ينتظر لبنان مؤتمر “سيدر” لدعم الاقتصاد اللبناني بكثير من الآمال والتوقعات كمحطة دعمٍ لبلد يعاني صعوبات كبيرة ومفصلية في اقتصاده وماليته العامة وترهّل إدارته العامة، ومن دَين عام يقارب المائة مليار دولار، وقبل ذلك من صعوبات بنيوية في عمليات الإصلاح، بل ويمتلك سجلاً من التنصل من عمليات الإصلاح التي سبق أن أقرتها أو وعدت الحكومات بإقرارها سابقاً.
حتى الساعة، التوقعات من مؤتمر “سيدر” تبدو إيجابية فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي سيلقي كلمة في اختتام المؤتمر بعد ظهر 6 نيسان في مقر وزارة الخارجية الفرنسية، مهتم بإنجاحه بدليل الجهود التي بذلتها باريس في التحضير للمؤتمر، فالعاصمة الفرنسية تتوقع حضوراً واسعاً لنحو 50 وفداً، من بينها الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، إضافة إلى ألمانيا ومصر وإيطاليا، وهي الدول التي تتألف منها “مجموعة الدعم الدولية للبنان” (ISG)، إضافة إلى المنظمات الدولية وأوروبيين آخرين من فنلندا والنروج ومن الدول الخليجية وفي مقدمها السعودية. لكن هذه الدولة سبق أن ربطت أي دعم للبنان سواء أكان منحاً مباشرة أو التزامات مالية بالتزام الجانب اللبناني ديناميكية إصلاحية جدية وواضحة، وهو ما قدمته الحكومة الحالية على عجل في منتصف شهر آذار الماضي، أي عشية انعقاد مؤتمر “سيدر”، مع ما يرسمه ذلك من علامات استفهام حول التزام القوى السياسية المعنية بالتسوية القائمة أو تلك التي ستفرزها الانتخابات النيابية المقبلة بها.
لكن ما تجب الإشارة إليه هو أن المؤتمر بحسب مسؤول فرنسي “ليس مؤتمر مانحين”، إنما يهدف، بحسبه أيضاً، إلى “تأكيد دعم الأسرة الدولية للبنان، على أن يكون هناك عرض مفصل أكثر دقة لحاجات الاقتصاد اللبناني ولمطالبة الحكومة اللبنانية بجهود أكبر وإصلاحات بعد الانتخابات، ولإظهار التزام الجميع على المدى الطويل من قبل كل القطاعات العامة والخاصة والمنظمات الدولية” (الحياة، 1 نيسان 2018).
واضحٌ إذن أن الدعم مشروط بالإصلاحات. الإصلاحات الجدية، والتزام اللبنانيين بها، وليس تلك التي تكتب على الورق ويتم تجاوزها أو الاحتيال عليها عند التطبيق، أو التي تقرّها حكومة ثم تتنكر لها حكومة أخرى وليست الإصلاحات التي تعني هندسات مالية تخدم شريحة معينة داخلياً أو خارجياً. وواضح أيضاً أن المجتمع الدولي والدول المانحة ومؤسسات النقد الدولي ما عادت تؤمن بالإصلاح على الطريقة اللبنانية، حيث الفساد جزء رئيس من إدارة الشأن العام، ومكافحته، كما يقول وليد جنبلاط “مجرد حكي. كلّه حكي. الفساد في لبنان لا يكافح لأنه أصلاً يسيطر على الطبقة السياسية” (الأخبار، 30 آذار 2018). رسالة المؤتمر أن الأسرة الدولية، مع الشركات والقطاع الخاص، تريد إظهار الثقة الدولية بلبنان، ما يجذب اهتمام الشركات الخاصة، وعلى اللبنانيين تلقف اللحظة بشفافية وخطط وسياسات عميقة وليس بمنطق الحملات الانتخابية.
في 14 آب 2017 قال رئيس الحكومة سعد الحريري إنه “في غضون شهرين سيكون للشعب اللبناني كهرباء 24 ساعة”!! علماً أن فانوس علاء الدين يحتاج لأكثر من ذلك بكثير لإصلاح هذا القطاع. وأمس، من دارة الرئيس تمام سلام قال الحريري إن مؤتمر “سيدر” سيؤمن 900 ألف فرصة عمل، ولفت إلى أن “الدين لن يزيد بل سيتم الاستثمار بمشاريع لها نتائج إيجابية؟! لا أحد يشكك بحرص رئيس الحكومة، ولكن الأرقام ليست وجهة نظر، والتنمية والمشاريع وجلب الاستثمار وتمتين الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، والالتزام بالاصلاح ومكافحة الفساد ليست مواقف انتخابية أو صوتاً تفضيلياً في لائحة، وقبل كل ذلك وبعده المجتمع الدولي ليس جمعية خيرية.
اللبنانيون، يا دولة الرئيس، سئموا وعوداً جعلت حياتهم جحيماً.
احمد الزعبي- خاص “لبنان 24”
from تحقيقات – ملفات – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2EbYjaX
via IFTTT
0 comments: