تصدر موضوع هبوب رياح الحرب على سوريا، على رغم فرملة الاندفاعة الأميركية في تنفيذ ضربة عسكرية، المشهد السياسي الداخلي، وفي ظل الإجماع اللبناني الرسمي على رفضِ استباحة الأجواء اللبنانية، برز مجدداً ملف الكهرباء الذي كان نجم جلسة مجلس الوزراء.
جلسة مكهربة
وأشارت “الجمهورية” إلى أن جلسة مجلس الوزراء أمس لم تمرّ على خير، فتكهرَبت مجدداً عند طرحِ البند 27 والمتعلق بعرض وزير الطاقة لـ”خطة إنقاذ قطاع الكهرباء” والذي أثقله مساء الأربعاء بـ”كيلواطات” إضافية مكهربة من خلال إدراج 13 بنداً، لا يقلّ واحد فيه خلافاً عن الآخر.
ولفتت “الجمهورية” إلى أن الجلسة بدأت بإجماع وانتهت بانقسام كبير. فالإجماع أتى على رفضِ استباحة الأجواء اللبنانية للاعتداء على أيّ دولة عربية ورفعِ شكوى الى مجلس الأمن ضد الانتهاك الاسرائيلي للسيادة اللبنانية. وانتهت الجلسة على مشادّةٍ كلامية حادة بين الوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل هي الأولى بينهما بالمواجهة المباشرة منذ استفحال الأزمة بين “التيار الوطني الحر” وحركة “أمل”.
وعلمت “الجمهورية” أنه “عند طرحِ ملفّ معمل ديرعمار ٢ فتح النقاش حول مبلغ الـ TVA والذي تدور حوله شبهات. إذ طرَح الرئيس الحريري صيغةً متّفقاً عليها مع وزير الطاقة ووزير الخارجية على ان يحوّل عقد الشركة المتعهدة الى B.O.T واقترَح تفويض وزيرَي الطاقة والمال التفاوضَ على هذا الأمر. عندها تدخّلَ وزير الطاقة ليطرَح أنه يطلب أن يؤكّد مجلس الوزراء قراره عام 2013 بتلزيم الشركة، معتبراً أنّ العقد لا يتضمّن قيمة الـTVA البالغة 50 مليون دولار.
عندها تحدّث خليل، وقال: “لم أكن أريد أن أفتح الموضوع بالتفصيل، لكن بما أنّ هناك إصراراً على الاستمرار في الخطأ لا بدّ من التوضيح انّ كلّ الكلام السابق عن تحميل وزارة المال تعطيلَ مشاريع الكهرباء وعدم دفعِ الاموال هو غير صحيح ومجافٍ للحقيقة، وأنّ فريق رئيس الجمهورية قد أخفى عنه الحقائقَ وهي أنّ ديوان المحاسبة وافقَ في احدِ غرفِه على العقد من دون ان يحسم مسألة الـT.V.A وعندما تقدّمت الوزارة بحجز نفقةٍ بقيمة مبلغ الـ T.V.A ورفعَته الى ديوان المحاسبة رفضَ الامر، واعتبَر انّ مبلغ الـ 50 مليون دولار هي ضمن العقد الاساسي ولا يجوز ان تدفع مرّتين. وبعد رفض وزير الطاقة تتفيذ الامر، رفعَ الحريري الطلب الى الهيئة العامة لديوان المحاسبة طالباً حسمَ الموضوع فجاء قراره بإجماع رؤساء الغرف ورئيس الديوان يرفض دفع T.V.A واعتبارها من ضِمن العقد فتخلّفَ الوزير المعني ايضاً عن التنفيذ وبدأ مع فريقه بتحميل مسؤولية الخَلل والفشل لوزارة المال”.
وهنا قال خليل لرئيس الجمهورية: “أطلب منك أن تراجع الملف الذي أمامك وإذا لم يكن هذا صحيح بكامله أنا أتحمّل المسؤولية، وانتبه الى الذين يقدّمون لك معطيات مغلوطة”. هنا تدخّل باسيل وكرّر تأكيد موقفِه المعلن أنه متحصّن بقرار مجلس الوزراء وموافقةِ ديوان المحاسبة على العقد وأنه يُحمّل المسؤولين في نتائج التحكيم للّذي قال إنّه “يفتخر أنّه أوقفَ كهرباء”، مشيراً الى وزير المال.
عندها قاطعه خليل وقال: “أنا أفتخر بأنّي أطبّق القانون والاصولَ، وقلتُ هذا وأقوله كلّ يوم، لن اسمحَ بأن يمرَّر من وزارتي أمور خارج الاصول”. فقال باسيل: “كيف يمكن ان تسرقَ أموال الـTVA”. عندها قاطعه خليل وقال: “من سألَ هو الخبير. أنت محترف في السرقة ومحترف في مخالفة الأصول لغايتك الشخصية، ولن أتراجع امامكم في هذا الأمر”.عندها رفع رئيس الجمهورية الجلسة وطلبَ رئيس الحكومة أن لا يخرج هذا الأمر إلى الاعلام وأن يقال انّ لديه موعداً كما هو بالفعل، ولهذا رفِعت الجلسة.عندها تقدَّم خليل من رئيس الجمهورية وقال له: “أنا متمسّك بكلّ كلمة قلتُها وأعتذر منكَ لأنّ صوتي ارتفع”.
في السياق، علمت “اللواء” ان الوزير خليل اقترح إصدار قرار عن مجلس الوزراء يخالف ديوان المحاسبة ويقضي بعمليته إعفاء الدولة في عملية الدفع. وعلمت كذلك ان الرئيس الحريري لفت نظر الوزراء إلى البند الجزائي الذي يتذرع به المتعهد لمطالبة الدولة بسداده وكشفت المعلومات ان حكم الجزئي يبلغ 10 ملايين دولار.
وكشفت مصادر”اللواء” انه جرى ترطيب الأجواء بعد دخول الرئيسين عون والحريري على الخط علماً ان أي تواصل بين باسيل وخليل لم يحصل.
من جانبها، لفتت “المستقبل” إلى أن مجلس الوزراء استأنف جلساته أمس وسط أجواء لم تخلُ من “الكهربة” بين “التيار الوطني الحر” و”حركة أمل” على خلفية بند تلزيم معمل دير عمار الذي أثار موجة من التوتر العالي بين الوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل لامست حدود اتهام الأول للثاني بـ”السرقة” وسرعان ما تعالت وتيرة تبادل الاتهامات بين الطرفين قبل أن يبادر رئيس الجمهورية ميشال عون إلى رفع الجلسة بناءً على طلب رئيس مجلس الوزراء لارتباط”ه بموعد مسبق، على أن يُستكمل النقاش في ملف الكهرباء خلال جلسة مجلس الوزراء المقبلة، وسط دخول “الحزب التقدمي الاشتراكي” على خط طرح الحلول لهذا الملف من خلال استعداده لتقديم رؤيته الأسبوع المقبل إزاء سبل الخروج من هذه الأزمة.
وفي الشقّ السيادي من الجلسة، برز لـ”المستقبل” إجماع مجلس الوزراء على رفض “استباحة السيادة والأجواء اللبنانية” من قبل العدو الإسرائيلي، وسط إعراب رئيس الجمهورية عن إدانه هذه الاستباحة وتأكيده اتجاه وزارة الخارجية نحو رفع شكوى إلى مجلس الأمن الدولي بهذا الشأن بعدما استخدمت المقاتلات الإسرائيلية الأجواء اللبنانية لاستهداف سوريا من منطلق “رفض لبنان بشكل مطلق أي اعتداء إسرائيلي ضد أي دولة عربية”، كما طلب عون في سياق متصل بملف المفقودين اللبنانيين من وزير العدل سليم جريصاتي العمل على تشكيل اللجنة الوطنية لمتابعة قضيتهم بغية إعلام ذويهم بالمستجدات المتعلقة بمصير أبنائهم.
وتوقفت “المستقبل” عند تأكيد رئيس الحكومة، على أهمية “تحييد لبنان عن أي مشاكل يمكن أن تصيبه” جراء التطورات الإقليمية، حيث تناول في استهلاليته نتائج مؤتمر “سيدر” مشدداً على أنّ نجاح هذا المؤتمر هو “نجاح للجميع وليس لفريق واحد” في لبنان، وجدد الإشارة إلى ضرورة إجراء الإصلاحات اللازمة لأنها تُشكل “مصلحة للبنان وتسهّل تنفيذ المشاريع التي ستتم الموافقة عليها”، فضلاً عن كونها “ضرورية لاستكمال عملية محاربة الفساد ووضع حد للهدر”، مطالباً الأفرقاء السياسيين بالمبادرة إلى تقديم اقتراحاتهم في الشأن الإصلاحي “لأننا جميعاً يجب أن نكون شركاء في الإصلاح”
إتصالات دولية لـ”حفظ ماء الوجه”
وبدا للمراقبين عبر”الجمهورية” أمس أنّ المواقف الأميركية الملتبسة من الضربة في سوريا تكشف أحد أمرين:
· إمّا أنّ هناك تبايناً بين مراكز القرار الاميركي، أي بين البيت الابيض ووزارة الدفاع (البنتاغون) حيال فائدة الضربة الآن قبل انتهاء التحقيقات في شأن الجهة التي استعملت السلاح الكيماوي في “دوما”.
· وإمّا انّ واشنطن تريد ان تستعيد سلاح المفاجأة الذي أفقدتها إياه تصريحات الرئيس الاميركي دونالد ترامب حين اعطى الانطباع بأنّ الضربة ستحصل في خلال الـ24 أو الـ48 ساعة الماضية، ما دفعَ بالاطراف المستهدَفين في سوريا إلى اتخاذ الاحتياطات والحمايات الضرورية.
ولفتت “الجمهورية” إلى أن ترامب، كان بعدما هدّد بشنّ ضربةٍ على سوريا مستخدماً “صواريخ جميلة ذكية ونظيفة”، ودعا روسيا الى الاستعداد، أطلّ امس في تغريدة جديدة قال فيها إنّ الضربة الأميركية “قد تتمّ قريباً جداً أو ربّما بعد حين”.
ورأى المراقبون في هذه الفوضى التي تلفّ المواقف الاميركية، ولا سيّما منها موقف ترامب الاخير، أنّها تكشف عدم وجود استراتيجية واضحة من الآن، لا حيال الضربة في سوريا، إنّما حيال ما بعد الضربة كذلك.
في موازاة هذا الواقع، كشَفت مصادر ديبلوماسية لـ”الجمهورية” عن وجود اتصالات جدّية ديبلوماسية وعسكرية بين موسكو وواشنطن لمعالجة الوضعِ السوري، بنحوٍ يَسمح بإنقاذ “ماء الوجه” لكلّ مِن أميركا التي اكّدت انّها ستضرب، ولروسيا التي اكّدت انّها ستردّ.
وأفادت معلومات ديبلوماسية مساء امس، “الجمهورية” أنّ المفاوضات حقّقت تقدّماً، إذ إنّ الجانب الروسي تفهَّم الموقف الاميركي وطرَح أفكاراً تعويضية تتناوَل موقفَ اميركا تجاه روسيا في ملفات أخرى، خصوصاً في جزيرة القرم وأوكرانيا. وعُلم في هذا الإطار انّ المحور الاميركي ـ البريطاني، وبدرجةٍ أقلّ الجانب الفرنسي، مصمّم على توجيه ضربةٍ الى سوريا ولكن بعد ان يَحسم “البنتاغون” الجهة التي استَعملت السلاح الكيماوي.
وفي محاولةٍ لتطويق التصعيد الاميركي، توجّهت لجنة من منظمة حظر الاسلحة الى سوريا لتكشفَ حقيقة استعمال الكيماوي في دوما. وعلمت “الجمهورية”من مصادر ديبلوماسية انّ واشنطن حدّدت 48 ساعة للّجنة لكي تعطي النتائج، لأنّ، حسب الإدارة الاميركية، المعلومات تؤكّد “أنّ النظام استعملَ هذا السلاح بنسبة 80 في المئة”، وتعتقد الإدارة أنّ الـ 20 في المئة لا يتطلّب اكثرَ من ساعات على الارض للتأكيد الحاسم، خصوصاً أنّ واشنطن تفضّل، في حال حصول الضربة، ان تتمّ قبَيل القمّة العربية المقررة الاحد المقبل أو عشيتها، وبالتأكيد قبل لقاء ترامب والرئيس الكوري الشمالي. وهناك من يتحدث عن رغبة اميركية في ان تنعقد القمّة ويتضمّن بيانُها دعوةً الى معاقبة من استعملَ السلاح الكيماوي.
في جانبٍ آخر، أفادت معلومات ديبلوماسية لـ”الجمهورية” أنّ إسرائيل أبلغَت إلى الطرفين الاميركي والروسي انّ عدم معالجة التحالف الدولي للوضعِ السوري سيَدفع اسرائيل الى اتّخاذ إجراءات أحادية في الوقت المناسب. وذكرت هذه المعلومات “أنّ ما يهمّ اسرائيل ليس قوات النظام تحديداً، إنّما القوات الايرانية و”حزب الله” في سوريا”.
موقف لبنان “مبدئي”
وأشارت “الشرق الأوسط” إلى أن لبنان استبق أي ضربة غربية محتملة لـ “سوريا”، بإعلان “موقفه المبدئي” الرافض لاستخدام أجوائه أمام أي طرف لشن ضربات في سوريا، وهو الموقف الذي حسمته الحكومة اللبنانية، أمس، بتأكيدها أن “استباحة الأجواء اللبنانية أمر مرفوض من أي جهة أتى”، فيما حذر رئيس مجلس النواب نبيه بري من أن لبنان “معرض للإصابة بشظايا ما يستجد على هذا الصعيد”.
وقالت مصادر لبنانية رسمية لـ “الشرق الأوسط”، إن الموقف الرسمي اللبناني “هو موقف مبدئي” في ظل ما يتم تناقله في الإعلام عن تحرك للأساطيل وتوجيه ضربة وشيكة للنظام السوري رداً على استخدامه السلاح الكيميائي في الغوطة الشرقية الأسبوع الماضي. ونوهت المصادر بأن الإسرائيليين يستبيحون أجواءنا، وهو أمر مرفوض، ويتحرك لبنان دبلوماسيا عبر تقديم شكوى إلى مجلس الأمن”، مشددة على أن ما ينطبق رفض استباحة إسرائيل لأجوائنا “ينطبق على كل الأطراف الأخرى”.
ولفتت”الشرق الأوسط” الى ان الحكومة اللبنانية،أصدرت أمس، موقفاً واضحاً لجهة رفضها استخدام الأجواء اللبنانية لشن ضربات على سوريا، وتبنت رؤية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي أعلن في مستهل جلسة مجلس الوزراء، أن لبنان يعتبر أن استعمال الطيران الإسرائيلي للأجواء اللبنانية هو اعتداء على سيادتنا”. مشيرا إلى أن “لبنان سيرفع شكوى إلى مجلس الأمن ضد الاعتداء الإسرائيلي على السيادة اللبنانية”.
from أخبار رئيسية – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2qtfFMs
via IFTTT
0 comments: