Saturday, February 3, 2018

بعد محمرش والحدث… ماذا ينتظر اللبنانيين؟

“مرقت على خير”.

“تعيشوا وما تاكلوا غيرا”.

“ما كانت حرزانة”.

“إساءة كادت تولّع بلدًا”.

“السلم الأهلي والإستقرار خط أحمر”.

“شارع يقابله شارع”.

“السلاح متّللي الدني”.

هذه الشعارات وغيرها الكثير ملأت مواقع التواصل الإجتماعي، ولم يبقَ “إبن مرة” إلاّ ما بلّ إيدو، ولم تترك التعليقات المتدنية المستوى من هنا وهناك مكانًا للصلحة، وبغفلة من الزمن أستعيدت تعابير الحرب القذرة لتحّل مكان لغة العقل والحوار، وكادت كل الجهود التي بذلت منذ إتفاق الطائف لإعادة اللحمة إلى أوصال الوطن المشلّعة تذهب أدراج الرياح.

قد يكون ما حصل في الأيام التي أعقبت ما أدلى به وزير الخارجية جبران باسيل قطوعًا وعبر، وذلك بفعل حكمة الرئيس ميشال عون الذي أخذ الأمور بصدره ودعا في المرّة الأولى إلى تسامح متبادل، وفي الثانية بادر إلى الإتصال بالرئيس نبيه بري وقال له أن كرامتك من كرامتي، وهو الذي كان أعتذر من اللبنانيين الذين تأذّوا من جراء ردات الفعل التي ترجمت على الأرض، وهو الذي أعطى توجيهاته بإنهاء هذه المظاهر بعدما عبّر كل على طريقته عن حال الغضب.

ولكن هل هذا يكفي، وهل يمكن إعتبار ما حصل في نهاية شباط غيمة صيف ومرّت، أم أن وراء الأكمة ما وراءها من نوايا لم تُصّفَ، وأن القصة ليست قصة رمانة بقدر ما هي قلوب مليانة، وهل يمكن الركون إلى أن ما حصل لن يتكرر؟

التجارب المريرة التي عاشها اللبنانيون، منذ الإستقلال حتى اليوم، مرورًا بالـ 58 والـ 75 ، علمتهم أن الأمور لا تُحّل بعفى الله عمّا مضى ولا بتبوييس اللحى ولا بالشعارات الجميلة المعرّضة للسقوط عند أول إمتحان.

لم يكفِ اللبنانيين لا إتفاق الطائف الذي يفسّره كل فريق على ذوقه وينتقي منه ما يناسب وضعيته ويهمل الباقي، ولا إتفاق الدوحة الذي جاء كنتيجة لحدث يمكن أن يتكرّر يوميًا، ولا أي إتفاق آخر لا تكون منطلقاته غير طائفية وغير فئوية وغير ظرفية.

المطلوب مرّة أخيرة، وبعد “تجربة – السقطة” في محمرش، وما تلاها من سقطات في ميرنا الشالوحي والحدث، وضع الأمور في نصابها الصحيح الخالي من الزغل، وأن يكون “الكتاب” والقانون هما مرجع جميع اللبنانيين، فلا يكون صيف وشتاء تحت سقف واحد، ولا يُصنّف اللبنانيون حسب إنتمائهم الطائفي أو الحزبي، فلا يعود قسم منهم بسمنة وآخرون بزيت.

المطلوب من الجميع أن يضعوا هواجسهم على الطاولة في مؤتمر وطني لا يُستثنى منه أي من مكونات الوطن لطرح كل الأمور بوضوح وجرأة وصراحة، فيخرج الجميع بقناعات غير موسمية وتُسمّى الاشياء بإسمائها من دون مواربة ومن دون لفّ أو دوران، وذلك من أجل تحصين الوطن مرّة أخيرة وتمكينه من مواجهة ما يتهدّده من مخاطر قد لا يكون ما أعلنه ليبرمان أخيرًا حول “البلوك” رقم 9 آخر ما يمكن أن يُقدم عليه العدو.

وحده الدستور غير الملتبسة نصوصه وغير القابلة للتفسير الخاطىء أو الإجتهاد هو الضامن لوحدة اللبنانيين ومساواتهم بالحقوق والواجبات، وهو الباقي الوحيد فيما الأشخاص، أيًّا تكن مسؤولياتهم ومراكزهم، هم في نهاية المطاف حراسٌ للدستور والقانون من خلال المؤسسات.

ما حصل في لقاء الحدث، وهو نقيض لما شهدته هذه البلدة قبل يوم من اللقاء، قد يكون مقدمة لا بدّ منها يجب الاّ تتوقف مفاعيلها عند حدود تشابك الأيدي، بل الذهاب إلى أبعد من الشكليات وإلى ما يؤسس لعلاقة مبنية على الثوابت الوطنية وعلى نصوص تلغي ما في النفوس من رواسب ومخلفات الحرب القذرة.

اندريه قصاص



from تحقيقات – ملفات – wakalanews.com http://ift.tt/2nCvtKq
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل