Friday, March 16, 2018

واشنطن بوست: الصحراء الغربية باتت مصدر تهديد كبير لمصر.. هذه الجماعة المسلحة أخطر من داعش

باتت الصحراء الغربية تمثل تهديداً كبيراً للقوات الأمنية من الجيش والشرطة المصرية، بعد تنامي نفوذ جماعة مسلحة متشددة يقودها ضباط جيش سابقون، نفَّذت عدداً من العمليات في هذه المنطقة، كان آخرها في أكتوبر/تشرين الأول 2017.

وقالت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، الأربعاء 14 مارس/آذار 2018، إن تضاريس الصحراء الغربية المصرية الوعرة تعد جبهة جديدة في المعركة العالمية ضد الإرهاب.

إذ تستخدم مجموعات متشددة مرتبطة بتنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) وتنظيم القاعدة، الصحراء كمأوى ونقطة عبور لتهريب المقاتلين والأسلحة والسلع غير المشروعة من ليبيا، التي تسودها الفوضى.

وبحسب الصحيفة الأميركية، فإنه “على طول طريقٍ سريع يمتد باتجاه الحدود الليبية، تهب الرياح عبر منطقةٍ شاسعة غير مأهولة من الكثبان الرملية، ومناطق الشجيرات المغطاة بالصخور، والتلال القاحلة. لا توجد قرى ولا أمارات على الحياة باستثناء السيارات والشاحنات المُسرعة. لكن هذا المشهد الهادئ على بُعد ساعة فقط بالسيارة من القاهرة، هو نقطة التجمُّع لتمردٍ طموح.

 

“مكان ملائم للإرهابيين والمتطرفين”

 

وعن ذلك، قال خالد عكاشة، الخبير الأمني المصري والعضو بمجلس تابع للحكومة لمكافحة الإرهاب والتطرف، للـ”واشنطن بوست”: “إنَّه جغرافياً مكانٌ مهم للإرهابيين والمتطرفين. فوجود الكهوف والتلال يجعل من الأسهل بالنسبة لهم الهجوم والاختباء. والعاصمة قريبة، فبإمكانهم تنفيذ هجمات في الكثير من الأماكن القريبة”.

ووفقاً لمسؤولين أمنيين ومحللين، تتكون صفوف المتمردين جزئياً من المقاتلين العائدين من سوريا والعراق، حيثُ تفكَّكت خلافة داعش.

وبرزت أيضاً مجموعةٌ جديدة مرتبطة بتنظيم القاعدة في الصحراء، وأعلنت وجودها بهجومٍ في أكتوبر/تشرين الأول 2017، أسفر عن مقتل 16 على الأقل من قوات الأمن، وهو الأمر الذي يُنذِر بالسوء. تتنافس المجموعة، المعروفة بـ”أنصار الإسلام”، الآن، مباشرةً مع داعش، الذي كان نشطاً بالفعل في الصحراء الغربية؛ ما أدَّى إلى ظهور تنافسٍ يمكن أن يغذي مزيداً من العنف.

وبحسب الصحيفة الأميركية، فإنه في الأشهر الأخيرة، عزَّز المتشددون وجودهم على طول الحدود الليبية، وتحركوا بحُريةٍ عبرها بمساعدة قبائل متعاطفة معهم. وهذه تذكِرة بمدى استمرار انعدام الاستقرار الذي ظهر في ليبيا بعد ثورات الربيع العربي، في الانتشار إلى خارج الحدود الوطنية الليبية.

ووقعت هجماتٌ متفرقة في الصحراء الغربية منذ 2014، يقول المسؤولون الأمنيون والمحللون إنَّ تهديد التطرف يتصاعد هناك ويكاد يفوق شمال سيناء، حيثُ تُقاتل جماعة خطيرة تابعة لداعش قوات الأمن المصرية هناك. وضرب المتشددون أيضاً في وادي النيل، كثيف السكان، الممتد من الشمال إلى الجنوب، بحسب الصحيفة الأميركية.

يقول محللون إنَّ المقاتلين في الصحراء ربما يُشكِّلون تهديداً لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، أكبر حتى من المقاتلين في سيناء. وكان الجيش المصري قد أطلق الشهر الماضي (فبراير/شباط 2018)، حملةً لاستهداف المسلحين في سيناء والصحراء، ما يؤكد القلق المتنامي لدى الحكومة حيال تلك الجبهة.

تستخدم مصر معدات ومركبات عسكرية أميركية لمراقبة وتسيير دوريات على حدودها، الممتدة لمسافة 1126 كيلومتراً تقريباً مع ليبيا. في الوقت نفسه، تتحالف حكومة السيسي مع روسيا في دعم اللواء خليفة حفتر، الذي يسيطر على معظم الجزء الشرقي من ليبيا، على أمل أن يُرسي الاستقرار في منطقة الحدود، بحسب الصحيفة الأميركية.

 

قوات الأمن لا تسيطر بشكل كامل

 

وعلى الرغم من مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية من الولايات المتحدة والبلدان الغربية الأخرى، تعاني قوات الأمن المصرية للسيطرة على تدفق المقاتلين إلى الصحراء الغربية.

وقال مهند صبري، الصحفي المصري ومؤلِّف كتاب “التمرد الإسلامي في سيناء”، للـ”واشنطن بوست”: “توجد مناطق على الحدود لا تزال غير آمنة تماماً بنسبة 100%. وتُنبئ الهجمات التي وقعت في الأشهر القليلة الماضية، بالكثير عن مدى قدرة الإرهابيين على التحرك عبر الحدود”.

وطغى العنف النابع من شمال سيناء، إلى حدٍ كبير، على نشاط هذه الجماعات المتشددة في الصحراء الغربية؛ إذ ضرب انتحاريو داعش الكنائس، وقُتِل أو أُصيب مئاتٌ من الأقلية المسيحية في هجماتٍ مسلحة.

واستُهدِف أيضاً المسلمون الصوفيون الذين يعتبرهم المتطرفون السُنّة زنادقة. ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2017، هاجم مسلحون -قالت السلطات إنَّهم تابعون لداعش- مسجد الروضة الصوفي في شمال سيناء؛ ما أسفر عن مقتل أكثر من 300 مُصلٍّ، كانوا قد اجتمعوا لأداء صلاة الجمعة. وكان ذلك هو الهجوم الأكثر دموية في تاريخ مصر.

وبحسب الصحيفة الأميركية، أصبح حجم التهديد بالصحراء الغربية أوضح في أكتوبر/تشرين الأول 2017. فعلى بُعد 129 كيلومتراً تقريباً جنوب غربي القاهرة، وليس ببعيدٍ عن الطريق السريع، هاجم المسلحون قافلةً أمنية تُسيِّر دورية قرب إحدى الواحات؛ ما أسفر عن مقتل 16 جندياً وشرطياً. وقال مسؤولون عسكريون إنَّ أكثر من 50 من القوات الأمنية قُتِلوا، لكنَّ الحكومة أنكرت هذا الرقم؛ بل وهاجمت حتى وسائل الإعلام الأجنبية التي ذكرته.

بالنسبة للمسؤولين الأمنيين والمحللين، كشف الهجوم أنَّ الوضع في الصحراء الغربية أكثر خطورة مما اعترفت به الحكومة. وأعلنت مجموعة غير معروفة، مرتبطة بالقاعدة، تُدعى “أنصار الإسلام”، مسؤوليتها عن الهجوم، مُعلِنةً حرباً مقدسةً ضد الدولة المصرية، وهو ما يُنبئ ببُعدٍ آخر مُميت لمشهد التشدد الإسلامي الآخذ في الانتشار بمصر. وبايعت المجموعة التي رُبِطَت بالمتطرفين الليبيين تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وهو الفرع التابع للقاعدة في شمال وغرب إفريقيا.

وبحسب الصحيفة الأميركية، كتبت مجموعة الأزمات الدولية -وهي مركز بحثي أميركي غير حزبي- في تقريرٍ، نُشِر يوم 31 يناير/كانون الثاني 2018: “يُوحي موقع الكمين بأنَّ مسرحاً جديداً للعمليات المرتبطة بليبيا ربما يكون في طور الظهور”.

 

القاعدة تعيد بناء نفسها في الصمت

 

ويقول خبراء الإرهاب إنَّه على مدار السنوات الأربع الماضية، كانت القاعدة وفروعها تعيد بناء نفسها بهدوء في شمال إفريقيا وأماكن أخرى؛ استعداداً لملء أي فراغ يُخلِّفه إضعاف داعش. ووفقاً لمجلس العلاقات الخارجية، يوجد الآن في ليبيا ومصر وحدهما ما يُقدَّر بـ6 آلاف مقاتل مرتبطين بالقاعدة، بحسب الصحيفة الأميركية.

وكتب بروس هوفمان، الزميل الزائر البارز في المجلس والمدير السابق لمركز الدراسات الأمنية بجامعة جورج تاون، في بيانٍ موجز، الأسبوع الماضي، للصحفية الأميركية: “طبَّقت القاعدة بشكلٍ منهجي استراتيجية لحماية قيادتها العليا المتبقية، وعزَّزت بتروٍّ نفوذها في أي منطقة يتمتع التنظيم فيها بوجودٍ مُعتَبَر”.

لكنَّ قليلين فقط من المصريين والغربيين كانوا واعين بتعمُّق التمرد في الصحراء الغربية. فمثلما هو الحال في شمال سيناء، منعت حكومة السيسي الصحفيين من السفر إلى مناطق عدة من الصحراء الغربية، مُعلِنةً إيَّاها مناطقَ عسكرية. وأدَّت حملة قمع على الناشطين والباحثين والمنظمات غير الحكومية إلى الحد من توافر المعلومات المستقلة على نحوٍ أكبر، كما تقول الصحيفة.

وكما هو الحال في شمال سيناء، كانت التوتر يتصاعد بالصحراء الغربية منذ الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس الأسبق محمد مرسي في 2013، بعد عامين من الثورة التي أطاحت بحسني مبارك. وساعدت إطاحة مرسي وحملة قمعٍ لاحقة لجماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها مرسي، على تأجيج التشدد الإسلامي في مصر.

في صيف 2014، تبنَّى داعش مسؤوليته عن مقتل متعهِّدٍ أميركي يعمل لصالح شركة أباتشي للتنقيب عن النفط والغاز -مقرها مدينة هيوستن الأميركية- في الصحراء الغربية. وفي العام نفسه، قتل المسلحون 21 فرداً من قوات الأمن عند نقطة تفتيش بواحة الفرافرة، القريبة من الحدود الليبية.

وفي عام 2015، قُتِلت مجموعةٌ من السياح المكسيكيين من جانب قوات الأمن المصرية بالخطأ بعد أن ظنَّتهم مسلحين، ما أثار أزمةً دبلوماسية وانتقاداتٍ لجهود الجيش في بسط السيطرة على الصحراء الغربية. والعام الماضي (2017)، وقع هجومٌ آخر على نقطة تفتيش أسفر عن مقتل 8 ضباط شرطة. وبعد 4 أشهر، ذبح مسلحو داعش 29 مسيحياً كانوا ينتقلون في حافلة إلى أحد الأديرة على الطريق الصحراوي.

 

الهدف دعائي

 

ويقول مسؤولون أمنيون ومحللون إقليميون، للصحيفة الأميركية، إنَّ الهجوم في أكتوبر/تشرين الأول 2017، كان الهدف منه دعائياً كذلك، وليس فقط تنفيذ مذبحة أو إحراج حكومة السيسي.

وقالت جماعة “أنصار الإسلام”، في بيانٍ بعد الهجوم: “ها هي معركة عرين الأسد في منطقة الواحات البحرية على حدود القاهرة، بدأنا بها جهادنا، وتم لنا فيها النصر -بحول الله وقوته- على حملة العدو”.

ويقول محللون للصحيفة الأميركية إنَّ جماعة “أنصار الإسلام” -رغم صغرها نسبياً- تتألف من ضباط وجنود سابقين ذوي تدريبٍ عالٍ بالجيش المصري، تحولوا إلى التطرف. ويُعتقَد أنَّ هذه الجماعة حاولت اغتيال وزير الداخلية المصري في 2013. ووفقاً لمسؤولين أمنيين، استخدمت الجماعة بعد عامين، سيارة مفخخة لاغتيال النائب العام المصري. وبحسب محللين، تُواصل الجماعة التجنيد عبر شبكاتٍ في الجيش.

وقال هاوس فاشكيفيتش، المحلل الإقليمي في شؤون الجماعات الإسلامية والمقيم بتونس: “مقارنةً بالتمرد في سيناء، ليس هذا تمرداً من أشخاصٍ عاديين. لقد حصلوا على تدريبٍ عسكري ويتألّفون من أفراد جيش سابقين، وهو ما يجعل من الصعب للغاية على الهجمات المضادة للجيش المصري إخضاع تلك المناطق لسيطرته”.

ويعتقد المسؤولون الأمنيون والمحللون أنَّ ضابطاً سابقاً بالقوات المصرية الخاصة -يُدعَى هشام عشماوي- هو من يقود جماعة “أنصار الإسلام”، فضلاً عن جماعةٍ مُسلحة أخرى تُدعى “المرابطون”. كان عشماوي في السابق قائداً بالتنظيم الإسلامي المتشدد في سيناء، الذي أصبح فيما بعد فرع داعش هناك، ويُعرَف حالياً باسم ولاية سيناء.

انشق عشماوي عن ولاية سيناء حين بايع التنظيم زعيم داعش أبو بكر البغدادي، وكوَّن تنظيمه الخاص تحت اسم “أنصار الإسلام”، الذي سيرتبط فيما بعد بالقاعدة. ويُعتَقَد أنَّ عشماوي يعمل انطلاقاً من مدينة درنة الليبية، الواقعة على بُعد 266 كيلومتراً تقريباً إلى الغرب من الحدود المصرية، بحسب الـ”واشنطن بوست”.

وعكس تنظيم داعش في سيناء، الذي يشتبك مع الجيش المصري أسبوعياً تقريباً، يُفضِّل عشماوي القيام بهجماتٍ أقل، لكن أكبر نطاقاً.

وقال زاك غولد، الخبير في الجماعات المسلحة المصرية بمركز التحليلات البحرية التابع للبحرية الأميركية: “إنَّه شبحٌ وبعبع! فكل هجوم كبير يكون عشماوي إمَّا وراءه وإما تُحمَّل المسؤولية عنه”.

ويقول المحللون إنَّ التهديد القادم من الصحراء الغربية يثير قلقاً بالغاً؛ لأنَّه قد يتسرَّب على نحوٍ أعمق إلى وادي النيل كثيف السكان، حيث يمكن لخلايا المسلحين الاختباء والحصول على المساعدة من السكان المتعاطفين. وقال غولد: “خطر انتشار (المسلحين) ووصولهم إلى وادي النيل من جهة الصحراء الغربية وليبيا، أكثر واقعية وخطورة بكثير مقارنةً بسيناء”.

في هذه الأثناء، حذَّر محللون من أنَّ التنافس المُتزايد بين القاعدة وداعش قد يؤدي إلى هجماتٍ أكثر بالصحراء الغربية، في ظل محاولة كلٍ منهما التفوق على الآخر للحصول على المزيد من المجندين والتمويل والملاذات الآمنة.

 

هاف بوست عربي



from بانوراما – wakalanews.com http://ift.tt/2DwEieO
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل