يقفل اليوم باب تسجيل لوائح المرشحين للانتخابات النيابية، وينطلق السباق الفعلي باتجاه صناديق الاقتراع في 6 أيار المقبل من قبل القوى السياسية التي استطاعت نسج تحالفات تقيها شرّ “الحاصل” بصرف النظر عن مصداقية أو واقعية هذا التحالف الآني والمصلحي، أو إمكانية تحوله إلى تحالف سياسي يدعم عمليات الإصلاح والتنمية بعد انتهاء الانتخابات.
يمكن تقسيم الخطاب الانتخابي المرافق للحملات الانتخابية إلى خطاب يطرح برنامج عمل واقعيا يحدد مكامن الخلل ويستبطن رؤية تغييرية وإصلاحية (بصرف النظر عن استعداد الطرف المعني بهذا البرنامج للالتزام به)، وخطاب شعبوي، تحريضي، تضليلي، دعائي، مزايد، يقلب الحقائق، يخلق أعداء افتراضيين ويخوض معارك وهمية لاستمالة مزاج الشارع.
الخطاب الأول. خطاب البرامج والمبادئ المقرون بالالتزام والحضور والعراقة والتاريخ والخدمات والتواصل مع الناس وهمومهم وأوجاعهم ومصالحهم، مع ما يعنيه ذلك من تماهٍ مع الذات ومع مقتضيات التوازن الوطني الذي تقتضيه العملية السياسية في لبنان… هذا الخطاب له أهله الذين ما تعودوا المتاجرة بالشعارات والآلام ولا بحاجات الناس وكراماتهم، ولم يمتهنوا التنازل والهرب من الواقع باتهام الآخرين به طلباً لموقع أو سلطة.
أما الخطاب الانتخابي الشعبوي والنابش للقبور، فيمكن الحديث عن خيبة أمل كبرى منه يفترض أن تكون واضحة للجمهور والرأي العام، من عقلية سياسية لم تستفد من كل ما جرى خلال السنوات الأخيرة وما تزال تجترّ شعارات ووعود مُهترئة، وتستحضر شعارات سياسية تستبطن عزفاً متعمّداً على وتر التحريض الطائفي والمذهبي.
لا يمكن وصف مدى الأنانية والانتهازية التي يستخدمها الذين يبيحون لأنفسهم، في خضم حفلة التحريض الانتخابي، ما يحرمونه على غيرهم، يدّعون العصمة ويتهمون من سواهم، يرفعون شعارات ومبادئ وقيماً ومطالبات وظلامات ويعرفون تماماً أنهم سرعان ما سيبلعون ألسنتهم لحظة إعادة انتخابهم، وأنهم سيدخلون في تسويات غريبة وهجينة وبعيدة كل البعد عن البرامج التي انتخبوا على أساسها. إنها العقلية الإقصائية التي تهدف إلى إلغاء الآخرين، أو ابتلاعهم، حتى ولو شهد العالم بغير ذلك.
الفساد، المتاجرة بالمبادئ، محاربة الفساد والانخراط به في آن معاً، التنكر للالتزامات مقابل مصالح التسويات، إعلاء المصالح الشخصية فوق كل الاعتبارات، تقديم مصالح خارجية على المصلحة الوطنية.. مسائل مهمة ينبغي للناخب الالتفات إليها لحظة الانتخاب، أو لحظة اختياره الطرف السياسي الذي يمنحه صوته..
يمكن انتقاد القانون الذي تجري الانتخابات على أساسه الانتخابات، أو انتقاد شكل التحالفات أو أسماء المرشحين أو برامجهم.. لكن أما وقد اقتربت المعركة فلا بدّ من خوضها بكل أسلحتها، لمواجهة تحالفات الفساد بكل صوره واشكاله. على القوى السياسية الوطنية أن تعرف أن لا مجال للتراجع في هذه المعركة، وأن الانتخابات مجرد محطة في معركة طويلة، وعلى الناخبين أن يدركوا أن لا عذر لهم للشكوى لاحقاً من سوء الاختيار أو تنكر من صوتوا لهم وأوصلوهم إلى المجلس النيابي لمطالبهم! على الناخبين أن يعرفوا أن الخطأ في التقدير قد يرتب أعباء وتنازلات وهزائم ستبقى لسنوات، وأن من باعهم مرة يبيعهم ألف مرة. وهنا بيت القصيد.
احمد الزعبي
from تحقيقات – ملفات – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2DXoDFv
via IFTTT
0 comments: