على رغم تأكيد طرفي وثيقة تفاهم مار مخايل على أهميتها الإستراتيجية فإن كلام رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل إلى مجلة “الماغازين”، لم يلقَ إستحسانًا لدى قيادة “حزب الله”، وفق ما تناهى إلى بعض الإعلاميين، وهو لم “يبلعه” بالكامل وترك إمتعاضًا لدى قواعد الحزب الشعبية، مما أستدعى تدخلًا من قبل رئيس وحدة الإرتباط الحاج وفيق صفا، الذي كان له رأي مطوّل في الإعلام ليؤكد متانة وثيقة التفاهم، وهو المقّل عادة في طلاّته الإعلامية، وذلك بهدف إستيعاب نقمة الشارع الحزبي المؤيد لتوجهات الحزب.
وقد تزامنت مواقف صفا، التي تعبّر عن توجهات الحزب، مع موقف أعلنه تكتل “التغيير والإصلاح”، الذي تبنّى مواقف رئيس التكتل وأعاد التذكير به لجهة إصراره على قيام “الدولة القوية والعادلة، على ما أتى حرفيا في وثيقة التفاهم التي نلتزم بها بكليتها، ونأمل بكل صدق أن يكون الحزب الحليف على ذات مستوى الإلتزام بقيام هذه الدولة”.
وفي رأي بعض المطلعين على حقيقة موقف الوزير باسيل في هذا الظرف بالذات أن الأمر في الاساس يعود إلى الإختلاف في المفاهيم التي ينظر من خلالها كل فريق إلى قيام الدولة وإلى طريقة التعبيرعن هذه المفاهيم، وذلك إنطلاقًا من المعطيات التي تجمعّت من خلال السنة الأولى لممارسة المسؤولية في السلطة، إذ تبيّن أن ثمة إختلافًا في المقاربات بين المنطقين، وإن كان ثمة إصرار واضح من قبل الطرفين على الثوابت والإستراتيجيات.
وعلى رغم أن أوساطًا قريبة من “التيار الوطني الحر” تقرّ بأهمية الدور التشاركي الذي لعبه “حزب الله”، والذي كانت له مساهمة فعالة في الإنتخابات الرئاسية، إلاّ أنها ترى أن للحزب دورًا مكمّلًا في عملية إتمام ورشة الإصلاح، التي ينشدها العهد، وهو الحريص على أن يكون لجميع مكونات البلد إسهامات كبيرة في هذه الورشة، التي لا يمكنها أن تبصر النور في حال تلكأ أي مكوّن من هذه المكونات عن ممارسة ما تفرضه عليه الشراكة الوطنية القيام به في كل الإتجاهات.
وثمة رأي آخر يعيد مواقف باسيل من “حزب الله” إلى أزمته مع الرئيس نبيه بري، والتي تم إستيعاب مفاعيلها وتداعياتها، سواء من خلال اللقاء الجامع الذي عقد في بلدة الحدث، أو من خلال اللقاء الثلاثي في بعبدا، إذ كان المطلوب من “حزب الله، وفق أصحاب هذه النظرية، أن يكون له موقف مغاير عن الموقف الذي أيدّ فيه الرئيس بري، أو على ألاقل أن يكون على مسافة واحدة من حليفيه.
وفي رأي بعض المقربين من توجهات “حزب الله” أن الحزب يحتاج في هذا الوقت بالذات إلى كل التحالفات والتفاهمات، وهو يرفض أن يُستعمل في معارك الآخرين الجانبية، وهو سعى إلى حفظ كرامة الجميع من دون أن يفرّط بأي من حليفيه الإستراتيجيين، وهو لعب، وبعيدًا عن الإعلام، دورًا محوريًا في التهدئة، والتي أدّت إلى إتصال رئيس الجمهورية برئيس مجلس النواب، الذي أفضى إلى ما تمّ التوافق عليه في لقاء بعبدا الثلاثي.
وفي محاولة للتخفيف من حدّة المواقف التي يطلقها باسيل يقول رأي داخل قيادة “حزب الله” أن ما يعلن هذه الايام لا يعدو كونه كلامًا إنتخابيًا، بإعتبار أن “التيار الوطني الحر” سيخوض معاركه الإنتخابية جنبًا إلى جنب مع تيار “المستقبل”، وهذا الأمر يفسّر نفسه ولا يحتاج إلى الكثير من الإجتهاد لمعرفة خلفياته ومقاصده، وهو كلام إستهلاكي وموضعي، ينتهي بمجرد إنتهاء الإنتخابات النيابية.
وعليه، ووفق الأجواء السائدة فإن الإتصالات قائمة بين حارة حريك و”قصر بسترس” تمهيدًا للقاءات على مستوى القيادتين في الحزب والتيار لإعادة التموضع ولإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي، وذلك منعًا لدخول أطراف أخرى على الخطّ وصبّ الزيت على النار.
اندريه قصاص
from تحقيقات – ملفات – wakalanews.com http://ift.tt/2nLgeQh
via IFTTT
0 comments: