Wednesday, May 23, 2018

نبيه بري.. “أستاذ” كل العهود

 

 

يعود اليوم الرئيس نبيه بري بأكثرية ساحقة لولاية هي السادسة له منذ توَلّيهِ رئاسة المجلس النيابي منذ العام 1992 وهي الأطول لرئيس سلطة تشريعية في العالم. “أستاذ” كل العهود من دون تشكيك أيّ من القوى السياسية، الخصوم قبل الحلفاء.

وإذا كانت الاعتبارات الميثاقية والسياسية وموازين القوى الداخلية لطالما رجّحت هذا الخيار، فالأكيد أيضاً أنه لولا ميزات شخصية وكاريزماتية لتركيبة من القانون، والإلمام الدقيق بالتوازنات والاعتبارات اللبنانية، والدهاء، والثقافة، والنباهة والظرافة وبُعد النظر ما استطاع رئيس المجلس أن يواكب التقاطعات والانقسامات والمحاور ويجعل منها مطواعة لسفينته، وتجعل منه هو شخصياً رقماً صعباً في كل المعادلات والعهود. يستولد من الأزمات حلولاً حتى في أحلك اللحظات وأكثرها حراجة. خصوصاً ما مرّ به لبنان منذ العام 2005 من انشطار عامودي كاد ينزلق بالبلد نحو الخنادق، فعمل على اجتراح طاولة الحوار الوطني التي لم تخفف التشنج الكبير فحسب، بل أسست لجَسر التباينات وصون البلد واستعادة مؤسساته الدستورية ومن وراء كل ذلك انتظام الحياة الوطنية عموماً.. وهو في كل ذلك حفظ لمقام الرئاسة الثانية موقعها وهيبتها وتأثيرها بين الرئاسات.

تجربة الرئيس بري تستحق التأمل والدراسة، ومع أهمية ما كتب عن تجربته ومنها خصوصاً ما كتبه الزميل نبيل هيثم قبل سنوات، فإن في سيرته السياسية والدستورية، الحزبية والشخصية، اللبنانية والعربية، ما يستحق الإضاءة عليه بعمق، فهي ليست سيرة شخص بمقدار ما تؤرّخ لفترة مفصلية من تاريخ لبنان الحديث، خلال الحرب الأهلية ومن بعدها إقرار دستور الطائف، ومن ثمّ، ولعلها أهم، بعد زلزال جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كان خلالها بري في موقع المراقبة والمواكبة والتأثير وصناعة الحدث.

للرئيس بري في كل مقام موقف ومقولة، تأثيراً ودلالة، فهو ليس المحامي والشاعر ورئيس الحزب فحسب وقبلها جميعاً واحد من ثلاثة رؤساء في بلد شديد التعقيد؛ فهو أيضاً المهندس متى اقتضى الأمر دوزنة للمواقف والاستقطابات، وهو الاطفائي متى هددت حرائق السياسة المحلية أو الإقليمية البلد، وهو الساحر متى احتاجت اللعبة الداخلية أرانبَ الحلول، حتى في مسألة الفساد التي يتفنن عفيفو السلطة بإعلان الحروب الدونكيشوتية عليها، هو صاحب المقولة الشهيرة “عالسكين يا بطيخ” بوصفها صرخة شديدة الدلالة في وجوه من يتسترون بالعفاف وتوزيع التهم على الآخرين وهم في حقيقة الأمر أُسّ الفساد وحماته وآكلو الجبنة منذ تأسيس الكيان.

اليوم يواصل الرئيس بري مسيرة تربو على ربع قرن في رئاسة السلطة التشريعية، وهو يدرك أن الزمن تغير كثيراً، وأن البلد بات بحاجة لورشة تشريعية تحديثية كبرى، لمحاربة الفساد عبر الرقابة الشفافة، وتعزيز حقوق الإنسان، وحقوق المرأة خصوصاً، وسنّ قانون انتخاب على قياس الوطن لا الأشخاص، وفتح الآفاق أمام اللامركزية الادارية.. باختصار أن يضع – على طريقته – كل الكتل النيابية أمام استحقاق تنفيذ ما وعدت به في برامجها الانتخابية، فإما أن تصدق أن تنكشف أمام ناخبيها.

دولة الرئيس نبيه بري مبروك للمرة السادسة

احمد الزعبي



from بانوراما – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2s4da32
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل