Saturday, April 7, 2018

“سيدر1” دين فوق دين.. والإصلاحات “عَ الوعد يا كمّون”!

نظريًا قد يكون مؤتمر “سيدر1” مؤشرًا جيدًا لمدى إهتمام المجتمع الدولي، وبالأخص الأوروبي، بالوضع اللبناني وضرورة مساندة هذا البلد الذي يستضيف ما يوازي ثلث عدد سكانه من النازحين السوريين، مع ما يشكّله هذا النزوح من أعباء على كاهل اللبنانيين، وهم غير قادرين على تحمّل ولو جزء يسير من هذه الأعباء، إقتصاديًا وإجتماعيًا وديموغرافيًا وبنىً تحتية مهترئة.

وقد يكون الحافز لهذه الحماسة الأوروبية لدعم لبنان لتحفيز الإستثمار فيه وتحريك العجلة الإقتصادية ما تمّ تداوله في أكثر من محفل، وهو أن لبنان الذي يتحمّل وزر النزوح السوري يستأهل أن يُقدَّم له الدعم من أجل مدّه بما يلزم لكي يحافظ على وجود النازحين السوريين ريثما تؤّمن لهم عودة آمنة إلى بلادهم، من دون أن يعني ذلك أن هذا الأمر قد يكون في القريب المنظور، وذلك خشية تسلّلهم عبر لبنان إلى الدول الأوروبية، وهذا الهاجس يقضّ مضاجع الأوروبيين.

أما عمليًا، وفي حال لم يتمّ الإلتزام بما فرضه مؤتمر “سيدر1” على لبنان من إصلاحات مالية وإدارية فإن كل هذه الهبات والقروض ستتبخّر كما تبخّر غيرها وستذهب سدًى، ولن يكون لمفاعيلها سوى زيادة الدين العام، وإن كانت هذه القروض ستُخصّص للقطاع الخاص الإستثماري، من دون أن نذهب بعيدًا في حفلة التشاؤم، لأن من شأن هذه القروض، في حال تمت الإفادة منها في شكل صحيح وسليم، أن تعيد الحركة إلى القطاع الإقتصادي في كل مجالاته، ولكن وإستنادًا إلى التجارب السابقة فإن لا شيء مضمونًا، لأن الوعود الإصلاحية ليست بالأمر الجديد وهي باتت لكثرة تردادها ممجوجة تمامًا كخبرية جحا الذي أطلق كذبة وصدّقها.

وإذ اعتبر الرئيس الفرنسي أنه لا يجوز اعتبار المؤتمر مرحلة ختامية بل نقطة انطلاق، وخاطب الرئيس الحريري قائلاً: “هي انطلاقة جديدة لبلدكم يرافقكم فيها المجتمع الدولي بأسره، ومن الضروري أن نتولى عملية متابعة بدءاً من غد، ولن يكون هذا المؤتمر مفيداً إلا إذا ترافق بإرادتكم القوية وشجاعة رئيسكم والمؤسسات القوية المطلوبة في لبنان، إضافة إلى المتابعة المطلوبة بعد تشكيل الحكومة الجديدة بسرعة كما نأمل بعد الانتخابات… هذا المجهود الجماعي لن يكون مفيداً إلا إذا ترافق مع تحولاتٍ وتغيرات عميقة”.

ولأن هذه الإصلاحات شرط من شروط الإقراض أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أنّ “لبنان بحاجة ماسة لإجراء إصلاحات بنيوية وقطاعية على اقتصاده”، مشيراً إلى أنّ “استقرار لبنان من الناحية الاقتصادية، يعتمد على حركة مشتركة، تتطلب من لبنان القيام باصلاحات والدعم الدولي من قبل المجتمع الدولي”، مضيفاً: “وعلى هذا الأساس سيتمّ تقديم تعهدات حسية ومهمة وستكون التزامات متبادلة من الجهتين، لأن الدعم الدولي يجب ان يواكب تلك الإصلاحات.”

يشار إلى أن موازنة العام 2018 تقضي بنفقات حجمها 23.85 تريليون ليرة لبنانية (15.8 مليار دولار)، وإيرادات بحجم 18.36 تريليون ليرة (12.4 مليار دولار). وبلغ عجز الميزانية 7.3 تريليون ليرة (4.8 مليار دولار)، ما يعتبر أقل من عجز ميزانية العام الماضي بمقدار 220 مليار ليرة (145 مليون دولار). وهذا يعني بالمقارنة النسبية أن قيمة القروض والهبات بالكاد تصل إلى أرقام العجز في الموازنة على مدى سنتين، مما يقتضي إجراء المزيد من الإصلاحات المالية والإدارية على كل المستويات.

المتشائمون يقولون أن المؤمن لا يلدغ من جحر الحكومة مرتين، خصوصًا أن الإصلاحات الموعودة تبقى حبرًا على ورق إذا لم يكن هناك إرادة حقيقية في التغيير بالذهنية والممارسة.

 



from تحقيقات – ملفات – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2H2yBLA
via IFTTT

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل