Monday, May 7, 2018

عن تدني نسبة الاقتراع والأخطار المحتملة في المستقبل!

من باب النكتة، علّق البعض على توصيف يوم الاستحقاق بـ “العرس الانتخابي” بالقول: “بـ 6 أيار عرس انتخابي، بس بدكن يجوا المعازيم”!

صحّ هذا “التخوّف” ذو الوجه الكوميدي. المزحة استحالت حقيقة فلم يحضر أكثر من نصف عدد الناخبين اللبنانيين “مراسم الحفل الانتخابي”. نسبة اقتراع متدنية بعد 9 سنوات على مرور آخر استحقاق انتخابي أنتجتها تمديدات غير دستورية ولا شرعية للبرلمان اللبناني. حدثٌ مفاجئ وغير متوّقع، ذلك أنّ أغلب الظنّ كان أنّ الناخبين سيصطفون في طوابير للادلاء بأصواتهم التي أُسكتت عنوة طوال أعوام طبعها الذلّ والقهر والحرمان والفساد المستشري. لم يحصل هذا الأمر. بدت غالبية المناطق اللبنانية أمس غارقة في سبات ملحوظ. لم يكن ثمة ما يوحي بأنّ “العرس الانتخابي الديمقراطي” قد أقيم فعلاً. لا هيصة ولا زحمة ولا طبلة. في “المول” بدا اللبنانيون أكثر عدداً من المتواجدين في مراكز الاقتراع في ساعة متأخرة من بعد ظهر الأحد. ارتعب المرشحون، دبّ الذعر في قلب “السلطة”. حتى “المجتمع المدني” جهد في حضّ الناس على المشاركة في الاستحقاق. رئيس الجمهورية بذاته أطلّ قبل ساعات من موعد إقفال صناديق الاقتراع مناشداً اللبنانيين الانتخاب. انتهت “الحفلة” بخيبة، ولسان حال الجميع:”ماذا يعني تدني نسبة الاقتراع؟”!

إنه الاثنين، السابع من أيار. الساعة تشير إلى الثالثة من بعد الظهر. منذ الصباح الباكر، يردد اللبنانيون السؤال نفسه حول تضخم عدد الممتنعين عن التصويت. في الوقت عينه، يتناقلون عبر وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية فيديوهات تُظهر عبثاً مقصوداً بصناديق الاقتراع! بالمناسبة…لم تصدر أي نتائج رسمية حتى الساعة، ولا “حسّ” لوزير الداخلية!

وقائع تدفع الباحثة والأستاذة الجامعية منى فياض إلى القول: “هل هذه انتخابات؟!”!

لا تخفي، في حديث لـ “لبنان24″، أنها واحدة من “الممتنعين عن التصويت”. بل تكاد تتباهى بذلك مبررة:” لا يمكنني أن أنتخب في ظلّ هذا القانون الذي لا يراعي قواعد قوانين النسبية وشروطها المتعارف عليها، ويجبرني على انتخاب من لا ارضى عن خطه السياسي من اجل من اريده ان يصل الى الندوة الانتخابية. دون برنامج سياسي واضح اكون كمن يشتري سمك في بحر ولا أعرف الى اين سيأخذني!”.

لكن، أليست المقاطعة سلبية يرتكبها الناخب بحق نفسه ووطنه؟

“بلى، ثمة سلبية حتمية في هذا الأمر، لكن علينا أن ننظر إلى الصورة بأكملها. ثمة جزء من الناخبين يائس وغير موافق على هذا القانون الذي أتى به حزب الله بضغط منه، علماً أنه طرحه في ندوة أقامتها “السفير” في العام 1999!”.

وقانون الانتخابات الحالي، برأي فياض، لا يراعي النسبية الحقيقية، ولم ينجح في إقناع اللبنانيين وحضّهم على المشاركة في الاستحقاق الأهمّ. كيف يكون نسبياً وهو قائم على ترشيح شخص لا على قاعدة طرح برنامج انتخابي واضح وواحد؟ أي قانون نسبي عندما يُجبر الناخب على اختيار ناخب تفضيلي واحد؟ أنه ليس كذلك. بل هو الذي دفع بالسياسيين إلى اجتراح “خزعبلات” تمظهرت في تحالف الأعداء والأضداد بشكل لا يهضمه عقل أو منطق!

في المقابل، هناك جزء من الناس يائس، ليس بسبب القانون وحده، بل أيضاً لأنه رأى أنّ المرشحين هم الوجوه ذاتها. تشرح فياض:”كيف لناخب يائس أن يتشجع على الانتخاب عندما يرى السياسيون أنفسهم يترشحون مجدداً، أو أولادهم وورثتهم؟!”

لكن ماذا عن المجتمع المدني؟ ألم يشكل اليوم خياراً بديلاً من السلطة التقليدية؟!

للأسف، لا ترى فياض أن المجتمع المدني قد نجح في أن يصبح حالة بديلة قادرة على الخرق الحقيقي، ذلك أنه رسب في امتحان التوافق حول شعار واحد، حتى أنه فشل في تكوين لائحة موحدة. أكثر من ذلك، تقول فياض: “المرشحون تحت لواء لائحة المجتمع المدني هم أشخاص يختلفون في السياسة. ألا يشبهون بذلك لوائح السلطة؟”!

وبعد، لماذا الاستغراب من نسبة اقتراع متدنية؟!

تسأل فياض:” عندما ينتخب رئيس الجمهورية المفترض أنه “بيّ الكلّ” ويجاهر بأنه انتخب العهد، أي نفسه، ماذا ننتظر من اللبنانيين؟ عندما يخضع وزير الداخلية لابتزاز حزب الله ويمديد الاقتراع في منطقة الهرمل مثلاً حتى منتصف الليل لإنجاح المرشح جميل السيد. ماذا ننتظر من اللبنانيين؟! عندما تكون هذه الانتخابات “الأغلى” في تاريخ الانتخابات بسبب المال الانتخابي، ماذا نتوقع؟ عندما يكون هذا التأخير في الإعلان عن النتائج الرسمية، ماذا نتوقع؟

الحقيقة واضحة. المتحمسون الذين شاركوا في الانتخابات هم الحزبيون ومناصرو الموجودين في السلطة. تشرح فياض:” المسيحيون غير المتفقين انتخبوا الطرفين الاقوى لتمثيلهم التيار والقوات في وجه الثنائية الشيعية، وواضح أن الشارع ليس للتيار الوطني الحرّ وحده. في كلّ الأحوال، الجميع كان يعرف أي نتيجة سيفرزها هذا القانون، وقبل بها مسبقاً”.

وحده حزب الله، برأي فياض، كان لديه شعار واضح وسياسي رفعه في هذه الانتخابات. وحده حزب الله ربح. لعلّه الرابح الأول! عرف كيف يستخدم الترهيب والترغيب، وكيف يدفع الجميع إلى التنازل لصالحه. عرف كيف يدعم المجتمع المدني خارج مناطق هيمنته في مناطق وكيف يقضي على أي معارضة في مناطقه، والاعتداء على علي الأمين خير دليل.

ماذا بعد إذاً؟ وأي أيام تنتظرنا؟

ثمة احتمالان، تقول فياض. الأول أن ينجح الذين يعتبرون أنفسهم سياديين في الحفاظ على البلد وعلى وجهه ونظامه والطائف (علماً أنّ من شروط مؤتمرات الدعم الدولية عدم تغيير النظام في لبنان)، وأن يسعوا فعلياً إلى وقف الفساد مع أنّ الدفّة تؤشر إلى أنه سيكون الرابح الأول في السنوات القادمة. والاحتمال الثاني هو أن يعزز حزب الله من سيطرته وقد يكون اتفاق الطائف هو الضحية!

في كلّ الأحوال، تتخوّف فياض من ما بدأ وزير الداخلية بتسويقه ومفاده أنّ اللبنانيين يتحملون مسؤولية أي أخطاء قد تحصل في المستقبل لأنهم امتنعوا عن التصويت! انه تنصل مسبق من المسؤولية من مشؤول سابق ولاحق. “غداً، قد تعتاد السلطة على تحميل الشعب اللبناني مسؤولية ارتكاباتها. وهذا أمر خطير”!

وفي رسالة إلى المجتمع المدني في حال أراد حقيقة أن يكوّن نواة قادرة على التغيير واثبات الذات، تتوّجه فياض إليه بنصيحة مفادها: “اذا اردت النجاح والتغيير من فوق عليك العمل على التغيير من تحت. فليبدأ كل واحد بالتغيير والتوعية ومحاولة التصدي للمشاكل الصغيرة في بيئته: مثل البيئة وخير دليل ما حققه هذا “المجتمع المدني” في عين دارة بعد كشف فضائح فتوش، وها هو اليوم راسب في الانتخابات”! ايضا محاربة الفساد عبر عمل كل مجموعة ناشطين او حركة سياسية او غير ذلك على ملف فساد صغير في بيئتهم يمكنهم مواجهته ومحاسبة المسؤول عنه.

ربيكا سليمان- لبنان 24″



from تحقيقات – ملفات – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2FRt8Ta
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل