقاومة”، وهو الحلف الذي كان الملك الاردني أوّل من نعته “بالهلال الشيعيّ”؟!!!!..
عضو مجلس الشعب السوري خالد العبود
from بانوراما – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2sIfOfg
via IFTTT
0 comments: