كتب جوني منير في صحيفة “الجمهورية”: من المرجّح أن يستمرّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب في انتهاج سياسة ضبط تصاعدية حتى أيار المقبل موعد لقائه بالزعيم الكوري الشمالي. ترامب يعوّل كثيراً كما قال على “اتّفاق ناجح وكبير وتاريخي” سيسمح له بحلّ ملفّ الصواريخ الكورية الشمالية والتي تهدّد الأمن الأميركي المباشر. ومعه يعوّل ترامب على أن يشكّل هذا الاتّفاق انتصاراً كبيراً له يمسح عنه وصمة الفشل والجهل بالسياسة الدولية والتي لاحقته منذ انتخابه رئيساً للبلاد.
مهّد ترامب جيداً لاتّفاقه الموعود من خلال الصين والتي تشكّل المفتاح الحقيقي للمعضلة القائمة. لكن في انتظار ذلك لا بد لواشنطن من تكثيف مستوى ضغوطها ورفع صوتها اينما كان في العالم للوصول الى طاولة المفاوضات مع كوريا الشمالية بأكبر مقدار من القوة ما يسمح بانتزاع اقصى ما يمكن انتزاعه.
وبعدها يمكن ترامب دخول الانتخابات النصفية بنحو افضل والتمهيد لمعركة التجديد له لولاية رئاسية ثانية.
ذلك أنّ ترامب الذي يصوّب على الإنجازات السياسية كان نجح، في رأي الأميركيين، في تحقيق إنجازات اقتصادية داخلية ووفقاً لآخر استطلاع رأي أجرته شبكة CNN فإنّ شعبية ترامب ارتفعت سبع نقاط لتصل الى 42 % وأنّ أعلى نقاطه نالها في الملف الاقتصادي.
هذه الإنجازات الاقتصادية ساعدته في تحقيقها العقود الهائلة وغير المسبوقة على المستوى الدولي مع السعودية، فضخّ مئات المليارات من الدولارات في الاقتصاد الأميركي فعَل فعلَه، وأمّن كثيراً من الوظائف. أضف الى ذلك أنّ اللوبي اليهودي والذي قدّر كثيراً موقف ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل عمل على وضع إمكاناته لمصلحة التخفيف من الضغط الداخلي على ترامب في ملفّ التواصل مع روسيا، ومعه كان يمكن ملاحظة تراجع الضغط الحاصل على ترامب منذ قراره حول القدس.
وهنالك أيضاً موعد تجديد الاتّفاق النووي مع إيران وهو ما يعطي البيت الابيض ورقة اضافية لاستثمارها في سياق مشروعها برفع الصوت والتهويل من خلال الضغط.
وفي المسار الضاغط على طهران محاكاة لكوريا الشمالية بالدرجة الاولى، وايضاً دغدغة عواطف القيادة السعودية وفتح الابواب امام “وظيفة” جديدة لإسرائيل في الشرق الاوسط. لكنّ ترامب يريد من خلال الضغط إضافة بنود على الاتّفاق النووي لا إلغاءه أو نقضه كما يتوهّم البعض الذي يخلط بين المناورة والمعركة الفعلية، وبين فرض عقوبات جديدة أو نسف الاتّفاق من أساسه.
وفي ندوة نظمتها صحيفة “يديعوت احرونوت” تحدّث ثلاثة رؤساء أركان سابقين في الجيش الإسرائيلي وهم شاوول موفاز وموشي يعلون ودان حالوتس الذين توافقوا على ضرورة ضمان المجتمع الدولي لكي لا تصل إيران الى مرحلة السلاح النووي، إلّا أنّ الثلاثة اجمعوا على معارضتهم إلغاء الاتّفاق النووي الذي أُبرِم مع إيران عام 2015 وجلّ ما طالبوا به هو وضع قيود أكبر عليه.
أضاف: صحيح انّ ترامب أعلن عن قرب انسحاب الجيش الأميركي من سوريا، لكنّ كثيراً من الاطراف شكّك بهذا الموقف، خصوصاً أنه أتى خلال زيارة وليّ العهد السعودي للولايات المتحدة الأميركية وقيل إنّ ترامب طالب بخمسة مليارات دولار سنوياً دعماً مالياً لكلفة بقاء القوات الأميركية في سوريا، علماً انّ القيادة العسكرية الأميركية لا تخطّط ابداً للرحيل، بل للبقاء طويلاً، خصوصاً انّ القوات الاميركية تسيطر على المنطقة الغنيّة بالنفط، وأنه في حال انسحابها تصبح هذه الحقول في يد إيران أو حلفائها.
كذلك فإنّ من ابرز المهمات الفعلية للقوات الأميركية احتواء تمدّد النفوذ الإيراني والتحكّم بالتواصل البري بين إيران والساحل اللبناني، اضافة الى منع روسيا من مواصلة توسيع دائرة نفوذها في المنطقة.
في اختصار علينا ألّا نصدّق كل المواقف التي يطلقها الرئيس الأميركي وهو بارع في اطلاق المواقف العالية، لكنّ الرعد الذي يُحدثه لن ينتج عواصف كما يأمل، أو ربما يتوهّم كثيرون، من بينهم مسؤولون لبنانيون منهم مَن راهن على أوهام منذ العام 2005 ومنهم من دخل دائرة الوهم حديثاً.
هذا، علماً أنّ في الكواليس الدبلوماسية وشوشات أنّ التواصل الأميركي مع “حزب الله” قد بدأ ولو أنه ما يزال ضعيفاً في مرحلته الاولى ولو أنه يحصل من خلال الواسطة وليس بطريقة مباشرة وقد لا يكون بطريقة مباشرة قريباً لكنّ حصول هذا التواصل له مدلولاته بكل تاكيد.
جوني منير – الجمهورية
from تحقيقات – ملفات – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2GEbMhy
via IFTTT
0 comments: