Monday, February 5, 2018

“قمة” عون – بري – الحريري: تنظيم خلاف أو تغيير نمط حكم؟

في غمرة الصخب السياسي الذي يتصدر المشهد الداخلي كنتاجٍ لأزمات الرؤساء المتتالية، ونهج توزيع اتهامات البلطجة ونهب أموال المساعدات، ومنطق تكسير الرؤوس، لا تبدو المعالجات على قدر التحديات التي تحيط بلبنان، ولا تعكس القدر الواجب من المسؤولية بشكل ينزع فتيل عودة منطق التعطيل عند كل منعطف.

فالتسريبات والتسريبات المضادة حول اللقاء الرئاسي المرتقب غداً في قصر بعبدا، والذي سيجمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري، لبحث عدة ملفات نشأت بعد أزمة مرسوم الضباط الشهير، تدفع أكثر للقناعة بأن الحكم هو نظام محاصصة وشخصانيات وليس حكم مؤسسات ودستور وتقاليد وأعراف، مهما غلّف المعنيون هذه الحقائق بعناوين الخوف على المصلحة الوطنية، بل تعطي صورة واضحة للداخل والخارج بأن المناعة الوطنية هشّة، وأن خلافات صغيرة وسخيفة بين أهل الحكم يمكن أن تنزلق بالبلد إلى حرب أهلية في أي لحظة.

وفي الوقت الذي تفتح فيه وزارة الداخلية باب الترشيح للإنتخابات النيابية، بما يفترض أنه تأكيد داخلي اضافي، بعد دعوة الهيئات الناخبة، على انّ هذه الانتخابات ستجرى في 6 أيار المقبل، ما تزال تُرسم ظلال سميكة من الشك حول حصول هذا الاستحقاق لأكثر من سبب وذريعة وغاية؟!

أيضاً إن إمعان إسرائيل في بناء جدار الأسمنت على طول الشريط الحدودي، بما يشكل خرقاً لعدد من النقاط الحدودية التي لا يزال يتحفظ لبنان عليها ويتعامل معها على أنها تقع ضمن أراضيه الحدودية، ومن ثم تهديد وزير الدفاع الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان بضم البلوك 9 النفطي وحرمان لبنان من التنقيب عن النفط والغاز فيه، أسباب كافية للعودة بالحكم وأهله إلى منطق المؤسسات وصياغة مواجهة موحدة للتحديات الكبرى، والتعامل مع مسألة النفط والغاز بما يتجاوز حسابات تقاسم الحصص، حتى قبل استخراج هذه الثروة!

كذلك فإن الحديث المتعاظم عن العقوبات المالية والمصرفية الغربية على لبنان يثبت أن المسألة أبعد من ضغط دولي تجاه حزب أو مجموعة، بل تلامس جوهر النظام المالي والمصرفي اللبناني، وعلاقات لبنان بالعالم.

في المؤشرات أيضاً، الصخب الرديف الذي يثيره وزير الخارجية جبران باسيل في كل إطلالة ومقابلة ولقاء، صباح كل يوم ومساءه، من “الميادين” إلى “محمرش” فـ “الماغازين”.. بشكل يثبت كل ما ذكر عن عشوائية الحكم وارتجالية التصرفات.

ماذا بعد؟

بانتظار مؤتمرات الدعم في باريس وروما وبروكسل، تفترض ممارسات أهل الحكم طرح سؤال بديهي حول الثقة التي يرسلونها إلى الخارج، طلباً للدعم والمساعدة أو جلباً للاستثمار؟ وأي مشهد ستفرزه صناديق الاقتراع في حال حصلت الانتخابات النيابية وفق موازين القوى القائمة حالياً، وهل سينعكس ذلك على جدية التهديدات الاسرائيلية القائمة، أو تلويح المجتمع الدولي بعقوبات مالية؟

قبل أيام نقل زميل عن ديبلوماسيين غربيين التقاهم في مناسبة اجتماعية، تساؤلهم العميق في معرض تقويمهم للوضع في لبنان “مع من نتعامل؟”، حيث توقف هؤلاء وهم يمثلون دولاً تتولى منح المساعدات للبنان، عند الاتهامات التي وجهتها محطة تلفزيونية ضد مستشار لرئيس الجمهورية باختلاس أموال مساعدات النازحين، في وقت يتولى هذا المستشار بتكليف من رئيس الجمهورية التواصل معهم في قضايا المساعدات الدولية للبنان وملفات حساسة أخرى ذات طابع مالي؟!

طبعاً إن إشارات هؤلاء الديبوماسيين ليست الواقعة الوحيدة التي تهزّ صدقية وشفافية الدولة والعهد، فالعارفون في بواطن الأمور وفي خبايا ملفات النفايات، والتلزيمات، والانترنت، والكهرباء وغيرها يدركون أن الاهتراء والترهل في كل مفاصل الدولة وصل إلى حدود بات العلاج معها صعب جداً.

هل على اللبناني أن يبقى أبد الدهر يصرخ رفضاً للفساد، أم يسعى، ولو لمرة واحدة، للتغيير بوسائله الديموقراطية المتاحة؟

احمد الزعبي



from تحقيقات – ملفات – wakalanews.com http://ift.tt/2nCUrdk
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل