لو كنت أنتمي إلى طرابلس جغرافيًا، بغض النظر عن طائفتي، كنت سأطرح على نفسي سؤالًا يبدو في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة مصيريًا بالنسبة إلى الخيارات المفترض أن تكون واضحة وضوح الشمس، وبعيدة عن العواطف والمصالح الآنية، وتستند في الأساس إلى الأبعاد الوطنية غير المحصورة بمنطقة جغرافية محدّدة ومحدودة وفق تقسيمات إدارية قابلة للتعديل.
الخيارات المتاحة لا تحتمل التردد أو الكثير من التفكير لأنها مرتبطة بجزء كبير منها بمسار طويل من المعادلات الوطنية القائمة على شمولية المعالجات والمقاربات غير المحجوزة مقاعدها لتطرف في المواقف الشعبوية، التي لا يمكن الركون إليها في المفاصل والمحطات التاريخية، والتي تتطلب رؤية واضحة تعتمد على الوسطية كنهج نابع من قناعات أثبتت الوقائع الحسية جدواها ومراميها، خصوصًا أن الإصطفافات الموسمية لم تؤدِ إلاّ إلى مزيد من التشرذم حين دقت ساعة الحقيقة، حيث تفرّق “العشاق” بمجرد إنفخات دفّ المصالح الشخصية التي كانت تجمع عددًا من المكونات السياسية في قالب هشّ لم يصمد أمام رياح تبيديل البارودة من كتف إلى كتف.
لو كنت طرابلسيًا لما تردّدت لحظة في أن أصوّت لمن كانت مواقف ثابتة وغير مرتهنة بظرف من هنا وبتطور من هناك، أو بمتغييرات مرتبطة بمصالح خارجة عن الإجماع الوطني.
فإبن طرابلس اليوم، الذي أكتوى بنار الوعود التي بقيت وعودًا، لن تكون خياراته كما كانت منذ تسع سنوات تقريبًا، ورهاناته لن تكون هذه المرّة على سراب، بل هو على أهبة إحداث نقلة نوعية في خياراته المستندة إلى التوثيق اليومي لمن كان طوال هذه السنوات إلى جانبه في محنه وأزماته من دون “تربيح جميلة”، ومن دون “تمنين”، حين كانت الدولة بمؤسساتها غائبة بمشاريعها التنموية عملًا بمبدأ شمولية الإنماء المتوازن، فلا يعود صيف وشتاء على سطح إهتمامات أهل السلطة.
فإبن طرابلس والضنية والمنية سيصّوت هذه المرّة لمشروع واضح يدوم ويكون عابرًا لمرحلة الإنتخابات، وهو الرافض في الأساس أن يُستعمل مرّة كل أربع سنوات، في الحالات الطبيعية، في صندوق الإقتراع وكأنه مسيّر وغير مخيّر، أو كأنه يحتاج دائمًا إلى الوصاية الغريبة عن بيئته وتقاليدها وعاداتها.
إبن طرابلس لن يصّوت هذه المرّة إلاً لمن يتكلم لغته ولمن يفهم مشاكله ويتشارك معه همومه ويتحسّس مشاكله.
صوته لن يذهب في 6 ايار سدىً، بل سيكون له دويّ يُسمع في كل مكان، ولن يفسح في المجال أمام الذين يحاولون إستثماره في صندوقة المصالح السياسية، التي ربما لا تشبه أهل العاصمة الثانية بشيء.
إبن طرابلس سيصّوت هذه المرّة لمن هو مستعدّ لإنارة مدينتهم والجوار 24 على 24، وهو مشروع وضع في أدراج الحكومة لغايات في نفس (…) يعقوب.
إبن طرابلس سيصوت لمن يطالب بألا تكون العاصمة الثانية أقل شأنًا من العاصمة الأولى، وأن تحظى بنفس الإهتمام الذي يولى لبيروت، مع التقدير الكامل لدور العاصمة من حيث رمزيتها.
لو كنت طرابلسيًا لما كنت سأصوت إلاّ للإئحة “العزم” وللرئيس نجيب ميقاتي.
كاتب المقال من قرية رأس الحرف – دائرة بعبدا – جبل لبنان
from تحقيقات – ملفات – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2Gzx8ZG
via IFTTT
0 comments: