قد تكون من المرات النادرة ان لا تصدر اي ردود فعل من الأحزاب والقوى المنضوية في ما كان يُعرف بفريق 14 آذار، على الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، خاصة وأن المواقف التي أطلقها لم تكن عابرة او عادية بل حددت ملامح «خطة وطنية» للتعامل مع التهديدات الاسرائيلية المستجدة بموضوع الحدود البرية والبحرية والبلوك رقم 9.لا بل أبعد من ذلك، اذ لم تقتصر الأمور هذه المرة على مقابلة الخطاب بالصمت، فكان هناك نوع من الترحيب لدى بعض القوى السياسية المناوئة لحزب الله بمضمون هذا الخطاب، وان لم يكن بشكل علني. ويتحدث مقربون من تيار «المستقبل» عن «تطور كبير في مقاربة الحزب لموضوع سلاحه وقرار الحرب»، لافتين الى ان السيد نصرالله «كان ولأول مرة واضحا تماما بوضع أوراق قوته في تصرف الدولة وبترك القرار باستهداف المنصات الاسرائيلية في البحر لـلمجلس الأعلى للدفاع». وكأن هؤلاء دققوا مرارا وتكرار بالمواقف التي أطلقها الأمين العام للحزب، مذكرين بقوله ان «حقوق لبنان تحددها الدولة ومؤسساتها التي عليها ان تكون بمستوى الثقة وعلى درجة عالية من الشجاعة».وينسجم موقف المقربين من «المستقبل» المرحب بتصريحات نصرالله، على ما يبدو، مع مواقف معظم باقي الفرقاء، ما يمهد لتبني الحكومة، غير المعلن، لأوراق القوة التي وضعها حزب الله بين يديها ما يخولها التفاوض من موقع متقدم، وهو ما بدا جليا في الجولة الأولى من المفاوضات التي انتهت الى توجه الموفد الأميركي خائبا الى تل أبيب.وتترقب الأوساط اللبنانية جولة ثانية من المفاوضات، تتخوف من أن يسبقها ضغوط كبيرة، تأمل ان لا تكون أمنية او عسكرية. وتشير مصادر مطلعة في هذا المجال الى أن «الجولة المقبلة قد تكون أصعب، الا ان وحدة الموقف اللبناني اضافة لتصريحات نصرالله الأخيرة التي تابعها الاسرائيليون والأميركيون باهتمام بالغ، ستبقينا بمنأى عن محاولات فرض أمر واقع يؤدي الى تحقيق اسرائيل مبتغاها».وبحسب المعلومات، فان تل أبيب تضغط على واشنطن لتزيد بدورها ضغوطاتها على لبنان ليقدم تنازلات محددة، وان لم تكن بالمقدار الذي كانت تتمناه، فالى جانب أطماعها بالبلوك 9، تحاول اسرائيل حفظ ماء وجهها في الداخل، بعد ادعاءاتها بأن البلوك يعود اليها وهو جزء من حدودها البحرية، وبالتالي ستحاول المستحيل للتوصل الى تسوية ما تعطيها ولو جزء بسيط من المساحة التي تطالب فيها، لاقناع الاسرائيليين انها لم تعد من المواجهة خائبة.وترجح المصادر أن تطول المفاوضات، خاصة وأن الموفدين الأميركيين لم يحملوا أي طرح أو عرض جديد، يحل بديلا عن اقتراح المبعوث الأميركي الأسبق فريدريك هوف حول الخط البحري، بعد أن أُبلغت واشنطن وبشكل حازم موقف لبنان الموحد رفض هذا الاقترح جملة وتفصيلا. وتضيف: «ما نتوقعه ان يحاول الأميركيون بعد مباحثات مطولة مع اسرائيل ادخال تعديلات محددة على هذا الطرح، ليعودوا به الى المسؤولين اللبنانيين مرفقا بسلسلة ضغوط، متعلقة بشكل أساسي بالشركات التي ستتولى التنقيب في البحر، من خلال التلويح بمنعها عن القيام بمهمتها». ولا تستبعد المصادر أن يُقابل لبنان تهديدات مماثلة بـ«التنبيه من قدرة حزب الله على عرقلة عمل الشركات التي تعمل على استخراج النفط والغاز من الجهة الاسرائيلية، من خلال التذكير بما ورد في خطاب السيد نصرالله حول استعداد حزبه لاستهداف المنصات النفطية في حال قرر لبنان الرسمي ذلك»، لتفرض الدولة اللبنانية بذلك معادلة ردع جديدة تقطع مجددا الطريق على طروحات تؤدي لاستحواذ اسرائيل على ثروات لبنان النفطية.ولا تقتصر خلفيات وأبعاد التناغم اللبناني – اللبناني بما يتعلق بملف التهديدات الاسرائيلية الأخيرة على هذا الملف حصرا، بل تتعداها لتقدم صورة أوضح عما سيكون عليه المشهد عشية الاستحقاق الانتخابي. فتيار «المستقبل» الذي لطالما وجد في خطابات السيد نصرالله مادة دسمة لاستخدامها في المواجهة السياسية المستمرة بين الطرفين وان كان تحت عنوان «ربط النزاع»، لم يلجأ حاليا للاعتماد عليها في مرحلة قد يكون الأحوج اليها. فبالرغم من اعلان رئيسه ورئيس الحكومة سعد الحريري في ذكرى 14 شباط ان مواجهته السياسية والانتخابية الفعلية هي مع حزب الله، الا ان كل المؤشرات توحي بالعكس، وبأنّه يركز في تسمية المرشيحن واعداد اللوائح على التصدي لمنافسيه في الشارع السني والذين تنامت أعدادهم بشكل كبير، حتى تكاد لا تلحظ ملامح مواجهة مباشرة بين حزب الله و»المستقبل» في أي من الدوائر.ولعل السيد نصرالله كان الأوضح في هذا المجال، حين قال صراحة انّ «لا انتخابات كسر عظم»، وانّه لن يكون بمواجهة مباشرة مع أي فريق، من منطلق أن القانون الجديد يؤمن حق تمثل كل طرف بحسب حجمه في الاستحقاق النيابي المقبل، من دون أن يستدعي ذلك «عمليات تجييش مذهبي وطائفي» ورفع حدة المواجهة السياسية. ويبدو ان هناك اتفاقا ضمنيا بين القوى والأحزاب الرئيسية على الذهاب الى الانتخابات بخطاب انتخابي هادىء ومتزن قدر الامكان، وهو ما تعكسه مواقف نواب وقياديي «المستقبل» الذين وصلتهم، وبحسب المعلومات، أوامر واضحة بالتمسك بسياسة «ربط النزاع» مع حزب الله أثناء الحملات الانتخابية التي انطلقت عمليا وستتكثف في الأسابيع القليلة المقبلة .
أخبار لبنان
from تحقيقات – ملفات – wakalanews.com http://ift.tt/2FiertI
via IFTTT
0 comments: