Sunday, March 25, 2018

الشيخ تميم يستبق “الزلزال الخليجيّ” بالتوجُّه إلى موسكو!

على رغم أنّ روسيا انتهجت سياسة الحياد الإيجابيّ منذ البداية حيال الأزمة الخليجيّة الداخليّة ما بين قطر من جهةٍ وما بين السعوديّة والإمارات والبحرين ومصر من جهةٍ أخرى، وأعربت عن استعدادها في أكثر من مناسبةٍ لبذل مساعيها الحميدة مع كافّة الأفرقاء من أجل توفير المناخات الملائمة لإيجاد تسويةٍ مناسِبةٍ بين الأشقّاء، بعيدًا عن أيِّ شكلٍ من أشكال الانحياز لهذا الطرف أو ذاك، فإنّ توقيت الزيارة الرسميّة الحاليّة التي يقوم بها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لموسكو، معطوفًا على التطوُّرات الإقليميّة والدوليّة المتسارعة باضطرادٍ في هذه الأيّام على خلفيّة ما بات يُعرف بـ “الزلزال الخليجيّ” المرتقَب جرّاء الكشف عن اعتزام الولايات المتّحدة الأميركيّة إخلاء قاعدتها العسكريّة في منطقة “العديد” القطريّة، لا بدَّ من أن يتماشى هذه المرّة مع دلالات ومعاني المثل القائل “ربَّ صدفةٍ خيرٌ من ألفِ ميعاد”، وهي الصدفة التي من المؤكَّد أنّها ستُلقي بظلالها من دون أدنى شكٍّ على اجتماع القمّة المقرَّر عقده غدًا الاثنين بين الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين والأمير القطريّ.

وإذا كانت مصادر الكرملين قد حدَّدت جدول أعمال الاجتماع في إطار “التباحث حول تطوير التعاون الروسيّ – القطريّ في المجالات التجاريّة والاقتصاديّة والإنسانيّة”، إضافةً إلى مناقشة “قضايا دوليّةٍ مهمّةٍ”، فإنّ ما يعزِّز الاعتقاد بأنّ الجوانب العسكريّة ستأخذ بدورها حيِّزًا كبيرًا من المحادثات، يتمثَّل في أنّ الجانبيْن كانا قد وقَّعا أثناء زيارة وزير الدفاع الروسيّ سيرغي شويغو الأخيرة للدوحة في شهر تشرين الأوّل من العام الماضي اتّفاقًا للتعاون العسكريّ التقنيّ، ناهيك عن أنّ تزامُن إطلاق الشرارة الأولى بشأن اعتزام الأميركيّين الرحيل عن قاعدة “العديد” مع وجود وليّ العهد السعوديّ الأمير محمد بن سلمان في الولايات المتّحدة، وقيامه بتقديم المزيد من المليارات للخزانة الأميركيّة في إطار صفقاتِ تسلُّحٍ جديدةٍ بين الرياض وواشنطن، على غرار ما فعله قبل ذلك في لندن، لا بدَّ من أن يكون كافيًا لحثّ الزعيميْن الروسيّ والقطريّ على إعطائه ما يستحقُّه من اهتمامٍ وتدقيقٍ وتمحيصٍ من مختلف جوانبه، ولا سيّما بعدما تحدَّثت تسريباتٌ في الآونة الأخيرة عن أنّ السبب الذي يقف وراء اتّخاذ قرار نقل الجنود الأميركيّين إلى قاعدةٍ عسكريّةٍ في دولةٍ أخرى، يتعلَّق في الأساس بما أقدمَت عليه قطر في أعقاب تفجُّر أزمتها مع دول المقاطعة الأربع من خطواتٍ انفتاحيّةٍ على كلٍّ من إيران وتركيا، أيْ على الدولتيْن الحليفتيْن لروسيا في منظومة الارتصافات العالميّة الراهنة واللدودتيْن للولايات المتّحدة الأميركيّة.

والمعروف أنّ لجنة الشؤون الخارجيّة في الكونغرس الأميركيّ كانت قد ناقشت الأسبوع الماضي مسألة نقل القاعدة العسكريّة من قطر بالفعل، وذلك في إطارِ تحرُّكٍ وُصِف بأنّه جاء بعدما لاحظت واشنطن أنّ الدوحة مستمرّةٌ في تقديم الدعم لعدّةِ حركاتٍ مدرَجةٍ في قائمة الإرهاب، مثل “طالبان” و”القاعدة” و”حماس”، إضافةً إلى جماعة “الإخوان المسلمين” المدرجة في القائمة نفسها لدى بعض الدول العربيّة، وذلك على رغم كافّة اتّفاقيّات التعاون العسكريّ المبرَمة بين البلدين.

وإذا كانت تسريبات الأسبوع الماضي قد أشارت إلى أنّ الخيارات المطروحة لنقل القاعدة من الدوحة تتراوح بين منطقة الظفرة في أبو ظبي ومنطقة الزرقاء في الأردن ودولة البحرين ومدينة أربيل في كردستان العراق، باعتبار أنّ الجنود الأميركيّين سبق لهم وأن استخدموا هذه المواقع في حروبهم السابقة، فإنّ ثمّة تسريباتٍ أخرى تحدَّثت خلال الساعات القليلة الماضية عن أنّ الرأي متَّجهٌ صوب “قاعدة الأمير سلطان” الجوّيّة الواقعة قرب مدينة الخرج وسط السعوديّة، ولا سيّما بعدما أكَّد موقع “ديبكا” الإسرائيليّ المتخصِّص في الشؤون العسكريّة أنّ سلاح الجوّ الأميركيّ يقوم بإخلاء قواعده الكبرى في الشرق الأوسط، ليس في “العديد” القطريّة وحدها، بل في “إنجرليك” التركيّة أيضًا، وهو التأكيد الذي لا بدَّ من أن ينظر إليه الرئيس بوتين بتمعُّنٍ شديدٍ خلال اجتماعه غدًا في موسكو مع ضيفه القطريّ.

على هذا الأساس، ومع الأخذ في الاعتبار أنّ الدوحة كانت قد خسرت قبل عدّةِ أيّامٍ الشخصيّة الأميركيّة الأكثر تفهُّمًا لمواقفها في خضمّ تداعيات الأزمة الخليجيّة إثر إقالة وزير الخارجيّة ريكس تيلرسون من منصبه، يُصبح في الإمكان القول إنّ زيارة الشيخ تميم للعاصمة الروسيّة في هذا التوقيت بالتحديد تندرج هذه المرّة في سياقِ خطوةٍ استباقيّةٍ ذكيّةٍ تستهدف تأمين نوعٍ من التوازن في مواجهة مخاطر أيِّ زلزالٍ خليجيٍّ مرتقَبٍ على المدى المنظور، وخصوصًا إذا قُدِّر للتسريبات المتعلِّقة بنقل القاعدة العسكريّة الأميركيّة من قطر إلى السعوديّة، وليس إلى أيِّ دولةٍ أخرى، أن تَصدُق بالفعل، وذلك بالنظر إلى ما يحمله مثل هذا الخيار من تأكيداتٍ على أنّ الولايات المتّحدة حسمت أمرها نهائيًّا في الانحياز للجانب السعوديّ في الأزمة ضدَّ الجانب القطريّ.. وحسبي أنّ الروس باتوا يدركون هذا الواقع جيّدًا.. “وربَّ صدفةٍ خيرٌ من ألفِ ميعاد”.

جمال دملج خاص “لبنان 24”



from تحقيقات – ملفات – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2uia7Zp
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل