Tuesday, May 29, 2018

“عقدة” تمثيل “القوات”… هل يتدّخل عون في اللحظة الحاسمة؟

لا يدرك المرء إلى ماذا يستند المتفائلون عندما يقولون أن مهمة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة العتيدة ستكون سهلة، وقد تكون ذلك، ولكن من دون أن يقدّم أحد ممن يشيّعون مثل هكذا أجواء أسبابًا مقنعة عن سهولة التأليف، على رغم الضوء البرتقالي الذي أضاءه الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله أمام حركة مرور الحريري. فهو لم يطالب بوزارات سيادية، على عكس ما تمّ تسريبه في السابق، حتى قبل عملية الإستشارات والتكليف، ولم يطرح شرطاً تعجيزياً ولم يضع “فيتو” على أي جهة، “فلتتشكل الحكومة كيفما أرادوا فهي عائدة إلى الحريري، مع أن ما تردد من إن رئيس الجمهوررية أعطى رئيس الحكومة المكلف مهلة شهر لتشكيل الحكومة، وهو أمر مشكوك فيه، بإعتبار أن الدستور لم يحدّد مهلة زمنية للتأليف، وفي هذا ثغرة دستورية كان يجب تداركها، على حدّ ما يقوله أكثر من مرجع دستوري وحقوقي. أما إذا كان ما تمّ تسريبه عن مصادر مقربة من قصر بعبدا صحيحًا فإن مهلة الشهر هي مهلة سياسية أكثر منها دستورية، وهي إنما جاءت من باب التمني، وهي في رأي هذه المصادر مهلة كافية نظرياً لتذليل العقبات والعراقيل التي بدأت تتكشف حتى قبل المباشرة بالإستشارات النيابية غير الملزمة. فهل تتشكّل “حكومة العهد الأولى”، كما يحلو للبعض تسميتها، من ضمن مهلة شهر. وفي حال لم تُشكّل وتُعلن قبل هذه المهلة؟

دستوريًا لا أحد يمتلك حق حمل الرئيس الحريري على الإعتذار، إلاّ أذا رأى هو وحده أن ثمة إستحالة بالتأليف فيعتذر من تلقاء نفسه ويترك مجالًا لغيره، وهو سبق أن فعلها في العام 2009 الذي حصل في أول تكليف له على 86 صوتا قبل أن يعتذر عن تشكيل الحكومة فأعيد إجراء الإستشارات ليسمى من جديد بـ73 صوتًا. إلاّ أن ظروف اليوم هي غير ما كانت عليه آنذاك، خصوصًا أن ثمة تفاهمًا تامًا بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية، الذي يستطيع وحده فكّ عقدة تمثيل “القوات اللبنانية”، وهذا ما وعد به في لقائه والدكتور سمير جعجع، الذي كسر البروتوكول وقصد قصر بعبدا على رأس كتلته النيابية ومن دون موعد مسبق.

وقد تكون مسألة تمثيل “القوات” في الحكومة وحجمها هي عقدة العقد أو بتعبير آخر “أم العقد”، بغض النظر عن العقد الأخرى كعقدة التمثيل الدرزي الذي يصرّ الحزب التقدمي الإشتراكي على أن يكون محصوراً فيه فلا تؤخذ منه وزارة للنائب طلال إرسلان بذريعة ترؤسه كتلة “وهمية” من أربعة نواب، ومسألة التمثيل السُنّي خارج تيار “المستقبل”بإعتبار أنه لم يعد الممثل الوحيد للسنة بنتيجة الإنتخابات. إلا أن عقدة تمثيل “القوات ستكون أمام خط تماس سياسي فاصل بينها وبين “التيار الوطني الحر”، وذلك بعد “النكسة” التي أصيبت بها في الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد، فخسر منصب نيابة الرئيس الذي قدمت له أحد نوابها أنيس نصّار، وموقع أمين سر هيئة مكتب المجلس الذي كان يشغله النائب السابق طوني زهرا. على الأثر ساد جو بأن “القوات” تتعرض لتضييق وحصار وعدم اعتراف بالحجم الذي ربحته في الانتخابات، بعدما رفعت عدد أعضاء كتلتها بما يقارب الضعف من 8 إلى 15، وأن فوزها هذا لا يلقى اعترافاً في السوق السياسية، وبالأخص على جبهة باسيل، تترجمه حقائب إضافية في الحكومة العتيدة ووزارات أهمّ من تلك التي أسندت إلى وزرائها يوم كان حجم تمثيلها نصف الحجم الحالي.

لكن هذه المسألة برأي عدد من السياسيين غير المنضوين إلى أحد معسكري “التيار” و”القوات”، لا تعدو كونها تنافساً بين أكبر حزبين في البيئة المسيحية.

فجوهر المسألة، كما تراها مصادر سياسية محايدة، أن “القوات” تعتبر أن حصَّة رئيس الجمهورية في الحكومة يجب أن تكون من ضمن حصّة “التيار” حسابيًا يُفترض بحسب ورقة النوايا ثم “تفاهم معراب” تحت شعار “أوعى خيّك” أن تكون حصة “القوات” موازية أو قريبة من حصة “التيار، وأقل من هذا العدد سوف يُعتبر نكوثاً عن التفاهم الذي عُقِد مع العماد ميشال عون عندما كان مرشحاً للرئاسة، قبل أن ينتقل تطبيقه إلى يد الوزير باسيل الذي تختلف نظرته إلى هذه المعادلة، وهو يعتبر أن “القوات” أخذت في الحكومة السابقة مقاعد أكثر من حجمها، ويجب أن تأخذ اليوم ما يوازي حجمها الحقيقي: 3 وزراء من 30، فيما يدعو إلى تعامل “الثنائية المسيحية” في ما بينها على غرار ما يحصل في “الثنائية الشيعية”، أي أن يعامله رئيس الجمهورية كما يُعامل السيد نصرالله حليفه الرئيس نبيه بري.

فهل يتدخل الرئيس عون في اللحظة الحاسمة لتسهيل التأليف ضمن مهلة الشهر، أم تُترك الأمور على حالها من التعقيد؟

أسئلة تبقى من دون أجوبة شافية حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولاً.

 

اندريه قصاص



from تحقيقات – ملفات – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2IXaP19
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل