Monday, March 26, 2018

عون وجه رسالة عبر الراعي.. البلد ليس بخير والأرقام تكشف الكثير

تحت عنوان “رسائل مُتعدّدة وجهّها رئيس الجمهوريّة قبيل مؤتمر سيدر” كتب جوزف فرح في صحيفة “الديار”: “عدة رسائل هامة وجهها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عبر البطريرك الماروني الراعي الذي اعتبر ان الدولة “مفلسة”، رسائل داخلية ورسائل خارجية ونحن على مقربة شهر من اجراء الانتخابات النيابية، المنشغل الجميع بها، وغير مدركين الصعوبات المالية والاقتصادية التي يمر بها البلد.

لا يمكن قراءة افكار رئىس الجمهورية وما يدور في مخيلته، لكن المتتبع للامور يلاحظ ان البلد ليس بألف خير، كي يستمر التوظيف العشوائي في الادارات وعدم ترشيق القطاع العام التي تشكل رواتب الموظفين فيه ثلث الانفاق في الموازنة العامة، اضافة الى ثلث الانفاق يذهب في خدمة الدين العام، وعلى الرغم من المحاولات التي تمت لتخفيض ارقام الانفاق في مشروع قانون موازنة 2018 فان الارقام المضخمة والعجز الذي تجاوز الـ7268 مليار ليرة من ضمنها عجز مؤسسة كهرباء لبنان المقدر 2600 مليار ليرة، وبالتالي فان هذه الموازنة تعتبر ضبابية وغير مطمئنة اقتصادياً ومالياً، حيث تغيب عنها الاصلاحات المطلوبة وخصوصاً في ما يتعلق بالاصلاح المالي التي تضبط هذا العجز المستمر والمتراكم وتوقف تنامي الدين العام نسبة للناتج المحلي، ولا رؤية اقتصادية فيها.
حتى موضوع سيدر 10، اظهر مجلس الوزراء تناقضاً بين اعضائه من حيث الاولويات التي ستعتمد للمباشرة بمشاريع البنية التحتية التي تفاوتت قيمتها بين 16 مليار دولار وتجاوزها الـ20 مليار دولار ولمدة عشر سنوات، بحيث يخشى رئىس الجمهورية ان تذهب القروض التي سينالها لبنان من هذا المؤتمر، والتي ستزيد المديونية العامة سدى كما حصل في المؤتمرات السابقة.
والسؤال الذي يطرح نفسه اذا كانت هذه المشاريع لتحديث البنية التحتية، فما نفع وجود رؤية اقتصادية او خطة اقتصادية تعدها «ماكينزي» دفعنا لتنفيذها الملايين، والالتزام بمشاريع بهذه المبالغ الكبيرة، وبالتالي لا يمكن ان نضمن زيادة الدين في ظل هذا الوضع الضبابي والانقسام السياسي المستمر الذي يؤثر على الاوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية.
ولعل النزف الاكبر هو استمرار العجز في مؤسسة كهرباء لبنان والمقدر لهذا العام بـ2100 مليار ليرة، دون ان تتوضح الرؤية الاصلاحية الواجب تطبيقها لاعادة العافية الى هذا القطاع الحيوي، وعلى الرغم من طرح رئىس الجمهورية لموضوع الكهرباء فانه لم يتلق كفاية الان اي ردود على هذا الطرح، اللهم الا الاستمرار في العجز والاستمرار في التقنين الكهربائي.
واذا كانت رسائل رئيس الجمهورية واضحة باتجاه المجتمع اللبناني فانها كذلك بالنسبة للمجتمع الدولي الذي عليه واجبات خصوصاً في ما يتعلق بموضوع النازحين السوريين الذي يتجاوز قدرة لبنان خصوصاً على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والمالية، حيث ما يزال رئىس الجمهورية يسمع دعماً كلامياً دون افعال.
هل صحيح ان لبنان دولة «مفلسة» ليست حتى الآن ولكن اذا استمرت الاوضاع سائرة على ما هي عليه، فا شيء مستبعداً، ولبنان حسب الخبير الاقتصادي غازي وزني ليس اليونان طالما يستطيع سداد استحقاقات دينه وفوائده بالعملات الاجنبية التي تقارب سنوياً 4.5 مليار دولار. لبنان يصبح مثل اليونان في حال عجز عن سداد مستحقاته بالعملات الاجنبية نتيجة استمرار تفاقم العجز في المالية العامة (9 في المئة من الناتج المحلي) وتنامي الدين العام (150 في المئة)  من الناتج المحلي واستمرار معه تراجع التدفقات المالية من الخارج وتسجيل ميزان المدفوعات عجزاً سنوياً مرتفعاً.
بعض الاحصاءات ذكر ان قيمة الفساد المستشري كلف الدولة حوالى 10 مليارات دولار وبالتالي لا يمكن ان يستمر الاستنزاف المالي على صعيد الدولة، بعد ان اصبح هذا الفساد ثقافة متجذرة ليس في الادارات بل في المجتمع اللبناني، لذلك بات من الضروري وضع قانون الشراكة موضع التنفيذ خصوصاً في ما يتعلق بالمشاريع ضمن اطار الشفافية والرقابة والموضوعية، مع العلم ان القطاع الخاص ابدى استعداده لوضع امكانياته المالية والخبرة التقنية بتصرف الدولة اللبنانية.
واذا تم العمل بهذه المشاريع بصورة شفافة فان تأمين فرص عمل ستجدد شباب اليوم الذين يعانون من بطالة تتجاوز الـ35 في المئة ويؤدي ذلك الى تكبير حجم الاقتصاد من خلال دعم القطاعات الانتاجية.
الخبير الاقتصادي غازي وزني يقول: لبنان دولة «مفلسة» رسالة تحذيرية قوية، بالغة الاهمية، من المسؤول الاول في البلد من الاستقرار الامني والاقتصادي نتيجة التدهور المستمر والمتفاقم والخطر للاوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية، حيث تظهر مؤشرات 2018 اسوأ من مؤشرات 2017 على صعيد النمو الاقتصادي الذي لن يتجاوز الـ1.05 في المئة، الدين العام الذي سيقارب 85.5 مليار دولار ونسبته 151 في المئة من الناتج المحلي، عجز المالية الذي يتجاوز الذي سيصل الى 9.7 في المئة من الناتج المحلي، الفقر الذي يشكل 32 في المئة من الشعب اللبناني البطالة التي تمثل 30 في المئة من القوى العاملة، القطاعات الاقتصادية لا سيما التجارة والسياحة التي تقفل ابوابها وتسرّح عمالها وموظفيها.
يمكن اعتبار كلام رئىس الجمهورية بانه:
ـ رسالة سياسية انتخابية الى القوى السياسية المرشحة للانتخابات النيابية لاعلامهم عن مخاطر الاوضاع الاقتصادية والمالية وما ينتظرهم من مسؤوليات واستحقاقات بعد انتخابهم.
ـ رسالة الى القوى السياسية المالية المترددة او المتريثة للاجراءات الاصلاحية الفورية على صعيد المالية العامة ـ البنية التحتية والكهرباء… ما يؤدي الى تفاقم الوضع المالي والاقتصادي والاجتماعي.
ـ رسالة الى المجتمع اللبناني الى ضرورة التريث وتحقيق حجم مطالبهم، لان وضع الخزينة سيء او حتى «مفلس» وان امكانيات الدولة محدودة وليس لديها القدرة على تحقيق جميع مطالبهم.
ـ رسالة الى مؤتمر سيدر الى ضرورة مساعدة لبنان لتجنب حالة الافلاس من خلال دعم برنامجه الاستثماري للبنية التحتية الذي سيؤمن 6 آلاف فرصة عمل وسيساهم في تحفيز النمو الاقتصادي وتحسين الميزان التجاري والمدفوعات ويحصّن الاستقرار النقدي.
ـ رسالة الى مؤتمر بروكسل 2 الى ضرورة دعم لبنان بالافعال وليس بالاقوال لانه لم يعد لديه القدرة على تحمل عبء النزوح السوري الذي تجاوزت كلفته 20 مليار دولار والذي يحتاج سنوياً الى 2.5 مليار دولار، فيما المساعدات الخاريجة تشكل اقل من 50 في المئة من هذه الاحتياجات.
ـ رسالة رئىس الجمهورية بالغة الاهمية وعلى القوى السياسية والمجتمع اللبناني كما المجتمع الدولي تدارك المخاطر التي يمر بها لبنان حالياً اقتصادياً ومالياً واجتماعياً.
وقد طالب الدكتور فريد البستاني المسارعة الى اتخاذ الخطوات المطلوبة لتدارك اي خطر يهدد لبنان اقتصادياً واجتماعياً ومنها معالجة العجز في مؤسسة كهرباء لبنان، والعجز في الموازنة وخدمته، وتفصيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص ووضع آلية سريعة لعودة النازحين السوريين، والاسراع في اجراءت تصحيحية مالية واعتماد خطة اقتصادية لرفع النمو الاقتصادي.
على اية حال، فان الحكومة تسرع في اقرار مشروع قانون الموازنة في المجلس النيابي لتقديمها الى مؤتمر سيدر، لتؤكد للمجتمع الدولي انها حاضرة للقيام بورشة البناء موازية مع ورشة الاصلاحات، ولكن المهم ان لا تصل الى ما يتخوف منه رئىس الجمهورية.
جوزف فرح -الديار



from تحقيقات – ملفات – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2DUAEM4
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل