استنادًا إلى ما مرّ به تيار “المستقبل” منذ سنوات وحتى الأمس القريب، وبالأخص ما تمّ تداوله عن خلافات داخلية بين من يسمّون “صقورًا” وبين من هم يُعتبرون في خانة “الحمائم”، وقد تُرجمت إقصاء لمن اعتبروا في وقت من الأوقات معارضين لقرارات أتخذها الرئيس سعد الحريري منفردًا من دون الأخذ برأي من رافقوه في مسيرته السياسية منذ اللحظة الأولى لتسلمه مهامه السياسية، على أثر إغتيال الرئيس رفيق الحريري، وهو كان يأخذ برأيهم في الشاردة والواردة، بإعتبار أنه لم يكن يفقه شيئًا بالسياسة، وهذا ما اعترف به أمام أطفال برنامج “دقّ الجرس”.
إستنادًا إلى كل ذلك لا يبدو مستغربًا أن يتخذ تيار “المستقبل” شعارًا لحملته الإنتخابية “نحن الخرزة الزرقا”، لأنه بالفعل بات يحتاج إلى أكثر من “خرزة زرقا” ليحمي نفسه قبل أن يحمي لبنان من “صيبة العين”؛ هذا إذا سلمّنا جدلًا أن ثمة أمورًا تستأهل “صيبة العين”، بإعتبار أنه لم يُسجّل في الخانة الزرقاء من إنجازات تستدعي “صبّ الرصاصة” لطرد عين الحسود التي لا تسود، وهي واحدة من بين الكتابات التي غالبًا ما نقرأها على خلفية الباصات والكميونات، أو مثلًا “عين الحاسد تبلى بالعمى”.
وفي المناسبة ولأن الشيء بالشيء يذكر حضرتني سالفة يتداولها أبناء القرى عن قروية لديها عدّة دجاجة تتعرض بين حين وآخر لهجمات من بعض القوارض التي تفتك بدجاجاته، وكانت في كل مرّة تلتقي بها بكاهن البلدة تلحّ عليه لرشّ دجاجاتها بالمياه “المصلاية” لطرد القوارض ولحماية دجاجاتها من عدوان القوارض. ولكي يرتاح من لجاجة تلك القروية قصد قن الدجاج ورش عليه من تلك المياه، وقبل أن يهمّ بالمغادرة نصحها بأن ترش حول القنّ سمًّا للقضاء على القوارض.
القصة في السياسة تحتاج إلى أكثر من “خرزة زرقا”، بعدما تبين لأصحاب الشعارات أن شعار “السماء الزرقا”، التي رافقت “التيار الأزرق” سنوات، أنه لم يعد يجدي نفعًا ولم تعد السماء تستجيب للدعوات، إذ لم تعد “المياه المصلاية” تفيد وحدها في مثل الحالات الشبيهة بالأمور المستحيلة أو المستعصية على الحلّ.
فلوائح “زي ما هي” لم تعد تقنع جمهور”المستقبل، إذ أن أجواء اليوم مختلفة كليًا عن أجواء الأمس، وما كان جائزًا بالأمس لم يعد رائجًا في إنتخابات الربيع، خصوصًا أن هذا الجمهور لم يعد مقتنعًا كثيرًا بالخيارات الزرقاء وبالتحالفات القائمة على المصالح وليس على المبادىء عكس ما كانت عليه الحال منذ العام 2005، وهو غير مستعدّ للتضحية بما كان مقتنعًا به من أجل الحفاظ على بعض المكتسبات السياسية القائمة على تسويات ظرفية لضمان ديمومة معينة في بعض المواقع التي كلفت هذا الجمهور الكثير من التنازلات غير المقنعة وغير المبررة.
فإذا كانت “السماء الزرقاء” شعار الأمس، وهي لم تكن في نظر بعض “المستقبليين” كافية للتعبير عن أن “السما ما كانت مكفيتنا وسايعتنا”، فماذا سيقال اليوم عن “الخرزة الزرقا”، وهي غير قادرة لا على حماية لا تيار “المستقبل” نفسه ولا على حماية لبنان مما يتعرض له من تهديدات إسرائيلية ومن تهديدات إرهابية، إذ يستحيل أن تستطيع عين “الخرزة الزرقا” أن تقاوم مخرزًا.
اندريه قصاص
from تحقيقات – ملفات – wakalanews.com http://ift.tt/2Il215c
via IFTTT
0 comments: