Saturday, May 26, 2018

تأليف الحكومة يترنح بين حدّين

يترقب اللبنانيون في مقبل الأيام ولادة الحكومة الجديدة. القوى السياسية تدرك حجم التحديات التي يواجهها لبنان نتيجة الظروف الإقليمية والدولية الصعبة المحيطة بمنطقة الشرق الأوسط،. تحديات تبدأ أولاً بنذير الحرب في الإقليم على خلفية تصعيد إسرائيل المتواصل ضد سورية واستخدامها الأجواء اللبنانية منصة لضرب قواعدها العسكرية، وصولا إلى الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، لا سيما أن طهران من جهتها، ستقرر في غضون أسابيع قليلة إن كانت ستبقى في الاتفاق النووي، فهي تريد من القوى الأوروبية أن تقدم لها حزمة إجراءات اقتصادية بنهاية الشهر الجاري لتعويضها عن الانسحاب الاميركي من الاتفاق، فضلا عن العقوبات الخليجية والأميركية على حزب الله. وعلى هذا الأساس يستعجل حزب الله كالفرقاء الاخرين، بحسب ما أكد السيد حسن نصر الله أمس تشكيل الحكومة، من أجل مصلحة البلاد وليس خوفاً من العقوبات ووضع حزب الله على لائحة الإرهاب.

لا شك أن محاولات القوى السياسية الأساسية الحث على التسريع في تأليف الحكومة، ينسجم إلى حد كبير مع القرار الخارجي بتجنيب لبنان تبعات التطورات الإقليمية، ودعم استقراره. فتحييده عن صراعات المنطقة لا يزال، بحسب مصادر دبلوماسية لـ” لبنان24″، سيد الموقف. وسيبقى سائدا بكل قوته. وتشير المصادر إلى أهمية تشكيل الحكومة الجديدة سريعاً لما لذلك من انعكاسات ايجابية ربطاً بالدعم الدولي للبنان الذي حددته مؤتمرات “روما 2″، و”سيدر” و”بروكسل”.

ثمة من يسلم ببقاء التسوية الرئاسية على قيد الحياة، لكن الأكيد أن احداثيات تأليف الحكومة المرتقبة وعناصرها تغيرت نتيجة الانتخابات النيابية وموازين القوى التي أفرزتها، سواء الايجابية منها على البعض او السلبية على البعض الآخر، ونتيجة المناخ السائد في المنطقة بعد نحو سنة ونصف على هذه التسوية.

يبدأ الرئيس سعد الحريري يوم الإثنين استشاراته النيابية لتشكيل الحكومة، بعدما نال 111 صوتا نتيجة الاستشارات النيابية التي أجراها الرئيس العماد ميشال عون في قصر بعبدا. ومن المفترض، أن تبدأ على هامش هذه الاستشارات المعلنة، حركة اتصالات ثنائية وثلاثية ورباعية وخماسية في ضوء ما يعرف بلعبة الكواليس المكشوفة بين الطباخين الماهرين ممثلي القوى الأساسية: الوزير علي حسن خليل، معاون الأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل، الوزير جبران باسيل والنائب وائل ابو فاعور. ومن المرجح أن يتولى الرئيس الحريري بنفسه المفاوضات مع هذه الشخصيات، بعدما كان مدير مكتبه السابق نادر الحريري يتولى قبل استقالته التنسيق بين بيت الوسط والمعنيين في ملفات عدة.

ويبدو جليا أن مسألة تأليف الحكومة تتراوح بين مواعيد متضاربة تترنح بين حدين:

  • الحد الأول المتمثل بكلام رئيس الجمهورية ان الحكومة سوف تتشكل خلال شهر.
  • الحد الثاني المتمثل بتوقع الرئيس سعد الحريري ان الحكومة سوف تبصر النور خلال 3 اشهر.

وتأسيسا على ما تقدم، فإن الأمور متحركة. بعض المتشائمين يقولون إن الأخذ والرد سيطول إلى ما بعد تشرين الاول المقبل، علما أن المنطق الواقعي العقلاني الذي يغرف من الخطاب المحلي، يجزم أن الولادة الحكومية ستكون سريعة. فالمكونات الأساسية (رئيس الجمهورية، الرئيس نبيه بري وحزب الله) مستعجلة لتحقيق الإنجاز الحكومي، ويفترض بالرئيس الحريري أن يكون على الموجة نفسها.

لقد تقدم خيار الحكومة الثلاثينية على حكومة الـ24 وزيرا. وتسود فكرة توسيع الحكومة إلى 32 لتكون قادرة على تمثيل الطائفة العلوية والأقلية المسيحية، فيضاف مقعد للعلويين ومقعد للطائفة الانجليية.

ولا ريب أن نهم القوى الكبرى المستوزرة وقف عائقا أمام طموح الرئيس عون تأليف حكومة من 24 وزيراً، لا سيما أن تجربة وزراء الدولة لم تكن بالنسبة اليه واعدة. وبالتالي فإن المرونة في إرضاء المعنيين ستؤدي في نهاية المطاف إلى حكومة فضفاضة. حكومة وحدة وطنية موسعة تتمثل فيها الكتل النيابية على قدر أحجامها.

وجريا على العادة، سيلجأ كل طرف في الأيام المقبلة إلى رفع سقف طموحاته لتحصيل الحقائب المبتغاة. لقد أكد التيار الوطني الحر أن حصته ستكون 7 وزراء من دون حصة رئيس الجمهورية، وأن حصة القوات لن تتجاوز الثلاث.

ان تخصيص عدد من الوزراء لرئيس الجمهورية يعود، بحسب الخبير الدستوري والقانوني الدكتور عادل يمين لـ”لبنان24″، الى “عرف ساد منذ الطائف لغاية اليوم، وتكرس في ضوء اتفاقية الدوحة. فالرئيس ميشال سليمان نال في الحكومة الأولى خلال عهده خمس وزراء، وفي الحكومة الثانية ثلاثة وزراء. والحال نفسه مع الرئيس العماد اميل لحود الذي خصص بعدد من الوزراء خلال ولايته. وكون رئيس عون هو مؤسس التيار الوطني الحر، لا يلغي ذلك، العرف بتخصيصه بعدد من الوزراء، وإلا فإن المكافاة تكون للرؤساء الذين لا يملكون تمثيلا شعبيا ونيابيا، وهذا ليس منطقيا”.

أما حزب الله، فيريد تولي حقائب أساسية خارج الوزارات السيادية. يريد أن يكون له، وفق السيد نصر الله، وجود فاعل في الحكومة وعندما تحسم الحقائب سيتفاهم مع حركة أمل على هذا التوزيع. وهنا تشير مصادر مطلعة لـ”لبنان24″ إلى ان حزب الله لن يقبل بحقائب غير خدماتية وأساسية في إشارة ضمنية إلى أن زمن تولي “وزارة الدولة” ولى.

وسط هذا المشهد، فإن المتفق عليه هو شراكة الجميع. بيد أن هذه الشراكة ستكون عرضة لتسويات “الكبار” في توزيع المغانم. بيد أن التوازنات الجديدة التي أفرزتها انتخابات 6 ايار ستنعكس تمثيلا داخل الحكومة، بمعزل عن الحجم. الوزراء السنة لن يكونوا حصرا على تيار المستقبل، فالأرجح أن تحصل كتلة “العزم” على وزير سني. وبانتظار ما سيخرج من دخان عن استشارات الإثنين، فإن الحزب التقدمي الاشتراكي سيبقى، بحسب مصادره، ثابتا على موقفه لجهة حصر تمثيل الطائفة الدرزية بكتلته.

 

هتاف دهام



from أخبار رئيسية – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2LuYyCQ
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل