يوم اعترض العماد ميشال عون، وكان رئيسًا لتكتل “التغيير والإصلاح”، قبل أن يصبح تكتل “لبنان القوي”، على فكرة أن يكون للرئيس ميشال سليمان وزراء يخصّونه، كان محقًّا ومصيبًا في ما رمى إليه، بإعتبار أنه لا يوجد نص دستوري يجيز لرئيس الجمهورية بأن يكون له حصة من ضمن حصص الكتل النيابية، وفق أحجامها التمثيلية.
فرئيس الجمهورية، كونه الرئيس الوحيد من بين الرؤساء الثلاثة يقسم على الدستور، وهو بحكم موقعه المتقدّم فوق كل السلطات، لا يحتاج إلى أي وزير لكي تكون له كلمة الفصل، لأنه من المفروض أن يكون حكمًا بين الفرقاء، وليس طرفًأ، وبالتالي يكون أي قرار قد يتخذ في مجلس الوزراء نابعًا من قناعات جامعة، أو ما تمّ التفاهم على تسميته بـ”الديمقراطية التوافقية”، إذ لم يتمّ اللجوء إلى التصويت، الذي يحتاج إلى ثلثي الأصوات ليصبح نافذًا، إلاّ في حالات نادرة جدًا.
فبدعة أن يكون لرئيس الجمهورية حصة وزارية، وهي بدعة لجأ إليها الرئيس سليمان، وهو الذي لم تكن لديه كتلة نيابية، على عكس الرئيس عون، الذي لديه اليوم أكبر كتلة نيابية على مستوى الوطن وفي الساحة المسيحية، وهو قادر على تسيير الأمور من دون حاجته إلى حصة وزارية، كانت من خارج الإطار القانوني والدستوري، وهو ما لا يمكن إدراجه في خانة الأعراف.
وفي إعتقاد الكثير من الخبراء القانونيين أن قوة رئيس الجمهورية، على رغم تقليص صلاحياته في الطائف، لا تكمن في عدد المقاعد الوزارية، التي تعتبر من حصته، بل بما يتمتع به من رمزية جامعة وعابرة لكل المناصب والحالات الفئوية الضيقة الأفق، وهو بالتالي قادر على قيادة البلاد حتى ولو لم يكن لديه كتلة نيابية وازنة ككتلة “لبنان القوي”، فكم بالحري، مع ما يحظى به الرئيس عون اليوم من هذا الحجم الواسع من التأييد الشعبي الذي تُرجم في صناديق الإقتراع.
وإذا كان من المسلم به أنه يُفترض أن تكون لرئيس الجمهورية حصة وزارية، بغض النظرعن وضعية الرئيس عون، الذي يُعتبر الرئيس الأقوى من حيث حيثيته الشعبية والحزبية بين الرؤساء السابقين، فإن ما يطالب به البعض من حصة محقة لرئيس الحكومة سعد الحريري، بمعزل عن كتلته النيابية، وهي ثاني أكبر كتلة نيابية، يندرج في خانة المعاملة بالمثل. فلو طبقت هذه النظرية لأصبح في هذه الحالة مجلس الوزراء منقسمًا على نفسه من حيث تمثيل كتلة “لبنان القوي” مع حصة رئيس الجمهورية من جهة، وتمثيل كتلة “المستقبل مع حصة رئيس الحكومة من جهة ثانية، وبذلك يُختزل مجلس الوزراء بفريقين، صودف هذه المرّة أنهما متفاهمان، مع ضمان حصة الثنائي الشيعي المدوزنة بتفاهمات إستراتيجية بين الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله، والحصة الدرزية المتنازع عليها وغير المحسومة، لتبقى “فراطة” المقاعد الوزارية من حصة الأفرقاء الآخرين، ومن بينهم “القوات اللبنانية”، التي تطالب بنفس نسبة حصة “التيار الوطني الحر” من الحصص الوزارية، بما فيها الوزارات السيادية والخدماتية.
فرئيس الجمهورية وفق منطق الدستورهو الأقوى بين الأقوياء، وبالتالي فإن مصدر قوته تكمن في رمزية موقعه، وبالتالي فإن وزيرًا بالناقص ووزيرًا بالناقص لن يزيد من أهمية هذه الرمزية أو يقلل من هذه الأهمية، إذ أنه من المفترض أن يكون جميع الوزراء من حصته بالمعنى المعنوي والجامع، وبالتالي تنتفي حاجتة إلى حصة من وزيرين أو أكثر.
اندريه قصاص
from تحقيقات – ملفات – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2syZgq7
via IFTTT
0 comments: